اجتمع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، يوم الخميس 31 مارس 2022 بثمانية "ناشطين/ات" بمواقع التواصل الاجتماعي؛ باعتبارهم حسب الوزارة المعنية مُؤثرين من خلال قاعدتهم العريضة؛ وذلك بهدف "الانفتاح على المدرسة العمومية".
أول سؤال يتبادر الى الذهن إثر ما استجد في عالم "موضة" (DERNIER CRI) بنموسى هو: هل التعليم حقل تجارب؟
بدون شك، هناك أسئلة عديدة قد تُطرح بالمناسبة؛ ولأغلب هذه الأسئلة أجوبة معروفة. أولا، تُطرح الأسئلة من باب الفضح بالدرجة الأولى. ثانيا، تُطرح هذه الأسئلة من أجل تحميل المسؤولية لشركاء الوزارة، ومنهم بالخصوص النقابات، النقابات ذات التمثيلية. أما النقابات الأخرى، نقابات "تحت العتبة"، فإنها أدنى أو أقل من أن تكون "مؤثرة". فحظها ليس أكبر من حظ زميلاتها التي اعتبرها بنموسى "غير مؤثرة". فلو كانت كذلك، أي مؤثرة حقا حسب بنموسى لما اضطر "المسكين" الى إشراك "المؤثرون" والتفاعل معهم والإنصات الى "مقترحاتهم" النيرة..
النقابات ذات التمثيلية غير مُؤثرة، وكذلك جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ غير مُؤثرة، والمشتغلون والمهتمون بالشأن التربوي غير مُؤثرين (خبراء ومفتشون وأساتذة وأطر التوجيه والتخطيط والإدارة التربوية والشؤون الإدارية والمالية...)، وحتى الأحزاب السياسية غير مُؤثرة، لذلك استنجد بنموسى العارف بالحقيقة المُرّة (واقع الأوامر والتعليمات) ب"المؤثّرون" (النّشطاء/ات بمواقع التواصل الاجتماعي)..
ما رأي الشركاء (الحواري) المُصفقين للحوارات المغشوشة والمُشيدين دون خجل أو حرج بمُخرجاتها الباهتة؟
ما رأي دهاقنة التنظير والتبرير والتضليل...؟
ما هي ضمانات إنتاج "نظام أساسي" منصف للشغيلة التعليمية بكل فئاتها؟
لنا موعد في نهاية الموسم، كتاريخ لإعلان هذا النظام "السحري" المُبشّر به. وليتحمّل كلُّ مسؤوليته، بعيدا عن التباكي أو التبرير المجاني..
إن الثابت هو أن بنموسى ليس "عبقريا" أو "ديمقراطيا" أو ذا شخصية فذة أو (...) كما يُسوّق بعضُ التافهين، والدليل هو خضوعه المُذلّ كباقي "الخاضعين" ليُصبغ باللون الذي أريد له أن يُصبغ به، أي لون حزب "التجمع الوطني للأحرار" (ولو مُكرها)؛ وبالتالي فهو مسؤول بدرجة عميل أو "مُوظّف" (سامي أو غير سامي، لا يهُم) يُنفذ أوامر النظام القائم المُستمدّة من تعليمات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي (المؤسستين الماليتين الامبرياليتين) كغيره من المسؤولين السابقين الخاضعين، سواء في قطاع التربية والتعليم أو في أي قطاع آخر. ومن يا ترى، ينسى أو يتناسى أن "البُلبُل" بنموسى كان وزيرا للداخلية؟ ومن يجهل أو يتجاهل معنى "وزير الداخلية" بالمغرب، قياسا أو أدنى على ادريس البصري؟
من يقبل أن يُجالس بنموسى النقابات التعليمية ويُعانق رموزها وقياداتها البيروقراطية، والأساتذة/ات يُقمعون أشد القمع بالشارع (يُعتقلون، يُحاكمون، يُعنّفون، يُسحلون، يُهانون...)؟
وربما، تصحيحا، من يقبل أن تُجالس القيادات النقابية البيروقراطية بنموسى، والأساتذة/ات يُقمعون و...؟
من يقبل أن تُجالس القيادات النقابية البيروقراطية بنموسى، وتزكي بالواضح التفاوت غير المقبول قانونيا وتربويا وأخلاقيا بين المدرسة العمومية والمدرسة الخصوصية؟
ما معنى أن ترفض النقابات جريمة "التعاقد" (نظريا/شعاراتيا)، وتُجالس في نفس الآن عرابي "التعاقد" الذين يُبدعون من أجل تنزيله بقوة الواقع، بما في ذلك اللجوء الى القرعة العجيبة بديلا على مستوى الأكاديميات والمديريات والمؤسسات، في ضرب صارخ ومفضوح لأسطوانة الجودة والتجويد ورد الاعتبار للمدرس/ة؟
من يقبل أن تُجالس القيادات النقابية البيروقراطية بنموسى، والتغلغل الصهيوني ساريا داخل مؤسساتنا التعليمية وفي صفوف تلميذاتنا وتلاميذنا؟
من يقبل أو يدعي النضال من أجل مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني ويُعانق في نفس الوقت أحزاب سياسية ومكونات سياسية باسم الجبهات والهيئات والائتلافات، قبلت عن طيب خاطر هذا التطبيع المرفوض؟
ألسنا أمام مفارقات غريبة؟ إن النظام القائم يعرف "خرُّوب بلاده"...
من يُغيّب قيادة بنموسى لورش "النموذج التنموي" الذي يدُرُّ/درّ الرماد في العيون؟
ومن يصمت عن المساهمين في توسيع دائرة الوهم الذي يقتلنا وشعبنا، سواء وهم اللعبة "الديمقراطية" أو وهم "النموذج التنموي" أو وهم "المؤثرون" أو حتى قبل ذلك بكثير، أي وهم "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"...؟
ولمن له ذاكرة مناضلة حقا، كيف ننسى أو نتناسى قرار الوزير المملوك يوسف بلعباس سنة 1965، مثله مثل "وزيرنا" بنموسى، الذي فجر الانتفاضة الشعبية ليوم 23 مارس؟
من يذكر شهداء هذه الانتفاضة الشعبية المجيدة، نقابات أو أحزاب أو جمعيات...؟
على من تنطلي "الحيلة" هذه المرة؟
في الواقع البشع، ليس هناك حيلة و"لا هم يحزنون". هناك من اختار خندق النظام بالواضح، وتراه "يجتهد" من أجل إرضاء أسياده المباشرين وغير المباشرين. وهناك من اختار خندق النظام أيضا، إلا أنه في "حيرة" من أمره آنيا، أي كيف "يلعب" على الحبلين الى حين فقط. وقد علّمتنا التجربة وانسجاما مع النظرية العلمية، أن من يلعب على الحبلين يسقط في آخر المطاف في حلبة النظام (مسألة وقت، ومنطق الصراع الطبقي، لا غير). وإنه الغدر والخيانة والطعن من الخلف..
وفي الختام، فلا بنموسى يُقرر، ولا "المؤثرون" يُقررون، ولا حتى النقابات والأحزاب السياسية...
فما حصل أن مارس أو طبّق حزب مغربي برنامجه السياسي في هذا المجال أو ذاك.. أحزابنا كراكيز مقيتة وكذلك ""قياداتنا" النقابية والجمعوية (الناذر لا حكم له)...
فماهي معايير بنموسى لاختيار "المؤثرون" المحظوظين؟
هل لسواد عيونهم أم لخطابهم الشّعبوي أم لأشياء أخرى يعلمها "وزيرنا" شكيب بنموسى؟
هل هناك عتبة، كما هو الأمر بالنسبة للنقابات ذات التمثيلية، أم هناك فهم خاص قائم على المحسوبية والزّبونية والولاء...، بغضّ النظر عن المصداقية والوُثوقية والمسؤولية...؟
"المؤثرون" فُرضوا على بنموسى كما فُرض عليه لون حزب "الأحرار"، وقد تُفرض عليه ألوان ونماذج أخرى..
من يُحاسب "وزيرنا" (اللطيف) على اختياره لهذا "المُؤثر" دون غيره؟
كفى من الأسئلة (تفسير الواضحات من المُفضحات).. إن من يُقرّر حقيقة هو النظام القائم وجنوده الطّيّعون، في السّر والعلن، وفق ما يخدم مصالحه الطبقية وانسجاما مع المصالح الصهيونية والامبريالية..
وللتذكير، فما عاد النظام القائم في حاجة الى جنود "السر"، إنه يضطهدنا (يعتقلنا، يقمعنا، يُجوعنا، يُشردنا، يُطبّع باسمنا...) علانية وأمام الملأ بالداخل والخارج..
إن النظام القائم يعرف "خرُّوب بلاده"...
والسُّؤال المُلح: ماذا نحن فاعلون؟ أي "ما العمل"؟
والجواب، رجاء رفاقي/رفيقاتي، ليس عبر الفايسبوك..
إن الجواب الفعلي والمطلوب عبر الواقع المباشر والعنيد...