2024/05/03

م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..


  

على بعد 138 عامًا حيث كان المطلب الرئيسي في ذلك الوقت هو تقنين العمل في 8 ساعات، والآن وفي القرن الحادي والعشرين بدل النضال لتخفيض وقت

العمل مع ما توفره العلوم والتكنولوجيا من ظروف مادية لتحسين حياة الشعوب، بتوفر كل الظروف المادية اللازمة للعمل الدائم والمستقر لساعات مخفضة لا تتجاوز 7 ساعات  و 5 أيام في الأسبوع، والحصول مجانا على خدمات الصحة والتعليم، وعلى السكن الرخيص والآمن، وعلى مستلزمات الثقافة الجيدة والرياضة ومعاشات تقاعدية مريحة.. والتقدم في المعركة السياسية لانهاء استغلال الإنسان من طرف اخيه الإنسان، نعيش واقعا بئيسا يطبعه جزر خطير، يتعمق فيه الهدم الكلي لحقوق العمال، والجماهير الكادحة، والنظام يعزز الاستغلال باسهام جمعيات ومركزيات نقابية وأحزاب وأطر ورموز منبطحة ومتحكم فيها، لا تفعل سوى تشتيت، وتفتيت الشعب لابقائه في وضع العبودية لرأس المال، بضرب مصداقية الفعل النضالي، والعمل السياسي، والنقابي، جاعلة من أرباح الرأسمالية معيارا للتنمية. 

إنه التدجين السياسي والنقابي وجعل قيادات المركزيات النقابية بمختلف مكوناتها وبما تجلبه من دماء جديدة لتاثيث مشهدها الراهن تنخرط في سياسات تعميق شروط استغلال العمال، وتتحول إلى شرائح منفصلة موضوعيا عن الشغيلة ومرتبطة أكثر فأكثر بالنظام وبأنظمة العمل الرأسمالي وصارت أدواتا للسيطرة وتمرير سياسات الصناديق الرأسمالية الاستعمارية، للحفاظ على شروط النهب والأرباح، وهو ما زاد، ويزيد، من وتيرة اشتعال الحروب، وازدياد اليد العاملة الرخيصة، والهجرة السرية، وانتشار الأوبئة وتدمير الطبيعة وتلويث المناخ..

    لقد تكشف الصراع وجها لوجه، في محطات بارزة، بين النظام وما يملكه من ترسانة مالية واعلامية وعسكرية وادوات الضبط السياسي والنقابي.. والاغلبية التي لا تملك، العارية سياسيا. 

لا نجادل في كون فاتح ماي هو: اليوم البارز في نضال عمال العالم، وكل المضطهدين، ضد رأس المال وسلطة رأس المال. فمنذ انتفاضة شيكاغو 1886، يتواصل فاتح ماي كمحطة نضالية مضيئة للصراع الطبقي بحيث لا يمكن التوافق بين من يملكون وسائل الإنتاج ويستغلون (بكسر الغين) ومن لا يملكون ويستغلون (بفتح الغين) والمحكوم عليهم بالفقر والجوع والامراض الفتاكة والهجرة والحروب.. 

إنه اليوم الرمز لاستمرار الرسالة التاريخية لمشروع الطبقة العاملة وتواصل معركتها من أجل إنهاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وهي تقدم قافلة من الشهداء على طريق التحرر والانعتاق. 

إن جهد النظام وأطراف اللعبة من الأحزاب السياسية واذرعها النقابية، للتغطية على واقع التردي والبؤس وعلى أسبابه الحقيقية وعلى تراكم أرباح الرأسمالي على حساب تفقير منتجي الثروة وغيرها من الجرائم من خلال جريمة "الحوار الاجتماعي"/الضحك على الذقون، لن تنقضي.. فاليوم، وعلى المكشوف، صارت أرباح مجموعات المال واستقرارها هما ما يحدد اولويات الاحزاب السياسية والمركزيات النقابية ويحدد لها كيفية انتاج الخطاب لترويض واخضاع الشعب لقبول الواقع والتكيف معه. 

إن حماية الأرباح والعلاقة بين التكلفة والمنفعة الخاصة بالرأس المالي، وخصخصة القطاعات الأساسية للحياة الاجتماعية، بالدرجة الأولى التعليم والصحة، وتسليع المياه والبيئة، وتوفير شروط إرضاء الرأسمال الاستعماري، هو ما يشكل الإطار المرجعي للعبة السياسية في الوضع الراهن. . 

فالاحزاب السياسية واذرعها النقابية، من "اليمين واليسار" أكلها النظام، والمعركة البطولية للجماهير الاستاذية اسقطت القناع عن قيادة كانت تسوق نفسها كبديل نقابي وسياسي، لتلتحق بمن سبقها من اهل جلدتها ونالوا رضى القيادات المفيوزية البيروقراطية وصاروا مجرد كراكيز لتاثيث خشبة المسرح السياسي. 

كما امتدت أياديه، أي النظام، لاخضاع حركات شبابية كانت بالامس القريب منفلتة، ومزعجة، ووصل الأمر حد لجمها في هذه الفترة الدقيقة، مع ما يعرفه العالم من  نهوض شبابي ضد جريمة الإمبريالية والصهيونية بمشاركة رجعيات المنطقة المطبعة في السر والعلن، في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، وفي المقدمة ما يرتكب من مجازر الابادة اليومية ومن ترحيل للشعب الفلسطيني، والتحكم في توجيهها. ولم يتبقى سوى المسار الذي رسمه شعبنا بالدماء وبحرية أبنائه.. 

وهذه هي الحقيقة والتحدي المفروض الوعي به أولا ممن لازالوا على الطريق، من لم يكونوا مخدوعين، في الأمس واليوم، بالمتقلبين، من المتكلمين بالثورة وبالشعب وأيديهم متمسكة باليمين و"اليسار"، ومن جعلوهم مرجعا للاستشهاد لفتح طريق للتملق واستبدال التموقع.  

وثانيا بشق طريق لا رجعة فيه عن البناء السياسي للادوات التي تربطه بالمعنيين بقضية التغيير الجذري وما يتطلبه هذا الاخير من تحدي ثوري. هذا الخيار وحده من سيبقي الأمل قائما، الأمل في كنس الردة وفتح الطريق لاستئناف المسار الثوري. وهو مهمة ممكنة ولها أفق تاريخي. 

لهذا نقول، وبكل جرأة سياسية: لا مجال للتيه بالنسبة للمناضل الماركسي اللينيني. فمن ارتد ارتد، سواء ارتد في الامس مع موجة الارتدادات الكبرى، او إلتحق بالجوقة اليوم، أو اختار مسارا مغايرا مع صعوبة مهمات التقدم في ظل اشتداد الخناق.

 إن الثورة في حاجة لأناس يهبون حياتهم لها وليس أوقات فراغهم، ولنكران الذات وليس لمن يتوخون النجومية والصعود على الاكتاف.. فالثورة ليست هواية بل مهمة تاريخية تهدف لتحرر الشعوب وخلاصها من نظام الاستغلال والاضطهاد.. منهجية بناء التنظيم يجب ان تنطلق من كون مسألة البناء مسالة سياسية تنظيمية، لا موضوعة إرادية، تتطلب ضرورة بناء فريق المحترفين والحفاظ على الذات والمفاصيل الأساسية.. مع تكريس المناخ التنظيمي كمناخ تربوي في سير العملية حتى وسط المتعاطفين.. فالتنظيم رسالة تاريخية ودماء سالت وستسيل..  

 إن متابعة الصراع والفعل فيه  بأفق بناء التنظيم وخلق امتدادات وسط المعنيين مع تطوير واجهة الصراع الأيديولوجي والاعلامي يتطلب ليس فقط عدم الانقطاع عن العمل السياسي المنظم  والتجربة وتكريس التراكم، بل ايضا تربية فريق من المناضلين المحترفين الملتزمين بأخذ هموم التنظيم والنضال، فقط دون غيرها، على عاتقهم.. الحفاظ على تراكم التجربة والخبرة، وعلى الذات المناضلة والمفاصيل الأساسية، هو المدخل لضمان بناء  بنية تنظيمية متنامية الفعالية وراسخة اكثر. 

نحن نحبو على أربع كطفل وليد، هذه حقيقة اليوم المفروض الوعي بها، واستيعابها بعمق. وهو ما سيجعلنا ننشغل بجد وبتحدي بتعلم كيفية الانتصاب، مهما كلفت التجربة.. 

ومن التحديات التي لا يجب التخلف عنها، تحدي انتظام صوتنا السياسي حول كل ما يجري في واقع الصراع الطبقي وطنيا وامميا، فانقطاع الصوت المعبر بصدق عن هموم شعبنا وعدم انتظامه او غيابه في لحظات حيث يكون لزاما قول الموقف من الصراعات والتطورات الجارية يترك الفراغ لاعداء الشعب لنشر الخنوع والانبطاح، وهذا ما يتطلب من المناضل واجب تحمل المسؤولية وخوض التحدي..




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق