الاستعدادات جارية لتغطية سماء أوروبا والشرق الأوسط بالصواريخ والطائرات، وملء أراضي أوكرانيا بالأسلحة. تم اختتام أعمال قمة "الحرب" في لندن، والتي
سعت من خلالها القوى الإمبريالية إلى تأمين "مستقبلها" والاستعداد لمجزرة عامة في ظل التنافسات الشديدة بينها، وحتى بين الحلفاء "التقليديين".
شارك في هذه القمة، التي انعقدت يوم الأحد 2 مارس 2025، كل من زيلينسكي، بائع المعادن النادرة، الذي استقبله رئيس الوزراء البريطاني بعناق حار بعد قدومه من واشنطن، حيث أنهى زيارته بمشادات مع رئيس البيت الأبيض، بعد فشله في عقد صفة حول بيع المعادن للولايات المتحدة الأمريكية. كما حضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ورئيس الوزراء البولندي، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، بالإضافة إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، ورئيسي المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي أورسولا فون دير لايين وأنطونيو كوستا.
وأعلن رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، زعيم حزب "العمال"، أنه ينوي ضمان أي "اتفاقية سلام" إذا حدثت، مشيرًا إلى أن أي مبادرة تُتخذ يجب أن تحظى بـ"دعم الولايات المتحدة". وقد اتفق المشاركون في القمة على جعل كييف فيتنام القرن الحادي والعشرين، بالاتفاق على:
- مواصلة المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا طالما أن الحرب مستمرة، وزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا.
- أي سلام مستدام يجب أن يضمن السلامة الإقليمية لأوكرانيا وأمنها، ويجب أن تكون أوكرانيا طرفًا في أي مفاوضات لاتفاقية سلام.
- إذا تم التوصل إلى اتفاقية سلام، فإن القادة الأوروبيين سيضمنون منع أي غزو روسي مستقبلي.
- سيكون هناك تحالف من الراغبين لحماية أوكرانيا وضمان السلام في البلاد.
هذا الاتفاق يظهر سيل لعاب قادة الإمبرياليات الغربية أمام بائع كييف، الذي يعرض المعادن النادرة والطاقة النووية والفحم والغاز الطبيعي والنفط، وكل الاحتياطيات الاستراتيجية والموانئ في أوكرانيا! هذا الأخير الذي يحتاج إلى الأسلحة والجنود (200 ألف جندي التي طلبها سابقًا من رؤساء الاتحاد الأوروبي) لمواجهة "مشكلة صغيرة" تتعلق باحتلال الجيش الروسي لـ75٪ من المعادن النادرة الأوكرانية.
لهذا، اتجهت جميع تصريحات الرؤساء نحو الحرب. على سبيل المثال، أعلن ستارمر عن حزمة جديدة بقيمة مليار و600 مليون جنيه إسترليني لدعم الصناعة الحربية، بهدف إنتاج 5000 صاروخ سيتم تخصيصها للمجزرة في أوكرانيا. وقال هذا الديمقراطي الاجتماعي إن هذه الخطط المدمرة تسير قدمًا لأن "أمن المواطنين البريطانيين" هو أولويته، مع أن العمال، كما قال، "يواجهون عواقب الحرب" التي تُخاض بدقة وبمشاركة بريطانيا طوال هذه السنوات.
أما ممثلة الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، التي تمتص وتسفك دماء الشعوب في زمن السلام والحرب الإمبرياليين، فقد أدلت بتصريحات أيضًا. قالت: "يجب علينا إعادة تسليح أوروبا بشكل عاجل (...) من المهم جدًا زيادة الاستثمارات في مجال الدفاع لفترة طويلة"، مشددة على التوجه للاستعداد لـ"الأسوأ". فمئات المليارات التي تُسلب من عرق ودم العمال لتمويل الصناعة الحربية، بالطبع سيقوم "تماسيح" الاتحاد الأوروبي بتقديمها، كما قالت، إلى جانب الولايات المتحدة، من أجل.. "الدفاع عن الديمقراطية وقواعد القانون، أي أنه لا يمكنك غزو جارك أو ممارسة البلطجة عليه، ولا يمكنك تغيير الحدود بالقوة". وهو ما فعله ويفعله منذ سنوات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف الناتو، في يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وأفريقيا والقوقاز وأوكرانيا والشرق الأوسط،.. مثلما تفعل روسيا في أوكرانيا.
أما رئيس وزراء بولندا فقد وصف القمة بأنها "تاريخية" وأعلن أن بولندا هي أكبر ممول لحلف الناتو من حيث الإنفاق كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تخصص 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي لاحتياجات الحرب في تحالف الذئاب، وأضاف أنه "سعيد لأن المزيد والمزيد من الدول تتجاوز الكلمات والتصريحات إلى الأفعال لزيادة الإنفاق".
وقال الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، بفرح كما هو الحال دائمًا مع هذا الصقر الحربي، إنه سمع في هذه القمة: "خبرًا جيدًا جدًا، أن المزيد من الدول الأوروبية ستزيد من الإنفاق الدفاعي."
موازاة مع هذه التطورات، وفي حفل أقيم يوم الأحد 3 مارس بمناسبة تخرج دورة ضباط تزامنًا مع انعقاد قمة لندن، ألمح نتنياهو إلى خطة الحرب بالقول: "نحن مستعدون لاستئناف القتال المكثف في أي وقت. الخطط الخاصة بالعملية جاهزة." وهو نفسه الكلام الذي ذهب إليه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خلال مؤتمر في القدس بالقول: "نحن نستعد، ونراكم القدرات، وعندما نكون جاهزين، سنفتح أبواب الجحيم مرة أخرى على حماس."
وكل هذه التصريحات تأتي مباشرة بعد موافقة الولايات المتحدة على صفقة أسلحة بقيمة 3 مليارات دولار للكيان الصهيوني، متجاوزة مراجعة الكونغرس، يوم الجمعة، قبل انعقاد قمة لندن بيومين. وتشمل هذه الصفقة، كما ذكرتها الصحف: 35,529 قنبلة ثقيلة من نوع MK-84 و BLU-117، 4,000 رأس حربي اختراقي من نوع I-2000، و201 قنبلة من نوع MK-83، و4,799 قنبلة من نوع BLU-110A/B، و5,000 مجموعة توجيه من نوع JDAM، وجرافات كاتربيلر D9 المدرعة.
وأمام هذا السخاء، يتوقع الكيان الصهيوني تلقي دعم أكبر من الولايات المتحدة في حالة استئناف الحرب مقارنة بما تلقاه في عام 2024.
لهذا تبدو كل هذه التصريحات وما رافقها من تطورات وحركات دبلوماسية وتجارية ميدانية تكشيرًا عن الأنياب، ومؤشرًا ينذر بتصعيد المجازر. ومن جانب آخر، تزيد من تعرية أكاذيب "الديمقراطية" و"الحرية" و"الخيول الخضراء" في إنتاج الطاقة، إلخ! إنها الصفقات الكبرى،..
استعمرونا وما زالوا..
يقتلونا ويسيرون في جنازتنا،..
وزيلينسكي يبيع كل شيء مقابل "كرسي"!
فلما لا نقول: لدى الأوكرانيين رئيس لطيف، شيء مثل "كوليس"...
("كوليس" كلمة مشتقة من اللغة الإنجليزية "Cool" والتي تعني "رائع"، مستعملة هنا لوصف رئيس يثير الإعجاب)