11‏/04‏/2016

وكزيز موحى// أوراق باناما ، رواق من أروقة النظام الرأسمالي

عمل مجموعة كبيرة من الصحافيين على المستوى الدولي على البحث في المنظومة المالية والتقنيات المعتمدة لتهريب الأموال الطائلة وإخفائها عن المؤسسات
والإدارات المكلفة بتحصيل الضرائب والمساهمات الاجتماعية، بعدما تم تهريب ملايين من الأوراق المعتمدة لدى مؤسسات تدبير وتسيير مالية وتجارية وقانونية تهم الحسابات البنكية لرؤساء وملوك وأمراء وشخصيات ابناك ووزراء الى غير ذلك، كلها مرصودة بباناما "جنة" من الجنات فوق الأرض يتمتع أصحابها بالحصانة والحماية وبما اشتهت أنفسهم من رغد ونبيد وحور عين... 
تناول عالم الصحافة الموضوع، ويشهد لكثير من الصحافيين بالحرفية فيما أنجزوه من بحوث وكتابات وتعليقات وبرامج أنظر مثلا(Cash investigation de la célèbre Elise Lucet sur France 2)و (le krach du libéralisme, Fuir l’impôt, la planète vue des paradis fiscaux et des zones franches , Philippe Rekacewicz& Agnès Stiene, le monde diplomatique) ، إلا أن هذه الحرفية المشهود لها لم تمكن أصحابها بطرح أسئلة والبحث عن خبايا والمنطق المتحكم بذلك الموضوع الذي تناولوه والذي هز الرأي العام شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
أولا، لا تعد هذه الاكتشافات سابقة في أوانها أو أن ما حدث هو من عمل شرذمة ضالة من رؤساء وملوك ووزراء وشخصيات ومديري أبناك الخ. وهذه الفكرة هي ما يتداوله الرأي العام أو ما يسمى "العامة"بدون رأي أو برأي معلب. إن ما تم « اكتشافه » أو الكشف عنه هو من صميم النظام الرأسمالي، وهو الممارسة اليومية والإدارية والقانونية والتجارية للمنظومة المالية للنظام الرأسمالي.
كيف ذلك؟ أعتقد أنه من الواجب ألا ننسى إحدى مقومات وركائز الرأسمالية العالمية ألا وهي الحرية. وأية حرية يقوم عليها النظام الرأسمالي وتشكل ركيزته الأساسية؟ إنها بكل بساطة حرية الملكية الرأسمالية la liberté de la propriété privée.ويقوم على هذا المبدأ بنيان سياسي وقانوني : حرية تنقل الرأسمال أو الرساميل la libre circulation des capitaux وتتشكل على هذا الأساس مؤسسات إدارية وبنكية وتجارية خاصة مهمتها انتزاع الرساميل من كل العوائق والحواجز التي تمنعه من التنقل بكل حرية وبأقل أو عدم تكلفة والانفلات من مستلزمات حياة عامة اجتماعية وثقافية وتربوية وصحية الخ، تطالب الرأسمال عامة بالمساهمة (يختلف الأمر من بلد الى آخر في هذا الباب) في النفقات العمومية
ثانيا، لم يتساءل جل الصحفيين بل تفادوا التساؤل حول نقط أساسية، وهي من صلب عملهم اليومي. ويتعلق الأمر بمصدر المعلومة الهائلة والتي تعد بملايين الوثائق المسربة ومن هي الجهة التي سربت المعلومة ولماذا؟. وهذه الأسئلة لا تعني بالباث والمطلق نفي الخبر أو التقليل من شأنه أو مساندة المفسدين على الأرض، أصحاب "الجنات"، بل إن طرح هذه الأسئلة حتما إن طرحت لقادت البحث المضني والعمل والمجهودات الجبارة في اتجاه قد لا يخدم مصلحة الجهة التي زودت وسائل الإعلام الدولية بأطنان من الوثائق وقد ينفلت البحث الصحفي من مخالب الهيئات المشرفة والإدارة العامة المشرفة عن صياغة الموضوع بلمسات خفية وجد متقنة يصعب ملامستها. إلا أن مساءلة الأخبار والوثائق قد تكشف عن حقائق أخرى لا زالت في يد من يملك القوة على تسريب هذا العدد الهائل من المعلومات. وفي هذا الإطار لم نسمع عن ولو شركة واحدة من الولايات المتحدة الأمريكية ولو شخصية واحدة أمريكية ضمن لائحة أصحاب النعيم والجنة بباناما. لم نسمع ولم نر أو نقرأ أن شركة ما أو اسم ما من شركات أو أسماء أباطرة المخدرات والإرهاب والمافيا والمتاجرين في أعضاء الجسم البشري من ضمن أصحاب النعيم؟ هل تبيض الأموال ونقلها خلسة وخفية لا يعني من بعيد أو قريب أباطرة المافيا والمخدرات والإرهاب وتجار الأسلحة وصانعي الحروب؟ أم أن أموال الإرهاب والمخدرات والأسلحة هي رساميل نظيفة تقبل بالحواجز الجمركية والضريبية وتتنقل نهارا وتساهم في الاقتصادات الرأسمالية باحترامها لقواعد غير القواعد المنظومة المالية للنظام العالمي الرأسمالي التي اشرنا إليه أعلاه؟ 
اعتقد أن في الآمر ألعوبة تخدم بالأساس المصالح الامبريالية والصهيونية والرجعية، كما اعتقد أيضا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا يعنيها استنهاض مشاعر الشعوب ضد النظام الرأسمالي. إن أوراق باناما هي رواق من أروقة العم سام والكل يتذكر وكليكس وغيرها من المشاريع الضخمة. والكل يتذكر "الثورات العربية"وإعادة صياغة المشهد السياسي بما يلائم مصالح الثالوث المقدس الامبريالية والرجعية والصهيونية. ويمكن تسجيل أن أصواتا إعلامية وسياسية أدانت هذه المنظومة وليس النظام الرأسمالي بعينه المستهدف من خلال التصريحات وتعليقات الصحافيين ونشرات الأخبار وذهب البعض الى حد المطالبة بمحاسبة أصحاب الجنات أمام القضاء الفرنسي مثلا.
الجنات الضريبية والمناطق الحرة 
وحتى يتضح معنى ومغزى موضوع ما يعرف بأوراق باناما نود أن نثير الانتباه الى أمر مهم جدا وهو ما يعرف بالمناطق الحرة les zones franches. لن ادخل في التفاصيل الإدارية والقانونية لتحديد ما يسمى من جهة بالمنطقة الحرة والجنة الضريبية. يمكن للقارئ أن يستعين بالمراجع أدناه إن توخي ذلك. أقول فقط إن المنطق الاقتصادي والسياسي المتحكم في كلا الأمرين هو أن الرأسمال استطاع أن يشيد مناطق عبر العالم يستطيع من خلالها ممارسة التجارة والصناعة وينفلت من كل العوائق الضريبية والاجتماعية التي تقف أمامه بمعنى آخر إن الرأسمالي في إطار صراعه مع العامل سن قوانين وشيد إدارات خاصة ومؤسسات دولية تسمح للرأسمال ان يجول عبر العالم ويتراكم أكثر فأكثر دون أن ينزعج بالنضالات العمالية ومطالبهم. وفي هدا الباب استحضر ما كتبه Thierry Cretinحيث قال إن le paradis fiscal يملك ثديين السر والمحافظة بالسر Secret et discrétion, les deux mamelles du paradis fiscal. ويقول باحث آخر) Christian Chavagneuxانظر المصدر أدناه) أن ركائز le paradis fiscal هي ثلاث: 
° مناطق لا تراقب إلا قليلا وذات ضرائب بخسة Territoires à faible contrôle et faible imposition 
°اقامة خيالية Résidences fictives
° السر البنكيsecret bancaire
إن هذه الصفات من حيث الواقع المعاش ينطبق على « المناطق الحرة » (zones de productions industrielles et commerciales affranchies de toute obligation fiscale et sociale, zone d’esclavage modéré) بمعنى أن الباطرونا في هذه المناطق طليق حر في استعباد العمال.
في العمق ترتبط الجنات الضريبية والبنكية والقانونية اشد ارتباط مع المناطق الحرة، أي ان الكل يتشكل في وحدة إنتاجية تجارية ومالية ويسعى للتخلص من الضرائب وضرب حقوق العمال عرض الحائط وبالنسبة للمغرب فالأمر لا يتطلب الذهاب الى باناما فطنجة ومنطقتها «الحرة» بل المستعبدة تحوي قوانين تجارية مالية وإدارية تسمح بتهريب الأموال وحفظ سرها وسر أصحابها. ويكفي النظر أدناه الى الخريطة المقتبسة من جريدة «العلم الديبلوماسي» le)
(monde diplomatique, cf ci dessous)
المصادر. 
https://www.monde-diplomatique.fr/…/paradisfiscauxetzonesfr…
Anne Collin Delavaud, « La région centrale du Panama, un nouvel espace mondial ? », L'Information géographique 2011/2 (Vol. 75), p. 25-48.
DOI 10.3917/lig.752.0025
Thierry Cretin, « Les paradis fiscaux », Études 2009/11 (Tome 411), p. 439-450.
Christian Chavagneux, « À quoi servent les paradis fiscaux ? », Le journal de l'école de Paris du management 2011/6 (n° 92), p. 26-33.
DOI 10.3917/jepam.092.0026
Julien Le Tellier, « À la marge des marges urbaines : les derniers bidonvilles de Tanger (Maroc). Logique gestionnaire et fonctionnement des bidonvilles à travers les actions de résorption », Autrepart 2008/1 (n° 45), p. 157-171.
DOI 10.3917/autr.045.0157
Michel Péraldi, « Tanger transnationale. Petite introduction en forme de chronique subjective
... », La pensée de midi 2008/1 (N° 23), p. 8-17.
Jean-Luc Piermay, « La production des espaces pour l'entreprise au Maroc. À l'heure du Programme Émergence, quelle stratégie territoriale ? », Mondes en développement 2010/3 (n° 151), p. 127-137.
DOI 10.3917/med.151.0127
Pascale Froment, « Mobilités des entreprises et territoires : les paradoxes du secteur de la mode à Tanger », Annales de géographie 2015/1 (n° 701), p. 31-50.
DOI 10.3917/ag.701.0031
Malika Hattab-Christmann, « Mutations dans l'industrie aéronautique française et nouvelles localisations au Maroc. Vers l'émergence de nouveaux territoires de l'aéronautique ? », Géographie, économie, société 2009/3 (Vol. 11), p. 251-274.
Ronen Palan, « Paradis fiscaux et commercialisation de la souveraineté de l'Etat », L'Économie o
politique 2002/3 (n 15), p. 79-97.
DOI 10.3917/leco.015.0079
François Bost, « Les zones franches, interfaces de la mondialisation », Annales de géographie 2007/6 (n° 658), p. 563-585.
DOI 10.3917/ag.658.0563
Gilles Fararel-Garrigues et al., « La difficile lutte contre les paradis fiscaux », L'Économie o
politique 2005/1 (n 25), p. 102-107.

  الرابط المرفق من مقال الرفيق:       paradis fiscaux et zones franches

 
 10 أبريل 2016



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق