2020/08/04

أحمد بيان // نقط ضعفنا

لكل مناضل نقط ضعف، سواء داخل تنظيم سياسي أو نقابي أو جمعوي.

 وليس عيبا أن نجهر بنقط ضعفنا بغاية تجاوزها. فأن ندركها نحن أولا أسلم من أن يدركها عدونا، النظام وأزلام النظام. أما إخفاءها فلا يزيد الأمر إلا تعقيدا، بل وضعفا. لأن إخفاءها يدل على العجز عن تجاوزها (منطق النعامة). ومن بين مزايا التنظيم تتبع أوضاع المناضلين الذاتية والعمل على تقويمها استباقيا. فقد يستعصي علاج بعض نقط الضعف بعد فوات الأوان، كما قد تستفحل لدرجة إحداث خسائر فادحة بالنسبة للمناضل وكذلك التنظيم الذي ينتمي اليه. والمركزية الديمقراطية لا تعني فقط إنتاج المواقف السياسية والقرارات الحاسمة وفق منطق الأغلبية والأقلية أو القيادة والقاعدة، إنها السهر المبدع والمستمر على مدى التصريف السديد لتوجه التنظيم ومرجعيته السياسية والإيديولوجية، قيادة وقواعدا، وبما يمليه ذلك من انسجام النظرية والممارسة.
لا يخفى أن من بين نقط قوة الحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) انحدار جل أطرها من تنظيمات سياسية متمرسة ومقتنعة بالمركزية الديمقراطية، بما ترمز اليه من انضباط تنظيمي، نذكر حزبي التحرر والاشتراكية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية. أما جيل المناضلين اللاحق فقليلا ما يجسد المعنى الخلاق للمركزية الديمقراطية رغم اقتناعه بأهمية التنظيم ذي المرجعية الماركسية اللينينية. وكثيرا ما يلجأ المناضلون الى المبادرات الفردية غير المؤطرة، والتي تسمح بهامش من "الحرية" في الحركة والفعل. وفي ذلك "تهرب" بأحد المعاني من المحاسبة النضالية والنقد والنقد الذاتي. علما أن المركزية الديمقراطية تقوم على هذه الأركان وتعتمدها لتطوير الممارسة الثورية. لا ندعو الى الانضباط الأعمى والحديدي، أي الانضباط غير الخلاق (الخضوع والولاء) الذي تمارسه القوى الظلامية، بل نلح على التحليل الملموس للواقع الملموس والنقد والنقد الذاتي والمحاسبة النضالية المنظمة المفتوحة على قيمة الإقناع والاقتناع والإبداع. 
وبقليل من الكلام في زمن الإسهال في "التحليل" غير المجدي وفي تبادل التهم بعيدا عن الانخراط في متطلبات المرحلة، وعلى رأسها بناء الذات المناضلة بالموازاة مع مناصرة المعارك الحارقة، نسجل أن أخطر نقط ضعفنا في ظل الوضع الراهن للصراع الطبقي ببلادنا، حيث شراسة القمع وتمرير المخططات الطبقية وضغط الامبريالية ومؤسساتها في مختلف المجالات المالية والإعلامية والصحية، تتجلى في:
- انسياقنا وراء الحركة رغم ما ترمز اليه من تضحية ونكران الذات، وعدم الانتباه لاستنزاف طاقاتنا فيما يخص البناء التنظيمي، أي بناء الذات. بمعنى آخر عدم توازن اشتغالنا على المواكبة النضالية للمعارك القائمة وبناء الذات المناضلة.
- ضعف المتابعة السياسية للشأن العام، في ظل محدودية الإمكانيات، ومنها بالخصوص الأطر المتمكنة والمتفرغة. وتجدنا غائبين عن العديد من القضايا المصيرية وعن تناولها. ومن بين هذه القضايا، قضية الاعتقال السياسي وقضايا اجتماعية واقتصادية أخرى (التعليم والصحة والسكن والشغل...)، دون إغفال واقع الفساد والإفلات من العقاب. 
- ضعف إمكانياتنا المادية والبشرية لضمان استمرارية متابعتنا للمعارك النضالية على طول وعرض جغرافية بلادنا وسبر أغوارها.
- ضعف التكوين الذاتي للمناضلين وكذلك التنسيق والتحالف السياسيين والميدانيين، والسقوط في كثير من الأحيان في فخ "الراحة الافتراضية". نعم للحضور الافتراضي، نظرا لما للجانب الإعلامي من أهمية وأثر، لكن لا يمكن أن يكون ذلك بديلا عن التواصل والحضور المباشرين والواسعين.
- ضعف المبادرة الجماعية المنظمة لصنع الحدث وبلورة الفعل، بدل لعب دور الدفاع أو انتظار لحظة رد الفعل، هذه الأخيرة التي توهم بالبطولة والمجد النضالي. والأمر هنا يتصل أيضا بعدم استحضار التجارب النضالية لشعبنا، وباقي الشعوب المضطهدة، وفي مقدمتها تجارب العمال والفلاحين الفقراء. 
إن نقط الضعف هذه وغيرها (بدون شك) لا تقلل من شأن المناضلين أو تحبط عزيمتهم، إنها إشارات اعتراف وتحفيز لمواصلة المعركة بكل همة وحماس. والمناضل لا يخجل من نفسه أو من رفاقه، وكلما تبين نقط ضعفه ونقط قوته كلما جدد نفسه وتسلح بالحقيقة وليس بالوهم. كما أن هذا الوضع ليس عالما غريبا عن واقع شعبنا، إنه نتاج مرحلة، نتاج واقعنا المر، واقع الصراع الطبقي الذي يعرف المد والجزر. 
لنتسلح بالحقيقة بدل الوهم...



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق