2016/07/01

حسن أحراث// نقابات الذل والعار: "عبقرية" الخيانة!!

مرة أخرى تفصح نقابات الذل والعار، أو للدقة قياداتها، عن التواطؤ المكشوف مع النظام القائم. فالمسرحية الهزلية (الكرسي الفارغ) التي أدتها بشأن ما سمي
"إصلاح أنظمة التقاعد" تفقأ العيون، وخاصة عيوننا التي لم تعد ترى ما يجب أن يرى. والغريب، ليس تواطؤ القيادات النقابية، لأن ذلك قديم قدم هذه القيادات، بل الغريب هو صمتنا نحن، صمت من ينفذ أجندات هذه القيادات المتخاذلة ويخدم مصالحها. إنه حتى الآن لم نقرأ ولم نسمع ولم نر بيانا أو بلاغا أو تصريحا صادرا من قلب النقابات يدين قياداتها البيروقراطية بخصوص انبطاحها ومساهمتها في جريمة تمرير "إصلاح" يجهز على مكتسبات وحقوق فئة عريضة من أبناء شعبنا المضطهدين، رغم أن طبيعة الجريمة تفرض ليس فقط إصدار بيان أو بلاغ أو تصريح، بل "قلب الطاولة" على "المافيا" النقابية وخوض أشكال نضالية على الأرض. فلم يعد مقبولا التعايش/التساكن معها تحت سقف واحد. لا أدعو الى "الهجرة"، أي تفريخ المزيد من النقابات، بل الى خوض الصراع الضاري ضدها وعلى كافة الواجهات والمستويات..
فمن إفراغ الأشكال النضالية من مضامينها وتكسير المعارك والطعن فيها الى تمرير المخططات الطبقية والقوانين المجحفة.. لقد جعلوا من فاتح ماي، العيد الأممي للعمال، محطة تنويم وبهرجة مملة، بل مقيتة. وجعلوا من المسيرات والوقفات والإضرابات (الإضراب العام...) أشكال بدون روح كفاحية، مناسبات "لصلة الرحم" والتقاط الصور التذكارية.. لقد قتلوا/دمروا كل شيء.. تنكروا للانتفاضات الشعبية الخالدة وللرموز المناضلة التي خضبت بدمائها الزكية أرضنا الطيبة...
أين التنسيق النقابي الذي يسوق في صورة/صيغة "الوحدة النقابية"؟
فهل يعقل أن نصفق لتحالفات "نقابية" مشبوهة، تحالفات تكرس هيمنة النظام وتيسر تمرير مشاريعه الطبقية؟ 
الإدانة كل الإدانة للهيئات السياسية الرجعية، مهندسة أطوار الخيانات والمؤامرات التي تخنق شعبنا. إن ما يسمى بالمعارضة يعارض مصالح الشعب ويعبث بها. فماذا ننتظر من حزب الاستقلال، الغارق في مستنقع المضاربة السياسية؟ وماذا ننتظر من الاتحاد الاشتراكي المتنكر حتى لنفسه ورموزه؟ وماذا ننتظر من "الأصالة والمعاصرة"، أداة النظام "الجديدة" لحرق اليابس والأخضر وخلط الأوراق واختراق جل البؤر الحارقة؟ وماذا ننتظر حتى ممن يذرفون الدموع نهارا، الهيئات المتسترة تحت اسم اليسار وشعارات اليسار، وينخرطون في حفلات الخيانة ليلا؟ إنهم يضحكون على ذقون شعب، شعب قدم تضحيات جسيمة، شعب صنع الملاحم وقدم الشهداء وما فتئ خيرة أبنائه يجسدون البطولات من داخل السجون ويقاومون الإجرام والاستغلال في المعامل والحقول وفي الشوارع...
فهل وصلت بنا البلادة أو الغباء الى حد قبول (تصديق) صفقات النهار؟ من سيستمر في وضع ثقته في هؤلاء الأنذال؟ كنا نتحدث عن صفقات الليل، أما الآن فقد أصبحنا وجها لوجه أمام صفقات النهار. كذلك كنا نتحدث عن صفقات "تحت الطاولة"، أما الآن فقد صرنا في معمعان صفقات "فوق الطاولة"..
إنه الخضوع الحرفي لإملاءات المؤسسات الامبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...)، ليس فقط من طرف النظام، بل حتى من طرف من يدعون رفض والتصدي لهذه الإملاءات المهينة. إنهم الأزلام الجدد بالوجه السافر (نقابات وهيئات سياسية...)..
فلم يعد مستساغا ترديد "عاش الاتحاد المغربي للشغل" أو "عاشت الكنفدرالية الديمقراطية للشغل". وإذا كان المقصود هو الرصيد النضالي لهذه المركزيات النقابية، فقد تم الآن الإساءة اليه وتلويثه. فما العمل لصيانته واعتماده لخدمة مصالح الطبقة العاملة وقضية شعبنا عموما، في ظل احتداد الصراع الطبقي واستفحال الاستغلال والتفقير؟
وفي الأخير، أناشد المناضلين الحقيقيين داخل هذه النقابات لتحمل مسؤولياتهم أمام شعبنا وأمام التاريخ. لقد آن الأوان، لم يفت الأوان بعد (Jamais trop tard...)، لوضع المسافة الكاملة بينهم وبين القيادات النقابية الخائنة والمستهترة بمصالح العمال وعموم الشغيلة، وبالتالي الانخراط الى جانب أبناء شعبنا في معارك التحرر والانعتاق على كافة جبهات الفعل النضالي...
لنترجم شعاراتنا الكبيرة ولو في ممارسة صغيرة. لنفتح آفاق العمل الثوري ببلادنا، لنقبض على جمرة الأمل والفرح. فرحلة ألف ميل تبتدئ بقدم واحدة..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق