2025/03/01

صوفيا ملك// لقاء بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض

 


لم يوقعا على اتفاقية المعادن، لكنهما كشفا للعالم حقيقة من يتحكم في مصير البشرية، وعلى أي أساس تُذبح الشعوب.

 
لحظات خارجة عن الأعراف الدبلوماسية شهدها البيت الأبيض يوم أمس، 28 فبراير 2025.  
مشهدٌ عرض للعالم حقيقة من يمسك بزمام مصير الشعوب.  

كان اللقاء بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض مُقررًا لتوقيع اتفاقية حول المعادن، والتي تُعد محور المذابح الجارية على الأراضي الأوكرانية. لكن اللقاء تحول إلى مواجهة علنية مهينة، ومشادة حادة خارج إطار الحوار الدبلوماسي، حيث هاجم ترامب ونائبه "جي دي فانس" زيلينسكي بسبب رفضه التوصل إلى أي اتفاق مع روسيا أمام الكاميرات، وفي بث تلفزيوني مباشر.  

من البيت الأبيض إلى كل مكان، في لحظات، كانت مسرحية رسمية لكنها مدوية.  
أمام عقول محشورة في أقفاص البورصات والأجهزة الذكية، والأرباح الوهمية، وأرقام الدولارات، وفي كل ما يرمز إلى الوجه القبيح للرأسمالية الذي تجاوز حتى تصوراتنا عن الجحيم، يهاجم مقاول البيت الأبيض بائع "كييف" ليُبرئ ساحة واشنطن من دماء الأطفال والجنود والمدنيين، ومن دماء النساء وكبار السن الذين سقطوا على جبهات حروبها. هذا الكشف كان مخيفًا لدرجة أن الكثيرين لم يجرؤوا حتى على الإشارة إليه.  

الخطر المرعب هو أن يُنظر إلى هذا العرض الرمزي على خشبة مسرح البيت الأبيض، حيث تتحرك وحوش الكون وفقًا لشريط مصالح تجار الحروب، على أنه مجرد مزحة، أو أن يتحول إلى لقطة عابرة تُنسينا جرائم العصر. وتسمح هذه الحروب المتخصصة في عقد اتفاقات بين ديكتاتوريين منتخبين وديكتاتوريين صغار، يبيعون ويشترون كل ما تحت الأرض، وكل ما فوقها، وكل ما يطير في السماء. إنهم ملّاك أراضي الكون المتاح: بوتين، ترامب، زيلينسكي، نتنياهو، بوش، كلينتون...  

إن مسرحية مجرمي الحرب الدوليين، وأدوار كل من المؤيدين والمدينين لسلوك رجل البيت الأبيض، لن تحيدنا عن الحقيقة. فمنذ ثلاث سنوات، تتواصل إراقة الدماء والقتل والتدمير بين شعبين عاشا معًا لسبعة عقود في ظل الاتحاد السوفييتي، حيث كانا يبنيان المجتمع الاشتراكي الجديد بجهود جبارة، ويتغلبان على الأعمال التخريبية للإمبريالية، ويواجهان هجمات الوحش الفاشي على الأراضي السوفييتية، ويهزمان النازية الألمانية وحلفاءها. والآن، يقتل أحدهما الآخر.  

الحرب الدائرة بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، إلى جانب البرجوازية الأوكرانية من جهة، وروسيا الرأسمالية وحلفائها من جهة أخرى، حولت الشعبين الشقيقين إلى ساحة قتال وأدوات لخدمة صراعات حول الثروات والنهب وطرق التجارة والأسواق والموارد النادرة. إنها حرب إمبريالية من كلا الجانبين، لا يمكن أن تخفيها الذرائع التي يروجها معسكر الناتو، الذي يصور الحرب على أنها صراع بين قوى "ديمقراطية" و"استبدادية"، أو الذرائع التي تطرحها القيادة الروسية حول "حرب ضد الفاشية"، والتي تخفي وراءها مسؤولياتها وأهداف البرجوازية الروسية.  

فالقوى التي تعيد إنتاج أسطورة "مناهضة الفاشية" تخفي جوهر الحرب الإمبريالية وتحاول تبرير الغزو الروسي لأوكرانيا وانتهاك سيادتها. إنها تتجاهل حقيقة أن مكافحة الفاشية هي قضية تهم الشعوب وترتبط بالنضال من أجل الإطاحة بالرأسمالية التي تلد الفاشية وتغذيها، ولا يمكن أن تكون ذريعة لدعم الحكومات البرجوازية تحت شعار "الجبهات المناهضة للفاشية". مثل هذه القوى تشوه الطبيعة الطبقية للدول الرأسمالية الكبرى، مثل روسيا والصين، والتي يتم تقديمها للشعوب، إلى جانب ما يسمى "الحكومات التقدمية" في أمريكا اللاتينية ومجموعة البريكس، على أنها "قوى معادية للإمبريالية"، بينما تسعى في الواقع إلى إعادة تشكيل العلاقات الدولية لخدمة مصالحها الخاصة.  

إن العمل السياسي الثوري، بمنظور طبقي، يجب أن يعارض الحرب الإمبريالية ويعادي الحروب التي تُشن على الشعوب. عليه أن يقف ضد تقسيم الدول وتفتيتها، وأن ينحاز إلى جانب المضطهدين والمستغلين على المستوى الأممي، وهو بذلك يقف في الجانب الصحيح من التاريخ.  

مع هذا التصاعد للهجوم الإمبريالي الصهيوني الرجعي وتكثيف الحروب الإمبريالية، يجب النظر بعمق إلى المهام الجديدة التي تبرز للواجهة وتفرض على الحركة الثورية والحركة العمالية والشعبية في كل بقعة من العالم تحمل المسؤولية لإنقاذ الإنسانية. هذه المهام تتطلب زيادة الاستعداد للتضحية ومحاربة الرضا عن الذات، من أجل تنظيم المقاومة على مستوى أعلى ضد استراتيجيات رأس المال ومخططات النظام الرأسمالي التي تفرضها المؤسسات المالية الإمبريالية، والتي تتعارض مع مصالح الشعوب. الهدف هو الإطاحة بالنظام الرأسمالي وهدم هياكل التبعية، تمهيدًا لبناء الاشتراكية، وتأميم وسائل الإنتاج، والتخطيط العلمي المركزي، حتى تتمكن الشعوب من العيش بكرامة وحقوق تستحقها.  





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق