لهذا الفيديو رفقته دلالات عميقة، بغض النظر عن سياقه السياسي وخلفيات وأهداف الجهة أو الجهات التي قامت بذلك.
طبعا، لا نرضى لأبناء شعبنا أن يصل بهم البؤس والقهر الى درجة الاستنجاد بصانعي مآسيهم والتخلي عن كرامتهم والتعلق بالأوهام والوعود الزائفة للنظام وأزلامه. ولا نقبل أن يتم تشريدهم، كما لا يمكن أن نتخلى عنهم لمجرد الإدلاء بتصريحات لا تعجبنا أو رفع شعارات وصور لا تروق لنا.. ففي كثير من المحطات (الانتخابات الجماعية والتشريعية، المهرجانات والحفلات الماجنة...) يتم استغلال معاناة شعبنا لفبركة أعراسهم "الديمقراطية" وفي نفس الوقت تأبيد أشكال اضطهادنا. ففي هذه الحالات يتناسوا شعارات المواطنة وحقوق الإنسان (الحق في السكن اللائق...) والديمقراطية ويكشرون عن أنيابهم الصدئة ويفصحون رغما عنهم عن حقيقتهم وعن نواياهم الخبيثة (الاتجار في معاناة الكادحين)..
إن الفيديو (وهنا بيت القصيد) يفضح عجزنا عن متابعة واقع الصراع الطبقي ومسايرة وتيرة تفاقمه.
إن هذا الفيديو درس لنا جميعا (لا أستثني نفسي)، نحن البعيدين (على مستوى ممارساتنا) عن هموم الجماهير الشعبية المضطهدة، نحن المنغمسين في الصراعات الهامشية والقابعين في الصالونات والغارقين في بحار الشعارات والجمل الإنشائية..
لا أخفي أني بدوري أدبج الجمل الإنشائية، لكني أصرخ بصدق من أجل تجاوز الوضع المؤلم الحالي، ليس بتبادل الاتهامات وادعاء البطولة، بل بالفعل النضالي المتواصل والمنظم والتجذر وسط المعنيين وفي مقدمتهم العمال والفلاحين الفقراء وعموم الكادحين والمشردين. لا أنفي الجهود المبذولة من طرف المناضلين ولا أبخس تضحياتهم، لكن لننشغل أكثر برفع هذا التحدي، كل من موقعه ومن منطلق تصوره السياسي والإيديولوجي، بدل الانشغال بتحطيم طواحين الهواء.. وبدون شك، ستتعانق التضحيات وتتقوى التجارب ويتصلب عودها، وبالمقابل ستتلاشى التفاهات وتسقط الأقنعة وتنكشف البطولات الزائفة..
ففي غيابنا عن الواقع اليومي لأبناء شعبنا، تحبك المؤامرات ضدهم وأمام أعينهم ويتم تزييف وعيهم وتشويهه.. وكثيرا ما تم إشراكهم في اقتراف جريمة إخضاعهم وإذلالهم..
وفي غيابنا، غياب القوى الثورية، تنتعش القوى الظلامية وعموم القوى الرجعية والإصلاحية لتمرير مخططاتها الطبقية ونفث سمومها وغرس جذورها في صفوف أبناء شعبنا "المغلوبين على أمرهم"..
وفي غيابنا، يمكن معانقة ليس فقط النظام وأزلام النظام، بل أيضا معانقة "الشيطان"..
ورغم ذلك، لا يجب أن ننسى بطولات شعبنا وتضحيات أبنائه، من شهداء ومعتقلين سياسيين.. فهذا الشعب الذي يصورونه بدون كرامة وبدون طموح..، هو نفسه من صنع الانتفاضات المجيدة وأنجب الأبطال والمناضلين القابضين على الجمر والمتشبثين بقضيته..
إن مسؤوليتنا كبيرة تجاه هذا الوضع المزري.. إنه وضع يثير الغضب والحنق، لكنه يخاطب ضميرنا ويمتحن ادعاءاتنا وشعاراتنا ومدى إدراكنا لتضاريسه و"طلاسمه"..
شارك هذا الموضوع على: ↓