لقد أعد هذا العمل البسيط عشية التاسع عشر من مارس للمزيد من الإحاطة بحيثيات الإعداد للمؤتمر المأساة. لكن ضرورة تسجيل الموقف في ظل الصمت
المطبق من طرف الكل في تواطؤ مكشوف ضد مصالح الطبقة العاملة وعموم الشغيلة، اكتفينا بنشر مقال مؤتمر المهزلة والذي أصبح مأساة بعد ذلك، وصور المؤتمر غنية ودرس لمن لازال يتوهم إمكانية البناء المشترك مع القيادة الحالية للاتحاد المغربي للشغل..
مؤتمر البيعة والإجماع
لقد وزعت الدعوات على الأنصار الذين تم اختيارهم بعناية فائقة لحضور العرس الذي سينظمه الاتحاد المغربي للشغل تحت اسم المؤتمر الحادي عشر للاتحاد المغربي للشغل. وسيحضر بالطبع من تعودوا على حضور مثل هذه المناسبات تحت مسميات عدة، وأغلبها مجرد تبريرات كالعادة لا ترقى حتى إلى مستوى اعتبارها شبه أفكار. لقد تم اختيار المؤتمرين على الصعيد الجهوي والمحلي من طرف القيادات المنصبة.. وغابت حتى تلك الآليات الديموقراطية السابقة في فرز المؤتمرين.. وأعطيت بطاقة الحضور عن طريق إرسال الدعوات لمن تم اختيارهم وانتهى الأمر.. فمن يبحث عن الديموقراطية داخل هذه المركزية كمن يبحث عن الديمقراطية في مؤسسات النظام وفي مواسم احتفالاته الانتخابية (كما كان يصول ويجول "البطل" التافه فتح الله ولعلو بالبرلمان).. ومثلما تعتبر هذه الانتخابات مجرد مناسبة يتم فيها من اختارهم النظام للاستفادة من اقتسام الغنائم.. فلا تعتبر هذه المؤتمرات، ومن ضمنها المؤتمر الحادي عشر للاتحاد المغربي للشغل، سوى عرسا لتوزيع المصالح على من تم انتقاؤهم بعناية لحسن سيرتهم وصدق ولائهم الدائم والثابت. فالقيادة المركزية هي من تنتقي وتختار المؤهلين لحضور المؤتمر، أي من يتوفرون على الوثائق المطلوبة ومن أهمها تقديمهم البيعة والولاء لهذه القيادة المافيوزية "الجميلة" (في أعين بعض "المناضلين...) فماذا ينتظر من مؤتمر يتم فيه انتقاء واختيار المؤتمرين من القيادة المركزية والجهوية والمحلية المرتبطة بها؟ فهو ببساطة مؤتمر ستعلن القيادة المركزية من خلاله عن أسماء من تم انتقاؤهم لخدمة القيادة الخالدة. فهذه الأخيرة، هي من تسمي العناصر المؤهلة لخدمتها وليس العكس هو الحاصل في حقيقة الأمر. وهذه العملية تبتدئ مع التحكم في النسبة التي توزع على المكاتب الجهوية والمحلية، أي التحديد المسبق للعدد المسموح به للحضور في هذه المؤتمرات، وحتى تلك النسبة المتحكم فيها يتم إعادة اقتسامها من طرف المكاتب المحلية تحت مسميات عدة ومن ضمنها حصة النساء والشباب والتي تصل إلى نصف العدد الممنوح.. ليتم في الأخير اختيار العدد المتبقي عن طريق توجيه الدعوات. إنها إحدى تجليات اغتيال الديمقراطية داخل هذه المركزيات من طرف النظام والقيادات البيروقراطية المنصبة المرتبطة به. أما إذا تساءلنا حول أوراق المؤتمر أو الأرضيات المقدمة والتي سيناقشها المؤتمر، فالجواب الذي يتم تقديمه من طرف القيادة المحلية والجهوية هو أنه سيتم منحها للمؤتمرين في الجلسة الافتتاحية مع منح محفظات تحمل اسم المركزية والمؤتمر.. سيتم منح المحفظة وبداخلها الأوراق يوم الجلسة الافتتاحية، بمعنى ليست هناك لا أوراق ولا أرضيات تناقش.. وحتى إن وجدت، فهي مجرد شكليات سيتم تقديمها مع المحفظات التي تحتويها. فالمؤتمر، أو الذي تم تعيينه كمؤتمر (لسوء أو حسن حظه)، ما هو إلا صفحة بيضاء سيتم ملؤها مع تقديم المحفظة وبداخلها أوراق المؤتمر وصولا إلى تعيين القيادة الخالدة. فهو، بكل المقاييس، مؤتمر البيعة وتقديم الولاء من طرف الأنصار لهذه القيادة التي لا تربطها اية علاقة بالطبقة العاملة والفئات والشرائح التي تدعي أنها تمثلها، سوى أنها قيادات بيروقراطية مافيوزية عميلة للنظام، والتي احترفت على طول تاريخها تسخير هذه النقابة لخدمة النظام. لقد أصبحت هذه المؤتمرات، وغيرها كثر، ومن بينها مؤتمرات الأحزاب التي تعبر عنها هذه القيادات، مجرد محطات للاحتفال باغتيال الديموقراطية. هي محطات لاغتيال كل التطلعات وطموحات الشعب المغربي وعلى رأسه بالطبع الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية المضطهدة في التحرر والانعتاق من نظام القمع والظلم والاستغلال. وسيكون من الحمق أن يظل البعض ينتظر تغييرا معينا سيطال القيادة الخالدة عن طريق هذه الممارسة (تعيين المؤتمرين، تقديم الأوراق مع المحفظة..). فالذي يتم تكريسه في الواقع ليس سوى انعكاس للتصور السياسي الذي يؤطر هذه القيادات.. وأي تجاهل له أو عدم فضحه وخوض الصراع ضده هو الوقوع في شباك هذه القيادات، فهي أساليب حظر وقمع البديل المحتمل، وهي فخ يتم نصبه لاصطياد المترددين وهم كثر للأسف. فلا يمكن الكلام أو تبرير الحضور بأنه يدخل في خانة إحداث تراكمات تؤدي إلى قلب القيادة.. بل يمكن القول بأنه بمجرد القبول بالحضور إلى المؤتمر بأساليب اغتيال حتى أبسط شروط الديمقراطية، قد انتهى كل كلام عن الصراع مع هذه البيروقراطية.. فكل من سيصل إلى المؤتمر بهذا الأسلوب قد وقع شيكا على بياض بأنه مستعد أن يتخلى عن كل شيء، إلا أن يتخلى عن حضوره من داخل المؤتمر، مؤتمر الأكل والشراب الفاخرين، لا غير.. فالهدف هو الحضور ولا شيء غير الحضور، الحضور المذل.. أما المشاركة الحرة أو إبداء الرأي المستقل أو طرح بدائل حقيقية، فقد تم التضحية بها منذ البداية، بل وقد تم دفنها بعيدا، بعيدا. فهل بهذه الطريقة وهذا الأسلوب سيتم تجاوز البيروقراطية ؟ لا، وألف لا.. ليستمر نضالنا ضد البيروقراطية وضد النظام وأزلام النظام، في السر والعلن..
شارك هذا الموضوع على: ↓