بمناسبة الثامن من مارس، نحيي عاملات معتصم الكرامة، والعاملات الزراعيات، وكل العاملات اللواتي يواصلن مسيرة نضال عاملات مصانع النسيج في شيكاغو ضد التمييز الطبقي، والاستغلال، والظلم، والحروب، والفقر، والتهجير، والاقتلاع،..
من أجل أن تعيش النساء ورفاقهن وأطفالهن في مجتمع يتحكم فيه منتجو الثروة، رجالًا ونساءً، في الخيرات التي ينتجونها بأنفسهم لتلبية احتياجاتهم المعاصرة، وتأمين حياة أبنائهم ومستقبل شعوبهم.
ونحن في مدونة "مغرب النضال والصمود: من أجل بديل جذري"، الناطق الحصري باسم "تيار البديل الجذري المغربي"، مقتنعون بأن لا شيء يمكن أن يوقف شعبًا مصممًا ومنظمًا، يحارب من أجل حقوقه وخلاصه.
في الثامن من مارس هذا العام، اليوم الأممي للمرأة العاملة، نلتقط الخيط من النضالات العظيمة والتضحيات التاريخية التي خاضتها النساء العاملات في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. نستلهم من المعارك الصغيرة والكبيرة التي تخوضها آلاف النساء في الضيعات والمعامل، وفي الشوارع، حيث يقاومن العنف والقمع المتعدد الأشكال الذي يتعرض له شعبنا بنسائه ورجاله في كل جانب من جوانب الحياة اليومية. نواصل معركة النضال من أجل المساواة والتحرر بعناد، وهي معركة تستدعي تعزيز مشاركة المرأة في النضال والتنظيم للعمل على طريق الإطاحة بالنظام الرأسمالي التبعي الفاسد والعميل.
إن المذنب الحقيقي ضد الشعب، والمسؤول عن التشرد والفقر، هو النظام.
النظام هو الذي يحمي الرأسماليين، والإمبرياليين، والصهاينة، مصاصي دماء العاملات والعمال ويخضع كل خيرات بلدنا لمصالح القوى الاستعمارية.
النظام هو الذي يقف وراء كل أشكال الظلم والقهر والاضطهاد.
النظام هو الذي يسن القوانين الطبقية المجحفة التي تكرس التمييز الجنسي ودونية المرأة.
النظام هو الذي يقف وراء تشريد العاملات والعمال، وتشريد الطفولة، وتفقير الأسر.
النظام هو المسؤول عن عدم المساواة والعنف والقمع الذي تواجهه النساء، وعن الإرهاب الذي تمارسه الشركات في أماكن العمل.
النظام هو الذي يفرض على العاملات حياة مرهقة، بساعات عمل طويلة، وأجور لا تكفي لتغطية احتياجاتهن، ودون حماية لصحتهن الأنثوية وأمومتهن.
النظام هو الذي يثقل كاهل المرأة العاملة لحسابها الخاص، سواء في الميدان الحرفي أو التجاري أو الفلاحي، بالضرائب، ويتحكم في الأسواق والنظام الجمركي وسياسة القروض، ليحكم عليها بالإفلاس والفقر.
النظام هو الذي يحكم على الأحياء الشعبية، التي تثير شهية المستثمرين العقاريين الكبار، بالإفراغ والهدم، ويعرض الأمهات وأطفالهن وباقي أفراد أسرهن للتشرد.
النظام هو المسؤول عن ترك النساء وأسرهن في المناطق المنكوبة بالزلازل والفيضانات، محاصرات تحت الخيام البلاستيكية في ظروف قاسية، محرومات من الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، ودون أبسط مستلزمات الحياة.
النظام هو الذي جعل للطفولة مكانا في المخافر بدل المدارس.
النظام هو المسؤول عن إغراق الأسواق بالسلع المسمومة والمسرطنة والمتلاعب في تاريخ صلاحيتها.
فمن خلال الهجوم على حقوق شعبنا وتعريضه للتجويع والتفقير والقهر، يرفع النظام منسوب الغضب لدى آلاف النساء بسبب المشاكل الكبيرة التي يعانين منها في كل جانب من جوانب حياتهن. هذا الغضب يتزايد بسبب المصاعب المتزايدة التي يواجهنها نتيجة الاستغلال والقمع، وكذلك بسبب الروح النضالية التي أثارتها جريمة تشريد عاملات "سيكوم/سيكوميك" في مكناس. هذه الجريمة كثفت من جهود العاملات والعمال المعتصمين وكل الداعمين للمعركة، ودفعت بالفعل التضامني لجعل الثامن من مارس، اليوم الأممي للمرأة، حلقة أخرى في سلسلة التراكم النضالي والتضامني الذي يحتضنه معتصم الكرامة في مكناس، ويراكم الصمود والتضحيات ضد عنف الاستغلال، والاضطهاد، والتشريد.
إنه تراكم سينضاف إلى معركة العاملات والعمال في معتصم الكرامة.
فالعاملات والعمال، والطالبات والطلاب، والمعطلات والمعطلون، بعيدًا عن الأوهام والضلالات، وبعيدًا عن شعارات النظام وخداع البيروقراطيات والأحزاب المنبطحة، يعرفون الحقيقة. يعرفون جريمة "سيكوم/سيكوميك"، ويعرفون الإجرام المسلط على الشعب والاستهداف المنهجي ضده.
عاملات "سيكوم" بمثالهن الحي في الحاضر، يقدمن درسًا تاريخيًا يضع أمامنا تحديًا لتبذل الجهود والتضحيات لبناء قوتنا وسط الطبقة العاملة، والفلاحين الفقراء، والطلبة، والفئات الشعبية الأخرى.
مثلما أن الواجب والمسؤولية يقتضيان الآن من كل المتعاطفين مع الطبقة العاملة تعزيز الانخراط بكفاحية، وبشكل منظم ودون تردد أو هوادة، حتى النهاية، لإنصاف العاملات والعمال المشردين، ومراكمة الفعل المنظم من أجل البناء، وبهدف الإطاحة بنظام الطبقات الذي يخلق "سيكومات" في كل مكان!
نحن أمام أكثر من 550 عاملاً وعاملة تم تشريدهم بإشراف البيروقراطية النقابية ومؤسسات النظام.
تشريد 550 أسرة ليس حدثًا منفردًا، بل هو أحد أقسى مظاهر سياسة نظام مبني على التضحية بحياة البشر من أجل الربح في جميع المجالات.
فلنجعل من 8 مارس 2025 يومًا للنضال العنيد من أجل تصليب معتصم الكرامة.
معتصم الكرامة الشامخ يعطي للثامن من مارس مضمونه الطبقي الحقيقي، ويترجم جوهره التاريخي الدموي للرأسمالية. بعيدًا عن شكليات الورود وعلب الشوكولاتة، وصور المُدلعات وهتافات الإعلام البرجوازي، فإن اليوم الأممي يتجاوز الطمس الرجعي المحيط به، ليعيد اكتشاف حقيقته.
إنه اليوم الذي يربط بين الماضي والحاضر، بين قتل العاملات في شوارع نيويورك في الماضي، وتشريد العاملات في شوارع مكناس في الحاضر. إنه يوم يشهد على دور المرأة في التغيير وبناء المجتمع الإنساني، يوم يؤكد أن التحرر لا يمكن أن يتحقق دون أن يكون للمرأة دور ريادي فيه.
هو يوم تُروى فيه دماء العاملات والعمال، وتضحيات الشعوب. يوم تُكتب فيه صفحات النضال من أجل العدالة والمساواة، حيث تكون المرأة في قلب المعركة، شامخةً كالجبال، صامدةً كالصخور، تُلهم الأجيال بثباتها وإصرارها.
الثامن من مارس ليس مجرد يوم للاحتفاء الشكلي، بل هو يوم لتجديد العهد مع النضال، يوم نستلهم فيه روح التضامن والكفاح من أجل عالم خالٍ من الاستغلال والظلم، عالم تُبنى فيه العدالة على أساس المساواة الحقيقية بين النساء والرجال.
فلتكن رموزنا هن الكادحات، المعتصمات في شوارع مكناس، اللواتي يكتبن بدمائهن وتضحياتهن فصولًا جديدة من النضال، فصولًا تُلهم العالم بأن التحرر الحقيقي يبدأ من الشوارع، حيث تُرفع الأصوات المطالبة بالعدالة، وتُزرع بذور التغيير.
2025/03/07