2014/08/28

البديل الجذري: الاتحاد المغربي للشغل: موقفنا من البيروقراطيتين..


تقديم:
يعتبر العمل النقابي من بين واجهات الفعل النضالي الأساسية. فمن خلاله يمكن الارتباط أكثر بالطبقة العاملة التي نسعى في تيار البديل الجذري المغربي، كتيار ماركسي لينيني، الى المساهمة،
وبالدرجة الأولى، في بناء/تأسيس حزبها السياسي البروليتاري. وفي نظرنا، ليصب نضالنا النقابي في هذا الاتجاه، لابد أن يكون مؤطرا تنظيميا وبرنامجيا. فالعمل النقابي من طرف الأفراد، وكيفما تكن كفاحيتهم أو مرجعيتهم، سيجدون أنفسهم في الهامش أو تحت رحمة وتوجيه التنظيم أو التنظيمات السياسية الأكثر حضورا داخل هذه النقابة أو تلك وبنزين محركاتها لخدمة تصوراتها القريبة والبعيدة المدى. وقد عشنا ما يكفي من التجارب التي أثبتت أننا كأفراد سنبقى دائما الحلقة الأضعف أو اللقمة السائغة في حلق هذه الجهة السياسية أو تلك. وقد بدا ذلك واضحا بالنسبة لما يسمى "بالتوجه الديمقراطي"، فحزب النهج الديمقراطي ورغم الحضور والمتابعة من طرف العديد من المناضلين، ورغم إشراكهم والتشاور والتنسيق معهم (شكليا) تجده، أي النهج، يقرر (يحسب) لوحده ويفرض الأمر الواقع على الجميع باسم الديمقراطية (العددية). ومثال مجلس التنسيق الوطني بتاريخ 19 يوليوز 2014 يزكي هذه الحقيقة الثابتة التي تسيئ الى الديمقراطية والى العمل النقابي المبدئي والكفاحي. ومن جهة أخرى، فلن نمل من ترديد أن موجهنا/محددنا للانخراط في هذه النقابة أو تلك ليس بالمرة قانونها الأساسي أو مقرراتها أو عيون قادتها أو مواقفها. إنه قاعدتها الواسعة من العمال ومختلف الفئات الشغلية مقتنعين بأن النضال المبدئي الثوري والدءوب هو المقياس والضامن للفرز وتحديد المواقع الحقيقية لكل طرف والكاشف للأزياء البراقة التي يختبؤون خلفها وهو القول الفصل الذي يجدد ويضمن الاستمرارية والتشبث بالنصر ويزيل للهامش الضجيج الأكثر من الصورة المصنوعة والمصطنعة. فنقابة فارغة لا جدوى منها، ولا تستحق أن تكون نقابة، وإن تحمل اسم نقابة ديمقراطية (جميلة وساحرة) وذات قوانين ومقررات "مطروزة"..
البيروقراطية الموروثة:
لقد نجحت البيروقراطية الموروثة بقيادة المافيوزي الأول الميلودي موخاريق في إحكام قبضتها على الاتحاد المغربي للشغل وبدعم من النظام إبان المؤتمر الوطني العاشر، وبالضبط بعد مسلسل التخلص من الأصوات "المزعجة"، أي ما يسمى "بالتوجه الديمقراطي". وصارت الآن تمارس هيمنتها المطلقة والمريحة رغم مقاومة ثلة من المناضلين المبدئيين والمكافحين. وما يهمنا نحن، وكما دائما، الى جانب فضح هذه المافيا التي احترفت الاستثمار في العمل النقابي وجعلت من النقابات مجرد أدوات لخدمة الرأسمال المحلي والعالمي، هو التواصل والارتباط بالطبقة العاملة. ولأن هذه الأخيرة حاضرة داخل الاتحاد المغربي للشغل، فسيستمر انخراطنا بالاتحاد، وخاصة بالقطاعات التي تستقطب الأعداد الكبيرة من الطبقة العاملة، وعلى رأسها القطاع الخاص (المعامل والمناجم والمقالع والشركات والحقول...). كما سيستمر فضحنا لأي ممارسة قد تدفع إلى المزيد من تقسيم نضالات الطبقة العاملة، تكون محكومة بنظرة أنانية ضيقة الأفق بغية لي ذراع بيروقراطية قديمة من أجل التفاوض/التوافق (من موقع ضعف سياسي) على المقاعد في معزل عن أوسع القواعد العمالية المناضلة. إن قوة المناضل هي ارتباطه الدائم والمستمر بمقاومة الشعب المغربي بشكل عام، في أي مكان وجد، لا ينسيه أو يغريه مكان معين، في أن يتسلح بالنظرة الشمولية، لا ييأس أو يتملكه انبهار قاتل سواء عند ضعف حركة معينة أو تطورها.. وقوته هي إيمانه بالنضال والمقاومة بطرق متعددة كيفما كانت الحالة والوضعية.. فهو يعرف ويؤمن بأن الحياة مع الحلم (الممكن والمشروع) وخدمته هو الأفضل من الاستسلام في وضع الأزمات، يعطي للمقاومة وللجماهير الشعبية المضطهدة ويستفيد منها في تطوير تفكيره بطبيعتها وبواقعها وبمستقبلها..إنه يعرف بأن خدمة تفكير معين هو النضال الدائم هو تعميق الفهم بالواقع واستيعاب كل تناقضاته ومعرفة أين تتمركز هذه التناقضات في لحظة معينة من تطور الصراع الطبقي.. إن قوته في ارتباطه الدائم بالصراع الطبقي بشكل عام، بكل منعرجاته وبكل مستجدا ته.. ويعمل بشكل دائم من أجل فتح آفاقه وتطويره، إنه دائم التفاعل الإيجابي (المبدع والمنتج) مع الواقع وغير منفعل به، إنه الكادر الثوري صاحب المواقف اللازمة والمبدئية عند كل حالة ووضع..
نعلم أن الوصول الى الطبقة العاملة لاجتذابها الى النضال وإعداد عناصرها المتقدمة لتكوين فصيلة الشعب الأمامية صعب وشاق (وليس مستحيلا) والطريق اليها محروسة بشدة ومليئة بالألغام والمكائد، إلا أن إصرارنا وانضباط وانصهار المناضلين تنظيميا وسياسيا وتقوية ذاتنا سيوفر شروط النجاح في تحقيق أهدافنا، علما أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لن تزداد إلا استفحالا في ظل الاضطهاد والاستغلال الطبقيين، وأن الصراع الطبقي لن يتوقف عن التفاقم، بالنظر الى المعارك المتفجرة في جل المجالات والقطاعات والى حجم المعارك القادمة بدون شك، وأن القمع والترهيب سيتواصلان بدموية أكبر.. كما أن سقوط الأقنعة عن أشباه المناضلين وعن مختلف الدكاكين السياسية الرجعية والإصلاحية قد ساهم في توضيح الرؤية والمسار للعديد من المناضلين الحقيقيين ومن الطاقات المناضلة.. ولن يفلح النظام في تطويق المناضلين الجذريين بجحافل الانتهازيين والمسترزقين (عشاق الصفوف الأمامية وغربان الجيفة والألم ومحبي التقاط الصور ولو في المآتم...) والمندسين الممولين في تنقلاتهم وسهراتهم وفي حركاتهم وسكناتهم، ولن يتوفق في إحكام الحصار عليهم، أي على المناضلين الجذريين، إن إعلاميا أو سياسيا.. فصوتهم الجهوري الجذري، صوت الحقيقة، سيخترق الزنازن النتنة والأقبية المظلمة والفضاءات المخوصصة، ليصل الى عقل العامل والفلاح والطالب والتلميذ والمعطل والموظف.. وستنتصر لا محالة مصداقيتهم ومبدئيتهم وتضحياتهم.. وستتضافر الجهود وستتواصل التضحيات وبطولات أبناء شعبنا، ولن تكون آخرها تضحية وبطولة رفيقنا الشهيد مصطفى مزياني..
البيروقراطية الصاعدة:
إن الخطأ القاتل الذي ارتكبه ما يسمى "بالتوجه الديمقراطي" داخل الاتحاد المغربي للشغل هو تزكية نتائج المؤتمر الوطني العاشر، وبالضبط المشاركة في الأمانة الوطنية (ثلاثة أعضاء)، أي إعطاء المشروعية لاستمرار وتثبيت تربع البيروقراطية الموروثة والعميلة على جراح الطبقة العاملة، بدل فضحها وكشف جرائمها ومواصلة العمل القاعدي الكفاحي. وقد سرعت التطورات التي عرفتها تونس ومصر ومناطق أخرى سنة 2011، وخاصة بالنسبة لنا في حركة/انتفاضة 20 فبراير، بتأجيج بعض التناقضات داخل الاتحاد المغربي للشغل والتي توجت بطرد بعض أعضاء الأمانة الوطنية ونقابيين آخرين.
أما الخطأ القاتل الثاني فهو اعتماد صيغة "فك الارتباط"، التي اعتبرناها، ومنذ البداية، انشقاقا واضحا عن الاتحاد المغربي للشغل، مع الهروب من مسؤولية النقاش الجدي والواضح وتجنيد الأقلام السامة لمحاصرة كل تفاعل من شأنه تصحيح الأوضاع وتوضيح الرؤية. لقد كان رهان ما يسمى "بالتوجه الديمقراطي" بقيادة حزب النهج الديمقراطي على لي يد البيروقراطية الموروثة وفرض نفسه عليها، باللين والمناورة/المساومة تارة وبالضغط تارة أخرى، رهانا خاسرا وغير محسوب من طرف مهندسي الانشقاق وزعمائه، رغم الجهد الجهيد المبذول بالموازاة، على مستوى التوسع التنظيمي فائق السرعة للجامعات التي "فكت الارتباط" (انشقت)، والذي بذله بالإضافة الى بعض المحسوبين على الطرف السياسي المهيمن والعديد من المناضلين النقابيين المبدئيين إزاء النضال النقابي والشغيلة. ومن المشروع طرح السؤال التالي: هل الطرد الاستفزازي (الفخ) للثلاثة أعضاء من الأمانة الوطنية كان يستدعي الجر "القسري" لجيش من المناضلين والأتباع خارج الاتحاد المغربي للشغل، وعزلهم في "غيتوهات" بورجوازية صغيرة ومتوسطة؟!!
لقد كان موقفنا الواضح في تيار البديل الجذري المغربي هو العمل في الإطارت (القطاعات) التي تتوفر على قاعدة نقابية عريضة، سواء انشقت أو بقيت داخل الاتحاد. ودعونا على هذا الأساس الى الانخراط في الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي) والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية (التوجه الديمقراطي) والاتحاد النقابي للموظفين والموظفات (التوجه الديمقراطي)، وفي نفس الوقت مواصلة الاشتغال بباقي القطاعات داخل الاتحاد. ولم نطرح في أي وقت من الأوقات مناقشة القوانين الأساسية أو غيرها، سواء بالنسبة للبيروقراطية الموروثة أو بالنسبة للبيروقراطية الصاعدة أو الجديدة. وبدل تقديم نقد ذاتي من طرف حزب النهج الديمقراطي بالخصوص وتوسيع النقاش في صفوف المناضلين لاستشراف المستقبل ورسم آفاق الاشتغال وتجاوز الأزمة/الورطة التي وضع فيها حزب النهج الجميع، والمقصود طبعا هو ما يسمى "بالتوجه الديمقراطي"، تم اعتماد الأساليب البيروقراطية الموروثة والهروب الى الأمام تحت شعارات مكشوفة من مثل "تدبير الصمود" و"خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها"، بغاية تأسيس نقابة جديدة (الاتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي) وفبركة أجهزة بيروقراطية على المقاس (اللجنة الإدارية والسكرتارية الوطنية) مع إقصاء بعض المناضلين وفرض الأمر الواقع عليهم بإصدار البيانات والبلاغات باللغة التي يعشقها، وبالتالي "تنويم" الأتباع الآخرين عبر القفز على الشعارات الحماسية وفي مقدمتها شعارات "بت هنا ننبت" و"الاتحاد قلعة حرة والفساد يطلع برا"..
إن جماهيرية وقوة أي إطار تتحددان من خلال مضمون هذا الإطار وليس العكس، أي تحديد الحركة ومضمونها من خلال إطارها التنظيمي (أي شكلها). كما أن قوة قيادة معينة هي في قوة الجماهير التي تعبر عنها هذه القيادة، وضعف الجماهير أو القاعدة الجماهيرية هو في ضعف القيادة. فالقيادي قبل أن يصبح كذلك، فقد أنتجته حركة معينة، أنتجه التزامه بقضايا الحركة، كمدافع شرس عن مصالحها (فالحركة هي السابقة عن أي إطار)، فهو لم ينتج من داخل المكاتب وفي مراكز القيادة بعيدا عن الجماهير، كما هو الشأن في الغالب لما هي عليه قيادة المركزيات النقابية. وحتى إن كانت قيادة لها ماض نضالي فقد قدمت استقالتها من العمل النضالي منذ مدة وتحت عناوين مختلفة واحترفت لعبة الكراسي، بل أصبحت ملكية مدونة تحت اسمها وكأنها من اختراعها وتمتلك الملكية عليها كالملكية الفكرية..
خلاصة:
في ظل التشتت الذي يعرفه الحقل النقابي وهيمنة القيادات البيروقراطية المتواطئة مع الباطرونا والمدعومة من طرف النظام القائم، تبقى أولويتنا الحضور حيث تحضر الطبقة العاملة والقواعد النقابية، سواء كان ذلك في صفوف الاتحاد المغربي للشغل أو في صفوف أي نقابة أخرى، كانت جديدة أم قديمة..

لذا سيستمر مناضلونا داخل القطاعات المستمرة داخل الاتحاد المغربي للشغل، وسيستمرون داخل القطاعات التي انشقت عن الاتحاد المغربي للشغل والتحقت بالاتحاد المغربي للشغل-التوجه الديمقراطي (في طور التأسيس القانوني)، تماما كما سيستمرون داخل الكنفدرالية الديمقراطية للشغل. وسيواجهون البيروقراطية سواء هنا أو هناك وسيتصدون لجرائمها وسيكشفون مؤامراتها وبشاعتها، ولن يتهافتوا على التمثيلية في أجهزتها وهياكلها أو على الكراسي الوثيرة لقيادتها أو المؤدية الى البرلمان (مجلس المستشارين) كما حصل مع عضوة السكرتارية الوطنية في النقابة الجديدة.. إن هدفهم الأول هو الارتباط بالقواعد النقابية وتنظيمها وتأطيرها والعمل على تجذير وعيها الطبقي. فوحدة الطبقة العاملة لن تتجسد بالضرورة وبالمطلق عبر الانخراط في نقابة واحدة، إن وحدة الطبقة العاملة تتمثل في انخراطها وانصهارها السياسي المنظم والواعي في المسار الثوري تحت قيادة حزبها الثوري..



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق