15‏/02‏/2023

عبد الحفيظ حساني // احتجاجات النقابات ضد غلاء المعيشة و ارتفاع الأسعار بين التوقيع على السلم الاجتماعي و الخروج الى الشارع للتظاهر السلمي...


لماذا تحتج النقابات ؟ الجواب بديهي ، هو أمر عادي ان تحتج النقابات  ضد كل المخططات التي تستهدف القوت اليومي للطبقة العاملة ، و تستهدف مصالح كافة الجماهير الشعبية الكادحة....

◾ إن النقابات ولدت لهذا السبب / ولدت  لتؤطر قواعدها / الجماهير الكادحة كي تصنع قوة منظمة ومؤطرة للضغط على الحكومات و الباطرونا عبر الاحتجاج المنظم ( وأنا لا  أقصد الاحتجاج  المدجن و المعلب ) ... 

◾ إن النقابات  تلجأ الى الاحتجاج كآلية للضغط على الحكومات و الباطرونا عبر اشكال نضالية مختلفة من بسيطها الى  المعقد  ( بيانات ، وقفات ، مسيرات ، إضرابات محلية إقليمية وطنية/ قطاعية و عامة  ...) ... 

◾◾ هكذا يمكننا القول إن النقابات المكافحة هي التي تصنع القوة اللازمة لخلق التوازن اثناء الحوار و  التفاوض  ، و إنتاج  الضغط الحاد الكافي لانتزاع الحقوق و الحفاظ على المكتسبات  . و من هنا نرفع شعار "  من لا تنظيم له لا قوة له ، ومن لا قوة له لا حقوق  ."...

 إنه شعار مكثف يحمل في طياته المهام المطروحة على " التنظيم النقابي المكافح" وهي صناعة القوة الكافية و إنتاج الضغط والعمل على زيادة منسوبه  لانتزاع الحقوق ودفع عجلة الصراع الطبقي في مستواه الاقتصادي وبعده السياسي  ...

◾◾◾ إن القواعد النقابية المنظمة و المؤطرة بالوعي و الفكر الطبقيين  بمثابة دلك الجيش الاحتياطي المدرب دائم الاستعداد  لخوض المعارك الطاحنة مع عدوه الطبقي من اجل نيل كافة حقوقه و مطالبه المشروعة .

هكذا يكون للاحتجاج معنى و أهداف واضحة هي صناعة القوة اللازمة لتقوية موقف النقابة أثناء الحوار و التفاوض على أرضية الملفات المطلبية وليس  الاحتجاجات الباهتة  لتأثيث المشهد النقابي و تلميع الوجه السياسي  ... 

◾◾◾◾ إن مسار التحركات  النضالية في التنظيم النقابي المكافح يتحدد في سياق برنامج نضالي مسطر وفق رؤية عامة و شاملة و استراتيجية محكمة  من البسيط الى المعقد تتبلور فيه مختلف المهام التنظيمية والنضالية و المحطات و الأشكال الإحتجاجية لصناعة و تقوية مستوى الضغط بداية من اللقاءات العادية التواصلية التكوينية مرورا عبر اللقاءات الحماسية التحريضية ... الى الدعوة الى الإضرابات العامة  الكفيلة بشل مختلف مظاهرالحياة الاقتصادية و الإدارية ( مطارات . موانى . الطرق السيارة . المصانع و مواقع الإنتاج و الخدمات ، الادارات و المؤسسات التعليمية و مختلف المرافق العمومية  .... وغيرها ).

🛑 إن واقع الحركة النقابية يتسم بأزمة مزدوجة و مركبة و متداخلة  ذاتية و موضوعية .... بعجالة و بشكل مقتضب يمكن وصفها بأنها أزمة تتجلى سماتها على :

🧶  على المستوى الذاتي في اللامبالاة  من طرف القواعد و ضعف الانضباط التنظيمي ، و سيادة الفكر الإتكالي  و تزايد المنطق الفئوي ... بل وضعف التكوين وضعف الوعي النقابي لدى عموم القواعد و عدم استحضار الهم النضالي ، و تخوف المناضلين الشرفاء من تحمل المسؤولية التنظيمية تجنبا لمستنقع الريع داخل الأجهزة الذي يفتح المجال لتزايد البيروقراطية و الهيمنة على القرارات التنظيمية و النضالية .... إلخ الخ ...

🧶 على المستوى الموضوعي تتجلى أهم سمات الأزمة في تراجع الصراع لصالح النقيض الناتج عن تغول الرأسمالية الامبريالية التي تعمل جاهدة على ضرب التنظيمات النقابية و محاولة تشتيتيها ليتسنى لها  التراجع عن المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة و ضرب مفهوم الدولة الوطنية عبر الاملاءات المفروضة من طرف دوائرها المالية على الأنظمة التبعية و الهجينة لخلق المرونة و سهولة تدفق و تحرك الرأسمال عبر الأوطان و القرات و مضاعفة تراكمه ....  

🛑🛑 إن هذا الواقع اهل الحركة النقابية بحكم طبيعة المركزيات النقابية التي تفتقد إلى الاستقلالية ( عن الحكومة و عن الاحزاب السياسية الإصلاحية  ) والتي  تنعم قيادتها بالإمتيازات و الربع  الى الإنبطاح و مسايرة كل المخططات الطبقية بذل التصدي الحاسم لها . وأصبحت هذه المركزيات فقط تكتفي بمحاولة الحفاظ على ماء وجهها امام قواعدها و الجماهير الكادحة ( الاشكال الباهتة و النضال المرخص و المعلب ) و تعمل جاهدة من جهة أخرى على الحفاظ على مواقعها و مصالح قياداتها و تكريس المزيد من البيروقراطية و خدمة اجندات خطوطها السياسية الإصلاحية / الانتهازية على مستوى الشارع السياسي ...

📌إذا كان للنقابات دوار تاريخي كأداة للطبقة العاملة لتحسين ظروفها المادية و المعنوية و المساهمة في دفع عجلة الصراع الطبقي ؟ فكيف يستقيم التوقيع على الاتفاقات الاجتماعية الهزيلة والتراجعية التي لا تخدم مصلحة الطبقة العاملة ( اتفاقات باهتة و فارغة من أي نتائج / اتفاقات  دون الزيادة في الأجور و دون تحسين القدرة الشرائية و دون اعتراض و وقف السياسات التي تكرس تمرير المخططات و املاءات الدوائر المالية كضرب التقاعد و ضرب المقاصة و تحرير الاسعار و تفكيك نظام  الوظيفة العمومية عبر التعاقد ....    )  من طرف المركزيات النقابية تحت يافطة تقوية التضامن و  " الروح الوطنية " و الظرفية الاقتصادية و المالية و الحفاظ على نعمة الاستقرار و جلب الاسثتمار ....

📌📌 و في المقابل تتم الدعوة المحتشمة إلى التظاهر السلمي في الشارع  عبر  أشكال " إحتجاجية " أيام نهاية الأسبوع  رافعة شعارات مواجهة غلاء المعيشة و ارتفاع الاسعار و التظاهر "بحب الطبقة العاملة "  و بالأصطفاف الى جانب الجماهير الشعبية الكادحة ... 

📌📌📌 الم يكن حريا بهذه المركزيات ان ترفض التوقيع على تلك الاتفاقات الاجتماعية التراجعية كي تكون منسجمة مع مواقفها في تبني مصلحة الطبقة العاملة و صوتها الرافض للمخططات الطبقية بدل الاكتفاء بمحاولة الحفاظ على ماء وجهها عبر التضليل النضالي ( المكياح ) و تأثيت المشهد النقابي / السياسي بموضة التظاهر السلمي المدجن و المعلب ... 

📌📌📌 في هذا السياق و في الختام يقول المثل العربي أعجبت لم يأكل مع الذئب و يبكي مع الراعي .هناك من يتقنون فن التوازن و إمساك العصا من الوسط ومجاملة كافة  الأطراف ( وصلت المهزلة حد استقبال وفد من خبراء صندوق النقد  الدولي FMI  "للتشاور" )  ويتمتعون بمرونة كبيرة في التعامل مع عدوين متصارعين حد التناقض .

ا-----------------------------

نقطة نظام بقلم المناضل النقابي من جهة الشرق 

عبد الحفيظ حساني





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق