لماذا تحتج النقابات ؟ الجواب بديهي ، هو أمر عادي ان تحتج النقابات ضد كل المخططات التي تستهدف القوت اليومي للطبقة العاملة ، و تستهدف مصالح كافة الجماهير الشعبية الكادحة....
◾ إن النقابات ولدت لهذا السبب / ولدت لتؤطر قواعدها / الجماهير الكادحة كي تصنع قوة منظمة ومؤطرة للضغط على الحكومات و الباطرونا عبر الاحتجاج المنظم ( وأنا لا أقصد الاحتجاج المدجن و المعلب ) ...
◾ إن النقابات تلجأ الى الاحتجاج كآلية للضغط على الحكومات و الباطرونا عبر اشكال نضالية مختلفة من بسيطها الى المعقد ( بيانات ، وقفات ، مسيرات ، إضرابات محلية إقليمية وطنية/ قطاعية و عامة ...) ...
◾◾ هكذا يمكننا القول إن النقابات المكافحة هي التي تصنع القوة اللازمة لخلق التوازن اثناء الحوار و التفاوض ، و إنتاج الضغط الحاد الكافي لانتزاع الحقوق و الحفاظ على المكتسبات . و من هنا نرفع شعار " من لا تنظيم له لا قوة له ، ومن لا قوة له لا حقوق ."...
إنه شعار مكثف يحمل في طياته المهام المطروحة على " التنظيم النقابي المكافح" وهي صناعة القوة الكافية و إنتاج الضغط والعمل على زيادة منسوبه لانتزاع الحقوق ودفع عجلة الصراع الطبقي في مستواه الاقتصادي وبعده السياسي ...
◾◾◾ إن القواعد النقابية المنظمة و المؤطرة بالوعي و الفكر الطبقيين بمثابة دلك الجيش الاحتياطي المدرب دائم الاستعداد لخوض المعارك الطاحنة مع عدوه الطبقي من اجل نيل كافة حقوقه و مطالبه المشروعة .
هكذا يكون للاحتجاج معنى و أهداف واضحة هي صناعة القوة اللازمة لتقوية موقف النقابة أثناء الحوار و التفاوض على أرضية الملفات المطلبية وليس الاحتجاجات الباهتة لتأثيث المشهد النقابي و تلميع الوجه السياسي ...
◾◾◾◾ إن مسار التحركات النضالية في التنظيم النقابي المكافح يتحدد في سياق برنامج نضالي مسطر وفق رؤية عامة و شاملة و استراتيجية محكمة من البسيط الى المعقد تتبلور فيه مختلف المهام التنظيمية والنضالية و المحطات و الأشكال الإحتجاجية لصناعة و تقوية مستوى الضغط بداية من اللقاءات العادية التواصلية التكوينية مرورا عبر اللقاءات الحماسية التحريضية ... الى الدعوة الى الإضرابات العامة الكفيلة بشل مختلف مظاهرالحياة الاقتصادية و الإدارية ( مطارات . موانى . الطرق السيارة . المصانع و مواقع الإنتاج و الخدمات ، الادارات و المؤسسات التعليمية و مختلف المرافق العمومية .... وغيرها ).
🛑 إن واقع الحركة النقابية يتسم بأزمة مزدوجة و مركبة و متداخلة ذاتية و موضوعية .... بعجالة و بشكل مقتضب يمكن وصفها بأنها أزمة تتجلى سماتها على :
🧶 على المستوى الذاتي في اللامبالاة من طرف القواعد و ضعف الانضباط التنظيمي ، و سيادة الفكر الإتكالي و تزايد المنطق الفئوي ... بل وضعف التكوين وضعف الوعي النقابي لدى عموم القواعد و عدم استحضار الهم النضالي ، و تخوف المناضلين الشرفاء من تحمل المسؤولية التنظيمية تجنبا لمستنقع الريع داخل الأجهزة الذي يفتح المجال لتزايد البيروقراطية و الهيمنة على القرارات التنظيمية و النضالية .... إلخ الخ ...
🧶 على المستوى الموضوعي تتجلى أهم سمات الأزمة في تراجع الصراع لصالح النقيض الناتج عن تغول الرأسمالية الامبريالية التي تعمل جاهدة على ضرب التنظيمات النقابية و محاولة تشتيتيها ليتسنى لها التراجع عن المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة و ضرب مفهوم الدولة الوطنية عبر الاملاءات المفروضة من طرف دوائرها المالية على الأنظمة التبعية و الهجينة لخلق المرونة و سهولة تدفق و تحرك الرأسمال عبر الأوطان و القرات و مضاعفة تراكمه ....
🛑🛑 إن هذا الواقع اهل الحركة النقابية بحكم طبيعة المركزيات النقابية التي تفتقد إلى الاستقلالية ( عن الحكومة و عن الاحزاب السياسية الإصلاحية ) والتي تنعم قيادتها بالإمتيازات و الربع الى الإنبطاح و مسايرة كل المخططات الطبقية بذل التصدي الحاسم لها . وأصبحت هذه المركزيات فقط تكتفي بمحاولة الحفاظ على ماء وجهها امام قواعدها و الجماهير الكادحة ( الاشكال الباهتة و النضال المرخص و المعلب ) و تعمل جاهدة من جهة أخرى على الحفاظ على مواقعها و مصالح قياداتها و تكريس المزيد من البيروقراطية و خدمة اجندات خطوطها السياسية الإصلاحية / الانتهازية على مستوى الشارع السياسي ...
📌إذا كان للنقابات دوار تاريخي كأداة للطبقة العاملة لتحسين ظروفها المادية و المعنوية و المساهمة في دفع عجلة الصراع الطبقي ؟ فكيف يستقيم التوقيع على الاتفاقات الاجتماعية الهزيلة والتراجعية التي لا تخدم مصلحة الطبقة العاملة ( اتفاقات باهتة و فارغة من أي نتائج / اتفاقات دون الزيادة في الأجور و دون تحسين القدرة الشرائية و دون اعتراض و وقف السياسات التي تكرس تمرير المخططات و املاءات الدوائر المالية كضرب التقاعد و ضرب المقاصة و تحرير الاسعار و تفكيك نظام الوظيفة العمومية عبر التعاقد .... ) من طرف المركزيات النقابية تحت يافطة تقوية التضامن و " الروح الوطنية " و الظرفية الاقتصادية و المالية و الحفاظ على نعمة الاستقرار و جلب الاسثتمار ....
📌📌 و في المقابل تتم الدعوة المحتشمة إلى التظاهر السلمي في الشارع عبر أشكال " إحتجاجية " أيام نهاية الأسبوع رافعة شعارات مواجهة غلاء المعيشة و ارتفاع الاسعار و التظاهر "بحب الطبقة العاملة " و بالأصطفاف الى جانب الجماهير الشعبية الكادحة ...
📌📌📌 الم يكن حريا بهذه المركزيات ان ترفض التوقيع على تلك الاتفاقات الاجتماعية التراجعية كي تكون منسجمة مع مواقفها في تبني مصلحة الطبقة العاملة و صوتها الرافض للمخططات الطبقية بدل الاكتفاء بمحاولة الحفاظ على ماء وجهها عبر التضليل النضالي ( المكياح ) و تأثيت المشهد النقابي / السياسي بموضة التظاهر السلمي المدجن و المعلب ...
📌📌📌 في هذا السياق و في الختام يقول المثل العربي أعجبت لم يأكل مع الذئب و يبكي مع الراعي .هناك من يتقنون فن التوازن و إمساك العصا من الوسط ومجاملة كافة الأطراف ( وصلت المهزلة حد استقبال وفد من خبراء صندوق النقد الدولي FMI "للتشاور" ) ويتمتعون بمرونة كبيرة في التعامل مع عدوين متصارعين حد التناقض .
ا-----------------------------
نقطة نظام بقلم المناضل النقابي من جهة الشرق
عبد الحفيظ حساني