12‏/07‏/2019

محسن امين// فرنسا إفريقيا: التبعية، الهيمنة، الاستغلال الفاحش.

لا أحدا منا يشك ولو بشكل بصيص على أن دول إفريقيا نالت استقلالها سياسيا
، اقتصاديا ،..؛ من المستعمر شكلي ، هذا الاستقلال الملغوم الذي احرزته دول إفريقيا على حساب رجالاتها الذين داقوا مرارات التعذيب في المعتقلات السرية ، ونالوا نصيبهم من المؤامرات تلوى المؤامرات سواء من جانب المستعمر او من العملاء ، حيث تم التخلص من حركاتها التحررية ، كل هذا جعل دول إفريقيا  تخضع للتبعية وتقديم الولاء وخدمة / صيانة مصالح الاسياد فرنسا ، بريطانيا،....،بلجيكا ...، ولعل التواجد على أرضية الميدان لهاته القوى وأخص هنا فرنسا كمثال فقط  كل ما نقول ينطبق على كل القوى  ،  لدليل قاطع على حجم الاستغلال ونهب الثروات وتجويع وتشريد ملايين السكان من أجل مصالحها تحت مبررات عدة ، إن فرنسا بهذا الاستغلال البشع وهي تدرك جيدا بأن تنميتها وازدهارها وتقدمها حضاريا رهين ومرتبط بمدى حجم النهب لخيرات إفريقيا وتجويع شعوبها ، لذلك لن تتوانا ولو للحظة واحدة لتترك شعوب القارة يقررون مصيرهم بأيديهم إلا وتدخلت لحسم الصراع لصالح عملائها وبالتالي الإبقاء على الاستغلال ونهب الخيرات باسم الديمقراطية وحقوق الانسان والحفاظ على البيئة توضع وتدخل الاف المليارات من اليورو هات لخزينة فرنسا كل سنة كضريبة على فوائد الاستعمار المباشر الفرنسي لدول إفريقيا، وتماشيا مع ابقاء دول إفريقيا خاضعة لها، عملت فرنسا على استغلال مجموعاتها العملاقة للموارد الطبيعية عبر المجموعتين:
الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب إفريقيا  (UEMOA)والذي يوجد مقره في جمهورية بوركينا فاسو.
والاتحاد الاقتصادي النقدي لدول وسط إفريقياالذي يوجد مقره في جمهورية إفريقيا الوسطى، (CEMAC). 
في هذا السياق وتحت شعارات وهمية من مثيل التعاون السياسي والاقتصادي بين فرنسا و إفريقيا - فرنسا فريك - ،تنهب الثروات ويتم إفقار و استعباد الأمم ، فلابأس أن نتذكر ونلقي نظرة تستلهم العبر من التاريخ الذي يوثق بالملموس هذا النهب و الاستعباد للأمم ، ففي أوائل ظهور بوادر التحرر والاستقلال لكثير من الدول ، كانت دول إفريقيا من بين الدول الطامحة لنيل ومعانقة الحرية من المستعمر ، فكانت مقسمة إلى قسمين ، قسم انتزع استقلاله السياسي ، الاقتصادي ، الثقافي بالنضال والكفاح المسلح ، أما الثاني فهو الذي منحه إياه المستعمر لعدم قدرة الثوار او الاستمرار في النضال لشروط معروفة وذلك لقيام المستعمر بتنسيق مع العملاء بالتخلص واجتثاث كل المناضلين والحركات المناضلة ، لذلك ظلت التبعية الاقتصادية السياسية الثقافية قائمة إلى اليوم فكان المورد البشري من اولوياتها ; ففي 1940 بداية الحرب العالمية الثانية ، احتلت ألمانيا فرنسا واستسلمت فرنسا لألمانيا ، حتى استنجدت برجالات المستعمرات والمال والعتاد ، ولم يكن أمام المستعمرات سوى الرضوخ و القبول لما تفرضه فرنسا بشروطها ، فلبت النداء وأرسلت كل ما تملك من رجال ومعدات في جبهات القتال ، وهنا يجب التذكير بان فرنسا هزمت واستسلمت للألمان ليس لقلة العتاد فهي دولة مصنعة عسكرية عظمى ، لكنها هزمت لقلة وشجاعة الرجال المقاتلين الذين يواجهون الرصاص بصدور عارية من أجل الوطن فكان الأفارقة خير سند واستغلت فرنسا هذا المورد البشري وانطلقت القافلة لنجدة فرنسا ، وبعد أيام كان النصر حليفهم ، أنداك فكرت فرنسا بأن تمنح لدول إفريقيا استقلالا شكليا للجميل والفضل الذي قدمته إفريقيا لها ، وكان مؤتمر برازافيل الحاسم في هذا الأمر1944 ، إذ منحت إستقلالات شكلية بالحفاظ على المصالح الاستراتيجية لفرنسا في إفريقيا فكان الفرنك الإفريقي العملة الموحدة فتم تأسيس منظمة هدفها تنظيم العلاقة بين فرنسا وإفريقيا وهي فرانك فريك - فرنسا إفريقيا  فوضعت من أولوياتها تصفية كل معارض لمصالحها في المنطقة ، هكذا بدأت فرنسا بتدمير كل البنى التحتية و محاصرة الكوادر وتشتيت كل القوى المنتجة في غينيا في الوقت الذي رفض رئيسها الخضوع والتبعية لفرنسا الى ان تم تنحي الرئيس عن الرئاسة واستبداله بعميل لفرنسا ، وهكذا أخد بعض القادة العبر من غينيا خشية أن يلقوا نفس مصير غينيا فاستسلموا طوعا ، هكذا إذن استمرت فرنسا في خنق الأفارقة في أوطانهم والتضييق عليهم ، فكان العجز التام للحكام لتقديم الحلول الممكنة للمشاكل المتفاقمة والأزمات الاقتصادية والسياسية رغم حسن نوايا بعضهم ولمزيد من الاستفادة الاقتصادية من القارة، قسمت فرنسا الدول الإفريقية إلي أربع مجموعات رئيسية وكانت المجموعة الأولي مكونة من المستعمرات فيها عاملا رئيسيا في ازدهار الاستثمارات الفرنسية، ونذكر علي سبيل المثال السنغال، الكويت ديفوار، الجابون، الكاميرون أما المجموعة الثانية فكانت تتكون من دول أفقر ولكنها واعدة بالنسبة لمواردها الاقتصادية، بالإضافة إلي أهمية موقعها الاستراتيجي، ونذكر علي سبيل المثال تشاد، موريتانيا، إفريقيا الوسطي، أما المجموعة الثالثة فتكونت من الدول الإفريقية التي كانت قد ابتعدت بنظمها الاقتصادية والسياسية عن دائرة الدول الغربية، وقد تناقصت الاستثمارات فيها، حتى بلغت الحد الأدنى لها في الثمانينات، ونذكر منها بنين ومدغشقر أما المجموعة الأخيرة فكانت الدول الإفريقية التي لم تخضع في يوم من الأيام للسيادة الفرنسية والتي تضم أرضها كنوزا من الثروات الطبيعية المختلفة وقد نفذت إليها فرنسا تدريجيا منتهزة فرصة إما وحدة اللغة التي تجمع فرنسا بالمستعمرات البلجيكية السابقة وإما ضعف الدولة المستعمرة القديمة كبلجيكا وبريطانيا والبرتغال ونذكر علي سبيل المثال: الكونجو الديمقراطية (زائير سابقا) رواندا، بوروندي، أنجولا، موزمبيق، كينيا، زيمبابوي نيجيريا، موريشيوس، سيشل، ليبيريا، سيراليون، وجنوب إفريقيا  وتأسيسا علي هذه السياسة، اتسعت المصالح الاقتصادية الفرنسية عبر القارة، حتى بلغ عدد الشركات الفرنسية التي تعمل في إفريقيا حوالي ألف وخمسمائة شركة.  
تركزت المصلحة الاستراتيجية الفرنسية في إفريقيا في العناصر الأساسية التالية:
ـ الوصول إلى الموارد الطبيعية الاستراتيجية التي تملكها القارة الإفريقية والتي تلزم لتنمية الصناعات الثقيلة والنووية الفرنسية، كالهيدروكربير واليورانيوم ومن المعروف أن المخزون من هذه الموارد في القارة الإفريقية كبير بالقياس إلى المخزون العالمي.
-السيطرة على المواقع الاستراتيجية في بعض الدول الإفريقية، فمثلا تعطي القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي لفرنسا ميزة عامة، ألا وهي مراقبة المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وهو الممر المائي بالغ الأهمية على المستوي الاستراتيجي والتجاري وذلك لمشاطأته للملكة العربية السعودية، وقربه من بقية دول الخليج، بالإضافة إلي ربطه لخطوط التجارة العالمية بين جنوب وشرق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.
يمثل الحفاظ على استقرار الأنظمة الإفريقية هدفا أساسيا للسياسة الفرنسية في القارة فهذا الاستقرار يقلل من احتمال اندمح للدول الإفريقية بالوصول إلى ٪15 فقط من مجموع الأموال السنوية المحولة إلى فرنسا، وإذا احتاجت هذه البلدان إلى مبالغ إضافية، فعليهم اقتراضها من ٪65 من أموالهم الخاصة في الخزانة الفرنسية وبأسعار تجارية. كما تنص الاتفاقية على أن لفرنسا الأولوية في شراء الموارد الطبيعية المستخرجة من مستعمراتها السابقة، وفي حال إبداء فرنسا عدم اهتمامها بتلك الموارد يحق للبلدان الإفريقية البحث عن شركاء آخرين. وتمنح الشركات الفرنسية الأولوية في الحصول على العقود الحكومية دون أي اعتبارات أخرى. ونتيجة لذلك، فإنه وفى كثير من المستعمرات الفرنسية السابقة تكون العقود وفى جميع التخصصات الاقتصادية للبلدان في يد المغتربين الفرنسيين، ففي ساحل العاج مثلا، تسيطر الشركات الفرنسية على جميع المرافق الرئيسية كالمياه والكهرباء والهاتف والنقل والموانئ والبنوك الكبرى والشيء نفسه في التجارة والبناء والزراعة.
القواعد العسكرية:
 كانت فرنسا تملك في سنة 1960 حوالي مائة قاعدة عسكرية في القارة الإفريقية غير أن ارتفاع التكلفة والتطور التكنولوجي في الوسائل العسكرية وتطور الأنظمة الإفريقية ذاتها، دفع فرنسا إلى تصفية هذه القواعد حتى وصلت اليوم إلي ست فقط.
اضطرت فرنسا إلي تطوير سياستها في التعاون العسكري مع إفريقيا، فاعتمدت في سنة 1993 خطة حديثة تقوم علي فكرة إنشاء قوة للتدخل السريع (FAR) في جنوب غرب فرنسا، في عدة منطق مثل وتستطيع هذه القوات أن تتدخل في وقت قصير في كل أنحاء القارة الإفريقية وتساعدها القوات الفرنسية الموجودة في القواعد المتبقية في إفريقيا وربما أن هذه القوات الأخيرة أصبح دورها مساعدا فقط، فهي لم تعد في حاجة إلي وجود عسكري وبشري مكثف لذلك خفضت فرنسا من أعداد الجنود والمستشارين العسكريين في تلك القواعد التي بقيت علي الأرض الإفريقية وتوزع الأدوار علي القواعد العسكرية في فرنسا وفي إفريقيا حسب خطورة الأزمة الإفريقية فإذا كانت مجرد حركة تمرد محدودة بحيث لا تؤثر علي الحياة السياسية داخل هذه الدولة، تترك فرنسا مهمة حصارها للقوات الوطنية من الجيش وجهاز الشرطة، فإذا فشلت هذه القوات في مهمتها، تدخلت القوات الفرنسية المقيمة في إفريقيا، وغالبا ما ينتهي الأمر عند هذا الحد أما إذا استفحلت الأزمة فتحولت إلي خطر دولي، تحركت القوات الفرنسية من قواعدها في جنوب غرب فرنسا، وتدخلت مباشرة للتأثير في الأزمة، ويكون دور القوات الفرنسية المقيمة مجرد دور مساعد للقوات الفرنسية الخارجية ولعلنا في هذا المقام نذكر الأمثلة التالية للتدخل الفرنسي في القارة في التسعينات، والتي استخدمت فيها القوات الفرنسية الخارجية: في سنة 1994 عملية تركواز في رواندا علي أثر الإبادة العرقي للتوتسي، وكان التدخل الفرنسي لصالح الحكومة الهوتو، وقد استخدم في هذا التدخل الطيران القادم من إقليمي كلمار ورين في غرب فرنسا وفي سنة 1994 أيضا حركت فرنسا قوات محدودة مروحتين وعددا من جنود المظلات إلي الكاميرون في دوالا في مهمة لدعم حكومة الكاميرون في نزاعها الحدودي مع نيجيريا وأخيرا في سنة 1996، نقلت فرنسا إلي تشاد من قاعدتها في تولوز معدات حربية بقيت في تشاد لمدة أربعة أشهر وكان الهدف المعلن مناورات عسكرية دورية، بينما الحقيقة كانت علي الأرجح مساندة رئيس الجمهورية إدريس ديبي ضد المظاهرات الشعبية التي اندلعت ضده السفارة الفرنسية في اندجامينا.
مازالت رؤوس الأموال الفرنسية من أهم الاستثمارات الأجنبية في كثير من الدول الفرنكوفونية، ونخص بالذكر كوت ديفوار والجابون ونذكر أيضا اشتراك الخبرة والتكنولوجيا والأموال الفرنسية في إقامة مشروعين ذوي أهمية اقتصادية حيوية بالنسبة للسنغال وموريتانيا، وهما: مشروع استصلاح أراضي نهر السنغال في الجزء الأسفل منه والمشترك بين السنغال وموريتانيا ومالي ومشروع استخراج الحديد في موريتانيا وكان هذا الإنجاز ثمرة سياسة التعاون الاقتصادي الثلاثي بين فرنسا والدول العربية والدول الإفريقية في الثمانينات  وتعتمد فرنسا في مجال تنمية هذه الاستثمارات علي خبرتها القديمة بالسوق الإفريقية وباحتياجاتها وأذواقها ; ففرنسا لن تتهاون في التدخل في الشؤون الداخلية لدول إفريقيا، فلا تستثني أي دولة حين تكون مصالحها مهددة، فمن الكونجو و بوركينافاسو و....،الى إفريقيا الوسطى ومالي واللائحة طويلة ; فعلى المستوى الإعلامي عملت فرنسا لإنشاء عدة محطات إذاعية موجهة لإفريقيا بلغات عدة، هدفها التوجيه ونشر المغالطات وتشويه التاريخ و نشر ثقافة الخضوع بما يخدم مصالحها في المنطقة   فرونس 24 ،  A+ ،افريكا مكازين ، كنال + جون أفريك ، لاغوفي.....
كلها أدوات للهيمنة والسيطرة على أفكار الشعوب وتشويه وتحريف التاريخ وكذلك توجيه الرأي العام.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق