19‏/01‏/2016

وكزيز موحى//سابقة سياسية وقضائية بفرنسا: احكام بالسجن في حق نقابيي ك ع شCGT بشركة كودييرGoodyear

تلقت الطبقة العاملة بفرنسا ضربة سياسية وقضائية موجعة يوم 12 يناير 2016 حيث امتثل 8 عمال شركة كوديير سابقا بمدينة اميانس شمال فرنسا (Goodyer à Amiens) امام قاضي محكمة الجنايات(Tribunal correctionnel Amiens) بنفس
المدينة اميانس وحوكموا بسنتين موقوفة التنفيد و9 أشهر نافدة في اطار معركة عمالية صاخبة واضرابات عمالية بطولية بشركة كوديير ضد تسريح ما يزيد عن 1140 عامل واغلاق المعمل من اجل نقله الى روسيا. وهدا لان العمال احتجزوا « مدير الانتاج -dir-ecteur de production » و  « مدير العلاقات الانسانية-dir-ecteur des relations humaines DRH » بعدما نفد صبر العمال ودامت معركتهم لعدة سنين، مايزيد عن 7سنين، انتهت برحيل المعمل الى روسيا ولان رب المعمل الامريكي الشمالي(USA) يعتبر فرنسا بلدا شيوعيا وان العمال الفرنسيين سينالون ويفهمون الدرس بعد نقل المعمل الى روسيا حسب تعبيره ( جريدة لومند الفرنسية). 
شكل الحكم الصادربالسجن سابقة في حق العمال المضربين والمدافعين عن حقهم في الشغل وضد اغلاق المعمل هزة عنيفة في كل الاوساط السياسية والنقاية والحقوقية والاعلامية. 
للتدكير تخوض الطبقة العاملة الفرنسية اضرابات بطولية بكل القطاعات وغالبا امام تعنت الباطرونا ومساندة الحكومة لارباب العمل يلجأ العمال الى حجز رؤسائهم والمديرين من اجل اسماع صوتهم وتحقيق مطالبهم امام انبطاح النقابات والاحزاب السياسية( سنعود الى الفكرة)
بالنسبة لليمين يعد الحكم عاديا ومنطقيا ما دام الأمر يتعلق بالحجز والعنف خلال اجتماع المفاوضات الدي جمع ادارة المعمل وممثلي العمال. أما القوى الرجعية الفاشية فقد ابتلعت لسانها الى حين فرص واحداث سياسية واجتماعية تمكنها من زرع الوهم و الاصطياد في الماء العكر 
التحقت كل الهيئات الاعلامية بالمدينة أميانس لتغطية الحدث القضائي والسياسي بامتياز صورة وصوتا وقلما لان الكل كان يترقب القرار القضائي الساسي في حق العمال ودلك في اطار الاجواء السياسية والاجتماعية الحالية بالاضافة الى مطالب ارباب العمل بالضرب بيد من حديد على العمال وممثليهم النقابيين وكدلك التراجع عن مدونة قانون الشغلcode du travail كما ام النظام بفرنسا وحكومته حددا الاطار السياسي والقضائي للتعامل مع مطالب العمال ونقاباتهم وهدا الاطار يتشكل من الاستجابة لطموحات ومطالب الباطرونا من جهة و من جهة تانية الهجوم على العمال(تخفيض الاجر، التقليص من الخدمات الاجتماعية والصحية، تدهور شروط العمل، التسريح الجماعي للعمال،تخفيض عدد الموظفين بالادارات العمومية، المستشفيات، التربية والتعليم( يفوق عدد التلاميد بالمدارس الفرنسية 30 تلميد بالقسم) وحصر وتضييق المجال الحريات العامة باسم محاربة الارهاب واستعادة هيبة الدولة.). 
أحيل القارئ للمزيد من المعطيات الى الهوامش التالية(le figaro , les echos, le monde, liberation, l’Humanité, France inter, BFMTV, Canal plus le Gjt, les sites du PCF, NPA, PG, CGT, FSU SUDetc) 
وفي ما يخصني اقف عند بعض النقط الاساسية من اجل فك بعض رموز الوضعية والمساهمة في فهم ما يجري على ارض الواقع. 
يقول حسن بوكري عامل سابق بشركة كودييرGoodyear-Amiens Nord ومتابع قضائيا بانه « فقد مند وقت طويل ثقته بالعدالة… » وكما يصرح ريشار جوهاني Richard Jouhannet سكريتير لجنة الوقاية والامن وشروط العمل ( CHSCT/comité d’hygiène de securité et des conditions de travail) « ان وزير الشغل هو من حاكمهم وان المديرين المعنيين تنازلا عن المتابعة القضائية ». ويقول النقابي ميكاييل وامين Michael Wamen انهم اي العمال المتابعين « قد تصرفوا بغضب امام تعنث الادارة وان العنف هو عنف ادارة وارباب المعمل الدين سرحوا ازيد من 1140 عامل ونقلوا المعمل الى الخارج » . ويضيف الكاتب النقابي ماييكل وامين ان على العمال اخد السلطة وان الحزب الاشتراكي لا يمارس الاشتراكية وهدا في احدى استضافته بقناة كانال بلوس Canal plus. ويضيف كزافيه ماتيوهXavier Mathieur احد ضحايا التسريح الجماعي بشركة Continental واحد الوجوه النقابية البارزة سابقا « ان الحكم يعد مقصلة في حق العمال ونمودجا ودرسا للعمال والنقابيين لثنيهم عن النضال ». 
يمكن استخلاص بعض العبر من تصريحات العمال المعنيين مباشرة بالموضوع واولى هده العبر هو ان هده الاضرابات مكنت هولاء العمال من امتلاك الوعي بمطالبهم( انتمائهم النقابي) وبطرح بعض الاسئلة تتجاوز حدود المعامل التي كانوا يشتغلون بها وان ارهاصات الفكر الماركسي والوعي بقضيتهم المجتمعية يشكلان ارضية تفكير هولاء العمال وتصرفاتهم النضالية. 
الا ان هؤلاء العمال الدين قاوموا سنين عديدة وناضلوا في وجة الباطرونا والحكومات المتعاقبة كانوا ويزالون لقمة سهلة بايادي القوى الانتهازية والحاكمة باسم اليسار. يعود بنا ميكاييل وامين في تصريحاته الى مرحلة الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية وكيف نال الرئيس الحالي ثقته وثقة العمال ويقول انهم منحوه اي الرئيس اصواتهم معتقدين وواثقين بوعوده الانتخابية. وهدا يؤكد انتهازية ليس الحزب الحاكم بل الاحزاب الاخرى التي سلمت الطبقة العاملة التي ينتمي اليها ميكاييل، حسن، ريشار وغيرهم للاشتراكية الديمقراطية المقيتة المدافع الامين عن النظام الرأسمالي، الاحزاب التي طبلت بهدا الشكل او داك التصويت والاعتقاد باللعبة السياسية للحزب الاشتراكي ومرشحه فرانسوا هولوند كأن تجربة الجبهة الشعبية التي جمعت الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي لم تترك ولو درس واحد في مجال التحالفات واستراتيجية الفعل النقابي والسياسي للطبقة العاملة بفرنسا. 
وهاهي النقابات وأحزاب اليسار تستاء من جديد وتملأ الدنيا ضجيجا وصخبا. من أجل مدا؟ وما الهدف من حركية هده القوى المنبطحة سلفا امام الرأسمال ونظامه؟ 
أولا شهد نداء التضامن الدي أطلقته نقابة العمال المتابعين، الكنفدرالية العامة للشغل la CGT النقابة العتيدة، نجاحا لا باس به من أجل التضامن مع العمال المحكومين سجنا. بدوري اتضامن مع العمال المحكومين وأدين بشدة هدا الحكم الصادر في حقهم(لم أقرأ ولو ادانة واحدة من طرف احزاب اليسار والنقابات) واعتبر محامكتهم محاكمة سياسية شكلا ومضمونا وهي عقاب للعمال المسرحين بالجملة وانتقام منهم ارضاءا للباترونا الدي حول المعمل الى روسيا حيث الاستغلال اكثر بشاعة للعمال هناك ولم اوقع على نداء نقابتي لاعتبارات شتى.
