28‏/10‏/2015

محمد حومد// على ضوء نتائج الانتخابات الفدرالية الكندية ، هل من دور جديد في السياسة الدولية ؟

لقد مرت عشر سنوات تقريبا على حكم حزب المحافظين برئاسة ستيفان هاربر(Stephen Harper) لكندا ٬ عشر سنوات و حزب المحافظين يريد لكندا احتلال مواقع الزعامة الإمبريالية عبر استعراض قوتها التيكنولوجيا و العسكرية ٬ يريدها
أن تتصدر كل بؤر التوثر في العالم ٬ في كل من أمريكا اللاتينية ٬ آسيا (منطقة الشرق الأوسط٬ أوكرانيا...)٬ أفريقيا و أروبا الشرقية.. فأي نداء أو دعوة من الرئيس الأمريكي أوباما(Obama) لمواجهة الأخطار الوهمية إلا و سارع ستيفان هاربر إلى احتلال الصفوف الأمامية ٬ فهو الحليف الأول و بدون منازع لأمريكا ٬ بل أكثر تغطرسا من أوباما نفسه ٬ إنه صورة طبق الأصل للحزب الجمهوري الأمريكي في كندا .
منذ اعتلاء حزب المحافظين بزعامة ستيفان هاربر الحكم بكندا وهو يسير على نهج سياسة خارجية شرسة و عدوانية ضد شعوب العالم ٬ لقد أصبحت كندا تنازع كل من فرنسا و بريطانيا في استعراض عضلاتها بالمناطق الساخنة٬ فسرعان ما نادت الإمبريالية الأمريكية لإنشاء تحالف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية الظلامي القروسطي حتى سارع ستيفان هاربر إلى إرسال أحدث الطائرات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط ، و عقب الأحداث التي شهدتها أوكرانيا التي أطاحت بالرئيس السابق لم يتردد ستيفان هاربر و لو ثانية في إعلان الدعم المطلق و اللامشروط للرئيس الجديد عكس انتفاضات ''الربيع العربي'' حيث أبدى تريثا طويلا .... لقد كان من الرؤساء الأوائل المتحمسين لضرب الحصار الاقتصادي على روسيا ، الوجه الآخر للإمبريالية الصاعدة …
أما نتانياهو (Netanyahu) فيحظى بالدعم المفرط من طرف المحافظين رغم البطش و التهجيرالذي تمارسهما الآلة القمعية الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني الأعزل ولطمأنته هو و حاشيته بادر ستيفان هاربر إلى زيارة الأرض المحتلة و شاركه الطقوس الدينية الأرثدوكسية القروسطية
و تحت ذريعة الإرهاب سن حزب المحافظين عدة قوانين على رأسها قانون الارهاب الذي يهدف إلى الحد و التقليص من حرية التعبير و إعطاء جهاز المخابرات الكندي مزيدا من الصلاحيات... و ليس ببعيد منا و في إطار الحملة الانتخابية المراطونية الأخيرة التي دامت حوالي شهرين و نصف حاول التركيز فيها على نعرات الذات و ذات الآخر باءت بالفشل في مواجهة الحزب الليبرالي الكندي …..
انهزم ستيفان هاربر في الانتخابات و أعلن فور هزيمته تنحيه من رئاسة الحزب ، وإذا كان الخاسر الأول في هذه المعركة داخل كندا هو حزب المحافظين فالخاسر الأول خارجها هو نتانياهو ….
فقد نتانياهو إحدى علاقاته الحميمية ، فهل ستفقد دولته الإجرامية علاقتها الحميمية مع كندا ….؟
انهزم ستيفان هاربر في الانتخابات و حل محله جيستان تريدو(Justin Trudeau) الشاب الجديد الذي استطاع أن يرد للحزب الليبرالي الكندي قوته السياسية التي عرفت انهيارا كبيرا منذ رحيل جون كريتيان(Jean Chrétien) سنة 2003 ، فمنذ ذلك الحين و الحزب يتخبط في إيجاد القائد السياسي المناسب ، و في هذه الفترة الوجيزة تعاقب على رئاسة الحزب ثلا ثة زعماء سياسيين باء جميعهم بالفشل في رص صفوف القواعد و آخرهم اناسييف(Michael Ignatieff) ذو الجذور القيصرية الروسية الذين غادروا روسيا إبان ثورة 25 اكتوبر العظمى ، فهل سيغير القائد الجديد جيستان تريدو ذو الشعبية الواسعة و خصوصا في صفوف المهاجرين من السياسة الخارجية الكندية ؟ هل سيلغي الصفقات الدولية التي وقعها الراحل ستيفان هاربر ؟ و هل سيضع حدا لسياسة سلفه كما وعد جمهوره في الحملة الانتخابية......؟ 
صحيح أن الوزير الأول الجديد جستان تريدو فور إعلان انتصاره في الانتخابات البرلمانية سارع إلى مكالمة أوباما هاتفيا و إخباره على عزمه الانسحاب من التحالف الدولي في مواجهة تنظيم ''داعش '' بالعراق و إيقاف الضربات الجوية و الاقتصار فقط على الدعم اللوجيستكي ، لكن يبقى السؤال العملي و الفعلي المطروح هو هل سنرى عودة الطائرات الحربية و العساكر في القريب العاجل إلى الأراضي الكندية ؟ فمن المجازفة و الوهم الاعتقاد بذلك ، لأن الأمور تحضى بصفقات و سيناريوهات داخلية معقدة و في غاية السرية كما حصل في سنة 2003 عندما كان الليبراليون بزعامة جون كريتيان في الحكم ، لم تشارك كندا مباشرة في الهجوم الدموي العدواني اللاأخلاقي الذي شنته الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاؤها على الشعب العراقي ، فتم الترويج حينها للاختلاف بين الدولتين الجارتين بشكل مبالغ فيه إلا أنه في المقابل ، و المسكوت عنه، تولت كندا مهمة التغطية العسكرية الشبه كاملة في أفغانستان .
أما فيما يخص الدعم الكندي لدولة نتانياهو الإجرامية فعلاقة جيستان تريدو ، الذي لم تطأ قدماه كيان هذا الأخير ، الجد محدودة لن تغير من الأمر شيئ كما هو الشأن بالنسبة للرئيس الأمريكي أوباما ، فبعض العناصر الوازنة في المجتمع الكندي ذات العلاقات الوطيدة مع "الدولة العبرية" أعطت الولاء المطلق للوزير الأول الجديد إبان حملته الانتخابية ، فأكيد أن لهذا الدعم السياسي قراءة واضحة الأفق.
إن الأيام القادمة ستجيب على مجموعة من التسؤلات و ستزيل الشكوك لمن لديه شك في السياسة الخارجية للنظام الكندي ، فهل الحركات الظلامية المتواجدة بالديار الكندية الداعمة للوزير الجديد ستدين هذه السياسة الخارجية و تنزل إلى الشارع لاستعراض شطحاتها المعهودة.....؟

27 أكتوبر 2015



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق