البعض يعتقد خاطئًا أن أوروبا وأمريكا الشمالية قطعت نهائيًا مع فكر الهولوكوست وإلى الأبد. كيف لا وهي التي أنشأت وطنًا ودولة لليهود على أرض فلسطين وجرمت معاداة السامية!
هذا البعض يستكين إلى تحليل سطحي يفسر المحرقة بقصص تافهة مثل أن سبب البغض لليهود هو أن هتلر ماتت أمه على يد طبيب يهودي ، فحمل حقدًا كبيرًا منذ ذلك الحين عليهم، ، ولما أصبحت السلطة في يده بدأ يجمعهم ويحرقهم إنتقاما لأمه !! وكرد على هذا تدخلت قوات التحالف وحاربته حتى انهزم جيشه!! وهنا تنتهي القصة بدون ذكر شيء عن ذنب فلسطين في كل هذا..
لكن إذا عدنا إلى أحداث الحرب العالمية الأولى والثانية ، فإننا نستطيع الوقوف عند وقائع ذات دلالات عميقة خاصة ونحن نرى ماز يجري في فلسطين المحتلة. لنبدأ بانتفاضة غيتو وارسو التي تعتبرها بعض المصادر التاريخية من أعظم انتفاضات اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. تذكر المصادر أن الجيش الألماني لما دخل بولندا لقي مقاومة محلية من اليهود، فبدأ يحشدهم في تجمعات سكنية شديدة الاكتظاظ في عام 1939م من أجل السيطرة عليهم وتأمين خطوطه الخلفية. ولما نرى التهجير القسري للفلسطينيين وحشرهم في تجمعات مثل غزة، وتسييجها بأسوار إسمنتية ، نستطيع أن نقول أن هتلر مازال حيا ً ويحمل السلاح على رؤوسنا. كانت تلك التجمعات تسمى غيتوهات وكان أكبرها في بولندا غيتو وارسو الذي كان يضم من 300 إلى 400 ألف. وكانت المنظمة اليسارية "زي أو بي" أبرز تنظيمات المقاومة في هذا التجمع. في 1943م أعدمت عددًا من جنود الاحتلال الألماني والمتعاونين معه مما أجج مشاعر الحقد عند قادته وصمموا على إنهاء مقاومة الغيتو مهما كان الثمن . فاستند الجيش الألماني على مبدإ "الدفاع عن النفس" بدون قيود مثل ما يفعل الآن الجيش الصهيوني المحتل، وحشد للقتال. لكن المقاومة صممت على القتال ورفضت الاستسلام ، وهنا أمر القائد النازي يورغن ستروب بحرق التجمع جزءً جزءً حتى أتى على آخره كعقاب جماعي لكل الساكنة التي ماتت حرقًا واختناقاً . ونقل عن الناجي الوحيد من قادة المنظمة اليسارية قوله إن مصدر إلهامنا في القتال كان "تحديد زمان ومكان موتنا". تجب الإشارة إلى أن الاحتلال الصهيوني هو الاستمرارية التاريخية والفكرية للمنظمات اليمينية التي كانت تنشط آنذاك في صفوف اليهود وليس استمرارية لروح المقاومة اليسارية التي ذكرت. الآن السؤال الملح ، هل فعلًا قطعنا مع فكر الهولوكوست لما نرى الجيش الصهيوني يحتل أرض فلسطين ، يهجر أهاليها ويحاصرهم في تجمعات مسيجة يحتاج الدخول والخروج منها لرخصة ، ويتحكم في كل وسائل الحياة داخلها من ماء وغداء وكهرباء ودواء.. ولما يقاوم الفلسطيني يخيره بين الموت والموت؛ يأمره بالخروج جنوبًا فيقصف الجنوب، يأمره بالنزوح فيقصف شاحنات النزوح. لم تسلم من قصفه لا المستشفيات ولا المدارس ولا الأسواق ولا الصحافة. وبالنهاية يقوض كل مقومات الحياة على أرض غزة لإجبار أهاليها على النزوح مرة أخرى.
لا ثم لا ، إن من يأمر بهذا العقاب الجماعي البشع لم يقطع مع فكر الهولوكوست ، إن التحالف الذي يحتفل كل سنة بالانتصار على الفاشية يباركها اليوم على أرض فلسطين. والبيان المشترك الذي صدر يوم 9 أكتوبر 2023 يبقى وصمة عار على موقعيه. في هذا اليوم المشؤوم أصدر قادة الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة بيانا جاء فيه التأكيد على دعم الكيان الصهيونى في جهود "الدفاع عن نفسه" ومواصلة التنسيق كأصدقاء له لضمان كل ما يحتاجه في "الدفاع عن نفسه" . وتابعنا كيف تفادى هؤلاء القادة وضع أي شرط على هذا "الصديق المدلل" حتى لما كانت تواجههم بعض الأسئلة الصحفية المحرجة! وطبعًا لما أخذ الكيان الصهيونى الضوء الأخضر ، قطع في اليوم نفسه الطعام والماء والكهرباء والوقود عن قطاع غزة المحاصر من كل الجوانب استكمالًا لجولة المحرقة التي كانت تنفذها الطائرات والزوارق الحربية. وحسب قادة الاحتلال فكل الأهداف مشروعة حتى استسلام المقاومة الشامل كما أعلنها في 1943م القائد الألماني في غيتو وارسو. وحسب هؤلاء القادة، فليس بغزة مدنيين ودليلهم أنهم لم يغادروا إلى سيناء المصرية لما أمروهم بالخروج، بل منهم من وصف الفلسطينيين بالحيوانات.. أخجلوا ياقادة! إنكم لم تقضوا على فكر الهولوكوست والفاشية ، إنكم تمارسونه أمام أعين العالم ؛ فالذي تغير بين 1943م و2023م هو أن المقاوم اليهودي للاحتلال اصبح اليوم مقاوماً فلسطينياً، أما الغيتو والحصار والقتل البشع والجماعي فهو نفسه.
إن الدعاية الصهيونية تسكت عن جوانب مهمة من المحرقة لأنها تفضح واقعها اليوم. أهم هذه الجوانب هي ارتباط اليهود بمقاومة الاحتلال الأجنبي كما يفعل الفلسطينيون الآن وتبني الجيش النازي لسياسة العقاب الجماعي للتجمعات التي تقاوم كما يفعل الكيان الصهيونى اليوم ، أول محرقة لليهود ، غيتو وارسو.، شاهدة على ما أقول. أضف إلى هذا أن المحرقة بدأت بالبلدان التي احتلها الجيش النازي وليس من ألمانيا. و أكبر حصيلة ضحايا سجلت كانت في بولندا وليس في ألمانيا. لكن يهود ألمانيا لم يكونوا على الحياد التام، إذ مع اشتداد الحرب، أصبح كل اليهود في ألمانيا مشكوك في ولائهم كما هو الحال الآن في أوروبا وأمريكا حيث يتم تخوين كل مناصري القضية الفلسطينية من طرف السياسيين ووسائل الإعلام بشكل عام، حتى وصل الأمر إلى منع التظاهرات ومنع رفع الأعلام الفلسطينية. المحرقة ارتبطت بمقاومة المحتل النازي و بسياسة إما معنا أو مع المقاومة، و لم يكن الأمر يتعلق فقط ببغض هتلر لليهود. فكان أن فقدت ألمانيا حوالي 160 ألف من سكانها اليهود من أصل 550 ألف يهودي مع نهاية الحرب العالمية الثانية . ومن أسباب التشكيك في ولائهم، أنهم كانوا حديثي العهد بحقوق المواطنة الألمانية، إذ كان أول عام يحصلون فيه على هذه الحقوق هو 1871م ، وكان الكثير منهم من أصل بولندي ومن بلدان أوروبا الشرقية الأخرى ، وطبيعي أن يظهر منهم بعض التعاطف ومشاعر الغضب لما كان يتقدم الجيش النازي على جثث المقاومين والأبرياء، في ببلدانهم الأصلية كنفس التعاطف مع فلسطين الذي يظهر الآن عند الجاليات المنحدرة من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لكن مع انتهاء الحرب العالمية، استكملت المنظمات الصهيونية مخطط هتلر في حق اليهود أولًا. فبدل أن يمنحوا استقلالهم وحقوقهم في بلدانهم التي قاوموا من أجلها، وبدل أن ترفض خطط هتلر الذي كان يهيئ لإبعادهم إلى مدغشقر، قامت الصهيونبة باقتلاعهم من بيئتهم وتهجيرهم إلى فلسطين . وهكذا عملت منهم عمالًا وجنودًا يصنعون الثروة لقادتها ويحمونها من أصحاب الأرض الفلسطينيين الذين سلبوا أملاكهم وحقوقهم في المواطنة.
الدعاية الصهيونبة تقول أن ما حصل ويحصل للفلسطينيين هو بسبب المقاومة، لكن السؤال الذي يعود دوما هو ألم تحصل أول محرقة لليهود بسبب أعمال مقاومة المحتل!؟! أليست المقاومة حق يكفله القانون الدولي؟! الجواب يعرفه الجميع. إذا كانت المقاومة مشروعة ، فالاحتلال هو الذي يبقى دائما مجرماً و غير مشروع ، وليس له أي حق في ارتكاب المجازر التي نرى. الحق الذي قد يناقش هو مطالبته بممر للانسحاب إلى الوجهة التي أتى منها. إن الدعاية الصهيونبة أنست جزءً من العالم الظروف التي أنتجت المحرقة، فتصالح مع الاحتلال وجرّم المقاومة بدل أن يشدّد على العكس.
Muhammad Saeedi/ 10-17-2023
Consider the first Holocaust of the Jews, “the Warsaw Ghetto saga,” to understand the Gaza saga.
A new holocaust is taking place before the eyes of the world!!
Some mistakenly believe that Europe and North America have broken with Holocaust thought forever. How could it not be, when it established a homeland and state for the Jews on the land of Palestine and criminalized anti-Semitism!
Some people resort to a superficial analysis that explains the Holocaust with trivial stories, such as that the reason for hatred for Jews is that Hitler’s mother died at the hands of a Jewish doctor, so he carried a great hatred for them ever since, and when power was in his hands, he began to gather them and burn them in revenge for his mother!! In response to this, the coalition forces intervened and fought him until his army was defeated!! And here the story ends without mentioning anything about Palestine’s guilt in all of this.
But if we go back to the events of the First and Second World Wars, we can stand at facts that have profound connotations, especially as we see what is happening in occupied Palestine. Let's start with the Warsaw Ghetto Uprising, which some historical sources consider one of the greatest Jewish uprisings during World War II. Sources mention that when the German army entered Poland, it met local resistance from the Jews, so it began to mobilize them in highly crowded residential areas in 1939 AD in order to control them and secure its rear lines. When we see the forced displacement of Palestinians and their confinement in communities such as Gaza, and the enclosure of them with cement walls, we can say that Hitler is still alive and carrying weapons to our heads. These communities were called ghettos, and the largest of them in Poland was the Warsaw Ghetto, which included 300 to 400 thousand. The leftist organization ZOP was the most prominent resistance organization in this gathering. In 1943, a number of German occupation soldiers and those collaborating with it were executed, which inflamed feelings of hatred among its leaders and they were determined to end resistance to the ghetto, whatever the cost. The German army relied on the principle of "self-defense" without restrictions, as the occupying Zionist army does now, and mobilized to fight. But the resistance was determined to fight and refused to surrender, and here the Nazi leader Jurgen Stroop ordered the gathering to be burned part by part until it was destroyed as a collective punishment for all the residents who died by burning and suffocation. The only survivor of the leaders of the leftist organization was quoted as saying that the source of our inspiration in fighting was “to determine the time and place of our death.” It must be noted that the Zionist occupation is the historical and intellectual continuity of the right-wing organizations that were active at that time among the Jews and not a continuity of the spirit of leftist resistance mentioned. Now the urgent question is: Have we really broken with the idea of the Holocaust when we see the Zionist army occupying the land of Palestine, displacing its people and besieging them in fenced compounds from which entry and exit requires a license, and controlling all means of life within them, such as water, lunch, electricity and medicine... And when the Palestinian resists, he is given the choice between death and death. ; He orders him to go south and bombs the south. He orders him to leave and bombs the displacement trucks. Neither hospitals, schools, markets, nor the press were spared from its bombing. In the end, it undermines all aspects of life on the land of Gaza, forcing its people to flee again.
No, then no. Whoever orders this horrific collective punishment has not broken with the idea of the Holocaust. The coalition that celebrates the victory over fascism every year blesses it today on the land of Palestine. The joint statement issued on October 9, 2023 remains a disgrace to its signatories. On this fateful day, the leaders of the United States of America, France, Germany, Italy, and the United Kingdom issued a statement affirming their support for the Zionist entity in its efforts to “defend itself” and to continue coordination as its friends to ensure everything it needs in “defending itself.” We followed how these leaders avoided placing any conditions on this “spoiled friend” even when they were faced with some embarrassing press questions! Of course, when the Zionist entity got the green light, on the same day, it cut off food, water, electricity, and fuel from the besieged Gaza Strip from all sides, in continuation of the Holocaust round that was being carried out by planes and gunboats. According to the occupation leaders, all goals are legitimate until the resistance’s comprehensive surrender, as announced in 1943 by the German commander in the Warsaw Ghetto. According to these leaders, there are no civilians in Gaza and their evidence is that they did not leave for the Egyptian Sinai when they ordered them to leave. Rather, some of them described the Palestinians as animals... Be ashamed, leaders! You have not eliminated the ideology of the Holocaust and fascism, but you are practicing it before the eyes of the world. What changed between 1943 AD and 2023 AD is that the Jewish resistance to the occupation has today become a Palestinian resistance, while the ghetto, the siege, and the horrific and mass killing are the same.
Zionist propaganda is silent about important aspects of the Holocaust because it exposes its reality today. The most important of these aspects is the Jews’ connection to resisting foreign occupation, as the Palestinians are doing now, and the Nazi army’s adoption of a policy of collective punishment for groups that resist, as the Zionist entity is doing today. The first Holocaust of the Jews, the Warsaw Ghetto, is a witness to what I am saying. In addition, the Holocaust began in the countries occupied by the Nazi army, not Germany. The largest death toll recorded was in Poland, not Germany. But the Jews of Germany were not completely neutral, as with the intensification of the war, all Jews in Germany became suspicious of their loyalty, as is the case now in Europe and America, where all supporters of the Palestinian cause are betrayed by politicians and the media in general, until it came to the point of banning demonstrations. Preventing the raising of Palestinian flags. The Holocaust was linked to resistance to the Nazi occupier and to a policy either with us or with the resistance, and it was not only related to Hitler's hatred of the Jews. Germany lost about 160,000 of its Jewish population out of 550,000 Jews at the end of World War II. One of the reasons for doubting their loyalty is that they were new to the rights of German citizenship, as the first year in which they obtained these rights was 1871 AD, and many of them were of Polish origin and from other Eastern European countries, and it is natural for them to show some sympathy and feelings of anger when the army was advancing. The Nazis focused on the corpses of resistance fighters and innocents, in their countries of origin, just as the same sympathy for Palestine that now appears among communities hailing from the countries of the Middle East and North Africa. But with the end of the World War, the Zionist organizations completed Hitler's plan against the Jews first. Instead of granting them their independence and rights in their countries for which they fought, and instead of rejecting Hitler’s plans, which were preparing to deport them to Madagascar, Zionism uprooted them from their environment and displaced them to Palestine. Thus, it made among them workers and soldiers who created wealth for its leaders and protected it from the Palestinian landowners who took away their property and citizenship rights.
Zionist propaganda says that what happened and is happening to the Palestinians is because of the resistance, but the question that always comes back is: Didn’t the first Holocaust of the Jews happen because of acts of resistance to the occupier?! Isn't resistance a right guaranteed by international law?! The answer is known to everyone. If resistance is legitimate, then it is the occupation that always remains criminal and illegitimate, and it has no right to commit the massacres that we see. The right that may be discussed is his demand for a passage to withdraw to the destination from which he came. Zionist propaganda made part of the world forget the circumstances that produced the Holocaust, so it reconciled with the occupation and criminalized resistance instead of emphasizing the opposite.