لقد مرت ثماني سنوات على انتفاضة 20 فبراير، ثماني سنوات "عجاف". إذ
"عادت حليمة لعادتها القديمة"، وأعاد النظام عقارب الساعة الى سنوات الجمر والرصاص، ففي كل يوم سجين ومشرد. لقد نجح النظام وكل المتحلقين حوله، وأبواقه الإعلامية والأيديولوجية يفتخرون في كل مناسبة بنجاحهم في القضاء على الحركة. وبذلك، القضاء على طموح الشعب المغربي في الانعتاق والتحرر، كما افتخروا سابقا باغتيال الحلم المغربي في المهد. وذلك من خلال التآمر مع النظام ضد الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وكل قوى التحرر، لدرجة ألا إنجاز لهم غير اقرارهم بالقضاء على حركة 20 فبراير التي كانت بمثابة أحد عناوين الخلاص لهذا الشعب من كل أعدائه الطبقيين والمتمثلة في الثالوث الامبريالي الصهيوني الرجعي. لقد أطلقوا العنان لأبواقهم للتهليل لما يسمونه "مغرب ما بعد دستور 2011" الذي بني على دماء الشهداء وقرون من السجن التي وزعت دون استثناء على أبناء ومناضلي الشعب المغربي. وعلى أنقاض الانتفاضة المجيدة ل 20 فبراير، بعد الالتفاف على مطالب الشعب المغربي وحقه في التغيير الجذري، تمت فبركة دستور على المقاس وتزكيته بمسلسل مشبوه أريد له إنتاج ما أنتج بالالتفاف والسطو على ثورات الشعوب في المنطقة بالدفع وتزكية القوى الظلامية الى السلطة. وهكذا أخرج النظام حكومة ظلامية بمباركة وتصفيق امبريالي صهيوني. إن هذا الإجماع دفع النظام الى تسريع وتيرة الحرب الطبقية على كل المستويات، وتسخير القوى الظلامية القائدة للحكومة الحالية لذلك (رهن مصير الشعب لأجيال عبر الديون، تصفية كل القطاعات الاجتماعية أو ما تبقى منها، إنهاء الوظيفة العمومية...) إن الاعتقالات السياسية والقمع الممنهج الذي طال ويطال بشكل يومي أبناء الجماهير الشعبية المضطهدة في المناطق المشتعلة من وطننا الجريح وكل المؤامرات التي حيكت وتحاك في السر والعلن، ما هي إلا أساليب ممنهجة للقضاء على روح الثورة والتغيير الجذري للأوضاع السائدة. ان ما يحسب ل 20 فبراير بالإضافة الى أنها كسرت حاجز الخوف من الأعداء وهو معطى لا يمكن تجاهله أو التقليل من أهميته، مساهمتها بشكل واضح في فضح أعداء الشعب المغربي الواحد تلو الآخر او مجتمعين، من نظام قائم على الاضطهاد والاستغلال والنهب والعمالة للإمبريالية والصهيونية والرجعية... لقد انكشف أعداء الشعب المغربي وأعداء الشعوب في المنطقة بشكل غير مسبوق. إذ عجلت الانتفاضات الشعبية التي عمت المنطقة وأسقطت كل الأقنعة. بمعنى أن القتل والإرهاب ونهب خيرات الشعوب واغتصاب الأوطان وتقسيمها بما يخدم الأهداف المرحلية منها والاستراتيجية هي التي تشكل جوهر المخططات الإمبريالية والصهيونية والرجعية. وليس ما تعيشه فنزويلا الا نموذجا صارخا لذلك. لقد عرت انتفاضة 20 فبراير النظام القائم وأكدت طبيعته الطبقية بما هو نظام لاوطني لادمقراطي لاشعبي، وكشفت عورات الأحزاب السياسية والقيادات النقابية التي ألفت المتاجرة في مآسي الشعب المغربي. وانكشف بذلك الواقفون بين- بين، المترددون والمرتدون وضيقو الأفق الذين باعوا مصالح الشعب المغربي بصحن من عدس. إنه اتساع رقعة التمرد والانتفاض التي سارت تغطي خريطة هذا الوطن من الريف حتى الجنوب فالشرق ثم الغرب بانخراط كل فئات الشعب المغربي، من عمال المصانع، العمال الزراعيين، فلاحين فقراء، طلبة، أساتذة وأساتذة متعاقدين وتلاميذ.. فأسباب الثورة متجذرة في كل مناحي حياة الشعب المغربي. إن المواجهة المفتوحة بين النقيضين تتجه أكثر فأكثر الى التصادم المباشر وبمختلف الوسائل، فلم يعد الشعب المغربي مستعدا لتحمل تبعات الوضع القائم، والموت البطيء المفروض تحت يافطة تجنب الوضع السوري أو الليبي. ولن تنفع كل تلك المؤامرات التي حيكت وتحاك ضد شعوب المنطقة من طرف الامبريالية وعملائها وثنيها عن شق طريقها نحو التحرر، طريق الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية وبناء مستقبل الشعوب. لقد كانت 20 فبراير بمثابة الغيث المخصب للثورة على الأوضاع القائمة. إذ جاءت لتعبر عن استمرار الطموح في الانعتاق والتحرر من قبضة الكمبرادور ومن لف لفه، وتأثرت إيجابا وسلبا بمجمل التطورات التي حصلت في المنطقة. إن يوم 20 فبراير من كل سنة يجب أن يكون يوما لإدانة النظام القائم وكل عملائه. خرجت الجماهير الشعبية وهي مسلحة بقناعاتها وإصرارها على التغيير الجذري، فحضر النظام بكل ترسانته القمعية، فكانت الاعتقالات وسقط الشهداء.. تآمر المتآمرون وخسرنا المعركة.. لكن الحرب لم تضع أوزارها بعد. صحيح عجزنا عن ضمان الاستمرارية المتوخاة للانتفاضة كسابقاتها من الانتفاضات الشعبية وبنفس الدريعة رغم التفاوت بين الانتفاضات. لكنها معركة طويلة وشاقة سنخوضها حتى النهاية، حتى النصر، وفاء لكل الذين استشهدوا واعتقلوا وتشردوا من أجل قضية شعبنا...
شارك هذا الموضوع على: ↓