في الذكرى الـ155 لميلاد القائد الثوري الأممي فلاديمير لينين، يبقى رمزا خالدا في ضمير الشعوب التواقة إلى كسر قيود استغلال الإنسان للإنسان، ورائدا لفكر حول الحلم الاشتراكي إلى واقع ملموس.
وُلِد فلاديمير إيليتش أوليانوف (لينين) في 22 أبريل 1870 بمدينة سيمبيرسك الروسية على ضفاف الفولغا، لِيصبح أبرز منظري الماركسية ومهندس انتصار ثورة أكتوبر الإشتراكية عام 1917، التي أقامت أول دولة تحكم بسلطة السوفييتات (مجالس العمال والفلاحين)، مرسية أسس مجتمعٍ جديد، مجتمع مبني على اقتصاد يهدف لإشباع حاجات الناس لا تعظيم أرباح الطبقة الرأسمالية، وعلى تحرير الإنسان من الاستغلال عبر تمليك وسائل الإنتاج للشعب. لم تكن تجربة الاتحاد السوفييتي مجرد صرح سياسي، بل دليلًا عمليا على إمكانية تحقيق العدالة الاجتماعية، وردا تاريخيا على أزمات الرأسمالية التي تولد الحروب والمجاعات كضرورةٍ لبقائها.
لم يكن لينين فيلسوفا حبيس الكتب فحسب، بل قائدًا عمليا كشف تناقضات "الأممية الثانية" وانحرافاتها عن المبادئ الماركسية، مُؤسسا لفكر ثوري ربط النظرية بالممارسة: من مناهضة التعاون الطبقي، إلى تحويل البروليتاريا وحلفائها من الفلاحين الفقراء إلى قوة منظمة قادرة على اجتثاث النظام القديم. وبفضل فكره، انتصرت إرادة الجماهير في بناء دولة صمدت أمام حروب التدخل الرأسمالي، وقدمت نموذجًا للخدمات المجانية في التعليم والصحة، وحققت طفراتٍ تنموية جعلت من دولة المُعدمين قوة عظمى.
أما اليوم، وفي ظل هجوم الرأسمالية، - هجوم النظام القائم في بلادنا - على كادحي العالم، نرى نظاما يسحق حقوق العمال بـ"مرونة التشغيل" (التي تعني القتل البطيء للأمن الوظيفي)، ويُعمق الفقر والبؤس عبر خوصصة الخدمات الاجتماعية الأساسية كالصحة والتعليم وغيرها ، بينما يُوسع من سجونه وقوانينه القمعية لخنق أي احتجاج. إن حروب النظام الرأسمالي من غزة إلى أوكرانيا، ومن أزمات كورونا إلى المجاعات المُفتعلة، ليست سوى أدوات لاستمرار نهب ثروات الشعوب وإلهائها عن عدوها الحقيقي، في شخص الرأسمالية التي تُحوِّل البشر إلى سلعة، والطبيعة إلى مكب للنفايات.
لذا، يجب أن نستلهم من فكر لينين وثورة أكتوبر دروسًا ملحة:
لا إصلاح تحت ظل الرأسمالية، فالنظام القائم على الربح لا يعادل نفسه، بل يدمر من يُحاول إصلاحه.
وحدة نضال العمال والفلاحين الفقراء والفئات الكادحة هي السلاح الأقوى لمواجهة تحالفات رأس المال والاستعمار.
الثورة مسار يومي: من إضرابات العمال إلى مقاومة مخططات النظام، ومن التوعية النظرية إلى بناء التنظيم الثوري.
لنكن واضحين: الثورة الاشتراكية ليست حُلمًا غائمًا، بل خيارا واقعيا حين يتحول اليأس إلى إرادة، والخوف إلى وعي. فكما قال لينين: "يوجد عشرات السنين حيث لا يحدث شيء، وأسابيع حيث تحدث عقود".
المجد للينين..
المجد للشهداء..