برز في الأيام القليلة الأخيرة اسم "لالّة ميمونة"، ليس كشخصية مادية
أو رمزية، بل كجزء من ساكنة الجغرافيا المغربية عبث به فيروس "كوفيد-19" أكثر من أي منطقة مغربية أخرى. وهي جريمة في حق عاملات وعمال مغاربة مجبرين على المخاطرة بحياتهم من أجل لقمة عيش لأبنائهم وعائلاتهم؛ جريمة فضحت جشع باطرونا أجنبية (اسبانيا) محمية من طرف النظام، جريمة فضحت الشعارات المرفوعة، جريمة فضحتنا جميعا...
جريمة فضحت الفارين، المختبئين ببيوتهم وراء الشاشات...
رب ضارة نافعة.. ستمر العاصفة/كورونا، كما حصل هنا وهناك، وكما دائما إبان الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، لكن اسم "لالّة ميمونة" (المجهول أو المنسي) انغرس في أذهاننا وسكن مخيلتنا. ولا ريب أن العديد من المواطنين يتوق الى زيارة هذه البلدة لاحقا، بلدة تصبير الفواكه الحمراء (الفريز) وتصديرها دماء حمراء الى العالم النائم على جثامين الفقراء والمحرومين. ولا ريب أيضا أن العديد من المناضلين سيرتبط بعمال" لالّة ميمونة"، و"سيدي المغرب" من أجل بناء المستقبل الأحمر...
ماذا نعرف عن "لالّة ميمونة"؟
"لالّة ميمونة قرية مغربية بإقليم القنيطرة الساحلي، شمالي الرباط. تضم بلدة لالّة ميمونة في مركزها 12.994، أما الجماعة القروية فتضم 24.833 نسمة (إحصاء 2004)" (ويكيبيديا).
وهناك من يضيف: "تقع الجماعة القروية "لالّة ميمونة" في منطقة إستراتيجية ضمن الجماعات المحلية المنتمية لإقليم القنيطرة بجهة الرباط سلا القنيطرة".
معلوم لدينا أن لقب "لالّة" أو "سيدي" و"مولاي" يدل على نوع من "الشرف". وصار من باب المجاملة والاحترام المناداة بهذه الألقاب على من نعزهم/هن بغض النظر عن أي خلفية دينية أو تمييزية/طبقية. وذأبنا كذلك على المناداة بهذه الألقاب عن بعض الأشخاص الذين نجهل أسماءهم. إلا أن هذه الألقاب ارتبطت تاريخيا بأسماء معروفة، اشتهرت بالقصص والخرافات/الكرامات والأضرحة والأماكن والمدن والقرى أيضا (سيدي قاسم، سيدي سليمان، سيدي يحي، سيدي يفني، سيدي بيبي، مولاي إبراهيم، مولاي عبد الله، مولاي بوسلهام، لالّة ميمونة، لالّة عيشة البحرية...)، سواء الفخمة أو المتواضعة. وكثيرا ما تنسب الى "الأولياء الصالحين"، وحتى غير الصالحين، ومنهم المسلمين واليهود، بتشجيع وتمويل من الجهات الرسمية تكريسا للجهل وتغذية للتخلف والفكر الظلامي...
وتتحدث الرواية المتداولة عن كون السيدة ميمونة "ولية صالحة" من "شرفاء" كناوة بالصحراء، وأنها عاصرت "الولي الصالح مولاي بوسلهام" القادم من مصر، هذا الأخير صاحب "السلهام"، أي البرنس، يبعد ضريحه بحوالي ثلاثين (30) كيلومترا عن "لالّة ميمونة". وقد واصلت الرواية "حبكتها" بالحديث عن العلاقة الغرامية التي جمعت ميمونة من جانب واحد ببوسلهام بموقع "اعتكافهما". وحب ميمونة لبوسلهام جعلها ترأف به من خلال دعواتها ليستمر في عبادته دون تشويش من أنوثتها. وهو ما تم الاستجابة اليه لتصير امرأة خادمة قبيحة بالنهار وامرأة جميلة بالليل (تكريس دونية المرأة في المخيلة السائدة). وتم دفنها نزولا عند رغبتها بأقرب نقطة ممكنة من ضريح بوسلهام.
أما عنوان هذا النص، فمأخوذ عن المقولة الرائجة: "ربي يعرف ميمونة، وميمونة تعرف ربي". إلا أنه في هذه الحالة، ميمونة لم تعرف كورونا.. وسبب النزول هو أن السيدة ميمونة كانت تصلي دون أن تكون على دراية بطقوس الصلاة. ولما سئلت عن مغزى ذلك، اختصرت جوابها في المقولة المذكورة.
شارك هذا الموضوع على: ↓