لا للتضحية بأرواح العمال على مذبح أرباح الكمبرادور وكبار الملاكين والمؤسسات الاستعمارية!
في الأول من مايو، لا نرفع الأعلام الحمراء رمزًا للاحتفال فحسب، بل كـنار ثورية توقد ذكرى الدماء التي أريقت في ساحات شيكاغو. من نضالات الأمس، من تضحيات الشهداء، من انتفاضات شعبنا، نستمد العزم لمواصلة المعركة من أجل حياة خالية من استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، من أجل حياة بلا فقر، من أجل حياة بلا حروب، من أجل المساواة.
في الأول من مايو 1886، رسمت شيكاغو الطريق. رفع العمال شعار "8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات لما نختاره". منذ ذلك الحين، حول العمال عالميا مطالبهم البسيطة إلى صرخة دامية في وجه نظام رأس المال، بعدما كان أسلافهم يعملون في ظروف مروعة من الاستغلال البشع حتى الموت، الذي طال حتى النساء والأطفال. إنه اليوم الذي يجسّد استمرار التمرد ضد كل أشكال العبودية الحديثة، من قيود الديون التي تفرضها مؤسسات بريتون وودز (صندوق النقد والبنك الدوليين)، إلى دوي دبابات الاستعمار الجديد في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
بعد اثني عشر عاما من الالتزام بالخط النضالي الثوري والتراكم النضالي المتواصل، ما زلنا في "تيار البديل الجذري المغربي" (التيار الماركسي اللينيني المغربي) أوفياء لخط البروليتاريا، من أجل بناء الأداة السياسية للطبقة العاملة، ورفع راية النضال الطبقي، بينما نحطم أقفال اليأس والاستسلام. وفي فجر الأول من مايو، نستلهم الدروس من دماء شهداء شعبنا الذين أضاءوا بتمردهم درب الثورة، ومن بطولات عاملات وعمال بلدنا وهم يبتكرون أشكال المقاومة والصمود في وجه إجرام النظام والبرجوازية والقيادات البيروقراطية. ننحني إجلالًا لتضحيات ملايين البروليتاريين عبر التاريخ، الذين حولوا عرقهم إلى بارود في وجه طغيان الرأسمالية. فنحن لسنا مجرد حاملي ذكرى، بل حفاري قبور هذا النظام الفاسد. والطبقة العاملة عالميا ليست مجرد وريثة تضحيات الماضي، بل هي مهندسة زلزال المستقبل.
فاتح مايو ليس مناسبة للخطب الرنانة، بل لإعلان التزامنا بمشروع الطبقة العاملة ومواصلة الحرب ضد من يدفعنا إلى الفقر، أولئك الذين راكموا ويراكمون الثروات على حساب جوعنا ومعاناتنا كشعب، من الكمبرادور وكبار الملاكين الذين حولوا أزمات أسيادهم الإمبرياليين إلى مجاعات لنا، إلى الأحزاب الانتهازية وأذرعها النقابية (القيادات النقابية المزيفة) التي جعلت من آلام شعبنا سوقا للمساومة.
اليوم، نواجه هجوما شرسا على جميع الجبهات، مما زاد من حدة الفقر والبطالة، مع تقويض منظومتي الصحة والتعليم، وفرض مرونة العمل التي تدفع العمال إلى قبول تمديد ساعات العمل وتحويلها إلى مطاط، لدفن شعار "ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات راحة، ثماني ساعات نوم"، وجعله من الماضي. بأجور لا تكفي حتى لتغطية أبسط الاحتياجات، بل تقل عما كانت عليه قبل 25 عامًا مقارنة بارتفاع الأسعار، ناهيك عن السطو على المكاسب التي تحققت في السنوات الماضية. بينما نعجز عن تلبية احتياجاتنا الأساسية في الصحة، حيث نضطر لدفع الأموال في ما يسمى بـ"المستشفيات شبه العمومية"، وفي التعليم مع تقليص ساعات تدريس المواد الأساسية وتحويل المواد العلمية إلى مواد تقنية تحد من إبداع الأطفال، لجعلهم مجرد آلات. كما تم تقليص تمويل المدارس حتى أصبحت تشكل خطرًا على أطفالنا، بينما يتم تشجيع الخوصصة وانتشار الدروس الخصوصية التي استنزفت الكثيرين وأخرجت البعض الآخر من المنظومة التعليمية تمامًا. أما الفن والثقافة والرياضة، كحاجات اجتماعية أساسية، فقد أصبحت حكرا على النخبة، ولم يعد للعمال وأبنائهم أي فرصة للوصول إليها.
