تتسارع استعدادات المعسكر الإمبريالي الأورو-أمريكي-الأطلسي (بقيادة الولايات المتحدة، الناتو، الاتحاد الأوروبي) لمواجهة تحالف القوى الإمبريالية المنافسة،
المتمثل في المحور الأوراسي (روسيا، الصين، وحلفاؤهما)، في صراعٍ دموي محتوم من أجل إعادة تقسيم العالم والهيمنة على أسواقه وموارده وممراته الاستراتيجية.
اقتصاد الحرب المروج له من طرف كل مراكز القرار الاورو–أمريكية–اطلسية (الاتحاد الاوروبي، المجموعة السبع، الناتو) كطريقة للتنمية وتوفير فرص الشغل هو تخطيط يتبعه وديان من الدماء..
قمة الناتو ب"لاهاي" (24-25 يونيو)، ترسم خرائط الحرب وصراع القوى، لتبرز خططٌ عسكريةٌ ملموسة:
هذا ما تقوله كل القمم الامبريالية منذ اندلاع الحرب الاوكرانية. وليس آخرها قمة الناتو في لاهاي (24-25 يونيو 2025) وفي التطورات المحيطة بها، وهي ترسم الخطط الحربية المحددة التي تعدها، حيث أعلنت بريطانيا في خضم القمة شراء طائرات F-35 و"استضافة" قنابل نووية أمريكية.
وتؤكد ان القطب الغربي يعد مئات المليارات من اليوروهات الإضافية للقوات المسلحة والبنى التحتية من خلال زيادة الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء خلال السنوات العشر القادمة، إلخ.
انه المخطط الذي دفع المجموعات الاقتصادية للدخول لحلبة المنافسة حول أرباح المرحلة والتحول الى اقتصاد التسلح للاستفادة من اكبر حصة من الدعم في الوقت ذاته تفرض على الشعوب تحمل تضحيات جديدة لا تُطاق، بل وحتى لتصبح لحمًا مدفعيًا في صراع شامل محتمل.
وقد كان تصريح دونالد ترامب، الرئيس الكذاب، وأحد زعماء الحروب والقتل، في نهاية القمة ب"لاهاي" دالا عن حدة التنافس حول حصص الربح بين المجموعات الاقتصادية القوية، بقوله: "من الأهمية بمكان أن تُنفق هذه الأموال الإضافية في سوق جدية جدًا للمعدات العسكرية - وليس على البيروقراطية - ونأمل أن يتم تصنيع المعدات في أمريكا، لأن لدينا الأفضل في العالم"
ان قمة لاهاي تقول بصريح العبار: الحرب على حصص الأسواق وعلى الطرق التجارية آتية، وتؤكد ان "وقف إطلاق النار"، الهش والقابل للانهيار في كل لحظة، في الشرق الأوسط ليس نهاية الحرب.
فالأسباب لا تزال قائمة! مثلما وصفها رئيس أركان جيش الاحتلال الصهيوني بعد اعلان "الهدنة" الهشة بين الكيان –المدعوم امركيا أوروبا– وإيران، التي كادت تنهار قبل أن تبدأ: "أغلقنا فصلًا مهمًا، لكن الحملة ضد إيران لم تنته. ندخل مرحلة جديدة (...) الآن يعود التركيز إلى غزة". وهو ما تُجَاِرِيه قناة الجزيرة الصهيونية، وبعض القنوات "العربية"، في الأيام الأخيرة بتسخين "ساحة الحرب" من خلال تضخيم العمليات اليومية ل"حماس" و"الجهاد الاسلامي" اعلاميا، وهو التكتيك المعتمد من طرف الكيان الصهيوني في كل هجوم، للانقضاض بشراسة أكثر على غزة، بينما تواصل اعتداءاتها على لبنان وسوريا، مؤكدةً أن لا هدنة تُوقف المخططات الإمبريالية القذرة التي تحول المنطقة إلى ساحة حرب دومينو.
فالقوى الإمبريالية متشابكة في صراعات وحشية على موارد الثروة، وممرات نقل الطاقة والبضائع، ونطاقات النفوذ. وتنافساتها المحمومة لم تعد تُحل بوسائل سلمية، بل بالسلاح. جنون التسلح في المعسكر الأورو-أطلسي (الولايات المتحدة–الناتو–الاتحاد الأوروبي) وكذلك في الكتلة الأوراسية الناشئة(روسيا والصين وحلفائهما)، خير دليل، وأن المواجهة الأميركية–الصينية للهيمنة على النظام الإمبريالي العالمي تطبع كل التطورات.
من جانب آخر، كان للهجوم على إيران اهدافا مسكوت عنها، فالحرب الامبريالية ضد الشعوب هي مثال لرجل يتجه نحو الشرق ويثرثر في حديثه عن الغرب.
فالتحالف الغربي من خلال دميته في الشرق الاوسط تمكن من تحقيق اهداف دقيقة:
1. قمع داخلي في العمق الأمريكي باستغلال الحرب لاخماد انتفاضة كاليفورنيا.
2. كسر التضامن الأممي بقمع مسيرات التضامن المغاربية مع غزة على ابواب مصر من خلال النظام المصري العميل، واخماد تصاعد التضامن الدولي والانتفاض في شوارع أوروبا وأمريكا ضد حرب الابادة في فلسطين، وتحويل أنظار الرأي العام العالمي للحرب مع ايران، فالرأسماية ترهبها الشعوب، ترعبها حركة النقيض، أما التنافس والحروب على الأسواق فهي جزء من لعبة الارباح.
3. تسويغ زيادة التسلح ودفع شعوب أوروبا 800 مليار يورو تحت ذريعة "الأمن" وتعزيز النفوذ السياسي والاقتصادي للقوى الداعمة للاقتصاد الحربي وشكلت أرضية خصبة لتسييد الرفع من الإنفاق العسكري، الذي ستدفعه شعوب الاتحاد الأوروبي ثمنًا لمشاركته في المذبحة الإمبريالية تحت مبرر الدفاع عن الامن الأوروبي. وهو ما جعل الأمين العام لحلف الناتو يعلن إعجابه بهجوم ترامب على إيران ويصرح بأن "الاتحاد الأوروبي دفع أخيرًا ثمن أمنه" عبر رفع الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
4. تشويش الوعي العالمي بتحويل الأنظار عن جرائم تهديد الحياة على الكوكب برسم خطة اعلامية للحرب ابعدت الرأي العالمي الدولي عن الانشغال بجريمة استهداف حياة الانسان وكل الكائنات من خلال عمليتين استهدفت المفاعلات النووية، في روسيا وايران، لمنع إمكانية التعبة الشاملة والنهوض والتوسع لحركة الشعوب من اجل السلام والحياة على كوكبنا. (هجمات مفاعلات روسيا وإيران) التي تهدف إلى:
- منع بناء تحالفات شعبية مناهضة للحرب.
- إجهاض أي نموذج تنموي مستقل خارج السيطرة الإمبريالية.
إنه لأمر مرعب أن ندرك أن جبهة الحرب المأساوية الجديدة بعد أوكرانيا، التي فُتحت بالمجزرة التي لا تنتهي في غزة، وانتهت، كما يزعم محللو القنوات العالمية، بالقصف الأمريكي للمنشآت النووية الإيرانية، قدمت على أنها مشاجرة بين طفلين صغيرين أوقفها "البابا" ترامب! في عالمٍ صار فيه الحديث الخاص حتما علنيا، إيجابا وسلبا، بفعل الوسائل التكنولوجية والصوت والصورة، من الغريب ألا نكون جميعا قد فقدنا صوابنا ("أصبحنا خارج أذهاننا"). مع كل أولئك الذين يستولون ويبتزون شعوبا، أوطانا، معرفة تقنية، حضارات، ثقافات، وكدح العمل اليومي، وكأنها ملكية خاصة بهم، ثروتهم، أسهمهم واستثماراتهم. لا يوجد خبثٌ أكبر من تشبيه القنابل الاختراقية الحديثة بقنابل هيروشيما وناغازاكي. لكن، لنكن صرحاء، يكفي أن تسحب ستارة الرموز قليلًا لترى أنه ليس من قبيل الصدفة أن رأسماليي أمريكا هم أنفسهم من استثمروا في المفاعل النووي ب"أموال الرعب" التي جنوها بقنبلتهم الذرية، التي أُلقيت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وليس لإنهائها. وعرفنا ذلك بعد الحادث النووي. والآن يأتي "البابا" ليقول إنه يمتلك ثلاثين مليارا نوويا فائضا لاستثمارها في طهران! أهو أمرٌ مُفرط في الغرابة أن يلعب الأطفال بالأسلحة النووية؟...
إنهم واهمون جدًا إن ظنوا أن الشعوب ستبتلع كلامهم عن "الدفاع عن السلام". فعمق التناقضات - التي لا تُحتوى باتفاقات قديمة للطبقة البرجوازية مع مسدسٍ مُصوبٍ إلى رؤوس الشعوب - يدفع نحو تصعيد دائم، بغض النظر عن تقدم أو تراجع جبهات الحرب. وهذا ما تُظهره مواجهة الناتو-روسيا في أوكرانيا، وكذلك "الهدنة" في غزة قبل أشهر والتي أثبتت استمرارية حرب الإبادة أنها هشة.
واننا نؤمن بكون الشعوب تختزن ما يكفي من تجارب عبر التاريخ لا يمكن ان تمحى من ذاكرتها، و تقيس بها "البابا" ترامب والناتو والزعماء الصبية للاتحاد الأوروبي وحكوماتهم وأحزابهم، وما يمثلونه من خطر مميت على مصالح الشعوب، وبان سياستهم الإجرامية تقود نحو الدمار.
2025/06/29