2024/09/06

صوفيا ملك// فاجعة مدينة القليعة .. "سعيد كرام" شهيد الحرب الطبقية

"سعيد كرام" ابن مدينة القليعة التابعة إدارياً لعمالة إنزكان أيت ملول، وهي واحدة من اكبر أحزمة الفقر التي يلجأ إليها أغلب من هاجروا لجهة سوس ماسة من باقي مناطق المغرب المفقرة..


اهتزت المدينة على فاجعة استشهاد "سعيد كرام" يوم الثلاثاء 3 شتنبر 2024، إثر حملة ما يسمى بتحرير الملك العمومي، تحت اشراف رجل السلطة برتبة قائد، ومن غريب الصدف أن في هذه المدينة أوجد النظام المكان الأنسب لبطل جريمة "طحن مو" لممارسة سلطته بعد جرائمه المتناسلة، وفضائحه، من ضمنها جريمة قتل "محسن فكري" بمدينة الحسيمة..

وها نحن مرة أخرى أمام جريمة أخرى لواحد ممن تشبعوا بأسلوب النظام في طحن الشعب ودهسه ليزيد لها اليوم اسلوب جديد يسميه الرأي  العام  بالمدينة الخنق، وبطلها  واحد ممن أثبتوا في الأيام الاخيرة استحقاقهم في تنفيد التعليمات للترقي لرتبة قائد...
انتفض أصدقاء "سعيد" وجيرانه وكل من يعرفونه والكثير من سعيد يشبهه في المعاناة، من باعة متجولين وحرفيين وعمال، وما أكثرهم في مدينة البؤس والفقر..
قال كل من يعرفون "سعيد"، ومن لا يعرفونه أن خنقه لحد الموت جريمة، جريمة كان بطلها رجل سلطة ارتقى في الأيام الأخيرة لدرجة قائد، في تنفيذه لما يسمونه حملة "تحرير الملك العمومي" والتي يترتب عنها مصادرة ممتلكات وبضاعة الباعة المتجولين.. ويوم الخميس، 5 شتنبر 2024، كانوا خلف جثمانه ويشهدون بصوت واحد انه شهيد الحكرة، ويشهدون ان كل الروايات التي نسجها الأعداء مزيفة.. وأن تزييف الحقيقة تثبت أن النظام هو المسؤول وان رجل السلطة مجرد خادم مجتهد ومطيع، ويشهدون أن الظلم والاحتقار، والتعسف، والتفقير، وصلوا حدا لا يطاق..
لم يصمت شباب المدينة على الفاجعة. لم تنل منهم رواية الأعداء الكاذبة. يشرحون كل شيء من البداية. لا يملون من تكرار رواية الواقعة/الفاجعة، ويكررونها وكأنها لم تشرح ولم تحك من قبل. يشرحون ويؤكدون ويثبتون أن الجريمة جريمة..
يشرحون أن الحكرة المتفشية في المدينة جريمة ضد الإنسانية..
يشرحون أن التفقير لحد التجويع السائد في المدينة جريمة ضد الانسانية، لأن اللامبالاة بالحياة هي اللاإنسانية..
يشرحون أن حياة الإنسان ليست حبة رمل مزعجة على أبواب  القصور حتى يعبث بها متى شاء نظام الأعداء وخدامه..
يشرحون أن الاجهاز على حياة الإنسان ليست حديثا مريحا ينشره الإعلام المملوك.. ولا روايات مزيفة تنسجها مؤسسات النظام للترهيب والاجهاز على الحقيقة..
يشرحون أن خروج سلطات عمالة إنزكان أيت ملول ببلاغ/رواية لا أساس لها من الصحة وأن مفرداتهم الإرهابية لن تضع حدا لشهاداتهم الحية وللحقيقة كما هي..  
  ف"سعيد كرام"، واحد من شباب شعبنا الذي لم يضعه الحظ، في بلد ندرة الحظ، خلف مكتب فاخر، وببدلة يهابها رجل القانون في بلاد الغرائب، بلاد الاحتقار/الحكرة، بلاد الطحن، والدهس، والخنق.. لو كان كذلك لما تجرأ رجل السلطة على لمسه..
لو كان "سعيد كرام" سائحا أو يحمل شيئا لإخفاء الفقر اكيد كذلك لن يتجرأ حتى أكبر رجل سلطة في الإقليم أن يقترب منه..
لو كان سعيد يرتدي زي مثل زي رجل السلطة الذي خنقه لما تجرأ على خنقه..
ولكن سعيد كرام وضعته الحياة مثلما هو حال العديد من شباب بلد الخنق والتفقير، في سلم من يفرض عليهم واقعهم أن يكافحوا من أجل توفير لقمة الأب والأم والاخوة..
لم تكن مدينة القليعة في حرب وأصيب خلالها سعيد بشضايا قنبلة..
لم تعرف القليعة زلزالا وكان سعيد واحدا من ضحاياه..
سعيد لم يكن في معركة طبقية تستهدف مصالح النظام ووصلت لحد الاصطدام العنيف وسقط شهيدا..
سعيد كان خلف بضاعته يترقب قدوم الزبناء ليتمكن من توفير لقمة العيش له ولعائلته..
سعيد مثل كل واحد منا خرج من بيته في الصباح للكفاح من أجل الحياة الكريمة..
سعيد لم يفعل سوى ما يفعله الملايين من الناس كل يوم من أجل أن يوفر للصباح الموالي قليلا من الخبز والزيت وكأس حليب يتقاسمه مع باقي أفراد عائلته..   
سعيد لم يفعل يوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2024 سوى ما يفعله كل واحد منا..
إذا كيف نفسر أن يقتل سعيد لأنه خرج للكفاح من أجل لقمة العيش كما هو شأن كل واحد منا؟!
ألا يكفي ما عشناه ونعيشه من تفقير ومن نهب ومن تجويع ومن جمر ورصاص ومن طحن ومن دهس ومن ترك ضحايا الزلزال تحت الأنقاض ومن تشريد للمئاة من العمال ومن خنق.. لتفسير واقع الصراع الذي نعيشه كل يوم بحيث لا شيء يمكن أن نأتمن به؟!  
إنه الصراع الطبقي،..
إنها الحرب الطبقية..
وسعيد شهيد من شهداء هذه الحرب التي لا تعرف الرحمة..




شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق