لنقاتل ونقاوم على جميع الجبهات لخلق مجتمعات تليق بعيشنا جميعا
وبحياة الإنسانية على هذا الكوكب..
بعد أن امتدت سيطرة رأس المال الى جميع المجالات والفضاءات، جندت كل إمكاناتها ومؤسساتها المختلفة للتخريب والتدمير وحسم السيطرة المطلقة لصالحها. فلم يعد هناك ما لم تخدشه المخالب المتوحشة و"الحريرية" للرأسمالية العالمية باسم الأمم المتحدة أو القانون الدولي أو القانون التشريعي للدولة الرأسمالية أو "حرية" المبادرة.. فكما هو الشأن لما أصاب الحياة السياسية الحزبية والجمعوية والنقابية كذلك الأمر في التعامل مع التاريخ ومع تضحيات الشعوب المضطهدة. فقد عملت على تزويرها وسرقتها وطمس حقائقها واستغلالها في الدعاية لسلعها. وبالمناسبة، نقف عند محطة 8 مارس، اليوم الأممي للمرأة عبر العالم، التي حولتها الأنظمة البرجوازية الاستعمارية والتبعية، الى يوم لتشجيع المرأة على الاستهلاك وتمرير خطاباتها الإشهارية المهينة للمرأة والمروجة لبضاعتها ومراكمة الأرباح وتسييد المرأة المستهلكة ونساء الصالونات والحفلات والميوعة، بالإضافة الى تشييء المرأة كبضاعة وجسد وآلة للطبخ والإنجاب. وعلى يمينها تحتفظ بقانون القوة القائم على القمع وتشريع الحروب والقتل والاغتصاب وعقاب الأضعف وتبرئة الأقوى.. مع الصمت والتخاذل الشائعين وسط جل السياسيين و"المثقفين" والصحافيين والباحثين..، عن الظلم والجرائم التي تلاحق الشعوب وبشكل أفظع الاستغلال الجنسى والعنصرى المتزايد في حق النساء فى ظل النظام الرأسمالى، في مرحلته الإمبريالية، متذرعين بما ينشره وتروج له تكنولوجيا الإعلام المتحكم فيه من الشعارات الكاذبة وثقافة الأرقام والإحصاءات الخادعة، متمسكين بالسخاء المقدم من المستعمرين ووكلائهم على رأس الأنظمة اللاوطنية اللاديموقراطية اللاشعبية المتخمين بنهب ثروات باقي سكان المعمور، مقابل الترويج الإيديولوجي للسلم الاجتماعي وللأيام والتخليد المبتذلين، مع أنه لا يمكن علميا أو عمليا فصل الظلم الطبقى والعنصرى عن الظلم الجنسى المسلط على النساء العاملات والكادحات بالدرجة الأولى.
ومهما كان الأمر، فالعديد من الأيام العالمية غير معروفة لدى الشعوب عامة ومحصورة المعرفة بها في وسط المثقفين وبعض السياسيين وبعض المهتمين بحقوق الإنسان، في حين أن أيام أخرى مثل 8 مارس اليوم الأممي للمرأة وكذا فاتح ماي اليوم الأممي للطبقة العاملة.. تعرفها جل البشرية على وجه البسيطة.. لماذا؟ إن سؤالنا يقود الى الوقوف على التباين بين المحطات النضالية الخالدة وبين المحطات المقررة دوليا طبقا لخلفيات سياسية محددة تهدف تأبيد أنظمة الاستعمار والعبودية، فالأيام الأممية تتميز عن الأيام الدولية بميزة عميقة، فالأولى جاءت بعد فعل نضالي جبار قدمت فيه الشعوب في مقدمتها الطبقة العاملة، بنسائها ورجالها، تضحيات جسام من شهداء ومعطوبين ودأبت على تخليدها ضدا على الأعداء الطبقيين، ولما وجد العدو الطبقي نفسه في مأزق التحدي حاول تقنينها لسحب فتيل التوتر وهكذا جاءت موافقتهم في الأمم المتحدة على هذه الأيام وأنوفهم في التراب (الدول الاستعمارية في المنتظم الدولي). لذا، لهذه الأيام دلالة تاريخية عميقة طبعت في ذاكرة الشعوب بفعل التضحيات المستمرة عبر التاريخ.. لكن الأيام الدولية هي أيام وضعت من طرف الأمم المتحدة لمحورة الصراع ولحصره في مجالات ضيقة ومقبولة لدى البرجوازية، وتبعد أنظار الشعوب عن القضية الحقيقية قضية الاستغلال والنهب والسرقة المقننة..، وعن كل الأسباب الحقيقية للظلم والاضطهاد وكأن ذلك ظاهرة طبيعية، مثلما هو اليوم العالمي ل"مناهضة العنف ضد النساء" بتمريره كبديل ضمني عن الموقف الذي يعتبر أن قضية المرأة هي قضية طبقية، وأنها تعاني من الاضطهاد المزدوج الجنسي والطبقي، للحد من أرضية الصراع وإبعاد نصف المجتمع من الانخراط في الصراع الطبقي ومناهضة البرجوازية، ولتبقى غالب تشريعات المنتظم الدولي محكومة بخلفية سياسية تستهدف محورة الصراع الجوهري وتوجيه أنظارنا الى قشور الإشكالات وتجنيب الوعي بدور المجتمع الطبقي في المأساة التي تعيشها الإنسانية. فلا غرابة أن ترصد البرجوازية بطرقها الخاصة الدعم المالي لكل الفاعلين العاملين على تصريف أجنداتها السياسية. ولكن الشعوب عموما، لا تهتم بمثل هذه الأيام بل غالبيتها لا تعرفها وتبقى محصورة وسط المؤسسات الرسمية في المجتمعات المدعومة من الرأسمالية.. وهذا الموقف لا يعني تبني العنف ضد النساء بل العكس، لان قضية المرأة قضية طبقية، ولأن المرأة تعاني من الاضطهاد المزدوج اضطهاد جنسي واضطهاد طبقي، أكثر شمولا وعمقا واستهدافا لأسباب بقاء المرأة على هذا الوضع والذي لا يتجاهل ويصمت في تحليله عن النهب الرأسمالي وأرباحه الناتجة عن استغلال الفقيرات والفقراء والسود والفارين والفارات من التفقير وجحيم المستعمر في بلدانهم وتحويل المرأة إلى سلعة جنسية واستمرار العنف والإقصاء والتهميش.. إننا نؤسس للمقاومة والكفاح على جميع الجبهات والمستويات لخلق مجتمعات تليق لعيشنا جميعا.. فكل المعارك وكل صراعاتنا ضد الظلم والاستغلال اللذين تكتوي بنيرانهما الجماهير الشعبية تعلم شعبنا وتكسبه، رجالا ونساء، معرفة ووعيا بطبيعة العدو وبحقيقة كل الفاعلين في الحقل السياسي والنقابي والجمعوي والثقافي. واليوم نشاهد ونتابع باستمرار إسهامات المرأة المغربية في المعارك المتأججة في المدن والقرى، وهي مدفوعة بالظلم والاستغلال والآلام اليومي الى تحطيم حواجز خلفها ماضي الظلام، وهي تعبر عن مواقف مشرفة وثورية لا تأبه للدعاية المبتذلة والهادفة لتأبيد دونيتها. عاملات وفلاحات وفراشات وطالبات ومعطلات، أمهات وفتيات..، نتابعهن وهن يتقدمن الاحتجاجات والمظاهرات المنتشرة عبر ربوع البلاد، بكل شجاعة وصدق وإخلاص. نواكب احتجاجاتهن على اعتقال أبنائهن لنشاطهم السياسي ونضالهم من أجل تحسين أوضاعهم والدفاع عن قضاياهم.. نعيش الى جانبهن مقاومة الظلم في المعامل وتشريد ساكنة الأحياء الشعبية واستهداف لقمة العيش للفراشة (التجار المياومين) ونهب الأراضي.. نشهد تشبثهم بحقوق أبنائهن في التعليم وفي الشغل..، رافضات هوان الأنوثة ومحتضنات لأبنائهن ولأنفسهن بأنفسهن، بالرغم من جرائم النظام اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي بإعدامه وحظره التثقيف التنويري، لتنتشر كالفطر، طبقا لتكتيك مخدوم، الجمعيات الطفيلية والظلامية التي عمقت الثقافة الظلامية والرجعية وكرست وتكرس الآن أيضا دونية المرأة للحافظ عليها كسلعة جنسية في السوق الاستهلاكية الرأسمالية محصورة بين مرشدي موضة التعري والتزيين ومرشدي فتاوى النقاب والحجاب كأن جسدها سلاح يفوق قدرة الأسلحة النووية في تدمير الكون.
فاليوم المرأة المغربية تتلمس الأهداف الحقيقية للمعركة الطبقية من خلال دروس الكفاح المقدمة ميدانيا التي دفعت ولازالت تدفع ثمنها دما خيرة بناتها وأبنائها. ودماء سعيدة المنبهي وزبيدة خليفة ونجية أدايا وفدوى العروي خير شاهد. فالجدران الإسمنتية التي شيدها العدو وحواجز الموروثات الدينية التي كرسها وحافظ عليها تنهار وتنكشف خدعها وتتعرى أهدافها الإيديولوجية، يوما عن آخر، في المدن والقرى، ويلوح في الميدان النضال والمقاومة والاحتجاج، في وقت يسود فيه صمت القوى السياسية، التي تدعي الدفاع عن المرأة والشعب عموما، عن واقع الظلم والاضطهاد المسلط على غالبية شعبنا بنسائه ورجاله. فلا تعمل القوى السياسية والنقابية المتخاذلة إلا تيسير نهب خيرات شعبنا وضرب مصالحه الحيوية وسرقة تضحياته، وقد احترفت المقايضة والمقامرة على الفتات المتناثر من شراسة الاستغلال والنهب للخيرات والثروات لصالح الطغمة القائمة على رأس هياكلها السياسية والنقابية والجمعوية.. وتجدها تملأ الدنيا ضجيجا حول المصالح السياسية الضيقة، وأحيانا التافهة، بعيدا عن مصالح الأغلبية البئيسة والمضطهدة طبقيا. وهذا الجهد والتقدم في حاجة ملحة وضرورية أكثر من أي وقت مضى للأداة السياسية البديلة القادرة على تقديم المعركة الطبقية كمهمة تاريخية لا محيد عنها.. إنها مسؤولية كل المناضلين المخلصين لقضية شعبنا، وفي مقدمتهم الماركسيين اللينينيين..
تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M.
شارك هذا الموضوع على: ↓