15‏/05‏/2016

أحمد بيان// عمال المناجم بالمغرب: لمن ينتجون الثروة؟ حقائق صادمة (+تقديم)

هل هناك ما هو أكثر قدارة، في بلد "الاستثناء"، من أن يتصارع اللصوص على الغنيمة وعلى تجريم بعضهم لبعض كلما انكشفت عوراتهم أمام العموم؟!.. 

أكيد لا.. فالمشهد السياسي المغربي لامحالة يحط على المكشوف، في كل مراحل تقدم الصراع، صور الإنحطاط والخسة التي يعج بها ما اصطلح عليه بمغرب الاستثناء، وكل صورة جديدة لا تقل بشاعة عن سابقاتها، إنها الحقيقة الساطعة  في تاريخ نظام احترف العمالة والإجرام في حق شعبنا.. 
وكما لم يمضي على أوراق باناما سوى  أيام معدودة حتى أزالت معركة عمال جبل عوام الستار عن ثروات باطن الأرض المنهوبة،  ثروات أريد لها أن تبقى خلف الستار لكي لا يعلم المغاربة عنها أي شيء، ثروات تنهب ليل نهار باستغلال لكدح العمال المنسيين في المغارا ت في ظروف البؤس والفقر المدقع.. إن الصمود البطولي لعمال منجم جبل عوام في أعماق الأرض على عمق 650 متر، عمال بسطاء وصادقون ومؤمنون بقضيتهم، وضع بالموازات مع قضيتهم، قضية المطالبة بتطبيق "مدونة المناجم" الموضوعة على الرفوف،  ولأول مرة و بشكل قوي يوضع  الرأي العام المحلي والدولي أمام حقيقة ثروات المغرب المنهوبة والمتستر عنها، ثروات تم تغييبها لتصنيف المغرب زورا في قائمة البلدان الفقيرة وتبرير التجويع والاستنزاف لجيوب الشعب ولعرق الكادحين، وأبانت كيف يهرول النهابة وحراس النظام للتستر على الفضائح وعلى وجوه اللصوص ومصاصي الدماء في لعبة زائفة ومفضوحة ولو تطلب منهم الأمر، في حالة تطور الصراع، التضحية بأكباش فداء لطمس القضية ودفن العمق الحقيقي لموضوع ظل لسنوات طي الكتمان بتواطؤ مكشوف لأحزاب الذل ونقابات العار.
وبهذه المناسبة نعيد نشر مقال سابق للرفيق أحمد بيان تحت عنوان "عمال المناجم بالمغرب: لمن ينتجون الثروة؟ حقائق صادمة" نظرا لراهنيته.

أحمد بيان// عمال المناجم بالمغرب: لمن ينتجون الثروة؟ حقائق صادمة   
الداخل مفقود والخارج مولود. الشعار اليومي لآلاف العمال الذين يعانون من شتى أنواع الأمراض المعدية وغير المعدية. من السل والسيليكوز... إلى كل أنوا ع السرطانات. بالعيش معهم تشعر كأنك في مستشفى متعدد الاختصاصات هجره الأطباء ووضع تحت مراقبة المجرمين. إنهم يموتون في صمت، ويدفنون معهم هواجس حقيقية خلفتها قوة عدوهم الطبقي المباشر(الباطرونا)، التوبيخ، التوقيف، الطرد التعسفي، فبركة ملفات ضدهم طبعا بمباركة ومساعدة وبتوجيه من عدوهم الثاني المسمى "ممثلي" العمال من كل أصناف النقابات الصفراء، وبالخصوص "نقابة الباطرونا "الاتحاد المغربي للشغل". إنهم شريحة عريضة من المجتمع، لكنها شريحة منسية ومقصية، تعمل فقط من أجل الاستمرار في الحياة مع الاحتفاظ بهويتها كجزء من الطبقة المستغلة، تعمل/ تكدح، تنتج لهم، تعمل من أجل صدف البقاء، ومن أجل المزيد من إنتاج الثروات الطبيعية لبقاء واستمرارية عدوها الطبقي، النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي. فرغم الخيرات المتوفرة ببلادنا، إلا أن العمال المنجميين يعيشون في ظروف أقل ما يمكن القول عنها إنها لا إنسانية، فهم يشتغلون 48 ساعة في الأسبوع عوض 44 ساعة، دون التعويض القانوني عن الساعات الإضافية وعن العمل الليلي، والعطلة السنوية لا تتجاوز 18 يوما للعمال الذين تم دمجهم في الشركة وتمنح في اللحظة التي تكون فيها بطالة تقنية ناتجة عن انخفاض الإنتاج، وفوارق في الأجور بين العمال في نفس العمل. العامل يتقاضى 10.33 درهما للساعة (مبلغ كان عمال المناجم يتقاضونه في القرن19). التسجيل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يشمل العمال، وإن تم ذلك فالتصريح لا يشمل مدة الشغل الفعلية كاملة. ظروف عمل قاسية جدا، أعمال مرهقة للغاية في أعماق المنجم (تفوق أحيانا 1200 مترا، نموذج الدرع الصفر)، حيث كميات الأكسجين قليلة جدا، ودخان الآلات ورائحة المتفجرات تملأ كل الأماكن، وكذلك الروائح الكريهة الصادرة عن المعادن، الحرارة جد مرتفعة تتعدى 50 درجة أحيانا، تلوث الهواء إن وجد من طبيعة الحال، كل هذا يسبب أمراضا خطيرة للعمال، ومنها مواد تسبب السرطان. فلا توجد احتياطات لوقاية العمال، المهم بالنسبة للباطرونا هو الإنتاج. حوادث الشغل كثيرة جدا، منها ما تؤدي إلى الحتف النهائي، ومنها ما يؤدي إلى الإعاقة الجسدية. كل عامل تعرض لحادثة شغل يتم تزوير الحقائق في أفق التخلي عنه من طبيعة الحال بحضور ومشاركة البيروقراطية النقابية في الجريمة. مدة العمل تتجاوز 8 ساعات في اليوم، حيث يذهب العمال في الخامسة صباحا وفي الخامسة مساء يعودون كالأغنام بدون مراعاة هذه المدة. عدم توفير السكن للعمال حيث يلجؤون للكراء مقابل الأجر الهزيل، في الوقت الذي يعرف فيه العقار ارتفاعا صاروخيا، أكثر من 90% من العمال يعملون بعقد شغل مؤقتة يتم تجديدها كل ثلاثة أشهر، وتطول هذه المدة لتصل في بعض الأحيان الى 15 سنة. وإذا اقتضى الأمر يتم دمجهم في الشركة بشرط ألا يكونوا مصابين بأمراض، دون احتساب المدة التي قضوها مؤقتين، وبدون مراعاة شروط العمل. مناديب العمال تنصبهم الشركة للتضييق على العمال. أما ما يعانيه عمالنا من تشرد وأمراض ومعاناة يومية فحدث ولا حرج. إنها بالطبع مشاكل بالجملة يتخبطون فيها المنجميون يوميا وفي صمت. لكن التجارب النضالية التي خاضوها في كل المواقع، وإن كانت لم تحقق الأهداف المتوخاة منها، فإنها استطاعت أن تعري واقعا مزريا يعيشه العمال، استطاعت أن تخلخل موازين القوى لصالح العمال، حيث حققوا بعض المكاسب واستطاعوا بصمودهم في المعارك أن يشلوا هجمات/مخططات الباطرونا وحلفائها الموضوعيين ممثلي النقابات الصفراء، مدركين وفق تجاربهم البسيطة بأن بوحدتهم سيهزمون قوة الباطرونا. فصرخة هؤلاء العمال تأتينا كل يوم من مناجم النحاس كماسة، الدرع الصفر، تغردين بمراكش، بوسكورة، البليدة، جبل العسل بوارزازات، جبل عوام، اغرم أوسار، سيدي أحمد لتغزى بمريرت، إمينتانوت، إلى مناجم الذهب بأقا التابعة لإقليم طاطا ومناجم الفليورين والرصاص بالحمام بمكناس ومناجم الفضة بتينغير ومناجم الكوبالت ببووازار بوارزازات، والى التنقيب على الغاز والبترول في أنيف بالرشيدية والجنوب. وكذلك أدغال إفريقيا، فمن مناجم الذهب بغينيا إلى مناجم الذهب بالنيجر ومناجم الذهب شمال السودان ومناجم الذهب في موقعين في الغابون وأعمال التنقيب في موقعين آخرين ومناجم الذهب والكوبالت والنحاس في الكونغو، ومناجم إثيوبيا الغنية بالذهب، وأيضا أدغال موريتانيا الغنية بالذهب. إنه عرق آلاف العمال، تسخره شركات استغلال المناجم لسرق ثروات شعبنا. فمنذ 1928، بدأت "شركة مناجم" في استغلال الخيرات الطبيعية للبلاد، وبدأت توسع نفوذها وتبسط السيطرة على الإنتاج. وهذه نماذج لشركاتها:
ـ منجم بووازار: يقع منجم بووازار على بعد حوالي 34 كلم عن تازناخت بإقليم ورزازات بالجنوب الشرقي للمغرب، ويستخرج منه الكوبالت إضافة إلى عدة معادن ثانوية أخرى. والمقاولة المستغلة للمنجم هي شركة تيفنوت التابعة لمجموعة تيغانمين ( (CTT،عمال منجم بووازار هم 1400 منجمي يشتغلون في ظل ظروف أقرب إلى العبودية. بدأت أشغال استغلال منجم بوازار منذ الفترة الاستعمارية المباشرة سنة 1930 ومنح استغلاله لمجموعة أومنيوم شمال إفريقيا "آونا". توقفت به الأشغال سنة 1983 واستأنفت سنة1987 بعد التخلص من كافة العمال الرسميين وتعويضهم بعمال مؤقتين، وتكلفت شركة "تفنوت تغانمين" ( (CTTالتابعة لمجموعةONA باستغلال المنجم والاستعانة بمقاولة "أكز ومي"؛
- منجم إيمضر: بدأ الاستغلال به سنة1969 ويضم حوالي 1800 منجميا، يقع بإقليم تنغير على بعد 50 كم من تينغير. تستخرج منه يوميا الفضة الخالصة بالأطنان، في المقابل يعيش أهل المنطقة التشرد والعطالة وفي خطر دائم، نظرا لتلوث المنطقة بالمحاليل المنبعثة من مياه التصفية، بحيث فقدت الساكنة كل ما تملك من ماشية وفقدت كذلك المياه الجوفية...، بالإضافة الى مشاكل عدة أخرى؛
- منجم الحمام بمكناس ـ الخميسات: منجم غني بمادة الفليورين، بدأ العمل به سنة 1973 وتتكلف شركة SAMINE"" باستغلاله، وتفوق الكمية المستخرجة منه 5000 طن يوميا، كجهد ل1600 منجمي. وفي السنة الماضية تم اكتشاف معادن L’étain لأول مرة من نوعها في المغرب باحتياطات ضخمة وفي نفس المنطقة؛
- منجم البليدة: بدأ الاستغلال بهذا المنجم سنة 1973، من طرف شركة "SOMEFER"، تستخرج منه الرصاص بكميات كبيرة. وتوقفت عن الاستغلال مدة 6 سنوات لتفتح المجال للتنقيب من جديد، حيث تم اكتشاف كميات ضخمة من النحاس والرصاص والزنك في المنطقة. وفي منطقة أخرى بعيدة بكيلومترات على البليدة ـ جبل العسل ـ تم اكتشاف ملايين الأطنان من مادة النحاس والرصاص والزنك؛ 
- منجم كماسة بمراكش: بدأ فيه الاشتغال سنة 1992، يستخرج منه أكثر من 5000 طن يوميا من معادن النحاس والزنك والرصاص، ويضم حوالي 2500 منجميا، ويتساقط فيه العشرات من الشهداء في ظل الصمت الرهيب، نظرا للانعدام التام لشروط العمل؛

- منجم أقا: هو أكبر منجم لاستخراج الذهب بالمغرب، شرعت « ONA » في استغلاله سنة 1996 عبر فرعها شركة "أقا كولد مينينغ" الحاصلة على رخصة استغلال منجم "أقا" الواقع بإقليم تزنيت. هذا الأخير يستخرج منه بشكل سنوي وبحسب معطيات الشركة المستغلة له 900 كيلوغرام من الذهب سنويا، وذلك من عمق يصل إلى 840 مترا تحت سطح الأرض، وباستغلال لأزيد من 1600 منجميا. وزيادة على استخراج الذهب، يتم كذلك استخراج معدن النحاس والزنك. وفي 2002 ، وضعت المجموعة يدها على مناجم الذهب بغينيا بيساو، وفي 2003 على منجم الدرع الصفر أو منجم غوانتانامو كما يصطلح عليه، ويستغل أكثر من 1200 منجميا في أعماق أكثر من 1200 مترا وفي غياب تام لسلامة العمال، بحيث تم فقدان ما يفوق 16 منجميا منذ بداية الاستغلال.. ويستخرج منه معدن الزنك والنحاس والرصاص، وتصل إنتاجيته 5000 طنا يوميا. وفي نفس السنة، بدأ استغلال مناجم الذهب بالنيجر. وفي 2006 ، انطلق الاستغلال بمنجم كدية عيشى بمراكش (النحاس والزنك والرصاص)، لكنه توقف عن الاستغلال ثلاث سنوات من بدايته. وفي 2007، بدأ الاستغلال بمنجم تتغردين بمراكش (النحاس والرصاص)، وفي نفس السنة تم التنقيب في مجموعة من المواقع في البلاد (انيف على الغاز والأقاليم الجنوبية)، وفي 2008 شرع استغلال أول منجم أوكسيد النحاس بمنطقة الريش. وفي نفس السنة، نهجت مجموعة أونا سياسة مغايرة: الاتجاه نحو إفريقيا...

 6 أبريل 2014



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق