2022/05/04

أحمد بيان // المنزعجون من النقد او حماة البيروقراطية


المنزعجون من النقد عادة هم المعنيون به مباشرة. ومن الطبيعي ان تجدهم
سباقين للرد والتبرير واحيانا الهجوم (الهجوم احسن وسيلة للدفاع). الا اننا نجد بعض المنزعجين اشد سعارا من غيرهم. وتراهم يوزعون التفل المسموم والتهم المجانية يمينا وشمالا. ومن بين هذه التهم ان من ينتقد ليس مناضلا. انه بالنسبة اليهم مجرد مشوش محترف وراء الشاشات، ومن السهل انتقاد "المخزن" والنقابات والاحزاب والجمعيات و... الخ، لكن من الصعب النضال (وكانهم يصنعون الصواريخ). وبدل ان يناقشوا ويحللوا ويفندوا، يلجؤون الى التعاليق المختصرة والمبتذلة للتمويه والتضليل. 

من خلال المتابعة الميدانية نجد هذه الطينة من المنزعجين غارقة حتى اذنيها في خدمة البيروقراطية. ومن خلال المتابعة الافتراضية لا نجد اثرا لانتقاد البيروقراطية الا تعليقات مهادنة حفظا لماء الوجه امام امواج الاستهجان والانتقادات السديدة والاستنكار لانبطاح القيادات النقابية البيروقراطية خاصة والتوقيع على اتفاق العار ليوم 30 ابريل 2022.

ونستطيع ان نقول ان هذه الفئة المحسوبة على النضال تحمي البيروقراطية اكثر من حماية النظام لها. فمن جهة تتصدى للمناضلين الحقيقيين سواء في النقابات او الجمعيات وتحاصرهم، ومن جهة اخرى تعطي المشروعية للبيروقراطية من خلال مشاركتها اعراسها وتمثيلياتها واجهزتها القيادية ومن خلال الامتثال لتعليماتها وتنفيذ اوامرها.

ان هذه الفئة عبارة عن "بارشوك" (PARE-CHOC) البيروقراطية. 

والقول انه من السهل انتقاد "المخزن" والنقابات والاحزاب... الخ، الا يعتبر النقد واجهة نضالية لا يجب الاستغناء عنها، خاصة اذا اصابت كبد الاطراف المتخاذلة سواء السياسية او النقابية...؟

واذا كان الانتقاد "سهلا" كما يزعم حماة البيروقراطية (البارشوك)، لماذا يحكم ربيع الابلق باربع سنوات نافذة وتحكم سعيدة العلمي بسنتين نافذتين وقبلهما اسماء كثيرة...؟

ونفترض ان من ينتقد لا يقوم بغير النقد، ماذا عن حماة البيروقراطية؟

ان اقصى ما يقومون به هو وقفات معزولة امام البرلمان او ندوات داخل المقرات الفارغة او ندوات افتراضية... انه النضال "الناعم" او الترف "النضالي"...

واذا كان من ينتقد لا يناضل، لماذا تلتفتون الى "نقده" وتتكبدون عناء الرد عليه وتلطيخ اناملكم بدمائه؟

بالفعل السعار يفقد المرء صوابه...

واضح ان بعض المنتقدين لا علاقة لهم بالنضال، ومنهم من يتقاضى اجرا على ذلك (المشبوهون المجندون من اجل التشويش: صحافيون ومدونون وكتبة...). لكن التعميم المقصود يستهدف بالمكشوف المناضلين القابضين على الجمر، لان لانتقاداتهم مصداقية واثر لا يمكن تجاهلهما. انها انتقادات من اجل فضح البيروقراطية ومن يغازلها ويستفيد من فتاتها. والدليل ان حماة البيروقراطية (البارشوك) ينزعجون ويمارسون خلط الأوراق والتشويش على المواقف المزعجة المؤسسة على معطيات الواقع الملموس. 

ان النضال اليوم يفرض الى جانب مواصلة التصدي للنظام ومؤامراته خوض معارك ميدانية ضد البيروقراطية عميلة النظام القائم وضد القوى السياسية المتخاذلة، وليس ضد المناضلين المبدئيين. والمناضل المبدئي عموما لا يمارس الدعاية الفجة (الاشهار) لتضحياته ونضالاته ولا يشوش على الأشكال النضالية، بل ينخرط فيها ويدعمها بشموخ. ولا يتردد في دعم معارك العمال والفلاحين الفقراء والمعتقلين السياسيين وعائلاتهم والطلبة والمعطلين وكل المقهورين...

ومن يدعي النضال او احتكار النضال (بدون نقد) فليعلن عن معاركه وبطولاته غير الاشكال "الناعمة" التي لم تعد تحرك "الدجاجة على بيضها". وسيجد المناضلين المبدئيين (الذين ينتقدون بمبدئية، ويربطون النقد بالنقد الذاتي والمحاسبة...) في المقدمة كما دائما...




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق