أحدث الأخبار

2014/07/31

حسن أحراث: المناضل مصطفى مزياني في خطر / أين المبدئية في التعاطي مع حقوق الانسان ؟؟

حسن أحراث: المناضل مصطفى مزياني في خطر / أين المبدئية في التعاطي مع حقوق الانسان ؟؟

المناضل مصطفى مزياني على عتبة الاستشهاد والجهات المسؤولة عن وضعيته تصم آذانها وتتجاهل جريمتها "الموصوفة". إنها تنتظر حصول الفاجعة لتدبج بيانات الحقيقة مبرئة نفسها ومعلنة مسؤولية غيرها. إنها عادتها القديمة.
هل يطالب المناضل مصطفى مزياني بالمستحيل؟ إن مطلبه المشروع يفرض على الجميع التضامن معه ودعمه، كل من موقعه..
فهل ننتظر أن يتوسل إلينا وأن يقدم إلينا طلبات المؤازرة؟ هل نحاسبه على مواقفه؟ هل نبتزه أو نقايضه...؟
هل خلقت حقوق الإنسان للبعض دون الآخر؟ هل الحق في الحياة يعني البعض دون الآخر؟
أين المبدئية؟
إن الواجب بكل معانيه يفرض التدخل لإيجاد حل مقبول لوضعية المناضل مصطفى مزياني التي فرضت عليه عندما أجهزوا على حقه المشروع في متابعة دراسته الجامعية.
إن صمت من يدعي المبدئية في التعاطي مع حقوق الإنسان غير مقبول. ونخشى أن يكون هذا الصمت موقفا انتقاميا..
لا نريد أن نسمع "ها أنتم تحتاجون إلينا". نحن لا نحتاج الى أحد. نحن نحمل المسؤولية لمن ينتهك حقوق الإنسان ولمن يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان..
إن الالتزام يفرض على الجميع تحمل مسؤولية التزامه بغض النظر عن أي حسابات صغيرة.. فلا مجال لتصفية الحسابات..
فكثيرا ما سمعنا عن هيئات حقوق الإنسان، وعن الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان..
لا نريد أن نسمع "إن مزياني ينتحر". إن مزياني يعشق الحياة، ودليله تشبثه بحقه المشروع في متابعة دراسته الجامعية وفي رفضه الذل والانصياع. فلا حياة مع الذل والمهانة..
لا نريد أن نتسابق على تبني الشهيد أو الشهداء. نحن نحب الحياة ونناضل من أجل الحياة، الحياة الكريمة والشريفة..

إن التاريخ قد ينصف أصحاب المواقف الكبيرة..

عاجل وخطير جدا من فاس: المعتقل السياسي مصطفى مزياني يفقد حاسة البصر وهو على حافة الشهادة بعد 60 يوم من الاضراب عن الطعام.

عاجل وخطير جدا من فاس: المعتقل السياسي مصطفى مزياني يفقد حاسة البصر وهو على حافة الشهادة بعد 60 يوم من الاضراب عن الطعام.

بعد زيارة لعائلة الرفيق مصطفى مزياني له بمستشفى ابن الخطيب (كوكار) بفاس، أكدت أن الوضعية الصحية لابنها خطيرة للغاية، فهو لم يعد يبصر، كما أنه فقد القدرة على الكلام، ناهيك عن عدم القدرة على المشي منذ عدة اسابيع، ليصبح بذلك أشبه بجثة هامدة، ليقف الرفيق عند حافة الشهادة التي قد يعتنقها في أي لحظة. ولحدود الساعة لازال والد الرفيق مرابطا بالمستشفى بعد الفاجعة التي اصابته جراء حالة ابنه. وقد وصد الاضراب عن الطعام الذي انطلق يوم 03 يونيو بالمركب الجامعي ظهر المهراز إلى يومه الستين، بعدما عرف عدة منعطفات، حيث اعتقال الرفيق من داخل مستشفى CHU بفاس ونقله من بعدها للسجن السيء الذكر عين قادوس، ومن تم إلى مستشفى ابن الخطيب بفاس الذي لا زال يرقد به لحدود اللحظة وهو في وضعية اعتقال، وكل هذا يقابله تعنت الجهات المعنية في الاستجابة لمطالبه وعلى رأسها التراجع عن قرار "المجلس التأديبي" الصادر في حقه من داخل كلية العلوم ظهر المهراز.
وليتحمل النظام المسؤولية كاملة في ما آلت وستؤول إليه الوضعية الصحية للرفيق.


مصطفى مزياني .. شمعة تحترق لتنير طريق التحرر والانعتاق.

2014/07/30

حسن أحراث: للذكرى والذاكرة / معركة الشهيدين الدريدي وبلهواري التاريخية / معركة "لا للولاء"

حسن أحراث: للذكرى والذاكرة
معركة الشهيدين الدريدي وبلهواري التاريخية
معركة "لا للولاء"


معركة نستمد منها الصمود والقوة، ونعتبرها مرجعا ومرآة لمدى تشبثنا بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا مع الشهيدين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري بالزنزانة رقم واحد بحي العزلة بسجن بولمهارز بمراكش في يوليوز 1984. فمواقفنا مؤسسة على ذلك العهد ومخلصة له بعيدا عن الادعاء أو الارتزاق أو المزايدة... لنتابع أهم أشواط هذه المعركة المزعجة والخالدة:

1- الطور الأول من المعركة:
بعد صدور الأحكام في حق مجموعة مراكش 1984 لم يبق أي عذر للتعايش مع الشروط المذلة داخل سجن بولمهارز بمراكش. وتبعا لذلك نظمنا نقاشات متواصلة لبلورة الصيغة النضالية المناسبة لتحسين وضعيتنا داخل السجن ولإثارة واقع السجون بالبلاد الذي لا يختلف في جوهره وحتى الآن عن واقع الجماهير الشعبية المضطهدة. وأمام تباعد الرؤى السياسية واختلاف التقديرات والتقييمات للظرف السياسي الذي كانت تمر منه البلاد، قرر عشرة معتقلين خوض إضراب لا محدود عن الطعام من أجل تحقيق ملف مطلبي شامل. والمعتقلون السياسيون المعنيون هم:
الشهيد مصطفى بلهواري
الشهيد بوبكر الدريدي
نور الدين جوهاري
كمال سقيتي
أحمد البوزياني
الحسين باري
حسن أحراث
الطاهر الدريدي
الحبيب لقدور
عبد الرحيم سايف
وفعلا، انطلقت معركة الشهيدين يوم الأربعاء 04 يوليوز 1984. وكان من الطبيعي ومن المنتظر أن يواجه الإضراب بالتجاهل والاستخفاف. ولم تتحمل إدارة السجن بمراكش حتى "عناء" أخذ الرسالة التي تضمنت قرار الإضراب ومطالب المضربين التي تجلى أهمها فيما يلي:
- الزيارة المباشرة لكافة أفراد العائلة و كذلك الأصدقاء؛
- وسائل الإعلام والتثقيف: الجرائد، المجلات، الكتب، الراديو، التلفزيون؛
- اجتياز الامتحانات (منع المعتقلون السياسيون في صيف 1984 من اجتياز امتحاناتهم على الصعيد الوطني)؛
- الإقامة في جناح ملائم وفي ظل شروط مقبولة: التغذية، الفسحة، النظافة، التطبيب...
وتجدر الإشارة إلى أنه وبعد حوالي أسبوع من انطلاق المعركة أعلن بعض المعتقلين من مجموعة مراكش عن خوض إضراب آخر عن الطعام وقدموا رسالتهم إلى إدارة السجن لتلقى نفس مصير رسالة رفاق الشهيدين الدريدي وبلهواري.
إلا أنه وبدل الاستجابة لمطالب المضربين تم انتظار فجر يوم الجمعة 20 يوليوز 1984 لتشتيت المجموعة بكاملها سواء المضربين أو غير المضربين على سجون مراكش والصويرة وآسفي. وكانت عملية التشتيت كالآتي:
- تنقيل المعتقلين المحكومين بسبع سنوات إلى 15 سنة، إلى السجن المدني بآسفي (23 معتقلا)؛
- تنقيل المعتقلين المحكومين بثلاث سنوات إلى خمس سنوات، إلى السجن المدني بالصويرة (16 معتقلا)؛
- إبقاء المعتقلين المحكومين بسنة واحدة بالسجن المدني بمراكش (خمس معتقلين).
كان الاستقبال حارا بسجني الصويرة وآسفي. فحتى قبل أن تطأ أقدامنا أرضيتي السجنين المذكورين، انهالت علينا التهديدات والسب والشتم بغية تكسير حماسنا منذ الوهلة الأولى. فلم يطيقوا شعاراتنا ولا تحدينا الجريء للموت البطيء. لقد اختلفت أساليب التعذيب من مراكش إلى آسفي ومن هذين الأخيرين إلى الصويرة في الشكل فقط وبقيت واحدة في المضمون. ففي الصويرة تم تعذيب المعتقلين المضربين وتشويه حالتهم عن طريق الحلق العشوائي للشارب وشعر الرأس. وتم الزج بهم على هذه الحال في عنابر معتقلي الحق العام. أما بآسفي وبعد اصطدام عنيف مع الحراس وأمام بنادق رجال الدرك زج بالمضربين فرادى بالكاشوات بعد إشباعهم جلدا وتجريحا.
ورغم كل هذا استمر الإضراب بآسفي كما بالصويرة ومراكش، وتوحدت الخطوتان/الإضرابان رغم بعض التحفظات وبعض التجاوزات. وبدورها واجهت عائلاتنا بإصرار نادر مشاق السفر لاقتفاء أثرنا من سجن لآخر وتصدت بشجاعة للمضايقات وقاومت الإشاعات المرعبة التي سعت بخبث إلى الأخذ من صمودها وإلى زرع البلبلة في صفوفها. وواجهنا نحن الجوع والعطش والتعتيم وأصنافا متعددة من الآلام والإجرام في عزلة تامة. ولم يتم تنقيلنا إلى المستشفيات إلا بعد تدهور الحالة الصحية لكل المضربين حيث انطلق فصل جديد من الاحتراق تميز هو الآخر بالإهمال والتيئيس وافتعال كل ما يمكن أن يؤثر على صمودنا ومعنوياتنا. فمن التقييد بالأصفاد مع الأسٍرَّة وإغلاق النوافذ والحرمان من وسائل النظافة إلى إجبارنا على القيء فوق الأرض والأسرة عندما عجزنا تماما عن الحركة. وكانت النتيجة المأساوية هي استشهاد المناضل بوبكر الدريدي بالصويرة في 27 غشت 1984 والمناضل مصطفى بلهواري في 28 غشت 1984 بأسفي، وهما في أسبوعهما الثامن من الإضراب عن الطعام. ثم سقوط عدد كبير من المضربين في غيبوبة عميقة. وبما أن الظرف السياسي كان استثنائيا حيث الحملة الانتخابية في أوجها (الانتخابات التشريعية لشتنبر 1984) تم العمل على تكسير الإضراب بأي شكل من الأشكال، خاصة بعد توسع التغطية الإعلامية للمعركة بالخارج وصدى الاستشهادات (استشهاد عبد الحكيم المسكيني في يوليوز 1984 بالسجن المدني ببني ملال وكذلك استشهاد الرفيقين بلهواري والدريدي ) وعلى محاصرة كل ما من شأنه التشويش على طقوس الانتخابات. بعد ذلك تم تنقيل الحالات الخطيرة في صفوف المضربين من الصويرة وآسفي إلى مستشفى بن زهر بمراكش مع استقدام أطباء ذوي كفاءات عالية من الدار البيضاء والرباط للإشراف على الوضعية الخطيرة التي بات يتردى فيها المضربون.
أخيرا توقف الإضراب بعد 62 يوما من انطلاقه، وذلك بكل من مراكش وآسفي والصويرة بعد الوعود بتلبية مطالبنا والتي تلقيناها عن طريق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في شخص رئيسها آنذاك وبعدما لم يعد في وسعنا، بالنظر للتمزيق الذي استهدفنا والوضع الصحي الذي أصبحنا عليه، التحكم في مسار المعركة.
وبعد قضاء مدة طويلة بمستشفيات مراكش والصويرة وآسفي تخللها أكثر من إضراب إنذاري، من جهة لمعرفة مصير مطالبنا ومن جهة أخرى لانتزاع بعض المكاسب داخل المستشفى كالراديو الذي لم يتمتع به المضربون بآسفي قط بالإضافة إلى الجرائد والكتب والمجلات، تم تنقيلنا إلى سجون آسفي والصويرة ومراكش ما عدا بعض المعتقلين الذين كان وضعهم الصحي يستدعي البقاء بالمستشفى. أما مطالبنا فلم تلب بسجني آسفي ومراكش، وأكثر من ذلك أصبحنا أمام مطلب جديد انضاف إلى مطالبنا الأخرى وهو مطلب الجمع بسجن واحد.

رسالة تعزية:
وجهت منظمة إلى الأمام المغربية رسالة تعزية إلى عائلات ورفاق شهداء معركة الإضراب عن الطعام بسجون مراكش وآسفي والصويرة، هذا نصها:
إلى كل زهرة نمت في أحضان الجماهير الكادحة، فداستها أقدام الهمجية...
إلى كل شمعة اشتعلت فاحترقت لتضيء هذا الوطن...
إلى كل الذين سقطوا في ريعان شبابهم في ميدان الشرف خدمة لقضية شعبهم...
إلى كل هؤلاء الذين تحدوا القمع والحصار متشبثين بالطريق النضالي حتى الشهادة... وإلى كل مناضلي الشعب المخلصين وكل العائلات والأمهات نتقدم بالتحية والتعظيم.
إن عزاءنا وعزاءكم الوحيد، الذي يجعلنا نبتسم والدمع في الأجفان، هو هذا العهد الذي جمعنا وجمع كل أحرار المغرب مع شعبهم... عهد النضال ومواصلة طريق الشهداء ضد العدو الحقود المسؤول عن مآسي الشعب المغربي بأجمعه وعن فاجعته في فقدان أبناء له، من أوفى الأبناء.
فتحية لأبناء الزحف المقدس صناع الغد الجديد. والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار من الزرقطوني إلى الدريدي...
وسيعلم طغاة اليوم أي منقلب سينقلبون...

2- الطور الثاني من المعركة:
استمرت النقاشات التي كانت قد استؤنفت في صفوف المجموعة المضربة الموزعة على مستشفيات مراكش والصويرة وآسفي رغم صعوبة التواصل ورغم الشروط الصحية المتدهورة لجل أفرادها حتى بعد التنقيل إلى السجون. ومن جديد برزت الخلافات حول ما يمكن أن نقدم عليه في ظل المعطيات الجديدة. مما أدى في آخر المطاف، أي بعد ما وصل النقاش إلى الباب المسدود، إلى مواصلة المعركة فقط من قبل المجموعة الأولى التي أضربت عن الطعام في 04 يوليوز 1984 واستشهد في صفوفها الشهيدان بلهواري والدريدي (رفاق الشهيدين) بالإضافة إلى معتقل آخر التحق بالإضراب الأول في السجن المدني بالصويرة. علما أننا لم نسمح للمناضلين الحبيب لقدور وعبد الرحيم سايف بالدخول في الإضراب الثاني رغم إصرارهما على ذلك، نظرا لوضعهما الصحي المتردي والذي ما فتئ يزداد سوء نتيجة عزلتهما القاهرة المستمرة آنئذ، وهي نفس وضعية المعتقلين السياسيين السابقين عبد الكريم بيقاري وخالد نارداح. مما يستدعي وفي أسرع وقت الالتفات إليهم قبل فوات الأوان.
خاض رفاق الشهيدين الموزعون على سجني آسفي والصويرة ومستشفى ابن زهر بمراكش إضرابات إنذارية عديدة كان أطولها الإضراب الذي دام من 25 أبريل إلى 19 ماي 1985 (25 يوما) والذي تم توقيفه عشية حلول شهر رمضان كفرصة للمسؤولين لمراجعة وعودهم الكاذبة التي على إثرها أوقفنا الإضراب اللامحدود الأول عن الطعام. لكن، لا حياة لمن تنادي، حيث تم تنقيل ستة مضربين بعدما تم تجميع الكل بمستشفى ابن زهر بمراكش إلى مستشفى الصوفي بالدار البيضاء لمدة أسبوع وليتم بعد ذلك إرجاعهم إلى السجن المدني بمراكش في ظل نفس الوضعية غير المقبولة.
وأمام التعنت واللامبالاة اللذين قوبلت بهما الإضرابات الإنذارية بغية فرض الأمر الواقع، واقع الذل والمهانة خاض رفاق الشهيدين في 23 يونيو 1985 إضرابا لا محدودا عن الطعام باعتبار هذا الأخير سلاحا فعالا لإسماع صوت المعتقل وصيانة كرامته، مصرين على اختراق الصمت والحصار ورفض الذوبان كما حصل لبعض التجارب السابقة رغم التضحيات البطولية التي تم تقديمها (مجموعة تزنيت كمثال صارخ). وكالعادة ألقي بالمضربين داخل الكاشوات التي تحولت إلى أفران حارقة بفعل حرارة صيف مراكش، بدون ماء ولا سكر لمدة أربعة أيام. وبعد ما يزيد عن 20 يوما داخل الكاشو نقلنا إلى ما يسمى بالمصحة داخل السجن ومكثنا هناك في شروط كارثية إلى غاية 03 غشت 1985، وهو تاريخ تنقيل جوهاري والدريدي وسقيتي إلى مستشفى ابن رشد بالدار البيضاء (موريزكو) وبالضبط إلى قسم الإنعاش الجراحي (الجناح رقم 17). وفي 05 غشت 1985 ألحق باري والبوزياني وأحراث بنفس الجناح. وقد تمت محاولات عديدة بمراكش كما بالدار البيضاء عبارة عن إغراءات ومساومات كان الهدف منها هو كسر وحدة المجموعة المضربة وبالتالي ضرب المعركة خاصة إبان انعقاد القمة العربية بالدار البيضاء في غشت 1985 ومجيء البابا إلى المغرب. لكنها محاولات باءت كلها بالفشل، وهو نفس ما حصل مع العائلات للتأثير على المضربين وحملهم على توقيف الإضراب.
وأمام عدم ثقة المضربين بالوعود وبالمقابل تشبثهم الواعي والمسؤول بشروط توقيف الإضراب المتمثلة باختصار في فتح حوار مسؤول وجاد يتم في إطاره تحقيق كافة المطالب. وأمام عدم رضوخهم لأساليب الترهيب والترغيب اقتناعا منهم بخطورة ما سيشكله أي تراجع في رهان قوة هو الأول من نوعه ببلادنا ليس فقط على المجموعة المضربة بل على كافة المعتقلين السياسيين تم اللجوء بشكل سافر وفظ، مستغلين في هذه العملية القذرة عدد المضربين (06 فقط بعد توقيف الإضراب من طرف المضرب الملتحق من الصويرة)، إلى تخديرهم بواسطة خليط من المواد المخدرة نذكر من بينها:
PHENERGAN, DOLOSAL, VALIUM, LARGACTIL… وإلى تقييدهم مع الأسرة (تقييد اليدين والرجلين) ثم تأكيلهم بالقوة بواسطة المسبار وآلات التأكيل الاصطناعي والتي تستعمل في الحالات العادية لتغذية المرضى في غيبوبة طويلة. وكان كل ذلك يمر تحت أنظار وبمساهمة عدد كبير من الأطباء* ضدا على الضمير المهني وضدا على الأخلاق وضدا على المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وخاصة ما تعلق بدور الطبيب أو طاقم التمريض في المشاركة في مثل العمل الإجرامي الذي تعرضنا له.
استمرت هذه الوضعية الجهنمية مع بعض التغيرات الطفيفة التي كانت تصب كلها في اتجاه تركيع المضربين وتدميرهم واستمرت معها عذابات العائلات ومعاناتهم (التهديد بالاعتقال، الاعتقال فعليا، المضايقات...) وأدت ثمن تشبثها بأبنائها ومؤازرتهم من راحتها ومن وقتها ومن صحتها. ولا يفوتنا هنا أن نقف إجلالا وإكبارا لروح إحدى أمهاتنا الصامدات التي لم تكن تعرف للنوم أو للراحة طريقا أو طعما منذ اعتقال أول ابن لها والتي تجرعت مرارة استشهاد الثاني (بوبكر الدريدي). فقد قادت إلى جانب أمهاتنا وأمهات كل المعتقلين السياسيين المعارك تلو الأخرى من أجلنا ومن أجل كل المغيبين قسرا إلى أن ماتت واقفة بعد نزيف دموي في الدماغ في 17 مارس 1990.
وأمام حدة التغطية الإعلامية للمعركة ودخول معتقلين سياسيين بكل من السجن المركزي بالقنيطرة (السرفاتي وبعض رفاقه) وسجن لعلو (بنعمرو وبعض رفاقه) في إضرابات عن الطعام لمؤازرتنا بالإضافة إلى حملات التضامن الواسعة معنا من مختلف السجون المغربية، أصدرت وزارة الداخلية في أكتوبر 1985 بلاغا أذيع على أمواج الإذاعة والتلفزيون يطمئن الرأي العام على وضعنا الصحي، وتضمن مغالطات فجة قامت عائلاتنا بالرد عليها في حينها.
إلا أن كل المحاولات التي دفعت نحو إيجاد حل مقبول لوضعيتنا أقبرت سواء محاولات من داخل البلاد أو من خارجها (منظمة العفو الدولية بالخصوص). واستمرت وضعية المضربين لما يفوق ست سنوات (من 23 يونيو 1985 إلى 16 غشت 1991) مقيدين إلى الأسرة بالأصفاد بدون زيارة وبدون كتب وبدون مجلات وبدون جرائد وبدون حتى الأقلام أو الأوراق وبدون وسائل النظافة، ما عدا عمليات موسمية كانت تمر تحت إشراف البوليس السري وتتكاثف أثناءها جهود عناصر الحراسة لنتف شعر المضربين وقلع أظافرهم ولصب بعض القطرات من الماء البارد في أغلب الأحيان على أجسادهم تحت يافطة النظافة.
وفي يناير 1988 وبعد استكمال المضرب أحمد البوزياني المدة المحكوم عليه بها غادر المستشفى وهو في حالة إضراب عن الطعام وفي وضعية صحية يرثى لها. ونفس الشيء حصل بالنسبة للمضربين كمال سقيتي في يناير 1989 والحسين باري في أبريل 1989. وبقي المضربون الثلاثة الآخرون (أحراث والدريدي وجوهاري) يصارعون الموت والحصار والصمت إلى أن قام المضرب الطاهر الدريدي بعملية فرار في شهر يوليوز 1989 واعتقل في نفس اليوم وأوقف الإضراب عن الطعام، منذ ذلك الحين، لينقل بعد مدة إلى السجن المركزي بالقنيطرة.
وبعد استشهاد المناضل عبد الحق شباضة في 19 غشت 1989 في الإضراب اللامحدود عن الطعام الذي خاضه بعض المعتقلين السياسيين بسجن لعلو بالرباط، اشتدت مرة أخرى الحملة الإعلامية حول الإضرابين وحول واقع السجون بالمغرب. مما دفع بالوزارة الأولى إلى إصدار بلاغ حول أوضاع المضربين بكل من الدار البيضاء (أحراث وجوهاري) والرباط (حسن العلمي البوطي وعبد الإله بن عبد السلام وعبد الفتاح بوقرو) أذيع بدوره على أمواج الإذاعة والتلفزيون.
ورغم ذلك استمرت حملات التضامن بالداخل من طرف الهيئات الحقوقية بالخصوص وبالخارج من طرف منظمة العفو الدولية على رأس منظمات إنسانية وحقوقية أخرى. وسدت جميع الأبواب وأغلقت الآذان في وجه كل النداءات التي دعت إلى تسوية وضعية المضربين. وهو المآل الذي لقيته توصية البرلمان الأوربي بهذا الشأن في 14 دجنبر 1989.
وفي سنة 1990 اتخذت إجراءات عديدة على المستوى الرسمي لقيام منظمة العفو الدولية بزيارة المضربين أحراث وجوهاري. إلا أن المحاولة باءت بالفشل لما تشبث المضربان بإجراء حوار تحضره الهيئات الحقوقية المغربية.

واستمرت المعركة حتى 16 غشت 1991 عندما أفرج عن أحراث وجوهاري إثر عفو صدر في 14 غشت 1991 وشمل في المجموع 40 معتقلا سياسيا من مختلف سجون البلاد، ومن بينها السجن المركزي بالقنيطرة.

2014/07/29

محاكمة العمال المعتصمين لحركة درب 96 – اميضر

 محاكمة العمال المعتصمين لحركة درب 96 – اميضر

منطقة اميضر بين أحد أكبر مناجم الفضة في العالم و إحدى اكبر مناطق البؤس و الظلم في العالم ( اميضر، 30كم عن تنغير، نواحي الراشدية). هكذا ادن حوكم ثلاثة من معتصمي جبل البان بثلاث سنوات سجنا نافدا و غرامة مالية قدرها 60 الف درهم لكل منهم. دنبهم الوحيد هو انهم يناضلون من أجل تحسين شروط العيش في القرية التي تعيش ظروفا مأساوية و قاسية جدا فيما تسبح منطقة إميضر فوق إحدى أكبر مناجم الفضة في العالم و شمال أفريقيا الدي تستغله الشركة المنجمية إميضر، أحد أهم فروع شركة مناجم و التي تملكها الاخطبوط اونا بنسبة 75 %.
 اليكم الارقام و أهم المعطيات :
 - تفوق القدرة الانتاجية للشركة 200 طن سنويا بنسبة مردودية تقارب ال100 % من الفضة الخالصة.
 - بلغ رقم معاملات شركة مناجم اميضر سنة 2013 رقما قياسيا ( خياليا ) : 1 مليار و مائة و ثلاثة و عشرون مليون درهم. بنسبة نمو 8 %. اي ما يشكل 30% من رقم معاملات الشركة الام مناجم التي حققت بدورها رقم معاملات وصل الى 3 مليار و سبع مائة و أربعة و سبعون مليون درهم السنة الفارطة.
  - حققت الشركة في نفس السنة فائضا خاما للاستغلال (EXEDENT BRUT D` EXPLOITATION ) يعد ب653 مليون درهم. وهو معدل قياسي (58 % من رقم المعاملات (!!!)).
  - الربح الصافي لسنة 2013 بلغ 509 مليون درهم. و قرر بدلك مجلس الادارة توزيع جزء من ارباح الشركة. حجم الربح الخيالي هدا يعكس ضعف النفقات سواء في ما يتعلق بكتلة الاجور او بشكل عام بالمساهمة في تنمية المنطقة. خاصة و ان مصدر الربح هدا هو عرق جبين العمال الدين يشتغلون في ظروف مأساوية (هزالة الاجور و بشاعة الاستغلال، الامراض المهنية، عقد شغل عبر شركات الوساطة، الخ).
    ادن يبدو التناقض صارخاً و جلياً بين الثروة الهائلة التي تجلبها منطقة اميضر للشركة المستغلة لمنجم الفضة مند سنة 1969 و الفقر المدقع الدي يعيشه السكان المحليون من حيث غياب ابسط شروط الحياة (نقص حاد في الماء، المستوصفات، المؤسسات التعليمية، الشغل ، الخ). و هو ما فجر احتجاجات سنة 1996 التي خرجت ضد استغلال المنجم دون استفادة السكان المحليين. احتجاجات ووجهت بقمع شرس و اعتقالات و محاكمات صورية لفك الاعتصام. .فولدت حركة درب 96 - اميضر...و بعد دلك بسنوات شهدت المنطقة الاعتصام البطولي المفتوح مند سنة 2011 فوق جبل البان وصولا الى المحاكمة الصورية للمعتصمين الثلاثة في يوليوز 2014...
 فتحية نضالية للطبقة العاملة في منطقة إميضر و بالنضال و الصمود، المكاسب ستعود ﻻ محالة.

                  بقلم: Anas fassifihri

2014/07/28

حسن أحراث: قاوم الرفيق مصطفى.. إنك في غزة.

حسن أحراث: قاوم الرفيق مصطفى.. إنك في غزة.


كم من نتنياهو لدينا بالمغرب؟!! كم من شارون ومن خنزير؟!!
إنهم يقصفون جسدك النحيل، كما قصفوا أجساد الشهداء قبلك..
إنهم يؤثثون حدائقهم بأشلائك المتناثرة..
قاوم الرفيق مصطفى، إنك في غزة..
قاوم صواريخهم وخناجرهم وحقدهم..
يكفي يوليوز وغشت أن يشهدا على سقوط أربعة شهداء: المسكيني والدريدي وبلهواري وشباضة..
نريدك بيننا الرفيق مصطفى، بل أمامنا..
يريدك شعبك بطلا وقائدا.. إنها وصية شعبك..
نعرف أنك تعشق الحياة وترفض الذل والمهانة..
إننا مثلك، نعشق الحياة ونرفض الذل والصمت..
إننا نكتب التاريخ بدمائنا وبأظافرنا..
إن مطالبك مطالبنا، مطالب كافة أبناء شعبنا..
هل يعجزون عن تلبيتها أم تراهم يتلذذون في سقوطنا الواحد تلو الآخر؟!!
يقولون: إنك انتحاري، إنك مغامر، إنك عدمي، إنك مجرم وإرهابي...
ونقول: إنك أشرف منهم، إنك تنوب عنا في حمل هموم شعبنا..
إنك تسائلنا واحدا واحدا..
إننا نخجل من ضعفنا ومن عجزنا ومن تخاذلنا..
ونقول: إنهم سارقوا خيرات شعبنا وحرية شعبنا وحياة شعبنا..
إنهم قتلة خيرة أبناء شعبنا..
إنهم لصوص، إنهم مرتزقة..
إنهم يخافون أبناء شعبنا ويزعجهم صمودهم داخل سجون العار..
إنهم من يتحمل مسؤولية تقتيلك البطيء..
إنهم من يتحمل مسؤولية تعذيبك واستنزاف قواك..
إنهم من يتحمل مسؤولية الزج بعائلتك في بحر الألم والمعاناة..
نقول لهم أمام مرأى ومسمع العالم: إنكم المسؤولون عن كل ما قد يترتب عن استمرار وتجاهل هذه الجريمة البشعة..
ألا يكفيكم العدد الهائل من المعتقلين السياسيين والشهداء ومجهولي المصير..
كفى من القتل بأعصاب باردة!!
أين شعاراتكم؟ أين صلواتكم وصيامكم وتخشعكم ودموعكم..؟
أين مجالسكم؟ أين مؤتمراتكم؟
أين "التدخل لإنقاذ شخص في خطر"؟
أين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة الحق في الحياة؟
إن المطلوب وعاجلا هو تحقيق مطالب الرفيق مصطفى مزياني المشروعة..
إن المطلوب هو دعم الرفيق مصطفى، كل من موقعه..
إن المطلوب هو تكسير جدران الصمت والحصار..
إن المطلوب هو فضح التواطؤ والخيانة..

إن المطلوب هو استمرار المعركة..

أنا فتاة اسمي فلسطين



  الاسم : فلسطين بنت كنعان
   الحالة الشخصية : مطلقة
   عدد الأبناء: أربعة
   أسماء الأبناء .......
                 نكبة: وهي من مواليد 1948
                 نكسه: مواليد 1967
                انتفاضه: مواليد 1987
                 ثورة: مواليد 2000
     نبذه عن حياتي:
       أنا أرض الديانات
         مسلوبة يتيمة منذ الصغر. . .
       تبرئ مني أبي واسمه ( عربي؟؟؟)
        وأمي اسمها ( شام)
      لا حول لها ولا قوه
     إخوتي 23 لا احد منهم يعرفني
     أكبرهم مات سنة 2003 واسمه عراق
       طموحي أن أتحرر من "إسرائيل"

  أوصافي:
      أنا في منتهى الجمال، من أسره عريقة
     أحب الحياة كباقي البلاد
    لكن بعزة
     أهوى البحر الذي يلامس قدماي
     واعشق موسيقى الثوار في أحضاني
    لون شعري أخضر
     ولون عيوني أزرق
   لي عشاق كثر... أكثر من كل البلاد
     مهري الشهادة ويوم عرسي تحريري
     العلاقات الأسرية
    كما تعلمون لي 23 أخ لا احد منهم يزورني
      كلهم خائفون من زوج أمهم ( أمريكا)

    فبعد موت أخي العراق بت وحيده
     ليس لي إلا أحفادي الذين يقاتلون..
    أخي مصر يريد تزويجي من "إسرائيل" ابن أمريكا
       وأنا أرفض هذا الزواج
     وضعي المادي تعيس
         مع أن إخوتي سعودية وكويت من أغنى البلاد
                       رغم كل شيء سأبقى 
                                                     
  ولو تخلت عني الأرض بأسرها

                                                   منقول بتصرف

2014/07/27

حسن أحراث***نيابة الصخيرات تمارة: أطر التوجيه والتخطيط التربوي والواقع المر..



يعيش أطر التوجيه والتخطيط التربوي بنيابة الصخيرات تمارة (أكاديمية الرباط سلا زمور زعير) وضعا استثنائيا. فإلى جانب التهميش المطلق للعديد من الطاقات، هناك الحيف في تقدير مجهوداتهم وعطاءاتهم المتميزة.
ويتجلى التهميش بالدرجة الأولى في عدم إشراكهم في تدبير المجال التربوي ومواكبته، إلا في حالة اللجوء إليهم كإطفائيين (برنامج "مسار" إبان الاحتجاجات التلاميذية بالمؤسسات التعليمية وبرنامج دعم تدبير المؤسسات التعليمية بالمغرب PAGESM...). ومصدر هذا التهميش بالأساس هو أولا غياب الإرادة في تجاوز الاختلالات القائمة عبر إشراك مختلف الفاعلين والمهتمين، خاصة الجمعيات المهنية، وثانيا عدم وجود أوراش تربوية فعلية من شأنها خلق الإشعاع المشرف وتحقيق النتائج المرضية والمردودية القوية. علما أن أطر التوجيه والتخطيط التربوي بالنيابة (مستشارين ومفتشين) مافتئوا يؤكدون على استعدادهم للانخراط في كل العمليات التربوية سواء على الصعيد المحلي أو الجهوي أو حتى المركزي. وقد أبانوا عن مؤهلات عالية في العديد من المناسبات، من بينها التكوينات التي شاركوا فيها والتدخلات التي ساهموا فيها. ولا يخفى أن عدم إشراك هذه الطاقات يعتبر مؤشرا على ضعف تدبير الرأسمال البشري وبالتالي تكريس نوع بائد من العلاقات قائم على معيار الانصياع وتطبيق التعليمات والأوامر، بعيدا عن الأسس الديمقراطية وعن روح الاجتهاد والابتكار والتفاعل الإيجابي مع المستجدات والمتغيرات السريعة التي يعرفها الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ببلادنا. وقد ترتب عن ذلك كله ارتباك غير مفهوم ووضع غير منصف وغير عادل فيما يتعلق ببعض المستحقات، من بينها تعويضات ملاحظة البكاولوريا وتعويضات أخرى عن المهام الإضافية...
ويعود جذر هذه المعضلة الى كون جل، إذا لم نقل كل النيابات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، وكذلك الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تشتغل بدون بوصلة تربوية معلنة ودقيقة (بدون خطة، بدون استراتيجية...)، والتي من المفروض أن تكون (في بلد ديمقراطي) مستمدة من التصور السياسي للحزب المسؤول عن القطاع في إطار الانسجام الحكومي العام، كآلية أو وثيقة تعاقدية تقوم عليها المحاسبة. وأصل المشكل ببلادنا هو أن المسؤول الحزبي بأي قطاع لا يملك تصورا للقطاع الذي يديره ويشرف عليه. والأخطر حتى في حالة وجود هذا التصور أو ما يشبهه لدى حزب من الأحزاب، فليس لديه ما يكفي من الطاقات والصلاحية أو السلطة الدستورية، ولا حتى الجرأة، لاعتماده أو تطبيقه. وحتى "التصورات" المقدمة من طرف مديري/مديرات الأكاديميات والنواب/النائبات إبان ترشيحاتهم /هن، لا يمكن إلا أن يطويها النسيان وأن تتلاشى على رفوف المكاتب. ومن بين ما يفضح هذه الحقيقة المرة، التنقيلات العشوائية في صفوف النواب والنائبات ومديري ومديرات الأكاديميات، حتى ولو بقي في عمرهم/هن المهني سنة واحدة أو سنتين!! دون نسيان التبعات الخطيرة إبان الاختيار والتعيين للولاء السياسي الذي يطعن في الصميم عناصر الكفاءة والمصداقية والاجتهاد..
وهنا يكمن عمق الإشكال السياسي ببلادنا، حيث يصير المسؤول الحكومي (الوزير) موظفا "ساميا" يدبر سياسة تعليمية طبقية مملاة ومسطرة قبلا، وبما يضمن استمرارية (إعادة إنتاج) نفس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويحافظ على الأهداف التي تخدم النظام السياسي القائم، ولو تكن "مناقضة" لتوجهات الحزب. علما أن توجهات الأحزاب المنخرطة في "اللعبة السياسية" نادرا ما تكون غير منسجمة مع توجه النظام القائم، حيث يتم اختيارها على هذا الأساس بالضبط (عامل الانسجام والقدرة على الطاعة والتنفيذ). وما بالك إذا كان الوزير واحدا من وزراء "السيادة"؟! كما أن الحديث عن غياب بوصلة تربوية لدى الأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية لا يعني الارتماء في المجهول. إن المقصود هو التغييب/الإخفاء المقصود لهذه البوصلة واعتماد العموميات والارتجال والعشوائية "المنظمين"، وبالتالي فتح المجال أمام التعليمات (الشفهية في جزء كبير منها) والتدبير التقني اللحظي للشأن التربوي والإداري بغاية التحكم في مداخله ومخارجه، بعيدا عن أي التزامات مسؤولة وشفافة من شأنها فتح مجال التقويم والمحاسبة (ربط المسؤولية بالمحاسبة). ويبقى الجوهر الذي يفرض تسييده مستمدا من التعليمات المباشرة وغير المباشرة للمؤسسات المالية الأجنبية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...). وهو ما تجسد بشكل بديع في الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفي نسخته المحينة البرنامج الاستعجالي (2009-2012)، الخلفية غير المعلنة والموجهة للسياسة التعليمية بالمغرب.
إن النيابات الإقليمية تسهر فقط على (تتخبط في) تدبير المشاكل الإدارية التقنية وبعقلية أمنية تحكمية (المقاربة الأمنية)، خاصة بعد تجريدها من "إصلاح" الى آخر، من العديد من الصلاحيات والإمكانيات لفائدة السلطات الجهوية والمركزية. وتقوم في أحسن الأحوال بدور ساعي البريد في علاقتها المكوكية بالأكاديميات من جهة، وبالمؤسسات التعليمية من جهة أخرى، سواء من خلال المراسلات (المذكرات) أو اللقاءات (الاجتماعات) الماراطونية الروتينية. ولأن المشاكل الإدارية التقنية لا تنتهي وكذلك البروتوكولات الرسمية (العلاقة مع السلطة بالخصوص)، فلا مجال للحديث عن البحوث والدراسات والمناظرات والتكوينات واللقاءات التواصلية (...). ولا مجال للحديث أيضا عن البرمجة والتشخيص والمتابعة والتقويم.. وقد يتساءل العديد من نساء ورجال التربية والتكوين عن أشياء كثيرة، وفي مقدمتها مآل بيداغوجية الإدماج (Xavier ROEGIERS) وعن الدفتر السحري "دفتر التتبع الفردي للتلميذ" وعن مصير الغلاف المالي الذي رصد لهما!! ومن حقهم/هن ذلك، فما هو يا ترى جواب مسؤولينا المحترمين؟!!
إن الجواب "الضمني" الدائم هو: سواء نجحت المشاريع والبرامج والمخططات، أو فشلت، لا يهم، مادامت الأغلفة المالية صرفت والشعارات رفعت (محاربة الأمية، محاربة الهدر المدرسي، محاربة الفشل، مدرسة النجاح، الانفتاح على سوق الشغل، إعمال التكنولوجيا...)، وما دامت قوات القمع حاضرة ومجندة باستمرار أمام البرلمان وأمام المؤسسات وبالشارع، وما دامت الأمور مستمرة بحسنها وسيئها و"العام زين"... إن الجواب هو "لا يهم" رغم تباكي "الحاقدين" (الكوانب من المثقفين والباحثين و"المناضلين" السياسيين والنقابيين...) ورغم الترتيب المذل لمنظومتنا على الصعيد الدولي ورغم جيوش المعطلين/ات ورغم الترتيب الأخير في سلم "التنمية البشرية" (التقرير الصادر برسم سنة 2014 عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- شهد شاهد من أهلها/حلفائها- في طوكيو الذي صنف المغرب في المرتبة 129، وراء كل من سوريا –الرتبة 118- والعراق –الرتبة 120-...)!
ويبقى الثقل، كل الثقل على كاهل المؤسسات التعليمية، في شخص الأطر الإدارية (الإدارة التربوية) والأطر التربوية وعلاقتها بشركائها ومحيطها (المجتمع المدني، وخاصة جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ والجمعيات المهنية...)، أخذا بعين الاعتبار التفاوت القائم في المجالين العمومي والخصوصي وفي الوسطين الحضري والقروي. ولا يخفى أن النتائج المحصلة، سواء كانت إيجابية أم سلبية، فهي نتيجة للمجهودات المبذولة، الموفقة أو غير الموفقة، من طرف المؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية (إعدادي/تأهيلي)، بأطرها الإدارية والتربوية وتلامذتها وشركائها. وحتى الأنشطة المنظمة على صعيد النيابات الإقليمية، وحتى على الصعيد الجهوي والمركزي، تكون من إنتاج وتنظيم المؤسسات التعليمية (بأطرها الإدارية والتربوية وبتلامذتها وشركائها). وفي أغلب الأحيان، تمر هذه الأنشطة التربوية والثقافية، وخاصة الجادة منها، في صمت وفي ظل التهميش والمعاناة، بعيدا عن الاعتراف والتقدير وفي غياب الدعم المادي والمعنوي، في الوقت الذي يهدر فيه المال العام بدون حسيب ولا رقيب في حفلات الميوعة والابتذال. وإذا كانت الحال هكذا بالوسط الحضري، فما بالك بما هي الحال عليه بالوسط القروي!!؟ علما أن أي ورطة أو فضيحة في المجال تحسب على المؤسسات التعليمية، بأطرها الإدارية والتربوية بالدرجة الأولى )مع التوظيف الخبيث للإعلام ولوسائل الإعلام المملوك).
ويلاحظ باستمرار الإصرار المسبق على إقصاء الطاقات التربوية التي قد تفرض بتدخلاتها الهادفة ومقارباتها التربوية البديلة مسارا منتجا جديدا، وتفضح التجاوزات المتفشية في المنظومة التربوية، آخرها طمس الاختلالات المالية والإدارية التي رافقت البرنامج الاستعجالي والسكوت عنها (لا أثر حتى الآن للافتحاص  -- audit، سواء المالي أو الإداري)!!، وإبعادها بشتى الطرق عن المواكبة القريبة لمجريات الشأن التربوي والصفقات المرتبطة به (التجهيزات، البنايات...)، وبالتالي "سجنها" في الهامش وفي أحسن الأحوال إرهاقها بمتابعة الجوانب الإدارية التقنية أو توريطها في صراعات شخصية تافهة. ومن بين الطاقات التربوية ضحية هذا السلوك الإقصائي واللاتربوي العديد من المديرين/ات والأساتذة والأستاذات والمفتشين/ات وفي كل التخصصات، وهو سلوك بعيد عن مقاربات الإشراك والتشارك والتواصل والإنصات والتفاعل، المبنية على ثنائية الحق والواجب... وقد ساهم التردي السياسي بشكل عام والتشتت النقابي بشكل خاص، بل والتواطؤ السياسي والنقابي معا، في تعميق هذا المنحى البعيد عن خدمة حقل التربية والتكوين لما فيه مصلحة مجتمعنا وبنات وأبناء أوسع جماهير شعبنا...
وربما الشعار "الحكيم" لنياباتنا الإقليمية المستنبط من رؤية الوزارة/الحكومة والمكرس للإفلات من العقاب (عفا الله عما سلف) هو: "كم حاجة قضيناها بتركها"!! ولنا أن نتدبر وأن نستوعب هذه الحال المأساوية في زمن "الثورات وانتفاضات الشعوب" من الخليج الى المحيط ومن المحيط الى الخليج...

27 يوليوز 2014
المغرب