2014/12/23

حسن أحراث // تونس تنزف مرة أخرى: من يتحمل المسؤولية؟!!


ببشاعة وبخلفية "المؤامرة" المتعددة المصادر، داخليا وخارجيا، وضع الشعب التونسي أمام خيارين "أحلاهما مر".. فإما مع السيئ أو مع الأسوأ
(المفارقات الغريبة/العجيبة). فلم يجد الشعب التونسي البطل الذي صنع الحدث بعد استشهاد البوعزيزي وبعد الانتفاضة الشعبية الخالدة وفرض رحيل بنعلي، من يقوده لإسقاط النظام حقيقة (الشعب يريد إسقاط النظام)، أي بمعنى آخر، لم يجد من يقوده لرفض السيئ والأسوأ. إن السبسي (تحالف نداء تونس...) والمرزوقي (المدعوم من قبل حزب النهضة الرجعي/الفاشي...) وجهان لعملة سياسية فاسدة واحدة..

باختصار، إن المسؤولية الأولى والأخيرة في تكريس/تثبيت نفس أركان نظام بنعلي المخلوع، تقع على عاتق الشعب التونسي، بتجربته وتاريخه وتضحياته، على عاتق أبناء تونس (عمال وفلاحين فقراء ومثقفين ثوريين...) الرافضين للمساومة والتخاذل والمقتنعين بإسقاط النظام، فعلا وحقيقة وليس شكلا.. أما من عانق بقايا النظام السابق وحلفاءه (من ظلاميين وليبراليين...) ووضع يده في يد أسياده ومن ساوم ومنح "المشروعية" للمتآمرين على قضية تونس وثورة تونس وقضية الشعب التونسي، بمن في ذلك الجبهة الشعبية، فإلى مزبلة التاريخ..
إن المرأة التونسية، رمز الشعب التونسي، ستلد "بوعزيزيين" آخرين، والشعب التونسي سينتفض مرات ومرات وسيعي نقط ضعفه (على رأسها غياب القيادة الثورية) وسيواصل تضحياته حتى التحرر والانعتاق الحقيقيين من براثن الرجعية والصهيونية والامبريالية..
وماذا بعد تونس؟
ليست تونس التي تنزف وحدها. ليس الشعب التونسي وحده الذي يندب حظه. وحتى لا نذهب بعيدا (مصر وليبيا وسوريا واليمن...)، المغرب ينزف اليوم كما البارحة، والشعب المغربي بدوره يندب حظه. ومن غير المقبول تكرار ما وقع بتونس ومصر وما يقع بليبيا وسوريا..
لنا دروسنا ولنا أيضا دروس غيرنا. إن المرحلة الراهنة ليست مرحلة مزايدة أو تصفية حسابات، تحت أية مسميات. فإما أن نكون مع قضية شعبنا، فكرا وممارسة، أو نكون ضدها.. فكل من يسعى الى الزعامة بأي طريقة أو الى التشويش والتضليل وخلط الأوراق، مآله مزبلة التاريخ، آجلا أم عاجلا. لقد انكشفت الحقيقة بما يكفي من الوضوح، فهناك من اختار خندق النظام وهناك من اختار خندق الشعب. وعلى من اختار الخندق الأخير، أي خندق الشعب أن يبرهن عن ذلك، فكرا وممارسة، وليس بالشعارات والادعاء..
والمؤشر الأول على الانخراط في خندق الشعب هو الميدانية، أي الانخراط الميداني والعملي، اعتمادا على التحليل الملموس للواقع الملموس واسترشادا بالنظرية العلمية (الماركسية اللينينية)، لأنه لا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية، وليس التنظير الفارغ (ترديد المقولات ببغائية مقيتة خارج سياقها التاريخي والسياسي...) وإعطاء التعليمات والأوامر من الأبراج العاجية، وفي كثير من الأحيان عبر الأسماء المستعارة وبكثير من الجبن والتفاهة..
أما المؤشر الثاني، فهو إبداع آليات توحيد سواعد الخندق الواحد المناضلة حقيقة وتجميعها، بدل نفث السموم في صفوفها وتجريمها/تخوينها من خلال "فرضيات" ذهنية مريضة، أو حملها على خوض الحروب الوهمية والفاشلة/الخاسرة..

وبدون مثالية، فلا يمكن جمع ما لا يجمع، كما لا يمكن توحيد ما لا يقبل الوحدة.. والتحدي هو التقدم في الفعل النضالي الميداني الى جانب الجماهير الشعبية المضطهدة، أي الى جانب العمال بالدرجة الأولى والى جانب الفلاحين الفقراء...، وليس التقدم في التضليل والتهجم المجاني والمرضي على المناضلين من وراء الستار...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق