لم يعد ينفع الوضوح، سواء السياسي أو الإيديولوجي.. لم يعد ينفع التاريخ، لم تعد تنفع الحقيقة والحجة الدامغة.. لم تعد تنفع الصراحة، ولم يعد ينفع الصدق ولا المنطق، أو حتى الجدل..
الكل يدعي الوضوح والصراحة.. الكل يتقمص الصدق والمنطق..
الكل يدعي النضال.. الكل ينتحل صفة المناضل، السياسي والنقابي والحقوقي، والجمعوي بصفة عامة..
الكل عبقري، الكل ثوري، كأفراد وأحزاب ونقابات وجمعيات..
نفس الشعارات، نفس الوجوه.. نفس الضحكات ونفس العناقات ونفس اللقطات ونفس الماكياج.. ونفس العيون "الخارجة" بدون خجل.. دائما زيد وعمرو، و"صديقة" زيد و"رفيقة" عمرو، الميكرو في اليد والهاتف في الأذن واللسان طويل، طويل جدا..
***
اختلطت الأوراق.. اختلط الحابل بالنابل..
الاختراق البوليسي، الأفقي والعمودي..
لا ينفع غير النفاق و الولاء.. بما في ذلك الولاء "للشيطان" ولمن يدفع أكثر..
السقوط والانبطاح..
ومن الرابح؟
الجواب بسيط: النظام، وزبانية النظام..
يهم النظام خلط الأوراق.. ومن يساهم، بل يجتهد في خلط الأوراق يخدم النظام بالواضح والمكشوف..
***
لماذا الصمت (صمت القبور)؟ لماذا الخرس؟
لماذا الخضوع (خضوع الجبناء)؟
الصمت يخلط الأوراق وكذلك الخضوع..
إن الصمت جريمة، وكذلك الخضوع..
أين الزعيق لمحاربة "الرفاق"؟!!
أين الاجتهاد للتشويش على"الرفاق"؟!!
أين "الشجاعة""؟!! أين المبدئية"؟!!
أين العضلات "المفشوشة" والنبرات المبحوحة؟!!
***
الواقع مر، وينطق "من به صمم"..
كيف لا ينطق "مناضلونا" (لا ينبسون ببنت شفا) أمام تواطؤ القوى السياسية الجبانة والقيادات النقابية البيروقراطية، خاصة بشأن التراجع عن مكتسبات "التقاعد" و"التوظيف" (الأساتذة المتدربون)...؟!!
كيف يصمت "مناضلونا" المنظرون والجبارون والحياحون والماكرون..؟!!
هل يرضى "مناضلونا" بنزوات الزعامات السياسية الكارطونية والقيادات النقابية البيروقراطية وخياناتها؟!!
هل يرضى "مناضلونا" بالضحك على ذقون أبناء شعبنا، من عمال وفلاحين فقراء وطلبة ومعطلين..؟!!
أين فضح البيروقراطية؟!! أين التصدي للبيروقراطية؟!!
ماذا عن "اعتصام" (عفوا، وقفة، وفقط وقفة) 12 يناير؟!!
ما هو الموقف أو الرد النضالي المناسب؟!!
لماذا قبول الشيء ونقيضه؟!!
هل البيروقراطية "حلال" أم "حرام"؟!!
ما حكم معانقة البيروقراطية (أو الأصح أوهام البيروقراطية)؟!!
"افتونا يرحمكم الله"..
أين الصدق؟!! أين المصداقية؟!! أين المبدئية"؟!! أين النضال؟!! أين المنطق؟!! أين الوضوح؟!!
إنها لغة المصالح الطبقية، مصالح الكبار..
وإنها كذلك لغة المصالح الضيقة (الفتات)، مصالح الصغار، للأسف الشديد..
اشهد يا شهيد.. اشهد يا مناضل.. اشهد يا تاريخ..
إنها أجواء ذكرى انتفاضة يناير وذكرى انتفاضة 20 فبراير..
رجاء قليل من الحياء، وقليل من الخجل..
11 يناير 2016
شارك هذا الموضوع على: ↓