مازالت معركة الكاتبة الإقليمية للعمال الزراعيين بٱشتوكة أيت باها مستمرة
أمام مقر شركة ديروك لما يزيد عن السبعة أشهر، ضدا على قرار الطرد التعسفي الذي طالها جراء الدينامية النضالية التي تتصف بها، وٱستهدافا لكل ميول يبتغي تقعيد العمل النضالي النقابي، والعمل الحثيث على ٱمتلاك آليات الفعل النقابي الجاد.
إن ٱعتصام الكاتبة الإقليمية للعمال الزراعيين هو تعبير عن آلاف العمال والعاملات بالإقليم الذين يعانون الإستغلال والإضطهاد الطبقيين من قبل الرأسمال وأعوانه الطبقيين الذين ٱنتدبوا عتيقة الفزازي على رأس الهيكل التنظيمي للإقليم. والسؤال في اللحظة هو، أين النقابة من منتسبيها القياديين أو لنقل بشكل اوسع النقابات، باعتبار النقابات ومن خلفها أحزاب سياسية وجمعيات المجتمع المدني تدعي تمثيل مصالح الجماهير الشعبية بشكل عام، في وضع التحدي الذي تخوضه العاملة عتيقة أو يخوضه عمال وابناء شعبنا على رقعة بلدنا هنا وهناك؟.. وهذا السؤال مطروح لملامسة وٱستيعاب لما تلاشت وتتلاشى العديد من المعارك البطولية لأبناء شعبنا في وضع ملموس وحي؟ ولماذا لا تبلغ غالبا تحقيق أهدافها بالرغم مما قدم من تضحيات؟
إن النقابات مجتمعة او متناثرة في ظل قيادات جبانة، خائنة، مافيوزية وظلامية، عاجزة عن قلب موازين القوى لصالح معركة أبناء شعبنا سواء من الطبقة العاملة أو كل الكادحين بشكل عام، وكذلك الشأن بالنسبة لجمعيات التسول والتملق والنفاق والأحزاب المنبطحة والخنوعة، فكلها مجتمعة، ليس بمقدورها التقدم المنسجم على رأس المعارك النضالية، وممارسة القيادة المسؤولة. بل لا تكاد تمثل شيئا، فهي مجرد بهلوانات تحركها الباطرونا بشكل خاص، والنظام بشكل عام لا غير، وعاجزة موضوعيا عن ممارسة أي تأثير كان، سواء بالوقوف ضد المخططات الطبقية او الضغط لتغيير السياسات أو حتى مجرد المناورة، بل يتابعون وينخرطون من موقع الشريك في الجريمة.
فموقع الشريك الذي إعتنقته وٱلتزمت به القيادات النقابية المافيوزية منذ ٱنخراطها في تجنيب النظام ما كان يعرف في أواخر التسعينات ب"السكتة القلبية"، خيار مطروح على المكشوف، وليس محط شك أو جدال .
ومن مستلزمات هذا الموقع، - موقع الشريك- تحييد وشل قوة الطبقة العاملة والشغيلة عموما وكذلك المنتسبين للهياكل القيادية ممن يدعون ٱرتباطهم بالمجموعات المعلنة تبنيها لخط الثورية. وموقع الشريك هذا لم يحد من الاحتجاجات والهبات الجماهيرية والإنتفاضات المحكومة بقوانين الواقع الموضوعي وفقط، لم يتركها تتجاوز حدود الحلقة المفرغة بل ساهم في أن تكون عرضة للقمع والتلاشي، لتبق الأزمة تعيد إنتاج نفس الأزمة . بالرغم من الزخم الذي سجل في العديد من المحطات النضالية لشعبنا، وهو نفس الحال لكل حركة في تاريخ الشعوب بدون قيادة سياسية منسجمة وتعكس طموحة الأغلبية المسحوقة وفي مقدمتهم منتجي الثروة.
إذا، على من سيراهن العمال؟هل بقاء ارتباطهم بالقرارات المركزية أو الجهوية للقيادات المافيوزية يخدم مصالحهم؟ وهل يمكن الوثوق في مفاوضاتها ومناوراتها؟ وماذا عن الوعي الذي تنشره وتكرسه وسط العمال بشكل خاص؟ والجواب: إن أي خضوع بأي شكل من الأشكال للقيادات المافيوزية يعد في العمق خضوعا للباطرونا، والنظام بشكل عام، فمثله مثل مؤمن ينتظر الرحمة من الشياطين. وهذا الواقع الملموس هو الذي يفسر دوران جل الإحتجاجات في الحلقة المفرغة وعرضة للقمع والتلاشي ويحكم استمرارية إنتاج الازمة. ولهذا ليس للباطرونا ما تخشاه للتشبت بقرار الطرد أو فرض الحلول الرادعة على العمال والعاملات وممارسة الإستغلال البشع والإجهاز على المكتسبات، وحتى ممارسة سياسة التجويع، في ظل واقع مختل تتقدم الذئاب النقابية والسياسية والجمعوية في صورة، وبجلباب أصدقاء الشعب.
من هذا المنطلق يمكن فهم وعي الخنوع الذي تنشره النقابات وسط العمال والعاملات وخصوصا التبريرات التي تقدمها كدواعي لتجنب عرقلة الإنتاج "الله يحسن العوان راه ساعة زايدة في العمال وصعيب الوضع".. كأن للعامل ما سيخسره إذا توقف الإنتاج. وأكثر من ذلك نشر الخوف من ٱنحدار الأوضاع إلى المجهول وتسويق نموذج سوريا لإدخال جل القطاعات لمربع الإستسلام والخمول والقبول بمقايضة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بمفاهيم وديماغوجة "الاستقرار" و"الامن". وبهذا الوعي، يتحول سلاح الإضراب والإحتجاج والتمرد إلى رعب يهدد العمال وليس أرباب العمل والرأسماليين الكبار.
قد تتعايش الأغلبية مع هذا الواقع السياسي الاجتماعي الاقتصادي المتردي والمنحط لفترة ما لكن ليس لنا شك
في حتمية قدوم الإنفجارات وردات الفعل والتمرد. وإيماننا هذا لا يعني أن الأوضاع قد تتطور في اتجاه قلب موازين القوى لفائدة شعبنا، وبالدرجة الأولى لصالح العمال، في غياب قيادته السياسية الثورية.
فالنظام هو الأكثر دراية بهذه الحقيقة، ولهذا يدفع في ٱتجاه استثمار الوضع إلى أقصى حد ممكن للإجهاز على المكتسبات التاريخية لشعبنا وتمرير مخططاته الطبقية.
إلى هذه الحدود يبدو أن جل العمال والعاملات يملكون منه خزانا من المعطيات وتجربة كبيرة يستندون لها وملفات عديدة ودقيقة، تفضح الطحالب التي نمت في أحضان البيروقراطية النقابية، لإغناء هذه الأفكار والخلاصات. لكن هل قدرنا هو أن نظل نساير الوعي الحسي وننتشي بالنقد المقبول لذا أغلبية شعبنا؟ وهل يشكل هذا حدود حلولنا لما نعيشه من نكسات؟ بمعنى، هل الجواب الذي سنقدمه للعمال ولأبناء شعبنا هو قدرتنا على وضع ما يلامسونه في قالب لغوي للتداول بين القراء؟.. الجواب بالطبع لا، ليس هذا بالحدود المطلوبة للتقدم في معركة الخلاص. فالواقع لا يمكن تغييره باللسان أو بالإيمان الضعيف، بل نحن مطالبون بدعاية تهدف لتطوير وبناء الوعي الطبقي و ممارسة التحريض وبلورة مقترحات في الميدان.
فإن كان الواقع الملموس يثبت أن المعركة ضد الباطرونا بشكل خاص والنظام بشكل عام لا تنفصل عن المعركة ضد كل القوى والقيادات التي تكبل الفعل النضالي وتتاجر فيه وتمارس السمسرة في الدماء والتضحيات، فهذا يعني أن المعركة تستدعي على المستوى النقابي الرهان على قوة العمال والعاملات وأبناء شعبنا الشرفاء بإسهاماتهم في مواقع تواجدهم، وهذه هي القوة الحقيقية التي نملكها في المرحلة في ظل غياب صوت سياسي منظم ومحترف قادر على قيادة تضحيات شعبنا من أجل الخلاص والتحرر من قبضة عملاء الاستعمار في أفق بناء مجتمع ينمحي فيه استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
لهذا أقول، إن معركة الكاتبة الإقليمية لم تقبل الانبطاح، هي لحدود الآن معركة بالنيابة عن العمال التي تعمل النقابات من خلال طرقها الإحترافية تحييد قوتهم عن الإسهام في قلب المعادلة إنطلاقا من معركة تتجاوز ٱعتصام المناضلة عتيقة الفزازي لتنتقل عمليا إلى معركة عمالية تستمد قوتها من خلال تكبيد الباطرونا خسائر حقيقية وإرغامه على الرضوخ، أي أن صمودها يجب أن يرتقي إلى صمود العمال ككل وإلى تضامن عمالي ملموس وفاعل يقلب فعلا موازين القوى. وهذا التوجه يستدعي في البداية التعبئة، وتأهيل العمال نضاليا لخوض التحدي. والتحدي في هذه المعركة هو تكبيد الباطرونا خسائر حقيقية ترغمه على الرضوخ. وهذا هو التضامن العمالي الحقيقي، وهذه هي الوحدة العمالية الفعلية التاريخية وليس شعارات لا تتجاوز حدود المقرات أو في أقصى تقدير الإلتحاق بالمعتصم لترديدها في تكريس لأسلوب دأبت البيروقراطية على تسييده.
شارك هذا الموضوع على: ↓