2019/07/16

حسن أحراث // الشهيد عبد الحكيم المسكيني.

لست رفيقي عبد الحكيم الشهيد الوحيد المنسي. تناسوا الشهداء قبلك وبعدك. لا يتذكرون غير أنفسهم، غير مصالحهم... 

لست رفيقي عبد الحكيم المناضل الوحيد المنسي. كلنا منسيون، بل مقصيون...
كاميرات لا تلتقط غير صورهم وتحركاتهم وحتى سكناتهم.. 
ميكروفونات لا تنطق إلا بضحالتهم وصيحات استسلامهم...
لا محل لنا جميعا من الإعراب في قواميسهم النتنة: نحن الشهداء والمعتقلين السياسيين والمناضلين والمشردين/المهمشين...
لا عليك رفيقي الشهيد...
فأنت حاضر فينا ومن خلالنا... 
أنت حي في القلوب النقية وفي الذاكرة الحية...
نحييك ونغبطك في ذكرى استشهادك (الذكرى 35)، والأصح في ذكرى ميلادك الثاني (الذكرى 35)...
ونرجو أن يكون حظنا مثل حظك...

فيما يلي كلمة صادقة بمناسبة الذكرى 33 لاستشهاد الرفيق عبد الحكيم المسكيني، الذكرى 33 لميلاده الثاني:

الحوار المتمدن-العدد: 5585 - 2017 / 7 / 19 
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية

ألم الذكرى والذاكرة

كم يكبر الألم ويشتد الحزن على أبواب محطات استشهاد أبناء شعبنا!! من جهة بسبب مرارة الفراق، ومن جهة أخرى بسبب نسيان وحتى تناسي هذه الجراح التي لن تندمل إلا بعد تجسيد حلم شهدائنا.
قد يحصل أن ننسى أمرا وآخرا، لكن ماذا عن الذكرى، ذكرى هذا الشهيد وذاك؟ قد أنسى أنا، وقد تنسى أنت، لكن لا معنى لأن ننسى نحن جميعا!! إنها قضية شعب، وليست قضية أشخاص، أو قضية مناضلين فقط..
إن زحمة الحياة، أو زحمة النضال، لن تكون مبررا لأن "تموت" أو "تتهاوى" مناراتنا. فهذه الأخيرة نبراس المناضل وزاده في مواجهة شراسة قمع النظام وتواطؤ المتخاذلين ورداءة الواقع الراهن. ففي خضم المعارك المشتعلة، تتقد الذاكرة ويحضر التاريخ وتتصلب السواعد..
لن نتوقف حيث "توقف" الشهيد قسرا. سنواصل معركة الشهيد كجزء من معركة شعبه. يريدنا الشهيد أن نستمر وأن نعانق الغد بأمل وفرح وليس سجن أنفسنا في الماضي. 
لن نتوقف، نعم. لكن لن ننسى..
وكل من ينتمي الى الشهداء والى قضية الشهداء، سينتمي لا محالة الى قضية شعبهم، والى نضالات شعبهم المستمرة..
وأن تتزامن ذكرى استشهاد المناضل عبد الحكيم المسكيني، 19 يوليوز، مع معركة الحسيمة، 20 يوليوز، لا يمكن إلا أن يحملنا جميعا مسؤولية الانخراط من الأبواب الواسعة في الدينامية النضالية المتواصلة بمختلف مناطق بلادنا.. وبالمقاييس النضالية ومعايير الوفاء، فكل ذكريات الشهداء تتزامن ومعارك أبناء شعبنا سواء اليوم أو غدا، بالريف وبمناطق أخرى.. والمطلوب دائما أن نكون في الموعد مستلهمين الدروس ورافعين رايات النصر بكل ثقة واعتزاز..
وأقدم فيما يلي مساهمة للرفيق موحى وكزيز بتاريخ 18 يوليوز 2013، حول الشهيد في ذكرى استشهاده 29:

الشهيد عبد الحكيم المسكيني بين مطرقة 
"المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان"وسندان الصمت.

الورقة الثالثة.

