07‏/05‏/2022

Camarade ML// حوْل الاقتصاد السياسي الماركسي في الذكرى 204 لميلاد معلم البروليتاريا كارل ماركس..


إن أزمة الاقتصاد السياسي البورجوازي تتجسد في عجزه عن تفسير الأزمات لأنه
يكتفي بتتبع الحركة الظاهرية المحضة للظاهرات بدل الانتقال إلى حركيتها الداخلية في خضم التفاعل بين المضمون و الشكل. و الاقتصاد لا يصبح علما حقيقيا الا عندما يأخد على عاتقه إنجاز هذه المهمة؛ أي مهمة الانتقال من دراسة شكل الظواهر إلى سبر أغوار عمقها الباطن. 

و لقد شكل نقد الاقتصاد السياسي ل كارل ماركس ثورة لا مثيل لها في الاقتصاد (كما في الفلسفة...) لأنه وضع على محك التفكير و الدراسة العلمية تحديد طبيعة الظواهر و تكوينها و الجدل الداخلي الذي يحكم تطورها في العلاقة بالدور الأساسي لنشاط الإنسان و المجتمع دون فصل المنهج عن المضمون. و بهذا ارتفع الاقتصاد السياسي، مع كارل ماركس، إلى مستوى  علم حقيقي يقدم لنا رؤية مركبة للبنى الاقتصادية المعاصرة، و لقوانين تطورها، و للافاق المفتوحة لكل منها. وهنا يكمن سر  راهنية العلم الماركسي بالشكل الساحق الذي يعترف به حتى كبار "منظري" البرجوازية مجبرين اليوم. 

يقول كارل ماركس مثلا بصدد المزاحمة: "إن التحليل العلمي لهذه الأخيرة يفترض مسبقا تحليل طبيعة الرأسمالية الباطنية. و هكذا لا تكون الحركة الظاهرية للأجرام السماوية مفهومة إلا بالنسبة إلى من يعرف حركتها الواقعية" (ماركس، الرأسمال). و هكذا فالاقتصاد السياسي عند ماركس يرقى إلى منزلة العلم الحقيقي الذي يتعارض مع "الاقتصاد المبتذل الذي يكتفي بالظواهر" و ينتقل إلى "تفهم المجموع الواقعي و الباطني لعلاقات الانتاج في المجتمع البرجوازي"(الرأسمال). 

أوقف إذن كارل ماركس الاقتصاد السياسي على رجليه كما فعل تماما بالفلسفة: "إن الرأسمال ليس شيئا، و إنما هو علاقة انتاج محددة" (الرأسمال). 

أما البرجوازي فتؤطره رؤية طبقية تقوده الى الاهتمام فقط بتقلبات الرأسمال و تداوله. و هنا يكمن جوهر الانقلاب الكبير الذي حققه كارل ماركس. لأن الاقتصادي الذي يكتفي بالإحصائيات و رسم منحنيات الأسعار و تقلبات السوق و العملات يظل حبيس شكل الظواهر حتى و لو استخدم أمهر و أحدث طرق الاقتصاد الرياضي. 

فبالنسبة لظاهرات التداول مثلا، يهم الاقتصاد السياسي الوصول الى جوهر دائرة خلق الثروات التي تفسر الطبيعة الحقيقية لهذه الثروات و تكوينها و تطورها.

 إن كارل ماركس، بخلاف منظري الاقتصاد السياسي البورجوازي على اختلافهم، هو أول من فتش في الانتاج عن سر الظواهر و عمقها. 

و لسوف يبرهن ماركس على أن المفاهيم الاقتصادية مثل العمل، التبادل، البضاعة، القسمة، النقد، السوق، الربح، الأجر، إلخ هي مقولات تاريخية. و على ان العلاقات الاجتماعية التي تعبر عنها هذه المقولات ليست سكونية بل تحمل في أحشائها تناقضات تدفع بها في مجرى صيرورة دائمة غير منقطعة. 

كتب ماركس يقول في هذا الصدد: "إن ما يميز الاقتصاد السياسي البورجوازي هو أنه يرى في النظام الرأسمالي الشكل المطلق و النهائي للإنتاج الاجتماعي، لا مجرد مرحلة انتقالية للتقدم التاريخي" (الرأسمال). و هذا ما برهنته وقائع التاريخ بنجاح الثورة البلشفية و بناء صرح أول نظام اشتراكي في التاريخ على أنقاض القيصرية.  

ماركس استند في براهينه إلى ترسانة من القوانين العلمية التي اكتشفها في دراسته المطولة و العميقة لتناقضات المجتمع الرأسمالي. مثل قانون القيمة، أو  التراكم، أو  فوضى الإنتاج أو ميل معدل الربح إلى الانخفاض، إلخ.  و هو يبين، على سبيل المثال لا الحصر، أن تلك القوانين ليست غريبة عن النظام الرأسمالي و إنما تنجم عن ماهية هذا النظام و عن تناقضاته. فالقانون الميلي لمعدل الربح يترتب عليه بالضرورة تزايد في الرأسمال الدائم (التكنولوجيا و الالات...) و تناقص نسبي في  الرأسمال المتحول المستخدم في شراء قوة العمل و الذي يولِّد فائض القيمة. و لذلك وصف ماركس الرأسماليين بأنهم “عصابة من الإخوة الأعداء” محصورون في معركة مستمرة، بحيث يعرض كل منهم سلعه بأسعار أقل من منافسه، ثم يكررون الاستثمار في الإنتاج لكن ذلك يؤدي لزيادة الاستثمار في الآلات (العمل الميت/الدائم) غير المرن اذ لا يمكن تغيير قيمته بسهولة بعكس قيمة العمل التي يمكن أن تخضع للتغيير بسهولة مع خفض الأجور. و هذا الاكتشاف هو ما انبثق عنه الفكرة الجوهرية القائلة بأن الرأسمالية تحمل في ذاتها التناقضات التي تؤدي إلى هلاكها. فمن جهة،  يميل نمط الإنتاج الرأسمالي نحو تطوير القوى المنتجة، ومن جهة أخرى، فإن علاقات الإنتاج و الملكية التي تميزه تُوقف بشكل دوري تطور تلك القوى المنتجة، وتؤدي إلى إنتاج فائض في رأس المال (رأس المال المتراكم الذي لن يجد استثماراً مربحاً) وفائض في السلع (تراكم السلع التي لا يمكن بيعها بسعر كافٍ يحقق عائد مناسب لرأس المال المستخدم لإنتاجها). 

و تحاول الرأسمالية طبعا أن تفرمل عجلة الصراع الطبقي و عدم انخفاض الربح (إلخ)، لكن راهنية ماركس تكمن بالظبط في تأكيده على ميلها الى التأزم الحتمي و على ضرورة  الثورة عليها و تدميرها بالعنف لبناء علاقات الانتاج الاشتراكية البديلة. و من هنا تنبع ضرورة العبور ، إلى اللينينية التي عمقت، استنادا للمنهج الجدلي الذي اكتشفه و طوره ماركس و انجلز، دراسة الرأسمالية في مرحلتها العليا، أي الإمبريالية، و طورت مفهوم التنظيم (...) في جدلية الارتباط بين النظرية و الممارسة و كحلقة ضرورية لإنجاز مهام  الثورة و كسر أغلال الاستغلال...  Camarde Ml 5/5/2020




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق