2014/12/17

المعتقل السياسي عبد الوافي عقيل // شهادة حول التعذيب


15دجنبر 2014
سجن النظام الرجعي عين قادوس ـــ فاس
المعتقل السياسي عبد الوافي عقيل (بوزيد)
رقم الاعتقال: 93438
شهادة حول التعذيب
اختطاف/اعتقال .. جريمة في ذكرى استشهاد الرفيقة الغالية سعيدة المنبهي

لأننا أقسمنا بدماء الشهداء، و أمام نعش شهيدنا الغالي مصطفى مزياني، على أن نخلص لدربهم، و نواصل خطاهم، و نشق طريقنا بكل جرأة و إخلاص نحو المستقبل، فلن تكبحنا المؤامرات، و الاغتيالات، و الاختطافات و الاعتقالات و الطعنات.
و لأن النظام و القوى الظلامية و كل المشاركين، بشكل أو بآخر في لعبتهم المشبوهة، يواصلون سفك دماء شعبنا و اغتصاب خيراته و ثرواته و طموحاته، يواصلون نسج خيوط المؤامرة الرامية إلى إقبار النهج الديمقراطي القاعدي، و كل الأصوات الحرة التي أبت أن تركع أمام حملات القمع و القتل و الفتك، و أمام رياح الردة و التراجع، فإننا لن نستكين و لن نتردد في الصراع ضدهم، و في فضحهم، و في مواصلة طريق النضال، طريق تحرر شعبنا، و بكل فخر و اعتزاز سنستمر في مسار شهيدنا "مصطفى مزياني".
بعد مؤامرة 24 أبريل، التي حيكت ضد النهج الديمقراطي القاعدي، في شكل مسرحية ممسوخة رديئة الإخراج، التي هدفت إلى اجتثاث توجهنا الثوري المكافح، و الزج بخيرة مناضليه في سجون الذل و العار، و جند لذلك أجهزته القمعية و فيالق القوى الظلامية و أحزابه الرجعية، و بارك ذلك القوى الإصلاحية التي لم تتردد في تقديم صكوك البراءة عبر تجريم و إدانة النهج الديمقراطي القاعدي، و جيش أيضا منابره الإعلامية، الورقية و الالكترونية، في محاولة يائسة لإلباس الشرفاء ثوب المجرمين، و إلباس المجرمين ثوب الضحايا. فتوهم بذلك، أنه وصل إلى مبتغاه، و بدأت تباشير الاحتفال تتعالى، معلنة دخول القلعة الحمراء ـــ ظهر المهراز مرحلة جديدة، يكون فيها الوجود للنظام و مخططاته و الساهرين على تمريرها، و شارك في ذلك كل الذين سهروا على تنفيذ المؤامرة و الإعداد و التخطيط لها، و المراهنين على استثمار مخلفاتها و فيالق الشتيمة و التشفي... لكن الصمود البطولي للجماهير الطلابية  الصامدة و المناضلة، و الكفاح الميداني للمناضلين الأوفياء، حيث تواصلت المعركة النضالية (استمرار المبيت الليلي، القافلة التضامنية الثانية، ...) و المعركة البطولية للشهيد مصطفى مزياني الذي نقش اسمه بالدم في مسار تحرر شعبنا، و أعلن ميلاده الجديد بعد 72 يوما من الإضراب المفتوح عن الطعام و الحضور الوازن و النوعي في تشييع جنازته، و نفس الشيء بذكراه الأربعينية، و المعركة البطولية للمعتقلين السياسيين ( 44 يوما من الإضراب المفتوح عن الطعام، و إضرابات و أشكال أخرى، ...)، مع كل هذه الملاحم تبخرت أهداف و رهانات النظام و كل الأعداء، و تأكد هذا الطرح مع بداية الموسم الحالي، إذ باشر المناضلون و المناضلات إلى جانب الجماهير الطلابية، معركتهم النضالية في أشواط متميزة، عرفت أشكال نوعية، و سجلت آيات من المقاومة و الصمود في وجه النظام و مخططه الطبقي "المخطط الاستراتيجي"، و دافعت عن المعتقلين السياسيين في محطات محلية و وطنية، إلى جانب عائلاتهم المناضلة و عائلة الشهيد مصطفى مزياني، و حولت المحاكمات الصورية إلى محطات لإدانة النظام و القوى الظلامية و كل من لف لفهم.

أمام كل هذا يستمر النظام في نسج خيوط المؤامرة بأشكال متجددة، و هكذا جاء اختطافي يوم 11 دجنبر 2014 بالمحطة الطرقية بمدينة "جرسيف" على الساعة 7h صباحا، هذا اليوم الذي يخلد فيه الشعب المغربي بأحراره و شرفاءه ذكرى استشهاد الرفيقة سعيدة المنبهي شهيدة الحركة الماركسية اللينينية المغربية، و ذكرى استشهاد نجية آدايا شهيدة الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، هذه الذكرى التي سطر لها الرفاق بموقع تازة الصامد، برنامجا نضاليا تضمن استقبال عائلة الشهيد و عائلات المعتقلين السياسيين، و الذي سبقه بيوم واحد تسطير الجماهير الطلابية لبرنامج نضالي، يوم الأربعاء 10 دجنبر، داخل ساحة 20 يناير بظهر المهراز، و عرف انخراطا وازنا و تفاعلا نوعيا لطلبة الكليات الثلاث، اختتم بتظاهرة عارمة نحو الأحياء المجاورة تخليدا "لليوم العالمي لحقوق الإنسان"، وقد استوعب النظام جيدا التوجه العام للنقاش الموسع، فسارع إلى توجيه ضربة استباقية للحركة الطلابية- والأكيد سبقتها ضربات أخرى مادام هناك استمرار لخط المقاومة- .
بعد منتصف الليل توجهت إلى مدينة "كرسيف" للقاء أب الشهيد مصطفى مزياني والتوجه معا إلى تازة، وبمجرد أن صافحت يد "با امحمد" حتى هاجمتني مجموعة من العناصر الغريبة، و انهالوا علي بالضرب و أسقطوني أرضا أمام أعين المسافرين، و حتى أب الشهيد لم يسلم من بطشهم، حيث تم رميه أرضا و قاموا بسد فمه حيث كان يصرخ: من أنتم !!؟ "هادا غير طالب آش غادي ديرولو ..." ظنا منا للوهلة الأولى أنهم عصابة تحاول السرقة، و بعد ذلك تم الرمي بي في سيارة رباعية الدفع بطريقة "أفلام الأكشن".
بعد خروجنا من محيط "جرسيف" تم إنزالي من السيارة و الدس بي أرضا و بدأت جولة من الضرب و الرفس بطريقة سادية جنونية، و أحدهم يقول "غادي نوريو مك أ بوزيد آش كيسوا: مزياني مات مقتول و النظام هو المسؤول" بعد ذلك التحقت سيارتان، إحداهما نزل منها الجلاد "السويري" و معه موكب من الجلادين، بصق في وجهي و لم يقل إلا جملة واحدة "سمع أسي بوزيد، عندك جوج طرقان، الأول صعيب و أنت ماشي ديالو، و الثاني ساهل و أنت فكر مزيان و فهم"، فصب علي قنينتين من الماء البارد، و رموني داخل السيارة، و انطلقوا بسرعة البرق، لأجد نفسي داخل ولاية القمع بفاس.
تم إدخالي إلى أحد المكاتب، و دون كلام مسبق انطلق مسلسل التعذيب و الضرب في المناطق الحساسة من جسدي ثم انصرفوا و تركوني ووجهي نحو الحائط، و بعد دقائق دخل عندي صاحب الجملة السابقة، أدارني اتجاهه، كان مع جلادين من طراز آخر، ثم قال "واش فكرتي مزيان ..." و استرسل قائلا سأشرح لك بشكل مبسط "إما أن تكون معنا و تقول ما نريد، و تفعل ما نريد، أو سيكون مصيرك الإغراق بالسجن" .... "اسمك وارد فقط بالأحداث الأخيرة بظهر المهراز (27 نونبر)، و أنت كنت متواجدا بمدينة مراكش إذن فلن تذهب إلى عين قادوس" ... "و ستخرج إلى الساحة .. و سنوفر لك كل الإمكانيات لتشتغل براحتك .. العمل معنا ليس مضنيا، بل سهلا للغاية"، "... أما إذا رفضت فسنلبسك اللباس الذي ألبسناه إلى رموزك من قبل .. و لن تربح سوى اسمك يردد كشعار في ساحة الجامعة"، بجملة واحدة أجبت "لن ترهبني سنوات السجن، فقناعاتنا أقوى من حبال المشانق"، صرخ في وجهي أحد الجلادين قائلا "أنا ما كنضرب ما والو، بهاد الستيلو للي فيدي نغرقك إيلا ما درتيش عقلك ...". ثم انصرفوا و دخلت جماعة أخرى لغتهم الضرب و التعذيب و الحرب النفسية، و بعد أن أشبعوا رغباتهم من الضرب، انسحبوا و عاد الجلاد "السويري" و قال "دابا عاد غادي نبداو.. واش تكون معانا .. و كلشي فيديك .. أنت قادر تسد علينا هادشي ديال عائلة مزياني و عائلات المعتقلين و الساحة .. ياك نتا هو بوزيد .. و حنا كنعرفوك علاش قاد". كانت إجابتي بكل هدوء "طريق مزياني شرف لي".
بعد ذلك سينطلق مسلسل من الأسئلة: ما سر تواجدك بمراكش؟ مع من تواصلت قبله و أثناءه؟ ما موقفك من المنتدى؟ ما علاقتك بالمنظمة المحظورة AMNESTY  (منظمة العفو الدولية)، و من ربط اتصالاتك بهم؟ أتريدون تشويه صورة البلاد؟ ماذا يريد أب الشهيد كما تسمونه؟ و لماذا ذكر أسماء بعينها في كلمته بمراكش (في إشارة إلى الجلاد الحموشي)؟ فين باغيين توصلو بهادشي ديال الشهيد؟ ما علاقتك بفلان و لماذا التقيت به؟ من المسؤول الآن بالساحة الجامعية؟ و من المسؤول عن البيانات و الإعلام و ...؟ من هو خلفك بالساحة الجامعية؟ من المسؤول عن التنسيق الوطني عندكم؟ إلى أين يريد المعتقلون الوصول و فيما يفكرون؟ ... و حين رفضت التعامل معهم، و الجواب على أسئلتهم بالرفض انهالوا علي بالضرب و السب و الشتم و التهديد بالاغتصاب و بعدها أنزلوني إلى قبو الولاية "لاكاب".
في اليوم الثاني، أصعدوني إلى نفس الغرفة، و باشروا الاستنطاق بنفس أسئلة اليوم السابق و بطرق مختلفة و ذلك كله مصحوب بالضرب و السب و الشتم بالمصطلحات القدحية و النابية للتأثير على نفسيتي و على معنوياتي، كنت جالسا بين أرجل الجلادين و هم يتلذذون في تعذيبي، و كانت صورة الشهيد "مصطفى مزياني" منتصبة أمامي، و حين تشبثت بالرفض في الإجابة على أسئلتهم صرخ الجلاد "السويري" قائلا "أنت حمار، و مكلخ، و زا...، اخترت هذا الطريق، و سير لقح... دمك تغرق فعين قادوس و كول للمزياني يجي يفكك" فأعدوا لي محضرا ملفقا، على مقاس قولهم "غادي نلبسوك اللباس، للي لبسناه للرموز ديالك".
فهكذا هي طريقة النظام في تلفيقه التهم و فبركته للملفات المطبوخة للمناضلين، فإما أن تكون عميلا خائنا، و هذا يعني أن لن تذهب إلى السجن و ستوفر لك كل إمكانات العيش، أما أن تظل مناضلا صامدا متشبثا بمبادئك و مواقفك، فهذا يساوي سنوات من السجن بتهم ثقيلة هي مطبوخة و مفبركة، و لربما أن هذا المعطى سيصطدم به العديد و المزيد من المناضلين. و بطبيعة الحال فخيار كل مناضل مبدئي هو خيار الصمود و التحدي و عدم الرضوخ و الركوع لإرادة النظام و جلاديه، خيار كل مناضل قاعدي و خيار الشهيد "مصطفى مزياني".
في صباح يوم السبت تم نقلي إلى "المحكمة الابتدائية" و بعد حوالي ساعة، أخرجوني من هناك، و أدخلوني في سيارة القمع، فسألت أحدهم مستفسرا، إلى أين تتجهون بي؟ فأجاب ساخرا "دايينك فين اخترتي نتا تمشي"، فأخذوني إلى "محكمة الاستئناف" و عند "قاضي التحقيق" سأفاجأ بجريدة من التهم تسرد علي، أسمعها لأول مرة و حتى الاستنطاق بولاية القمع كان بعيدا عن ذلك. ليتم إرسالي إلى سجن عين قادوس حيث يتواجد رفاقي المعتقلين السياسيين، و حددت أولى جولات التحقيق التفصيلي يوم 5 يناير 2015.
إن النظام مستمر في تجريم المناضلين انسجاما و طبيعته الدموية، و أبعاد المؤامرة انكشفت بالملموس، و خيوطها لا زالت تنسج، و تلف حبال المشانق لكل الصامدين في الميدان و الذين يتحدون الجلاد و السجان، إنها فعلا مؤامرة إقبار النهج الديمقراطي القاعدي، و بدورنا نجيبهم، بما جاء على لسان شهيدنا "مزياني": "سننتصر ... لأن الجماهير ستنتصر"


الحرية لكافة المعتقلين السياسيين



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق