أمام الملأ (على الهواء، القناة الثانية في برنامج "حديث مع الصحافة " في 17 أبريل 2016)، أعلن الميلودي مخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل قرارا
انفراديا بعودة عبد الحميد أمين الى الاتحاد، دون العودة الى الأجهزة المقررة المعنية باتخاذ مثل هذه القرارات (اللجنة الإدارية)، على الأقل اعتماد نفس صيغة الطرد الشكلية في صيغة العودة الشكلية.
إن ما قام به مخارق يتجاوز كل القوانين، وكل "الأعراف" الديمقراطية، ويعتبر إهانة للعمال وكافة القواعد النقابية، وطبعا لأعضاء الأمانة الوطنية واللجنة الإدارية ولكل أجهزة الاتحاد، كما يعبر عن "العبثية" المطلقة داخل النقابة أمام الصمت المطلق تجاهها، أي القبول المطلق بها بدون مساءلة أو حساب.
والسؤال الأول المطروح طبعا هو:القبول/السكوت مقابل ماذا؟
والسؤال الثاني، وربما الأهم: هل سيقبل عبد الحميد أمين هذه العودة المعلنة على الهواء؟ لأن قبولها خارج قرار للجنة الإدارية للاتحاد يعني قبول، بل تكريس"العبثية" المطلقة داخل النقابة.. دون أن ننسى أن أمر العودة يعني أيضا رفيقة أمين خديجة غامري ورفيقه عبد الرزاق الإدريسي (عضوي الأمانة الوطنية سابقا، المؤتمر العاشر سنة 2010)، ويعني عبد الله لفناتسة (اللجنة الإدارية) وعبد السلام أديب.
وهل العودة تسمح لأمين ورفاقه "التوجه الديمقراطي" بقبول هذه الديمقراطية "العجيبة"؟ وهل تسمح بالنبش في مالية الاتحاد "المقدسة" (الشفافية المالية)؟
نعلم أن بعض "التوجه الديمقراطي" (الجماعات المحلية) قد رحب بها بدون شروط، وكذلك التوجه المخلص للبيروقراطية، بما عليها (لا شيء لها)، بل مارسها؛ لكن ماذا عن البعض الآخر، أقصد الجامعة الوطنية للتعليم –التوجه الديمقراطي- والاتحاد النقابي للموظفين/ات –التوجه الديمقراطي-؟
إنه في العمق سؤال الديمقراطية، الديمقراطية الداخلية، في صفوف النقابات والأحزاب والجمعيات.. هل نحن فعلا ديمقراطيون؟ وربما، هل نحن فعلا مناضلون؟
أما حكاية فاروق شهير، فحكاية مصنوعة ومصطنعة، لأن هذا الأخير قاطع اجتماعات الأمانة الوطنية للاتحاد منذ انعقاد مؤتمره الوطني الأخير في مارس 2015 بسبب حسابات شخصية تآمرية. لماذا عدم تفعيل "القانون" في حقه حتى الآن؟ وهل بالاتحاد (إمبراطورية الفساد) فاسد واحد؟ إن كل الرموز القيادية للاتحاد متورطة في الفساد وعلى رأسها مخارق، سليل "أسطورة" الاتحاد المحجوب بن الصديق، الذي يتمسح بأهدابه أشباه المناضلين..
ولأن الأمر أكبر من تصريح على الهواء، فلابد من استحضار الظرفية السياسية التي تشهد هذا "العبث". ولفهم حيثيات هذه المعادلة (بغض النظر عن درجتها)، فقرارات الأمين العام للاتحاد ليست مستقلة، ليس ارتباطا بقوانين الاتحاد وبأجهزته وقواعده، بل انطلاقا من انصياعه لجهات خارج الاتحاد، جهات تقوم بدور عراب النقابات والأحزاب والجمعيات.. جهات مسخرة من طرف النظام القائم لضبط إيقاع الصراع والتحكم في مداخله ومخارجه.. وهذه الجهات هي التي أمرت بطرد أمين ورفاقه في مارس 2012. وتأمر الآن بأشياء أخرى خدمة لمصالحها وليس لمصالح النقابة أو مصالح العمال وباقي القواعد النقابية.. جهات تردد ليل نهار: "من دخل بيت مخارق فهو آمن".. والمقصود ببيت مخارق ليس بيت العمال والنقابيين المضطهدين، إن المقصود هو بيت الأفاعي الذي يحتضن السماسرة والحواري والمتملقين و"الكهنة" محترفي تشويه العمل النقابي..
وأهم مميزات الظرفية السياسية الراهنة هي سيادة القمع بمختلف أشكاله (اعتقالات، اغتيالات...) والمعارك المتفجرة في مختلف القطاعات الإنتاجية، وهي كواليس ما سمي ب"الحوار الاجتماعي" الفاشل، وهي قرب تخليد فاتح ماي..
إن النظام من خلال أزلامه، من قوى سياسية وقيادات نقابية بيروقراطية وباطرونا، يسعى الى تمرير صفقة "الحوار الاجتماعي" الهزيلة، وخاصة مؤامرة "إصلاح" نظام التقاعد، بأقل الخسارات. إنه يسعى الى "تبراد" الطرح، خاصة وفاتح ماي على الأبواب.. إن الهدف بالدرجة الأولى هو قبول فتات "الحوار الاجتماعي" ومرور تظاهرات فاتح ماي كباقي "الاحتفالات" الباردة (الصور والعناقات والشعارات، كل الشعارات...)..
أما الآتي في خضم احتداد الصراع الطبقي، فيعنينا نحن كمناضلين بالدرجة الأولى، وليس النظام..
ملاحظة: كثيرا ما يذهب المناضلون الى ترديد المقولات النظرية الجاهزة (وفي أحيان عديدة خارج سياقها التاريخي وإطارها السياسي) اعتمادا على العديد من المراجع منها بالخصوص الماركسية اللينينية، ويبتعدون عن متابعة الأوضاع النقابية (والسياسية أيضا) وتشريحها في راهنيتها (التحليل الملموس للواقع الملموس)، في أفق إنتاج ممارسة نضالية بديلة لتجاوز الوضع الراهن.. فما أحوجنا لتكثيف الجهود من أجل فضح النظام وأزلام النظام، وبالتالي تنظيم الصفوف في عمق الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، لهزم النظام وأزلام النظام..
22 أبريل 2016
شارك هذا الموضوع على: ↓