الأخطر من ذلك أن فاتح مايو هذا العام (2025) يأتي في ظل تحويل النقابات إلى أدوات تابعة للبرجوازية، بعد إفراغها من مضمونها النضالي وسلاحها تمامًا عبر تشريع قانون تجريم الإضراب. وهكذا، ترك للقيادات النقابية المفروضة مجال لملئه بالعروض الفارغة في كل مناسبة، خاصة بعد مسرحية "الحوار الاجتماعي"، من خلال تصريحات نمطية تبدأ بعبارات مثل: "طرحنا..."، و"أكدنا احتجاجنا..."، و"شددنا على مطالبنا..."، لتلميع الواجهة الزائفة ل"الديمقراطية".
في ظل هذه التطورات الخطيرة، وما آلت إليه الأوضاع السياسية والنقابية، لم يعد مطلوب اثقال القراء بسرد تواطؤات القوى الانتهازية وخياناتها، ولا بتفصيل محطات المساومة والاتجار بمصالح شعبنا، ولا بتكرار أدوارها في حماية النظام والدفاع عن مصالح المؤسسات المالية الاستعمارية (صندوق النقد والبنك الدوليين)، ولا بالاطناب في الحديث عن البيروقراطية النقابية من خلال سرد تاريخها ومؤتمراتها المزورة. فهذه أمور أصبح معظم العمال والمبتدئين في الحياة السياسية وأغلب أبناء شعبنا يعرفونها، ولديهم من الأدلة ما يفوق ما يمكن أن نذكره، بل المطلوب هو تعميق الوعي الطبقي وتنظيم الفعل النضالي وتأطير المعارك المتفجرة والانشغال الدؤوب ببناء التنظيم السياسي الثوري.
فاليوم، بعد تراجع المد الثوري، وانبطاح القوى الإصلاحية وأذرعها النقابية، وإحياءً لفاتح مايو، كرمز لنضالات الطبقة العاملة في مواجهة الهجوم المنظم لتدمير كل أشكال المقاومة الطبقية وتحويل تاريخها النضالي إلى مجرد ذكرى ميتة، نقف أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الخنوع لسياسات الانبطاحيين الذين يبيعون الطبقة العاملة في صفقات المساومة الطبقية، وإما تحطيم أقفال النقابات البيروقراطية التي حولت النضال إلى مكاتب مكيفة تابعة لمؤسسات النظام والباطرونا، وحوّلت العامل إلى وقود للأزمات، ورفع سيف المعارك الطبقية بلا هوادة في المصانع والحقول والشوارع.
لنكن صريحين: الطريق إلى الشيوعية ليس انتظارا لـ"لحظة ثورية" أسطورية، بل هو بناء يومي لا هوادة فيه. كل يوم هو معركة نعزز فيها التضامن العمالي، ونتقدم نحو بناء الوحدة العمالية، ومواجهة مخططات النظام وتنفيذه لتوصيات المؤسسات المالية الإمبريالية (كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي) التي تعمق الفقر. كل يوم هو واجب نقف فيه إلى جانب نضالات الشعوب ضد الاستعمار الجديد، من فلسطين إلى أمريكا اللاتينية. كل يوم هو خطوة نخطوها في بناء التنظيم الثوري، كقوة دؤوبة تعد لانهيار النظام الرأسمالي عبر تفجير تناقضاته. فالثورة ليست حلما ننتظره، بل واقعا نصنعه، تراكما للقوة الطبقية، وانهيارا مزمنا ينبع من صلب النظام ذاته.
لذلك نرفع صوتنا: لا للخنوع... نعم للثورة! والأول من مايو ليس منبرا للخطابات، بل هو شرارة الانفجار العمالي الذي سيدك حصون الجلادين. فلنحول الهتاف إلى مطرقة، والغضب إلى استراتيجية، حتى تولد الاشتراكية من رحم الكفاح، لا من دموع الضحايا.
نشق الصمت بهتاف مدو، ونفضح بلا هوادة أحزاب الانبطاح وأذرعها النقابية (البيروقراطية النقابية) التي تبيع دماء العمال في سوق المساومات، كما نفضح ونناهض تحالف الدم بين النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي والصهيونية والإمبريالية، وما يرتكبه من جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. ونوجه، بإمكانياتنا المتواضعة، الغضب الشعبي ضد آلة الاستعمار الجديد ومؤسساته المالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي) التي تمتص ثروات شعبنا عبر سلاسل الديون ووصفات جهنمية تخلق جيشا من العاطلين والجياع.
ففي عصر الإنجازات العلمية والتكنولوجية الهائلة، وقدرات الإنتاج والعمل البشري غير المحدودة، تحول الإمبريالية الأرض إلى سلعة نادرة، والبشر إلى كائنات زائدة، باستثناء من حوّلوا أنفسهم إلى "بيانات" قابلة للاستثمار (وحتى هذه الندرة مصيرها الزوال). فـ"أصحاب آلات الذكاء الاصطناعي" (الأرستقراطيون الماليون الجدد) يصنعون عالمًا موازيًا تُدار فيه البشرية عبر "خوارزميات" تمحو التعددية لصالح نسخة واحدة معقمة: تاريخ بلا ذاكرة، وحاضر بلا ضمير، ومستقبل بلا إنسانية.
هذا التحول ليس مجرد استعارة سينمائية، بل هو تشريح لمصير نُساق إليه، تديره مراكز الرأسمالية المالية العملاقة. فبينما كان الخوف في الماضي من "أن تسيطر القردة على العالم"، أصبح الخوف الآن من أن تتحول الإنسانية إلى كائنات هجينة بين القردة والروبوت، تُدار عبر منصات رقمية تبيع الوهم باسم التقدم، وتحول الإبادة إلى عروض على قنوات متصهينة، تكافئ الخضوع باسم الحرية.
هذا هو المستقبل القاتم والعصور الوسطى الجديدة التي يفرضونها علينا. لكننا نؤمن أننا قادرون على تغيير حياتنا عبر النضال والثورة.
فالتاريخ الذي بنته الشعوب في أحلك لحظات الحروب، في الهواء النقي للانتصار العظيم على الفاشية، مع الاتحاد السوفيتي — نظام البروليتاريا — في المقدمة، ضد الحروب والتدخلات الإمبريالية، وضد استغلال الإنسان للإنسان، وما خلفه من تجارب الكفاح والتضحية، سيظل شعلة الطبقة العاملة عالميا لإعادة بناء قوتها، لتترك بصمتها على التطورات، وإضاءة الطريق نحو غد أفضل، لكتابة صفحات جديدة مشرقة في مواجهة رأس المال وعملائه وأحزابه، من أجل عمل وحياة كريمين، وفتح الطريق نحو إسقاط الاستغلال الرأسمالي، وإلغاء استغلال الإنسان للإنسان.
عاشت الأممية البروليتارية
كل التضامن مع نضالات الطبقة العاملة
كل التضامن مع المعارك العمالية المشتعلة في ربوع وطننا!
كل التضامن مع معتصم الكرامة بمكناس (معركة عمال سيكوم سيكوميك)، شاهد استمرارية التضحية
كل التضامن مع نضالات الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب
كل التضامن مع معارك الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين
الاشتراكية هي المخرج الوحيد من جحيم الرأسمالية
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M
في 30 أبريل 2025