أولا يقول النداء (voir cgt.fr ou bien http://www.humanite.fr/lappel-de-la-cgt-pour-la-relaxe-des-huit-de-goodyear-595624) « ان الهجوم على الحريات النقابية يضر بأسس ديقراطيتنا ». ان هده الصيغة تختزل كل الفكر الانتهازي الاصلاحي الدي قاد ولازال يقود النقابة العمالية العتيدة la CGT مند زمن بعيد ضدا على مصلحة العمال الآنية والمستقبلية وهدا الفكر السياسي السائد بالكعس هو الدي دفع بميكاييل، حسن، ريشار، ماتيوه وعموم القادة والمناضلين النقابيين وعموم الطبقة العاملة باعتناق خط الاشتراكية الديمقراطية والابتعاد عن فكر الثورة الاشتراكية، أي الماركسية. أن النداء ومدبجيه يدافعون عن « ديمقراطيت »هم، أي النظام الرأسمالي، قبل الدفاع عن الحريات النقابية ولا يرى مدبجي نداء التضامن مع العمال المحكوم عليهم حبسا الحريات النقابية إلا في اطار الضرر  « بأسس ديمقراطيتنا » أي أن الضحية الاولى هي أسس النظام وعلى حد تعبيرهم « ديمقراطيتنا » قبل العمال المحكومين بالسجن النافد كسابقة في تاريخ القضاء الحديث بفرنسا. 
والاعتبار التاني الدي جعلني لا أوقع على النداء هو انه موجه قبل العمال الى شرائح لا يعنيها من التضامن مع العمال المحكومين الا الاستياء مثل ما استائت شرائح الرجوازية الصغرى من الحكم وهي قابلة للدفاع عن هدا النظام بعد انتقاده في ممارساته وليس تموقعا سياسيا ونضاليا من طرف المستائين ضداعلى لب وعمق وطبيعة سلطة النظام القائم. وبمعنى أخر عوض تعبئة اوسع شرائح الطبقة العاملة واستغلال الفرص من اجل وحدة صفها وتصليب عودها سياسيا وتنظيميا يتم افساد وعي العمال وطلائعهم وربط وعيهم بقوى وبثقافة الاشتراكية الديمقراطية الفاسدة وإبعادهم عن دورهم كطلائع مناضلة من اجل الاشتراكية . 
تبقى الاشارة في اطار هده الورقة لردود فعل القوى المحسوبة عن اليسار الفرنسي. والبداية مع الحزب التروتسكي le NPA. وفاءا لخطه ضد النقابات والعمل النقابي لم يقم هدا الحزب الا بما يسمى بالحد الادنى سياسيا واعلاميا وسجل على موقعه انه مستعد للمشاركة في اية خطوة من اجل التضامن مع العمال المحكومين بالسجن النافد. لم يسجل التروتسكيون اي موقف مبدئي تجاه اضرابات العمال بشركة كوديير والمتابعين قضائيا منهم وكيف يمكن دلك( الموقف المبدئي) وهم من يعتبرون النقابة اطارا بيروقراطيا يجب محاربته قبل محاربة الباطرونا وللطبقة العاملة بفرنسا تجارب وتجارب تؤكد أن التروتسكيون يلعبون ادوار رجعية ويخربون وعي العمال كما هو شأن الاشتراكية الديمقراطية. لن اشير الى المجموعات والتكتلات الاخرى نظرا لضعفها وابتعادها عن الساحة السياسية والنقابية و هي اكثر ضعفا و أكثر تخلفا من التكتلات التروتسكية. ان تعاطي هدا الحزب مع قضية محاكمة العمال هو فقط من اجل الحفاض على ماء الوجه وضمان مجال للمناورة السياسوية
أما « حزب اليسار »PG فقد دعى بدوره للدفاع عن أغلى القيم وهى الحرية أي بتعبير الحزب ان البديل هو  « الرأسمالية بعيدا عن توجهات وتعاليم الدوائر المالية ». ومن هدا المنطلق يدعو الى التضامن والانخراط في كل الاشكال النضالية من أجل اطلاق الغاء الحكم الصادر في حق عمال كوديير. 
ورد تصريح للحزب الاشتراكي يقول فيه انه يدين العنف وان الاحكام في حق العمال زائدة وغير صائبة أي ان الحزب الاشتراكي الفرنسي يدين العمال في نظره مارسوا العنف ومادام ان منطق الحزب ضد العنف لانه حزب حضاري فهو يدين العمال وكان من المفروض من القضاء الا يزيد في حكمه ويقيسه اقل من ما هو الان. ادانة العنف شعار يتقاسمه الحزب الاشتراكي مع قوى سياسية خارج فرنسا لادانة نضالات الجماهير العمالية وغيرها لانه شرب حتى الثمالة من كأس السلم الاجتماعي للنظام الرأسمالي 
يبقى ان نشير الى تصريحات الحزب الشيوعي الدي طالب بإلغاء الاحكام الصادرة في وجه عمال كودييرويبرر « الشيوعيون » مطلبهم هدا بكون الاحكام تعد مساسا بحقوق العمال و…بالجمهورية ويضيف الحزب الشيوعي انه يدافع عن قيم الجمهورية واول هده القيم هي الحرية. لاحضوا ان الحزب يدافع عن الجمهورية اكثر مما يدافع عن العمال ناهينا عن المشروع المجتمعي للطبقة العاملة والمجتمع البديل وبهدا الشكل يلتحق الحزب الشيوعي بسائر القوى السياسية بفرنسا للدفاع عن النظام الرأسمالي ومن تم الدفاع المستميت عن حقوق الشغيلة في اطار الرأسمالية ( انظر برنامج الحزب اد يطرح على عاتقه انجاز رأسمالية بعيدا عن الدوائر المالية والمضاربات وعلى هده الارضية بالدات تتنافس وتتجادب ما يسمى بقوى اليسار(pcf, npa,lo, pg, franges du ps, quelques autres groupements). 
ان الحرية كشعار الجمهورية الفرنسية هو شعار يعني بالاساس وبالدرجة الولى حرية الملكية الخاصة و حرية المواطن البرجوازي في استغلال واستعباد المواطن العامل والفلاح وتوضيف الموظف وخدماته من اجل مصلحته قبل غيره. ان شعار الحرية هو شعار رفعته البرجوازية في وجه النظام القديم سنة 1789 ابان الثورة البرجوازية ومدلول وحقيقة هدا الشعار الجميل هو حرية الطبقة البرجوازية الصاعدة من اجل امتلاك الارض والصناعة والمعادن والغابات والبحار والطرقات والمواصلات المائية والبحرية والجوية والحرية في استغلال العمال والفلاحين. هدا هو شعار الحرية الدي يشكل دعامة من دعائم الجمهورية التي يدافع عنها الحزب الشيوعي قبل دفاعه عن العمال او لنقل ان دفاع الحزب الشيوعي عن العمال المحكومين والمطالبة بالغاء الاحكام هو في اطار دفاعه عن النظام القائم وسلطته وهو شأن النقابة العتيدة الكنفدرالية العامة للشغل. وفي الأخير لا يمكن لي إلا أن اشد على ايادي المناضلين الميدانيين المخلصين والمدافعين حقا والمؤطرين والمنظمين للطبقة العامة من أجل تحقيق مطالبها وانجاز مشروعها المجتمعي، الاشتراكية في افق الشيوعية

وكزيز موحى فرنسا 18 يناير 2016




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق