مؤامرة
أخرى تؤكد أن ليل الشعب التونسي طويل،
كليل العديد من الشعوب المقهورة، ومن
بينها بدون شك الشعب المغربي الذي يتأهب
مناضلوه لتخليد الذكرى الرابعة لانتفاضة
20 فبراير
2011 في
ظل أوضاع
ذاتية مرتبكة.
فها
هو رئيس الحكومة الحبيب الصيد (أحد
رموز الماضي الأليم)
يعلن
عن تشكيلة حكومته (حضور
باهت للمرأة كوزيرة، وليس ككاتبة دولة،
أمام حضورها القوي في الثورة وفي نضالات
الشعب التونسي)..
فإلى
جانب أحزاب "نداء
تونس"
(الحزب
الفائز في الانتخابات التشريعية والرئاسية)
و"الاتحاد
الوطني الحر"
و"آفاق،
تتربع "حركة
النهضة"
على
أربعة كراسي حكومية (وزارة
التكوين المهني والتشغيل وثلاثة كتاب
دولة).
بالإضافة
الى احترام شروطها، ومنها على الخصوص
اعتماد "كراسي
السيادة"
(وزارات
الدفاع والداخلية والعدل)..
مؤامرة
كانت متوقعة، سواء شاركت "النهضة"
في
هذه الحكومة الجديدة/القديمة
أم لم تشارك.
مؤامرة،
بل مؤامرات لاحت ملامحها منذ مدة بعيدة،
وقبل الانتخابات التشريعية والرئاسية.
فبمجرد
أخذ زمام الأمور من طرف من لم يساهم في
الثورة المسروقة التي ساهم في تفجيرها
الشهيد الرمز البوعزيزي، اتضح أن ليل
تونس لن ينجلي قريبا.
إن "الغريب"،
أو بالأحرى المفاجئ في التشكيلة الحكومية
هو مشاركة "النهضة".
فحتى
معايير وقواعد الديمقراطية بدلالتها
البورجوازية لم يتم احترامها إن التفسير
الوحيد لهذه المهزلة/"اللخبطة"
هو
كون "النهضة"
حركة
رجعية عميلة للإمبريالية، حركة تنفذ
التعليمات والأوامر بكامل الطاعة والسلاسة
(اليوم،
مع.. وغدا،
ضد.. أو
اليوم، ضد..
وغدا،
مع!!). لقد
كان دعمها للمرزوقي شكليا، ولا يهمها فوز
زيد أو عمرو (المرزوقي
أو السبسي).
ولا
يهمها كذلك ما يجري خارج تونس..
لا
يهمها مرسي ولا السيسي..
يكفي
"النهضة"
أن
ينهض الغنوشي وزبانيته بتونس أو بلندن
أو بأي مكان تحت الشمس، وبالضبط تحت حماية
الامبريالية والصهيونية والرجعية..
لقد
حصل ما أرادت أمريكا وحلفاء أمريكا ليس
فقط بتونس، بل وفي مصر وسوريا والعراق
واليمن..
وحتى
في المغرب (الاستثناء
المغربي!!)
فكيف يقبل
الشعب التونسي بهذا المصير؟ وكيف يقبل
المناضلون التونسيون بهذا الواقع، خاصة
وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
للشعب التونسي؟ متى "لليل
أن ينجلي"
ومتى
"للقيد
أن ينكسر"؟
لا نريد أن نكون أوصياء على الشعب التونسي
أو على مناضليه، ولن نسمح لأنفسنا بذلك..
إنه
من باب الغيرة النضالية فقط، ومن منطلق
الواقع الواحد والمصير الواحد..
إننا
نتناول الموضوع لأنه يهم كل الشعوب
المقهورة، ومنها الشعب المغربي.
فما
أحوجنا في المغرب لتجربة المناضلين في
تونس (طبعا،
لسنا في حاجة لتجربة "الجبهة
الشعبية"
الفاشلة).
وهناك
ما يدعو بكل إلحاح لفتح جسور التواصل
والتنسيق المنظمين بين مناضلي تونس
والمغرب وغيرهما..
إنه يتأكد
للمرة الألف، أن أي ثورة شعبية أو نهوض
بأي شكل من الأشكال، لن يكون له ما بعده،
أي أنه لن ينجح، إذا لم يكن هناك من يسهر
على تنظيمه وتأطيره وتوجيهه نحو تحقيق
أهدافه.
ونقصد
"للمرة
المليون"
الأداة
الثورية إذا تعلق الأمر فعليا بالثورة،
دون أن ننسى مدى مساهمة المعنيين الحقيقيين
بإخصاب الصراع الطبقي وتوفير شروط النهوض
الثوري، ونخص بالذكر الطبقة العاملة
وحلفائها.
بالمختصر
المفيد، نود الوقوف عند أمرين مهمين:
الأمر
الأول هو كون "حركة
النهضة"
وبالنظر
الى طبيعتها الرجعية، بل الفاشية، غير
معنية بمستقبل الشعب التونسي ولا تخدم
قضية هذا الأخير.
وأكثر
من ذلك فأصابع الاتهام تشير الى تورطها
في اغتيال مناضلي الشعب التونسي (شكري
بلعيد...).
ومشاركتها
في الحكومة تعتبر حصانة ممنوحة (شيك
على بياض)
أمام
أي مساءلة أو محاسبة.
أما
الأمر الثاني، وهو بيت القصيد، فهو غياب
الأداة الثورية، أي الحزب الثوري..
وهذا
الغياب هو المعضلة الحقيقية التي تكبل
اليوم الشعوب المقهورة..
والدليل
الساطع، مرة أخرى، هو "سكون"
أو
الإخماد القسري لبركاني تونس ومصر
المشهودين أمام مرأى العالم..
وبالنسبة
لنا في المغرب، وبمناسبة الذكرى الرابعة
لانتفاضة 20
فبراير
الخالدة، فلا يمكن أن نتصور أي تقدم فعلي
دون التقدم في بناء الذات المناضلة
المنفلتة من تأثير المقدس وغير المنصاعة
لأوامر النظام القائم وحدوده الوهمية أو
الفعلية.
ونغتنم
المناسبة لنؤكد أن شعبنا في حاجة الى
مناضليه كل مناضليه..
وإن
غير ذلك، وخاصة التجريم المجاني للمناضلين
داخل السجن أو خارجه والتحريض بالواضح
على الاعتقال، بل وعلى التصفية السياسية
والجسدية للمناضلين الميدانيين، ومن طرف
أي جهة كانت، يخدم النظام وأزلام النظام،
لا غير..
ونستغرب
كل الاستغراب، كيف الإصرار على التزاحم
في موقع واحد (بغية
الريادة الزائفة أو الزعامة أو الهيمنة)
وعلى
مضايقة البعض للبعض الآخر في ظل شساعة
وتوسع القمع والإجرام؟ فأينما وليت وجهك
تجد القمع والإجرام..
لنواجه
النظام بدل مواجهة المناضلين..
ولنتحل
بالأخلاق النضالية..
إن
الحوار البناء بين المناضلين، وحتى في
الموقع الواحد، لا يكون بالحديد والنار
(لغة
النظام)،
بل بالإقناع والاقتناع والنقد والنقد
الذاتي..
وكل
من يواجه المناضلين (نقصد
المناضلين الحقيقيين)
بالحقد
والمكر والافتراء أو بغير ذلك، بغض النظر
عن مواقفهم ومرجعياتهم، فليس مناضلا..
إن
الكل يعلم أن العنف الثوري يعني الحرب
الطبقية، أي مواجهة العدو الطبقي..
وليتحمل
كل مناضل مسؤوليته بدل تبرئة الذات من
خلال إلقاء اللوم على هذا أو ذاك، دون أن
ننسى أن النظام يسخر بيادقه في كل المواقع
لتوسيع الهوة بين المناضلين ونفث السموم
وزرع البلبلة في صفوفهم، وبالتالي تقويض
أي أمل في التحالف النضالي أو إرساء أسس
التنسيق والتواصل فيما بينهم..
لنستفد من
تجربة تونس ومصر...،
أيها الرفاق..
إن
التاريخ لا يرحم تخاذلنا تحت أي ذريعة..
فالقوة
في الوحدة، الوحدة النضالية..
3 فبراير
2015
شارك هذا الموضوع على: ↓