2016/08/10

محمد حومد // شهادة المزياني مصطفى منارة للوطن

في الثالث عشر من شهر غشت سنة 2014، شهدت بلادنا جريمة سياسية شنعاء نسج خيوطها النظام القائم بالمغرب والقوى الظلامية المتأسلمة الموجودة على رأس الحكومة الحالية.
فبعد مسار ومخاض عسيرين داما ما يزيد على الشهرين فارق الشهيد المزياني مصطفى الحياة بعزيمة قوية وصلابة قل نظيرها رغم جسده المنهك من مخلفات وآثار الإضراب عن الطعام.. 
فمنذ الثالث من يونيو الذي جعل منه الشهيد موعدا لانطلاق الإضراب عن الطعام إلى غاية الثالث عشر من شهر غشت من نفس السنة، الموعد القسري للفاجعة/الشهادة، صارع الرفيق جميع انواع التعذيب والتضييق الماديين والمعنويين التي مورست في حقه، يقف القلم والكلام معا عاجزان عن وصف المشاهد التراجيدية وتراكم الوقائع المتعاقبة التي دونتها تجربته الخالدة في زمن الجزر والردة بنوعيها العلنية والمتسترة. 
إن شهادته نجمة حمراء أقسمت أن تضيء سماء الوطن التي يحاصرها الظلام من كل صوب وحذب، نجمة تفجرت لتشق طريق الحرية والتعليم، طريق الألف ميل، طريق التغيير الجذري..
فرغم الحصار والطوق وكمائن الألغام التي فرضت وشابت معركته البطولية لم تثنيه عن التمسك والتشبت بمطالبه المشروعة وعلى رأسها حقه/حق الجماهير الشعبية المقدس في التعليم، حيث لم ينهار أو يستسلم، بل قاوم إلى آخر نفس امتلكه جسده.
إن في اعتقاله من جامعة ظهر المهراز وهو مضرب عن الطعام وجسمه لا يقوى على الحركة والزج به في أقبية المخافر والسجون ثم رميه من مستشفى إلى آخر بعد ما أخذ جسمه يفتقد بعض الحواس الضرورية للحياة مقيدا وتحت حراسة يومية مستمرة دلالة قوية وقاطعة على المعاناة القاسية والمقاومة الصلبة الموازية التي رافقت تجربته المريرة وفي عمق هذه المعاناة والظلام الحالك سطعت النجمة الحمراء وأصرت على عدم المصالحة والمزيد من المقاومة إلى أن صفعت المتشدقين بالديمقراطية والثورية معا من جمعيات حقوقية وفعاليات سياسية. 
بالإضافة إلى المعاناة الجسدية والمعنوية أمام العدو، هناك معاناة لا تقل ضراوة وشراسة عنها، تخطط لها القوى المتربصة للمزيد من الضغط والابتزاز على المناضل من خلال لعب دور الاطفاء وذلك بمنهجية جد محكمة، لأنه لو كان الأمر يتعلق بالاطفاء الفعلي والحقيقي، فلهذه القوى من المؤهلات والإعلام وحده ما يقض مضاجع المعنيين، أما الطعنات الخلفية في التجربة القاسية للشهيد من طرف الصبيانية التي يكثر ضجيجها بعد فوات الآوان وتلفق تهم الردة والخيانة يمينا و شمالا فللتاريخ كلمة الحسم. 
ان الارتداد ظاهرة اجتماعية تارخية لم يسلم منها أي توجه أو مذهب سياسي كيفما كان نوعه، فهي ظاهرة عامة تكاذ تكون قانونا اجتماعيا يصعب استخراج النتيجة من خلال المعطيات الاولية وخصيصا لما يتعلق الأمر بالردة الفردية لأن قانونها معقد وهي ظاهرة عامة يكون ما هو ذاتي هو المحدد الأكبر في المسار، أما الردة الجماعية فهي متفاوتة الحدة حسب حجم الجماعات والتكتلات يلعب فيها العنصر الموضوعي الدور الأكبر وفي عدم القدرة على استيعاب القوانين المحددة لاستخلاص النظرية حول الظاهرة الاجتماعية يلوح ضيقو الأفق بالزعيق بل يصعب عليهم تحديد الردة ذاتها وهذا يتجلى بشكل واضح عند البعض حيث يلزم الصمت في الوقت والمكان المناسبين خصيصا في الارهاصات الأولية الموضوعية والذاتية بداية الارتداد ويكثر الضجيج وتلفيق التهم بعد الإعلان الرسمي للارتداد بل الاستباق إلى احتلال الصدارة في صياغة الموقف وإعطائه القالب وفق النتيجة الجاهزة مسبقا.
إن في ذكرى الشهيد معاني ورسائل في قمة الأهمية يجب استخلاص الدروس منها كمحطة تاريخية تحيلنا على تجربة في غاية الأهمية من حجم التجارب العظيمة التي عرفها تاريخ البشرية والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هل أعطينا لتجربة الشهيد المكانة إعلاميا وسياسيا في المجتمع التي تستحقها ولجميع شهداء الشعب المغربي؟ فبالطبع لا... 
قد يستبق أصحاب الهروب الى الامام بتبرير ذلك بتلفيق التهم المجانية لعدم قدرتهم على تحمل المسؤولية وإعادة السامفونية التاسعة في علاقة النظرية والممارسة وإفراغ العنصر التنظيمي من محتواه في العلاقة الجدلية فيما بينهما، لأن في هذا الأخير تحديد المسؤوليات فعلا وقولا ونظرا لكون دعاة الزعيق يتشبثون بان يسبحوا كما يشاؤن في هواء الكاربونات فإننا لا نجد لهم أثرا فعليا في الحياة السياسية فأين الصبية الأوائل ألم ينسحبوا من الصراع أفرادا وجماعات وفي أحسن الأحوال أصبحوا ضيقي الرؤى والآفاق والاقتصار على متابعة الأحداث خارج حقل الصراع...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق