لنرجع عقارب الساعة إلى الوراء قليلاً، ونقف على الواقع المتميز طبقيا حيث يقول كلمته؛ الكثير ممن انخرطوا في إجماع العصر، اجماع يقبل جل الفاعلين في الساحة
السياسية مهما كان خطابهم، مشروط ضمنيا بالوقوف في حدود الخطاب و"تسجيل" الموقف، بعيدا عن ربط الموقف بالممارسة، أي بالانخراط في النضال الميداني، في الشوارع والمعامل والضيعات، وسط المعنيين طبقيا بالصراع، وفي مقدمتهم.لنجدد القول بان أكثر شيء ماركسي يمكننا التفكير فيه، لكونه القوة الحقيقية المرعبة للنظام، هو أن أوقية من العمل خير من اطنان من النظرية.
إن قول الحق دون إنتاج فعل لانتزاع الحق لم يعد يرهب النظام، وهذه حقيقة قوية مسكوت عنها.
أن تنخرط ميدانيا في فعل نضالي من اجل انتزاع حقوق الشعب فانت هدف لنيران العدو، وموضوع لانتقادات من يربكهم الفعل ويكشف حقيقتهم.
الاعتقالات والتشريد وقطع مصادر دخل المناضلين (وعائلاتهم) المرتبطين بالفعل النضالي الميداني، كان ولازال من إحدى الأساليب الاجرامية التي ينهجها النظام القائم لحصار المناضلين المخلصين لقضايا ومعارك الجماهير الشعبية في جميع القطاعات وميادين العمل. ولحصار الطاقات الميدانية وقتل ديناميتها.
وفي ظل غياب التنظيم السياسي القادر على تنظيم المواجهة لمثل هذه الأساليب الاجرامية، أصبح النظام أكثر تركيزا على استهداف المناضلين الثوريين المؤثرين وسط الجماهير الشعبية.
وكنموذج على ذلك، ما تعرض له المناضل الماركسي اللينيني عبد اللطيف الرازي، أحد قادة ومؤطري المعركة التاريخية لعمال شركة "أمانور" بمدينة طنجة سنة 2020/2021، والتي استمرت أزيد من سنة في طل شروط قاسية ومزاج التشاؤم والتشكيك في قدرتها على النجاح الذي ساد لدى فئة عريضة من المناضلين والإطارات السياسية والنقابية وتوجت، رغم كل الصعاب والمؤامرات، بالانتصار على الباطرونا وأجهزة النظام القائم والقيادة البيروقراطية للاتحاد المغربي للشغل، لكن تكلفة هذا الانتصار كانت فقدان المناضل عبد اللطيف الرازي لمنصبه بالشركة، هذا الرفيق يعد نموذجا يحتذى به في الارتباط الفعلي والعملي بمصالح الطبقة العاملة وفي الوفاء والتضحية.
عزالدين أباسيدي، المعتقل السياسي مرتين خلال السنة المنصرمة، هو الآخر، عانى ولازال يعاني من مؤامرات النظام القائم وحصاره، فبعد مسلسل المتابعات والمحاكمات الصورية على خلفية مشاركته وتأطيره لمعركة الفلاحين الفقراء بزاوية سيدي بن عيسى الواتة، وصل الأمر إلى قطع مصدر عيشه وعيش أسرته، إذ بعد مرور حوالي أسبوعين عن خروجه من تجربة الاعتقال الثانية التي استمرت 4 أشهر، اصطدم بقرار سحب رخصة الثقة الخاصة بسياقة سيارة الأجرة، والتي تعد مصدر رزقه الوحيد، على اعتبار أنه يزاول مهنة سائق سيارة أجرة بمدينة صفرو. هذا القرار المجحف جاء بعد أن باءت كل المحاولات بالفشل لإيقاف الدينامية والإخلاص والالتزام النضالي للرفيق مع عموم الجماهير الشعبية.
الأساتذة الموقفون على خلفية المعركة البطولية للشغيلة التعليمية ضد "نظام المآسي"، بدورهم، لم يسلموا من سياسة التجويع والحصار بعد المؤامرة والخيانة التي تعرضت لها المعركة من طرف القيادات النقابية البيروقراطية، إذ تم إصدار قرار توقيف أزيد من 500 أستاذ وأستاذة مع إيقاف أجرتهم إلى حين صدور قرار عن المجالس "التأديبية". لتنطلق بعد ذلك حملة من المضايقات والترهيب من طرف سماسرة العمل النقابي لابتزاز الأساتذة المناضلين ومساومتهم على مواقفهم ومبادئهم مقابل إيجاد حل لوضعيتهم والحيلولة دون صدور قرار نهائي بتوقيفهم.
إن الواجب النضالي يطرح على المناضلين في الوقت الراهن، التضامن مع ضحايا التوقيفات والحصار المادي وسياسة قطع الارزاق، وهو أقل ما يمكن تقديمه لتخفيف وطأة المعاناة والتجويع والتشريد، وكما هو معروف تاريخيا، فقد شكل التضامن المادي بالدرجة الأولى إحدى آليات مواجهة الأنظمة الدكتاتورية وسياساتها الانتقامية من المناضلين الثوريين وعائلاتهم.
كل التضامن مع الرفيق عزالدين اباسيدي.
كل التضامن مع الأساتذة الموقوفين.