يرقد الشهيد عبد الحكيم المسكيني، أحد شهداء انتفاضة يناير 1984 المجيدة، بمقبرة حي المطالب، زاوية الشيخ، ليس بعيدا عن السكن الذي ترعرع وكبر فيه. عاش الشهيد في حضن عائلته في هذا الحي الشعبي.
كدت الأم كما الأب بما يملكان من قوة عمل وصبر وعناد لمواجهة صعوبة الحياة ولضمان لقمة ورغيف للأولاد، شأنهما شأن أوسع الجماهير الشعبية المهمشة على طول وعرض الأطلس المتوسط وسائر قرى ومدن وطننا الجريح. 
لم يحض الشهيد بالاهتمام والعناية الكافيين لتسليط الأضواء عليه وعلى نضالا ت المنطقة بما فيها النضالات والتضحيات التلاميذية بمدينة القصيبة. 
-قبر الشهيد-
إن جل تاريخ المنطقة بقي مجهولا وعرضة للارتزاق والتشويه من طرف قوى رجعية وغيرها، لا مصلحة لها في تبيان وإبراز واقع وحقيقة الصراع. طال النسيان مدينة القصيبة ومن خلالها جل مناطق الأطلس المتوسط بل كل المغرب "غير النافع" وحتى "النافع"، رغما عن العدد الهائل للمناضلين الذين أنجبتهم المنطقة. لا يخلو واد، كما لا يخلو جبل، أو هضبة، أو قرية أو مدينة من نضالات وتضحيات تمتد جذورها إلى عقود من الزمن. عمل النظام بعد أن التف على معركة التحرر الوطني على سلخ ومسخ تاريخ الأهالي لتسييد ثقافة الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع، واعتمد في ذلك بالإضافة الى القمع على 
-المنزل الذي ترعرع به الشهيد-
أدوات إيديولوجية وثقافية واجتماعية منها الزوايا، رجال الدين وأعيان القبائل. أعتقد أن الإهمال الذي طال الشهيد، يندرج في هذا السياق العام. زد على هذا، أن إقبار قضية الشهيد قد ارتبط أشد الارتباط، بالمسار النضالي وخطه الجدري والتقدمي. يحضرني، وأنا أكتب هذه الأسطر حول الشهيد، لحظة من فترة الاعتقال في إحدى مراكز التعذيب التي مررت منها واجهل مكانها بالرباط، حيث قال لي احد الجلادين وأنا معصوب العينين: "كيف أن تكون من القاعديين وأنت تنحدر من منطقة الشرفاء والأولياء الصالحين، أم أنك... تعتقد نفسك من مناهضي الملك ومقاومي الاستعمار؟ إننا صفينا إلى الأبد كل من يعتقد أنه يستطيع إسقاط الملكية لحمة المغرب. ونحن له بالمرصاد". واسترسل قائلا: "استمتع... بجبال الأطلس وعيونه وسهراته. أنا شخصيا مطمئن وسعيد. أذهب إلى القصيبة وزاوية الشيخ واستمتع بأجمل بناتكم في عقر دوركم. استمر أنت يا... في النضال والوهم. انظر لحالتك. إننا صفينا مع أسلافكم والبلاد في آمان رغما عن تخريبكم لها...".
بالفعل لقد واجه النظام بإداراته ومؤسساته المدنية والعسكرية، أي فعل جماهيري سواء كان منظما أو عفويا بالحديد والنار. ونال العقاب الجماعي كل مناطق الأطلس حيث التهميش الاجتماعي والاقتصادي والفقر والأمية والأمراض هم سيد الحياة العامة بهذه المنطقة الغنية بثرواتها البشرية والطبيعية. في هذه الأجواء والأوضاع العامة، ترعرع الشهيد وحول أنظاره إلى المستقبل، إلا أن أيادي النظام سرقته من بيننا ومن أحضان أسرته لتغتاله مرتين.
خلافا لما كتبه جيل بيرو، الكاتب الفرنسي، في كتابه "صديقنا الملك" لم يستشهد عبد الحكيم المسكيني مضربا عن الطعام مع مجموعة الشهيدين الدريدي وبلهواري، بل استشهد بالسجن المحلي ببني ملال يوم 19 يوليو 1984 في صفوف مجموعة أخرى، مجموعة معتقلي انتفاضة يناير 1984 بالقصيبة موحى وسعيد. وللإشارة راسل رفاق الشهيدين الدريدي وبلهواري الكاتب لتصحيح المعطيات بهذا الشأن، إلا انه لم يفعل. 
اغتال النظام الشهيد عبد الحكيم المسكيني مرة ثانية عن طريق "المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان".
توضيح لابد منه: 
إن لعائلة الشهيد كامل الحق وواسع النظر أن تطلب بتعويض عن استشهاد ابنها وخصوصا أمام الغياب التام للجهات المناضلة لتخفيف آلام العائلة وحرقتها ثم مؤازرتها معنويا على الأقل وتحصينها ضد مخالب مؤسسات النظام. هذه المؤسسات ومن خلالها النظام، مارست الابتزاز والمساومة استغلالا للظروف الاجتماعية للعائلة. إن وثائق "المجلس الاستشاري" خير شاهد على الاغتيال المعنوي والسياسي الذي مورس في حقه بعد استشهاده داخل السجن 
أقدم هذه الورقة المختصرة حول الشهيد علها تشكل استفزازا نضاليا للمناضلين الجذريين لصيانة الذاكرة النضالية لشعبنا وعدم استرخاص دم شهدائنا وتصليب مسارهم النضالي من أجل التغيير الجذري بما يخدم مصلحة شعبنا المكافح.




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق