هيبة الدولة هي من بين المفاهيم السياسية المستعملة أساسا كحجة "دامغة" في البناء النظري الرجعي للفلسفة السياسية البرجوازية وعلم الاجتماع البرجوازي، خاصة حين يتعلق الأمر بالاضطرابات السياسية الكبيرة منها أو الصغيرة، وحين يتعلق الأمر كذلك بعلاقة الدولة كجهاز سياسي ومفهوم العنف.
هذا من الطبيعي لمرجعية فلسفية مثالية تدافع عن مصالح الطبقات البرجوازية والتي تنظر للدولة ليس كجهاز سياسي أو وسيلة بل كغاية في حد ذاتها. أي أن الثابت والضروري الذي لا ينبغي لمسه هو الدولة، بغض النظر عن شكلها، كما دعا لذلك الفيلسوف كانط وعالم الاجتماع البرجوازي الذاتي ماكس فيبر. فالعنف هو لخدمة الدولة، أي وسيلة للحفاظ على هذه الأخيرة كغاية. طبعا الدولة ليست غاية، ولكن مالكي وسائل الإنتاج يسوقون أنها كذلك، بالخصوص باعتبارها جهازهم المحبب والمحصن لمصالحهم. والعنف هو وسيلتهم لضبط توازنات الصراع الطبقي التي ينتجها التناقض بين الرأسمال والعمل المأجور.
إن هيبة الدولة معطى ديماغوجي يتبجح به النظام القائم مثله في ذلك مثل باقي الأنظمة الرجعية التي تبرر العنف الرجعي بمبرر الحفاظ على الدولة كيافطة للتستر على حقيقة العنف باعتباره عنفا طبقيا صادرا عن الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج عبر الوسيط الطبيعي لها جهاز الدولة، الأداة السياسية التي تعبر عن مصالحها وتترجمها سياسيا وثقافيا وأخلاقيا... إن عنف النظام بمختلف أشكاله ووسائله والمؤسسات الصادر عنها هو عنف رجعي يترجم مصالح الطغمة التي تقف على رقاب وأعتاب العمال والفلاحين الفقراء وعموم المضطهدين. فهبة الدولة كما تترجمها وسائل النظام المختلفة هي هيبة مصالح، وليس هيبة أخلاقية مثالية. لماذا لم تستحضر الدولة هيبتها أمام التدخلات السافرة للمؤسسات المالية وكذا رؤوس الأموال الامبريالية؟ أم أن أولئك ولاة الأمور؟ أين كانت هبة الدولة الأخلاقية والسياسية حين هب العبث في مطلب متعجرف لإدارة الشركة الأجنبية رونو في دفع النظام بارتجالية قل نظيرها الى الدعوة لعقد اجتماع طارئ حول إضافة ساعة؟
لا هيبة فوق هيبة مصالح الشعب وأهداف العمال والفلاحين. لا شيء له هيبة أكبر من هيبة مستقبل الشعب وأجياله التي عبرت عن حضورها من خلال التضحيات الجسيمة. لا نعترف بأي هيبة وجدت لتكبل مستقبلنا ومستقبل الأجيال، ولترهن مصيرنا بمصالح المؤسسات المالية الامبريالية...
شارك هذا الموضوع على: ↓