جواد لخضر: إنها
64 يوما من الإضراب عن الطعام الذي تحرجنا به جميعا يا رفيقي الغالي مصطفى.
إنها 64 يوما من الإضراب عن الطعام الذي تحرجنا به جميعا يا
رفيقي الغالي مصطفى ، إنها تحديدا المدة التي لفظ فيها رفيقنا عبد الحق شباضة أنفاسه
الأخيرة يوم 19 غشت من سنة 1989 ، و هي نفس المدة التي وردنا فيها خبر إحتضارك في غرفة
الإنعاش التي صفدوا يديك و قدميك فيها، مدعوما فقط بأسرتك الصغيرة و بعض رفاقك الذين
سلموا من حملة الإعتقالات و المتابعات الواسعة التي دشنها النظام و أذياله في نهاية
الموسم المنصرم ، قبل أن يتم اختطافك و أنت ملقى عل أرض الساحة التي تقاسمنا فيها الحلم
و الرغيف و سطرنا فيها لحظات لن يستطيع حتى الموت أن ينتزع منها لونها الزهي في ذاكرتنا
، اللون الذي إستبذله البعض و ذاك شأنهم ، و بيقنا نحن نجدد القسم على أرواح من رحلوا
بألا نرتد و ألا نكل أو نمل ، و ها أنا ذا أراك على فراش الشهادة رافضا أن تتراجع أو
أن ترضخ للمساومات التي حملوها معهم علها تكون سببا في عدولك عن إضرابك البطولي الذي
أحرج و أخرس كل الذي أعلنوا اللاموقف في التعاطي مع ملفك و ملف رفاقك الذين يكفيهم
شرفا أنهم الوحيدون الذين أضطر معهم النظام ليحياكة كل الدسائس و المؤامرات ليوقع بهم
، فهل تم الإيقاع بكم ؟ هل أعطيتم للبعض فرصة الإنتشاء " بسقوط قلعتكم "
؟ هل هذه نهاية فكر و ممارسة اشتهرتم بها عبر عقود من الزمن ؟ هل هذا كاف ليكف البعض
على الإرتماء في أخضان التناقض الرئيسي عله يشفي بعضا من الجراح السياسية التي راكمها
و هو متخلف في نهاية الركب النضالي ؟
كلا ايها الرفيق الغالي ، كلا أيها الرفاق العظماء في غياهيب
السجون ، فأنتم نبض الحجر والبشر ، أنتم الذين صمدتم في عز الهجوم و مارستم الصراع
على كل الجبهات و انتصرتم بإبرازكم للحقيقة التي ماعادت تخفى على أحد ، إلى جانب كل
المعتقلين السياسيين ( سلا ، تازة ، مراكش ، فاس ، مكناس ...) الذين لا يزالون يشكلون
قوافل أسرى الحرب الطبقية ببلادنا ، الحرب الطبقية التي اشتدت و ستشتد لتقذف اللاموقف
بعيدا جدا و تحتفظ بالموقف السليم الذي هو وحده الضامن الأساسي لاستمرارنا كجنس غريب
عن زمن القذارة هذا.
مت يا رفيقي ، مت لتتهاطل عبارات العزاء و يصبح النفاق موضة
لبضعة ايام ، مت ليجد بعضنا موضوعا صالحا للكتابة عله يرحمنا من القمامة المتراكمة
في هذا العالم الإفتراضي العزيز جدا على البشر الإفتراضي .
اقول لك مت رغم علمي المسبق أنك آخر من يتهاوي بالجوع أمام ضربات
الجلاد و أنت الذي أمضيت سنوات تهندس البطولات في الظل ، و أتت لحظة الإمتحان العلني
للمبادئ و القيم التي شكلت دائما عذاباتنا التي لا تنتهي ، أتت لحظة الإمتحان الذي
عزك فيها التاريخ في نفس الآن الذي ذل فيه طوابير المنتظرين الذين شحدوا سكاكينهم منتظرين
سقوط البقرة .
رفيقك جــواد
شارك هذا الموضوع على: ↓