15‏/12‏/2017

حمان الأطلسي// سياسة الإطار وتقسيم الأدوار لفرض الاعتراف بالكيان الصهيوني

ننطلق أولا من السؤال: أين أخطأ ترامب ولم يخطئ زعماء منظمة "التعاون الإسلامي"؟

طبعا، لا يمكن أن نختزل القضية الفلسطينية بزخمها وانتكاساتها في نقطة القدس فقط. لكن حقيقة الواقع تكشف أن القدس وما أثير حولها مؤخرا مؤشر للأرضية السياسية التي تحكى في الكواليس السياسية للامبريالية والصهيونية والرجعية. 
لنعد الى خطاب ترامب حول القدس "عاصمة" الكيان الصهيوني، إنه موقف غير غريب عن الامبريالية الامريكية. لكن الظرفية السياسية تفرض على الصهيونية الاستفادة من الوضع السياسي للمنطقة وكذا الوضع الاقتصادي تفرض على الكيان الصهيوني الانتقال من الاعتراف غير الرسمي الى الاعتراف الرسمي. لأن الدول الامبريالية على المستوى التجاري مع الكيان الصهيوني تجاوزت منطق الابن المدلل الى منطق كبرت يا ابني، فابني مستقبلك تحت رعايتنا. إن اقتصاد الكيان الصهيوني في أمس الحاجة الى أسواق محلية وإقليمية للاستمرار والانتعاش، وهذا لن يكون ممكنا إلا إذا وجدت أسواق رسمية، والرسمية هنا لا تعني زعامة الدول بل المستهلكين المباشرين للسلع أي الجماهير والشعوب. 
لقد شكلت القضية الفلسطينية حاجزا اقتصاديا وسيكولوجيا ووعيا تمام أي التماس مباشر بين شعوب المنطقة والكيان الصهيوني. لذا يلزم تكسير هذا الحاجز خاصة وأن الظرفية السياسية أكثر ملاءمة لهكذا خطوة. إن الخطاب بمعنى من المعاني ليس صادرا عن بهلوان البيت الابيض بشكل عشوائي بل هو ممارسة لسياسة الاطار، أي دفع الاطراف الى القيام بردود الأفعال حول القدس من أجل القبول كحد أدني بالاعتراف بالكيان الصهيوني؛ لم لا وأن هذا الاسلوب السياسي غالبا ما يستهدف سيكولوجية الجماهير، ونحن نقوم بها بشكل يومي مع أطفالنا، لكن بدون وعي. فغالبا ما ندفع أبناءنا الى رأينا وإن لم ننجح نفرض عليهم الحد الادنى فيقبلونه بشكل سلس وكأنه صادر عن إرادتهم الحرة .
لقد قام ترامب بدوره، أشعل الجماهير حول القدس، وهيج مشاعر الملايين؛ المشاعر فقط وليس وعيهم بالقضيىة. الدور الثاني، قامت به الرجعية الخليجية بقيادة السعودية حيث تعد العدة من أجل نقل "السرية" الى العلن. أما الدور الحاسم، فهو ما قامت به تركيا اردوغان، إذ مهدت الطريق للكيان الصهيوني للاستفادة، جمعت زعماء منظمة "التعاون الإسلامي" تحت وابل من البرق والرعد المصنوع من العاب عاشوراء لتصوب الهدف المتفق عليه سلفا مع الامبريالية والصهيونية، وهو الاعتراف بفلسطين دولة عاصمتها القدس الشرقية. مما يعني الاعتراف الرسمي للمنظمة بالكيان الصهيوني، كل واحد متضمن للآخر. لكن لما لم يكن على المنظمة القول ب"اسرائيل" عاصمتها القدس الغربية لأنه ببساطة مازال وعي الشعوب عائقا أمام هذه الخطوة. وببساطة، لقد قدمت المنظمة للسعودية أرضية للرحيل في الحين الى الكيان الصهيوني وأخذ صور المصافحة العلنية. وكل دولة في منظمة "التعاون الإسلامي" لها الحق في هذا. فما هو الاختلاف اذن بين ترامب و"زعماء" المنظمة؟ لا فرق، قد يخرج ترامب ويقول: قصدت القدس الغربية فشكرا لكم... من المستفيد؟ أكبر مستفيد هو الكيان الصهيوني، لأن هذا ما طمح اليه، اي وصوله الى العلنية مع الشعوب، ثم مع الأنظمة الرجعية. أما المستفيد الذي كاد يموت، فهم أزلام أوسلو... هم المستفيدون بشكل مباشر، حيث الأرضية السياسية للقضاء على القضية الفلسطينية. ليس بالنسبة لفتح فقط، بل كذلك بالنسبة لحماس والجهاد... لأن كلا من الدول الراعية لهم قد وقع على البيان الختامي، ايران وتركيا وقطر داعمي الإخوان، "السنة" و"الشيعة"... حين اختلفوا قتلوا شعبي العراق واليمن، وحين اتفقوا طعنوا فلسطين .
لقد كشفت الأحداث الأخير طينة الأطراف الرجعية المتسترة التي كانت تدعي محور المقاومة، وتبين أن القضية الفلسطينية بالنسبة لهم ليست سوى ورقة ضغط لا أقل ولا أكثر، ورقة للتسخين والابتزاز السياسي. أما الأطراف الرجعية الأخرى، فموقفها محسوم سلفا؛ كما كشفت أن المسرحية كانت محبوكة بشكل جيد، كل طرف يعرف ما له وما عليه. أما المناضلون الثوريون، فموقفهم معروف ومحسوم. فلا أرضية سياسية للقضية الفلسطينية سوى دولة ديمقراطية على كامل تراب فلسطين من النهر الى البحر...
فلتحيا الثورة الفلسطينية.. .



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق