2025/07/28

م.م.ن.ص// لا نقبل التشتيت.. ولا تراجع عن مواجهة الهدم!

 


بداية: ما هو التنظيم الثوري؟

في الأدبيات الماركسية اللينينية، يُعرَّف التنظيم الثوري بأنه الهيكل الحزبي القائم على مبادئ "الحزب الثوري الجديد"؛ ذلك الكيان المكون من طليعة ثورية محترفة قادرة على القيادة والتخطيط السري، كما طوره لينين (وهو مفهوم أساسي في كتابه "ما العمل؟" كجواب على تحديات الحركة العمالية الروسية في عصر القيصرية). إنه أداة بيد الطبقة العاملة الواعية لإسقاط دولة البرجوازية وبناء ديكتاتورية البروليتاريا ومكافحة الانتهازية داخل الحركة العمالية. والمبدأ الأساسي فيه هو <<المركزية الديمقراطية>>، أي الجمع بين حرية النقاش قبل اتخاذ القرار، والالتزام الحديدي بتنفيذ المهام بعد تقريرها.  


هذا الفهم حولته الانتهازية الجديدة العاجزة والجبانة إلى "موضة" لتدبيج الخواطر، وصيغة للاستهلاك وشعارات للترديد. في حين أن التنظيم الثوري ليس شعارا عابرا لإثبات "الثورية"، أو لقياس درجة الالتزام بالخط الثوري. كما أنه ليس تلك الصورة النمطية التي تروج عبر قوالب التجارب السابقة أو عبر اجترار النصوص النظرية.  

بلغة أخرى: ليس التنظيم الثوري كيانا غامضا يسكن أبراجا عاجية، ولا أفكاره "أسرارا" ولا قراراته "مجهولة". إنه تجسيد حي لفكرة بسيطة وعميقة: "نحن تلك الجماعة المتراصة، نحن السائرون جنبا إلى جنب في مواجهة الأعداء".  

   

هذا التعريف ليس شعارا رومانسيا؛ إنه قلب للمفاهيم البيروقراطية والتسلسلات الهرمية، وتعرية للصيغ الانتهازية الاستهلاكية. التنظيم الثوري لا يقبع في مكاتب فخمة أو خطابات رسمية، ولا يرتبط بـ"الأنا" الفردية المريضة (في قلب الجماعية). بل هو كامن في ضمير كل مناضل ثوري، يفكر في عقله. مسكنه ليس المباني الإدارية، ولا "الشخصيات الكاريزمية" (والكاريزما هنا وهمٌ كالدعاء)، بل حيث يقيم المناضل يكون بيته. ساحته ليست قاعات المؤتمرات، بل حيث يهاجم شعبنا، هناك يقاتل. التنظيم الثوري هو التجسيد الجماعي لتجارب الأفراد ومعاناتهم وكفاحهم. وجوده مشروط بوجودهم، وقوته مستمدة من وحدتهم وفكرتهم والتزامهم النضالي والمبدئي.  

فالصحة السياسية لأي خيار لا تقاس بصحته النظرية فحسب، بل بقدرة التنظيم الثوري على أن يكون جسرا بين الذات (الجماعة) والموضوع (واقع الصراع الطبقي). في حين أن الطريق الفردي والذاتية المفرطة يحولان الصواب إلى انعكاس ذاتي، بينما يضمن المسار الجماعي الموضوعيةَ.  

حين ينفصل القائد عن الجماعة المنظمة، حتى لو افترضنا خطأ صواب رأيه، يتحول هذا "الصواب" موضوعيا إلى خطأ تكتيكي. فخطوة الانفصال المفتعل، المحكوم بالذاتية، تفقد صاحبها القوة التنفيذية، وتشرعن الخطأ الأخلاقي بانتهاك مبدأ التضامن. وكنتيجة، يصبح الخيار خطأً وجوديا يعمق انفصال الفكرة عن واقعها البشري.  


باختصار: "الحقيقة التي لا ننقلها إلى المعنيين بها، نحكم عليها بالانحصار".  
لذا نقول: صواب الطريق لا يقاس إلا بارتباطه العملي بالجماعة/الطبقة المعنية بأهدافه، لا بنظريته المجردة.. والطريق الوحيد الذي لا يضل هو ذاك الذي يقاس بعرض الأكتاف، لا بطول البصر.  


وبكل جرأة وعن حق نقول:  

لمن اختار الهدم، وبعد إخفاقه في محو ما بني بتضحيات مجموعة من المناضلين الماركسيين اللينينيين المخلصين ("تيار البديل الجذري المغربي")، بعد ان تجاهله كل من راهن عليهم في دعواته ونداءاته كما عبر في افتتاحية مدونته "ضرورة بناء التنظيم (تيار ماركسي لينيني) في افق تأسيس حزب الطبقة العاملة"   (عنوان افتتاحية caram)، في اعلانه الضمني للقطيعة مع "تيار البديل الجذري المغربي" (المعلن عن حضوره السياسي منذ 2013، والذي تمثل مدونة "lutte-radical.blogspot.com" لسانه الإلكتروني، وصفحة "مغرب النضال والصمود: من أجل بديل جذري" منبرَه على فيسبوك) – عاد ليحذو طريقا جديدا لاختطاف والاحتيال على الحقيقة وزرع اليأس والتدمير في أوساط المتعاطفين والشبيبة!

تقلبات في الرؤية متسارعة في أقصر زمن قياسي هي الحالة الواقعية التي مر منها صاحب مدونة "caram".. وأي شخصية تسلك هذا الدرب وتعيش كل هذه التقلبات في هذا الزمن الوجيز دون أن تتوقف لترى تخبطها وترددها وارتجالها وما نتج عنه، أي عن هذا المسلك، من تدمير وتشتيت لتجربة بنيت بتضحيات مناضلين مخلصين، هي شخصية لا يؤتمن لها مرة أخرى.  

إن المناضل الحقيقي لا يخجل من أخطائه، وينتقدها بجرأة أمام رفاقه وشعبه. لا يتردد في ممارسة النقد والنقد الذاتي بصرامة الثوري، لا بسلوك المستخف بوعي الجماهير والمتاجر به. فاختيار التعالي والتحايل والاستخفاف بوعي المناضلين والجماهير، والتشبث بهذا النهج وتعميقه، لا يعد سوى دليل قناعة صاحبه بطريق وسلوك البرجوازي الصغير. 


وبالمناسبة نقول: 
حتى لو كنت نوحا في الطوفان.. سفينتك لن تنجو بغير ركابها. لذا فـ"الصواب" المؤسس للهدم ليس صوابا. واتخاذ الثورة منصة لخدمة الذاتية و"التميز الفردي" داخل الجماعة، يدفع بصاحبه لتقويض العمل الجماعي إذا تعارض مع مصالحه الضيقة، في حين أن الثورة مشروع طبقي وليس مسرحا، أو منصة، لتحقيق الذات.  

فالدعوة لطريق بمعزل عن المناضلين والجماهير، والادعاء بالقدرة على السير وحيدا، هو زعم برجوازي صغير بامتياز. وهذا يستوجب من كل مناضل حقيقي يؤمن بالعمل الجماعي، إدانة صارخة ومواجهة بلا هوادة لأي نخبوية أو انفراد بالقرار.  

"صحة" الطريق الفكرية أو السياسية لا تكفي؛ شرعيته وفعاليته مشروطان بمشاركة المعنيين وسيرهم جميعا عليه. الفرد الذي يمتلك رؤية صائبة لكنه يعزل نفسه أو يقصي الآخرين، يحرف الطريق ويفقده معناه، ويحوله إلى خطأ جوهري، ليس تكتيكيًّا فحسب، بل أخلاقيا وسياسيا. أما الانفصال فهو خيانة للمبدأ الجماعي، وخيانة لكل المعنيين بمشروع بناء التنظيم السياسي الثوري.  


لمعرفة، وخاصة معرفة الطريق الأصوب، ليست ملكية فردية تُستأثر أو تستخب. قيمة المعرفة تكمن في مشاركتها، في قدرتها على إضاءة الدرب للجماعة. إيمانا بالفكرة العلمية، "بدون نظرية ثورية، لا يمكن أن تكون هناك حركة ثورية... والحزب هو الذراع السياسي للطبقة العاملة" (من الخلاصات العلمية لكتاب "ما العمل؟"). 

فمقالة "بما نبدأ؟" لم يحتفظ بها لينين على الرفوف، وكتاب "ما العمل؟" لم يضعه تحت الطاولة؛ لأن الحكمة الحقيقية لا تتجلى في الفهم الفردي وحده فحسب، بل في نقله وإشراك الآخرين: "كُن حكيما، واجعل منا حكماء، لنكون معا جيش الحكمة!". فالحكيم ليس المنعزل في برجه العاجي، بل النازل إلى الساحة والقائد مع الآخرين، لا فوقهم. لكن فاقد الشيء لا يعطيه. 

التشرذم خطر داهم على أي مشروع ثوري، وهو سلوك البرجوازية الصغيرة. والهدم من الداخل سلاح فتاك دمر تضحيات تاريخية وعصف بتجارب بنيت على الملايين من الشهداء. هذا لا ينفي إمكانية تعدد الآراء أو وقوع الخطأ. قد نكون مخطئين وقد يصيب بعضُنا، لكن هذا لا يشرعن التفرقة، بل يفرض التمسك بالوحدة كحجة أقوى. أما حين يختار البعض، أو الفرد، التشتيتَ بدافع الذاتية المفرطة، فهذا يعد خيار للهدم، ودليل على نزعة برجوازية صغيرة. وحتى لو كان الفرد مصيبا في لحظته، فإن انعزاله يُفقد صوابَه قوته التغييرية ويُضعف الكل.  


القوة الثورية، فكريا وسياسيا، تكمن في التماسك الجماعي، ومواجهة الصعاب معا، والنقاش الداخلي حتى في لحظة الخلاف. البقاء معا ليس إنكارا للفردية، بل شرط لتحويلها إلى قوة جماعية فاعلة.  


أما التشبث بالهدم والتشتيت، فهو اختيارٌ للانتهازية والانحراف، وطريقٌ يُؤخر الفعل الثوري المنظم. والخيار الوحيد أمام المناضلين هو النضال الحازم ضد خط التدمير، والتشبث بالعمل الجماعي والصرامة الثورية.  


هذه الرؤية ليست حنينا إلى الرومانسية، بل نداء ثوري لتعميق الممارسة السياسية وتجذيرها على أساس التضامن الحقيقي والمشاركة الفعالة، ورفض أي شكل من أشكال الممارسة البرجوازية الصغيرة (كالانفصال النخبوي، والتشتيت والتدمير والذاتية المريضة). إنه تذكير بأن الثوري، في جوهره، ليس سوى "نحن" في حالة حركة ونضال مشترك. الاعتراف بإمكانية الخطأ والاختلاف لا يبرر التشرذم، ولا يعني القبول بالطريق البرجوازي الصغير في صفوفنا، بل يفرض التمسك بالوحدة كأساس لقوة المناضلين الثوريين المنسجمين تنظيميا وسياسيا وأيديولوجيا. وأي طريق، مهما بدا صائبا نظريا، يفقد شرعيته الثورية إن سلك بمعزل عن الجماعة التي يمثلها التنظيم. الحكمة الثورية تكمن في المشاركة والتواصل والتفاعل، لا في الاحتكار والانعزال.  

"لا نقبل التشتيت.. ولا تراجع عن مواجهة الهدم!"
ليست مجرد كلمات؛ إنها جوهر فلسفة سياسية ثورية تضع الجماعة البشرية المتضامنة في قلب معركة التغيير.

2025/07/28 





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق