02‏/10‏/2016

أحمد بيان// كيف نمارس موقف المقاطعة؟

أولا، مقاطعة الانتخابات التشريعية بالمغرب، أي مقاطعة مهزلة 07 أكتوبر 2016 موقف إيجابي وجريء وواضح؛

ثانيا، لا يكفي اتخاذ هذا الموقف أو إعلانه/إشهاره من باب المزايدة السياسوية أو "التياسر" أو "النبل" (الأخلاق، الطهرانية...) أو الترف بكافة أطيافه.. إن المطلوب ممارسته، أي تنزيله على أرض الواقع..
حتى هنا الأمر واضح ولا يحتاج الى الكثير من التفصيل أو التوظيف الانتهازي للطعن في هذه الجهة السياسية أو تلك. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: كيف نمارس موقف المقاطعة؟ أو بمعنى آخر، كيف ننزل موقف المقاطعة على أرض الواقع؟
وقبل التفاعل مع هذا السؤال، حتى لا أقول أو أدعي الإجابة عنه، أسجل أني لست بصدد الحديث عن المقاطعة الفردية. فأن يقاطع المناضل كفرد أو كشخص، مسألة عادية جدا، وقد يمر ذلك دون تأثير سياسي بارز. أتحدث عن المقاطعة من موقع سياسي بالنسبة لتنظيم سياسي، سواء كان حزبا أو تيارا أو منظمة، مع كل ما يتطلبه الأمر من عدة وعتاد و"ركوب الخيل"..
أولا، لا معنى لاتخاذ موقف المقاطعة من طرف أي جهة سياسية مناضلة إذا لم يكن في حسبانها العمل على ممارسته. وبالتالي فمساءلة هذه الجهة عن كيفية ممارسة موقفها يعني التشكيك في نضاليتها، أو على الأقل المزايدة عليها و"التبجح" بشكل معين من "الممارسة". وقد سقط في هذا الابتذال بعض المحسوبين عن الأحزاب السياسية (القانونية).
ثانيا، من المفروض في الجهة السياسية التي اتخذت موقف المقاطعة أن تكون منسجمة مع هذا الموقف قبلا وبعدا.. والانسجام السياسي التام مع الذات أولا ومع الموقف ثانيا، هو مقاطعة اللعبة السياسية برمتها، فليس "الذئب حلال، الذئب حرام"..
ثالثا، هناك فرق كبير (وكبير جدا) بين ممارسة موقف المقاطعة بالنسبة لحزب سياسي (قانوني، أي حزب يعترف بقوانين اللعبة) وبين تيار سياسي أو منظمة سياسية يرفضان "القانونية" (الشرعية) وشروطها المذلة، ومنها الاعتراف بالمقدسات.
رابعا، أن تكون حزبا (شرعيا)، فمن حقك أن تخرج الى الشارع كما باقي الأحزاب (الشرعية) المشاركة. ويعتبر هذا الخروج مشاركة في اللعبة، وتترتب عنه الاستفادة من نفس "الحقوق" التي تمتعت بها الأحزاب المشاركة (الحصص الإعلامية في القنوات العمومية، التمويل العمومي...)، فليس في الأمر تعجيز أو امتياز... 
خامسا، أن تكون حزبا (شرعيا)، وتقمع وتحرم من "حقوقك" (الخروج الى الشارع والدعاية للمقاطعة، الإعلام العمومي، التمويل...)، بل أكثر من ذلك أن تعتقل وأن "يشق رأسك" (أن تفرشخ) فالأمر يفرض اتخاذ موقف واضح وصريح يتجاوز التنديد والإدانة.. وقد يصل الأمر الى الضرب بعرض الحائط بتلك "القانونية" (الشرعية) المزعومة واتخاذ موقف مقاطعة آخر (جديد)، أي مقاطعة حلفاء الأمس المتواطئين مع النظام والغارقين في أحلامهم "الوردية" (الطامعين في الفتات). فأن لا يحركوا ساكنا أمام هذه التجاوزات الفظيعة يعني أنهم "خشب مسندة"..
سادسا، إن أثر وتأثير المقاطعة النمطية والفلكلورية محدودان في الزمن والمكان. خرجة مصورة هنا وخرجة مصورة هناك (حسب الفروع أو اللجن المحلية) وفي الزمن القانوني المحدد للحملة الانتخابية ممارسة أو فعل محكوم بالمناورة السياسية أكثر من أي شيء آخر.. لأن المبدئية تفرض الاستمرارية في الزمن والمكان..
سابعا، المبدئية النضالية في العمل السياسي تقتضي الانسجام والوضوح في ظل الاستمرارية.. فماذا يمكن أن ننتظر في ظل نظام لاوطني لاديمقراطي لاشعبي؟ فهل ديمقراطية الواجهة ستحمي من يمارس موقف المقاطعة علانية في الشارع العام، كان قانونيا أم لا، أي مشاغبا "سريا"؟ هل سترحب بخرجاته "المزعجة" (التشويش على الحفل/المهزلة) بأطباق الحليب والتمر؟ 
ثامنا، ما معنى غض الطرف عن العديد من خرجات المقاطعة، أي عدم قمعها أو التضييق عليها؟ بدون شك، لا يعني ذلك الترحيب أو القبول بها. إنه مكر يدخل في خانة استثمارها وتوظيفها كحجة/دليل على وجود "الديمقراطية".. فأن تخرج الى الشارع وترفع صوتك (تصدح) مناديا بالمقاطعة بكل حرية يعني أنك في بلاد/واحة الديمقراطية.. وقد تابعنا فيديوهات بدون قمع أو تضييق رغم الدعوة الى المقاطعة بالشارع العام وبالفم المليان...
تاسعا، أن تمارس موقف المقاطعة بالطريقة التي تروقك، أي بالطريقة التي تختارها لا يسمح لك بفرض ذلك على غيرك.. فمن حقك ممارسة موقفك كما يروق لك (والمحاسبة النضالية تهم الجميع)، ومن حق الآخر (والمحاسبة النضالية تهم الجميع أيضا) أن يمارس موقفه حسب تقديره لواقع الصراع الطبقي وتحليله للأوضاع الراهنة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا...
عاشرا، "إننا في تيار البديل الجذري المغربي، نعلن مقاطعتنا لمهزلة 07 أكتوبر 2016 بكل مراحلها، وندعو كافة الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة وكافة المناضلين (منظمين وغير منظمين) الى مقاطعتها والعمل على تجسيد هذا الموقف على أرض الواقع من خلال كل الأشكال النضالية الفردية والجماعية ومن كل مواقع الفعل النضالي المكافح، وكذلك الانخراط في كل المبادرات النضالية التي تنسجم وموقفنا في تيار البديل الجذري المغربي.
ولا يخفى أنه لا يكفي رفع شعار المقاطعة وبشكل مناسباتي، فالمطلوب في ظل صراع طبقي حاد هو تجسيد المقاطعة قبلا وبعدا، أي ممارسة المقاطعة المتواصلة والتجسيد المتواصل لها بكل ما ترمز إليه من مناهضة وصراع مرير مع الأعداء الطبقيين وعلى رأسهم البورجوازية الكبيرة، مع المواكبة المنتظمة لحركية الواقع وتغيراته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضور المنظم والفاعل حيث توجد سواعد الثورة المنشودة (العمال). كما لا يفوتنا إدانة القيادات النقابية البيروقراطية (مافيات العمل النقابي) التي تدعو الشغيلة عموما الى المشاركة في اللعبة التافهة والبعيدة كل البعد عن المعارك النضالية التي من المفروض خوضها وإنجاحها. ويبقى موقفنا الثابت هو مواصلة العمل النضالي المنظم بكل التضحيات المطلوبة للمساهمة في بناء الحزب الثوري وإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية بداية خلاص شعبنا من قبضة النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي.." (مقتطف من بيان لتيار البديل الجذري المغربي).
إضافة: 
- أتضامن بمبدئية مع ضحايا حملة المقاطعة بغض النظر عن لونهم السياسي، وأدين كافة أشكال القمع والتضييق التي تعرضوا لها، وعلى رأسها الاعتقال والاعتداءات الجسدية..
- أتساءل (بكاريكاتورية) عن شكل وأثر ممارسة موقف المقاطعة من طرف جماعة "العدل والإحسان".. وفي نفس السياق، أطرح السؤال: ماذا عن "نظرية" تحالف "اليسار" مع الجماعة؟

1 أكتوبر 2016




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق