11‏/03‏/2015

غريب الصياد // 20 فبراير: انتفاضة الشعب المغربي، الحقيقة للتاريخ والجماهير...


قبل 20 فبراير، كان المتمترس بالطرف النقيض للنظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي هو الشعب (بعماله وفلاحيه الصغار وطلبته ومعطليه ومثقفيه
الثوريين) بتلقيه الهجوم تلو الهجوم على قوت يومه ووجوده وصوته، كان – إلى هذا الحد أو ذاك -  بمعية مناضلين شرفاء، منا ومنه، مناضلين ملتزمين بقضاياه ومرتبطين قدر الإمكان بنضالاته. في السنوات الأخيرة السابقة لهذا التاريخ، تفجرت معارك طويلة المدد والنفس (معركة ايسلي نموذجا...) وبمختلف الأشكال النضالية (وقفات، مسيرات، إضرابات عن الطعام...)، وكان المناضلون يبحثون وبشكل مطرد عن جواب السؤال: كيف يمكن للثوار، من منطلق الثوار، وممارسة الثوار، الزيادة في تثوير الوضع وخلق القنوات اللازمة لتجميع الصبيب النضالي المتسعة رقعته عبر ربوع الوطن الجريح. لقد كانت هناك إشارات وبوادر تؤكد قرب الانتفاض، بالموازاة مع تراكمات كمية استوجبت بحدة التحضير الذاتي لكي يكون الفعل في مستوى القفزة النوعية. بالمقابل كان النظام بمعية قواه الرجعية ومختلف القوى الإصلاحية والانتهازية يحاولون –بالمنطق الثوري للأشياء- قطع الطريق وإعدام أية إمكانية للانتفاضة، ولكل محطة نضالية أمثلة عديدة وملموسة مؤرخة في سجل الشعب المناضل.

فهل كانت 20 فبراير مجرد حركة مجموعة من الشباب من مختلف المناطق والمدن والقرى؟ هل مجموعات الشباب قادرة على الدفع بعجلة التغيير إلى الأمام؟ وماذا عن الخط الإديولوجي والخط السياسي وماذا عن البرنامج؟ ألم يكن الحديث عن الشباب اختباء أكثر مما كان انخراطا فاعلا؟ ألم يكن من الاستهتار القول بالدعم والخروج للشارع بنظرية استثمار الشباب المؤطر في انفجار اجتماعي آخر؟ إنها قمة الانتهازية. إنها ممارسة العاجز عن الفعل من موقع المسؤولية، دون أية رؤية سياسية واضحة أو منسجمة.
وللحقيقة والتاريخ، فقد كان للنهج الديمقراطي القاعدي، فصيل الحركة الطلابية، كقوة سياسية وصل صداها خارج أسوار الجامعة، دور أساسي في نسج الممارسة المنسجمة وطبيعة اللحظة التاريخية لانتفاضة 20 فبراير، للتاريخ، ساهم الاحتكاك بالجماهير المقهورة عبر تنظيم معارك عائلات المعتقلين السياسيين والسير على درب رفاقهم المعتقلين والانفتاح على شرائح جديدة ومناطق جديدة برؤية قوامها الاستعداد لتنظيم صفوف الشعب وبلورة معاركه، بأفق واضح: المحاكمة وحفز شروط الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية. وبينما كان "الرفاق" تائهين في بحر أسئلة لم تكن أسئلة اللحظة: ثورة أم انتفاضة.. فصيل طلابي أم حزب ثوري.. إسقاط المخزن أم الملكية البرلمانية؟ وبينما ارتسمت الآفاق المشوهة لماهية الصراع وطوره وشكله: مجلس تأسيسي.. دستور ديمقراطي.. فصل السلط.. كان المناضلون يرسمون الخط الفاصل بين الارتباط بالجماهير وبين الاستخفاف بدورها الرئيس في هذه العملية التاريخية. لقد طرح المناضلون أسئلة عميقة على باقي المناضلين وعلى رفاق الأمس: كيف استمرت الانتفاضة لأكثر من ثمان وأربعين ساعة؟ وبالمقابل كيف لم تستمر لأكثر من ذلك؟ كيف يمكن الدفع بالانتفاضة إلى الأمام؟ ترجمت هذه الأسئلة انعكاسا لمتطلبات الواقع "ما العمل؟"، لقد انتفضت الجماهير والشعوب المقهورة بينما كان يطلب من المناضلين أن يقولوا لها (هم لم يقدروا على القول بأنفسهم فهم بعيدون عنها) بأن عليها الانتظار طالما أن الشرط الذاتي غير متوفر في ضرب ساخر من ضروب الميكانيكية الآلية وبعيدا عن أي تفكير مادي علمي بحت.
ولأن طرح الشعار ليس كافيا لوحده فقد انخرط المناضلون، ومن بينهم مناضلو النهج الديمقراطي القاعدي والمناضلون الماركسيون اللينينيون المغاربة، في نهج الطريق الذي يقود إلى تحقييق الشعار بما هو تكثيف لمهام اللحظة التاريخية، لحظة الشعوب المقهورة. حيث لا مجال للحديث عن إصلاحات من نفس البنية القائمة إلا من موقع شد الحبل والمساومة ومحاولة اقتسام السلطة. بيد أن المطلب كان ولا زال هو التغيير الجذري للأوضاع القائمة.
إن أهم ما تم تحقيقه إلى الآن، هو الوصول إلى حقيقة مفادها وجود يسار ثوري في المغرب، يسار لا علاقة له بالمعارضة الصورية الشكلية للنظام القائم (أنصار الملكية المقلمة أظفارها)، يسار ساهم بكل قواه المتاحة على الجواب عن سؤال ما العمل، بالانخراط والتبني لمطالب الشعب المغربي وبلورة الآليات المنسجمة واللحظة التاريخية، لا تكميم أفواهه وإبعاد النظر عن الهدف الحقيقي،...
نقف بإجلال لكل رفاقنا الذين قاسوا من صنوف التعذيب وبرودة الزنازين وسنوات الحرمان لا لشيء سوى للتشبث بالخط السياسي للمرحلة، الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، ونعترف بوضوحهم كالشمس مع رفاقهم وسائر القوى الثورية المناضلة.
وللذكرى، وربما العبرة، نعيد نشر بيان النهج الديمقراطي القاعدي في 11 مارس 2011 والذي جاء ردا على خطاب 9 مارس 2011...
غريب الصياد
11 مارس 2015.
*****

 في : 11-03-2011
بيان النهج الديمقراطي القاعدي
إن الثورات تعلم الشعوب ما لم تستطيع قرون سابقة تعليمها إياه، إننا بالفعل نعيش لحظة تاريخية، فالحلم الذي يعيش من أجله الثوار ويقاومون من أجله قد اقترب من التحقق، والمسافة التي تفصله عن الواقع الموجود هي مسافة ثورة.
لقد فتح الشعب التونسي العظيم صفحة جديدة من تاريخه ومعه تاريخ المنطقة بأكملها، فأعلنها وبعده الشعبين المصري والليبي ثورة مدوية في وجه كل الرجعيات وعملائها، بأن طريق الحرية والديمقراطية هي طريق الثورة، وبأن المدخل السياسي للإجابة عن الأزمة هو التغيير الجذري ،أي الثورة وليس ما يصطلح عليه "بإصلاح الأنظمة الديكتاتورية"، وهكذا أصبح شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" ملهما لشعوب المنطقة بأكملها. وفي سياق هذا المد الثوري الجارف خرج الشعب المغربي للشارع يوم 20 فبراير وأجاب بدمائه (دماء الشهداء) ومئات المعتقلين السياسيين و الجرحى والمعطوبين، عن "الاستثناء المغربي" الذي روج له النظام وعملاؤه من أحزاب وجمعيات وإعلام…، معلنا بأن لا فرق بين الأسباب والدوافع التي فجرت الثورات بتونس ومصر وليبيا …، والأسباب والدوافع الموجودة ببلادنا، إنه تاريخ القمع الشامل المسلط على شعوب المنطقة، إنه تاريخ الاضطهاد والاستغلال الطبقيين، إن الانتفاضة التي فجرها الشعب المغربي يوم 20 فبراير وما بعده كاستمرارية لتاريخ المقاومة المسلحة وجيش التحرير والانتفاضات ( …58، 59، 65، 81، 84، 90 …) قد عجلت بنهاية "الاستثناء المغربي" في أسوء صوره، وهو ما ترجمه خطاب الكمبرادور يوم 2011/03/09، وقد كانت واضحة أرضية انتفاض الشعب المغربي الذي أصبح مهددا في قوته اليومي جراء المخططات السياسية والطبقية (مدونة الشغل، مدونة السير، مدونة الأسرة، المخطط الاستعجالي، قانون الإضراب…) المفروضة عليه قسرا من طرف النظام الرجعي، فضد هذه المخططات ومن أجل : إسقاط النظام، الحرية، العدالة الاجتماعية، المحاسبة على الجرائم الاقتصادية والسياسية والقتل الجماعي، التشغيل، التعليم، الصحة، السكن، غلاء المعيشة…، انتفض شعبنا الكادح، ليطل علينا الديكتاتور وهو لازال يعتقد بأن الشعب المغربي متاع يورث، ولعل حضور الأخ والإبن بجانبه يؤكد بأن مضمون الخطاب هو التأكيد القوي على استمرار نفس المرحلة، مرحلة الإستعمار الجديد (مرحلة الأب والجد) مرحلة ديكتاتورية الكومبرادور والملاكين العقاريين والبيروقراطيين الذين يمسكون بكل مؤسسات القمع والتجويع والتجهيل ونهب ثروات شعبنا (الفوسفاط، الثروة السمكية، المعادن …) ويمدون يدهم لقمع شعوب أخرى وعلى رأسها الشعب الصحراوي والمساهمة بكل قوة في تصفية مقاومة الشعب الفلسطيني عبر مختلف المؤامرات الإجرامية التي ترعاها الإمبريالية والصهيونية (لجنة القدس، مختلف اتفاقيات "السلام"/ الخيانة)، وما هذه إلا محاولة لإطالة عمر هذه المرحلة بقيادة "المؤسسة الملكية"، كما أن الشعب (حسب الخطاب) مملوك لسيده (شعبي العزيز) وهذا السيد هو من يعين وهو من يمنح، هو من يعين رئيس وأعضاء اللجنة (لمراجعة وصياغة الدستور) وهو من يمنح دستورا موضوعا على المقاس بمصطلحات قد تبدو للبعض بأنها "ثورية"، متجاهلا بذلك بأن الشعب حر وليس ملكية خاصة لأحد، فالشعب خرج ليؤكد بأنه صاحب الشرعية لأية سلطة وليس لعبة في معادلة سياسية هو مجرد ديكور لتجميلها، خرج الشعب من أجل حريته وكافة حقوقه، خرج لينهي نظام القمع والإستبداد والإضطهاد، ليعلن بأنه السلطة التي لا تعلو فوقها أية سلطة كيفما كانت، ليختار النظام الإقتصادي الإجتماعي السياسي الذي يريده، خرج الشعب ليؤكد بأنه صانع التاريخ وليس الديكتاتور و مناصروه.
وبالتأكيد فإن هناك من سيعتبر خطاب الكمبرادور هذا "خطاب تاريخي"، "ثورة حقيقية"، "منعطف تاريخي"… أجاب على كل التطلعات، والأكيد بأنه لن يكون أولئك غير الذين ناصروا ودعموا الديكتاتورية طيلة تاريخهم، وإنه لمن سخرية التاريخ أن يتحول الديكتاتور إلى "ثوري"، "منقذ"، ولكن ما لا يمكن لأحد أن ينكره، هو إلقاؤه للخطاب ويداه لازالت ملطخة بدماء الشهداء، شهداء 20، 21،… فبراير، سجونه مليئة بالمعتقلين السياسيين و ضحاياه لا زالوا يجترون معاناتهم وهمومهم، وهو يعتقد أن هذا الإجرام كله يمكن القفز عليه وتجاوزه بسهولة وسيمنع الشعب من شق طريقه نحو التحرر والإنعتاق.
 إن الإجابة التي قدمها النظام يوم 20 فبراير وبعده، هي نفسها التي جاء بها الخطاب في محاولة يائسة منه لمحو آثار الجريمة، ووضع أسس جديدة لارتكاب جرائم أخرى أكثر فظاعة وبشاعة، وذلك كاستمرارية لحربه الاستباقية لتفادي ما حصل في تونس، مصر… أي لمنع انهياره ومعه كل الأطراف المرتبطة به، هذه الأخيرة وبالتأكيد سيمنحها كل الدعم لتسويق خطابه وتسييده على أوسع نطاق، مع خلقه لمعارضة شكلية صورية لا تتعدى حدود "مع ولكن…"، ذات سقف محدود يخدم مصالحه بالأساس، وهذا ما يضع مناضلي ومناضلات الشعب المغربي وكل الغيورين على مصالحه أمام مسؤوليات تاريخية جسيمة تتطلب بذل كل الطاقات والمجهودات لضمان الاستمرارية القوية لانتفاضة الشعب المغربي والذهاب بها نحو آفاقها التحررية الشاملة وانهاء بطش نظام الكومبرادور والمعمرين الجدد - عملاء الإمبريالية والصهيونية - وتحقيق أهدافها بإنجاز مهام التغيير الجذري. إننا كنهج ديمقراطي قاعدي، وانسجاما وتصورنا العام، تصور الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، انسجاما ومرجعيتنا الإيديولوجية الماركسية – اللينينية، وانسجاما ومبادئنا، برنامجنا، تاريخنا ومواقفنا، ووعيا منا بطبيعة اللحظة التاريخية التي يمر منها الشعب المغربي، ومن موقع المسؤولية التاريخية، وبالنظر لجسامة المهام المطروحة وللشرط التاريخي المؤهل جدا لإنجاز هذه المهمات، وبالنظر كذلك إلى الوضع الحالي الذي تعرفه قوى الثورة ببلادنا، نعتبر بأن أي تخلف عن الدفع بالثورة إلى الأمام، سوف لن يخدم إلا أعداءها. إنها لحظة الاصطفاء والوضوح وليست لحظة التحالفات غير الخاضعة للأهداف الثورية، كما هو حال "مجالس دعم حركة 20 فبراير" والتي تجمع بين خليط لا يمكن أن يعرفه إلا أصحابه (ظلامي … إصلاحي … "ثوري")، كما نعتبر أن أي برنامج غير البرنامج الثوري سيكون مهزلة حقيقية، إنها لحظة الإفراز والاصطفاف إما بجانب الشعب أو بجانب أعدائه، وليس هناك خيار ثالث، لهذه الأسباب وغيرها ندعو إلى تواصل حقيقي بين أصدقاء الشعب وخلق أدوات نضالية متطورة انسجاما واللحظة التاريخية الراهنة، بما هي لحظة التغيير الجذري، لحظة استئصال الداء من جذوره، وذلك للرد والدفع بانتفاضة الشعب المغربي إلى تحقيق مبتغاها، أي الإطاحة بالنظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي، وبناء النظام الوطني الديمقراطي الشعبي الذي يستجيب لتطلعات الشعب المغربي بكل فئاته وطبقاته من عمال، فلاحين فقراء، طلبة، تلاميذ، معطلين، مهمشين، …
المجد والخلود لشهداء التحرر و الانعتاق
المجد والخلود لشهداء الشعب المغربي.
 ثورة ثورة حتى النصر



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق