إن المسار النضالي لعمال وأطر ومستخدمي شركة أمانور بطنجة، أحد فروع فيوليا
المغرب، وما رافقه من تراكمات نضالية أغاضت الأصدقاء قبل الأعداء قد تعمق مع معركة إرجاع المطرودين (2017) التي تم التوقيع بموجبها على اتفاقية جماعية مع المدير العام السابق للشركة، وانتزع من خلالها العمال العديد من المكتسبات المادية والمعنوية؛ منها الزيادة في الأجور والمنح وإعادة المطرودين مع العديد من المكاسب الديمقراطية لمناضلي النقابة. وهو ما أتاح التواصل المستمر بعموم العمال والمستخدمين وتعميق الثقة والوعي النضالي لديهم.
والواقع الجديد الذي أفرزته معركة 2017 عجل بإعفاء المدير العام وتعويضه بالمدير الحالي، كمقدمة من طرف إدارة الشركة الأم للتراجع عن الاتفاقية المذكورة وضرب المكتسبات السابقة تمهيدا لتفويت الشركة أو إغلاقها بدريعة الإفلاس .
إن يقظة القواعد العمالية ووعي المكتب النقابي بحجم المؤامرة التي تحاك سرا وعلانية والتي تستهدف إقبار النموذج النضالي لأمانور والذي يعتبر النبراس الذي ينير طريق الاتحاد الجهوي أجهضت محاولة القيادة البيروقراطية اغتيال ذلك الصوت المكافح والثابت إبان المؤتمر الجهوي الأخير الذي كرست فيه نهجها التصفوي تجاه كل الأصوات المناضلة وفق إملاءات النظام القائم.
كما أن كل المحاولات الرامية إلى دفع المناضلين وخصوصا القطاع خارج أسوار الاتحاد قد فشلت. وجاء فاتح ماي الذي أعقب المؤتمر ليزكي النهج النضالي لعمال وأطر ومستخدمي القطاع وتشبثهم بالاتحاد المغربي للشغل.
بوصول المدير العام الجديد وبإيعاز من المستشار القانوني للشركة الذي يعتبر العقل المدبر لكل المؤامرات التي تحاك ضد عمال الشركة مرتكزا على تجربته الطويلة كمدير للموارد البشرية بأمانديس وما راكمه من خبث في هذا المنحى وواقع الحال ما فتئ يفقأ الأعين، فمن نقابة موحدة الى فسيفساء نقابية. كما أن محاولات المعني السير على ذات المنوال في التعاطي مع قطاع أمانور قد عجل بوضع العربة أمام الحصان وتفجير الأوضاع داخل الشركة مراهنا بذلك على المدير الجديد لتسريع وثيرة تصفية الارث النضالي لعمال الشركة بضرب مكتسباتهم التاريخية، فانطلقت الاستفزازات وضرب المنح والساعات الإضافية الى غيرها من التراجعات عن بنود الاتفاقية الجماعية لسنة 2017.
وهو ما سرع إنهاء الانقسام داخل الشركة وكذلك التشتت النقابي الذي يعتبر عائقا حقيقيا أمام بناء تنظيم نقابي صامد يخدم بالدرجة الأولى مصالح الطبقة العاملة الآنية والبعيدة .
وبدأ العمل على توحيد عمال أمانور وصولا الى حل النقابة التي شكلت متنفسا للإدارة إبان معركة الثلاثة أشهر سنة 2017.
إن تشكيل المكتب الموحد بعد إعلان العمال المنتمين للنقابة الصفراء التابعة لحزب العدالة والتنمية الظلامي حل نقابتهم والالتحاق بالاتحاد المغربي للشغل كسابقة نضالية تحسب للمكتب النقابي لأمانور. وقد شكل ذلك خطوة متقدمة لتوحيد العمال والتفافهم حول مطالبهم المادية والدمقراطية.
إن توحيد العمال في نقابة واحدة دفع أطر أمانور الى الالتحاق بالمعركة النضالية والتخندق في خندق واحد، مما زاد من سعار المدير العام الجديد وبدأت حملة الاستفزازات ثم التوبيخات، وصولا الى إعداد قائمة ب 27 عاملا مع فبركة محاضر الاستماع كخطوة للطرد.
كل تلك الخطوات، ولنقل شطحات الديك المذبوح لم تزد أطر وعمال ومستخدمي الشركة الا صمودا والتفافا حول إطارهم النقابي وحول مكتب صقل إبان المعارك السابقة، إذ حافظ العمال على وحدتهم وبدأت الأشكال النضالية التدريجية مع الحفاظ على كل الأوراق التصعيدية خصوصا أن شروط المعركة الحالية تختلف كليا عن المعركة السابقة.
فبالأمس، في 2017، كانت نقابتان، صمد عمال الاتحاد المغربي للشغل في معركة الثلاثة أشهر، إلا أن تواطؤ النقابة الصفراء الأخرى وعمالتها للإدارة لعب دورا أساسيا في معاناة العمال إبان الاعتصام البطولي وتمديد تعنت الإدارة. لكن رغم ذلك، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
واليوم نقابة واحدة، قبضة عمالية أقوى من أي وقت مضى عجلت بفشل المؤامرة التصفوية لإدارة الشركة وفضح نواياها وتآمرها.
تلك المستجدات دفعت المكتب النقابي الى إعلان جمع عام لتسطير الخطوات النضالية، وهو ما تحقق بإعلان التوجه العام الإضراب المفتوح وشل كل مرافق الشركة دون الحاجة الى لجنة مراقبة الإضراب piquets de grève وتكون نقطة المصير هي النقطة الأساس في أي حوار مستقبلي، وبالموازاة تحميل المسؤولية للمكتب الجهوي لمراسلة السلطات المعنية مع إرفاقها ببرنامج نضالي للاتحاد الجهوي.
إن صمود أطر وعمال ومستخدمي أمانور واستعدادهم التام للمزيد من التضحية وانخراط مناضلي الاتحاد الجهوي في المعركة عجل بانهيار البناء الكارتوني الذي شيده المدير العام ومستشاروه، وتم توقيع اتفاق يعيد الأمور الى نصابها بتعميم المنح، وإعادة الوضع الى سابق عهده فيما يخص منحة التفويج مع التنصيص على ضرورة الإدماج في الشركة الأم.
إن معركة أمانور بطنجة يجب أن تعد بوصلة للنضال العمالي الجاد الذي يضع مصلحة العمال فوق أي اعتبار، ودرس آخر من النضال من أجل وحدة العمال وضرب الفسيفساء النقابية وتأكيد لشعار ما لم يأت بالنضال يأتي بتصعيد ومزيد من النضال...
عاشت نضالات الطبقة العاملة.
شارك هذا الموضوع على: ↓