انتفاضة 23 مارس، تصاعد نيران البندقية الفلسطينية، معركة الكرامة، هزيمة
المشروع البرجوازي الصغير، إعلان الثورة الثقافية، هزيمة الامبريالية في الفيتنام، ثورة الشبيبة بفرنسا، ميلاد الحركة الماركسية اللينينية المغربية... أوضاع، وطنية ودولية، عنوانها كفاح الشباب ونهوض الشعوب المضطهدة من اجل التحرر والانعتاق. مرحلة صنعت القادة والأبطال، ترعرع فيها رموز الصمود وبرز فيها المثقف الثائر والشاعر الثائر والفنان الثائر والصحافي الثائر... انتشر فيها الفكر الثوري وثقافة الثورة. وكان الميل الحقيقي والفعلي هو القضاء على الظلم والاضطهاد والعبودية والاستغلال وإسقاط الأنظمة الرجعية ومقاومة الامبريالية والصهيونية، وهو أيضا اقتلاع جذور الاستعمار وتحطيم أسسه وتشييد المجتمع الاشتراكي.
إنها المبادئ، الميل الذي كلف شرفاء شعبنا، كما كلف الإنسانية من قبل، عبر مر العصور، وفي ظروف مختلفة، باختلاف أطوار التاريخ، تضحيات جسام، وأرواح أبطال عقدوا العزم على النضال والاستماتة والصمود، آمنوا بأن "الموت"، وللدقة الاستشهاد لا يخيف المناضل، بل واجب يستعد لتأديته كلما كان ذلك ضروريا من اجل التاريخ المشرف للإنسانية.
هكذا صنع جيل خلفه، وصنع الأب ابنه، وصنعت المقاومة أجيال الثورة والانتفاضات. ويمتد التاريخ وتمتد تضحيات شعبنا، تضحيات حبلى بالأبطال والشهداء تثبت مواقع الصراع الحقيقي مع العدو وتفصل بين من مع قضايا شعبنا ومن يقف جنبا وترددا بجانب الرجعية ومصاصي دماء شعبنا.
في هذه المرحلة برز نهوض ثوري نوعي وتقدم شباب ماركسيون لينينيون متحمسون ومقتنعون بالثورة. فما كان من شأن هذا المد الهادر إلا أن زعزع الأرض تحت أقدام النظام وحلفائه.. فتصالح الإصلاحيون مع النظام، هذا الأخير الذي أصيب "بالذعر الجنوني"، فجند كل إمكاناته لوقف الزحف الثوري وزاد من دمويته وألبس الشارع لباس القداسة وجعله غير قابل للطعن، وأعلن الحرب على مخالفي وأعداء المقدسات الوطنية. و بسرعة، خيم على المجتمع الرعب ونشط زوار الليل ووحوش المخافر وانتشرت أخبار المقابر الجماعية المجهولة والمعتقلات السرية...
وكانت الإصلاحية واقفة بحماس ومتزينة "بالإجماع" تتنكر للدماء وتطمس الحقائق؛ أما الشعب فلم يبق بجانبه سوى المناضلين الشرفاء وفي مقدمتهم الماركسيين اللينينيين. فكان نصيبهم الحديد والنار، والمخافر السرية ورطوبة الزنازين. وكان لهم بالمقابل شرف الصمود والكفاح.
صحيح أن النظام نال من التجربة وهي في مهدها، لكن صمود المناضلين أمام القمع الأسود والهمجي، حد تقديم أرواحهم فداء للقضية، مهد التربة التي عليها ترعرعت أجيال جديدة لتحمل مسؤولية الكفاح ومشعل الثورة..
ان النظام كان يتوهم أن القتل و"الجمر والرصاص" سيحد من العطاءات النضالية لشعبنا ولخياره في التحرر والانعتاق. في حين، أن الشهداء كانوا دليل صمود شعبنا أمام جبروت النظام، ومرشد القوى المناضلة فعليا، التي لا خيار لها عن هدم بنيان التبعية وبناء البديل الاشتراكي، وإنارة درب الأبطال الصامدين في وجه العدو..
كان النظام يهندس تازمامارت واكدز وقلعة مكونة ودرب مولاي الشريف ومخفر تمارة... وكانت الإصلاحية تتفنن في ستر إجرامه. وكان المناضلون الشرفاء يشيدون ملامح البطولة والصمود الأسطوري.
هكذا مورس التحدي.. مارسه عبد اللطيف زروال الذي نخلد بفخر ذكرى استشهاده (14 نونبر 1974) ومارسه رفاقه سنوات السبعينات، ومارسه بلهواري والدريدي وشباضة ورفاقهم سنوات الثمانينات وتواصل موكب الشهداء، من شباب وشابات، رجال ونساء، في محطات شعبنا المشهودة في سنوات التسعينات من القرن الماضي.. وكانت الصرخة أقوى في الألفية الثالثة في 20 فبراير 2011، صرخة ألهبت وأهلت شروط الفرز الحقيقي بقوتها وطول نفسها. وهكذا يتقدم التاريخ لإنصاف الشهداء والدماء الزكية، وهكذا تكبر المسؤولية ويكبر التحدي..
فكما تحتم المسؤولية النضالية أمام دماء أبناء شعبنا العمل الجاد لرفع اللبس والغموض عن قضية الشهداء وعن ظروف استشهادهم والقضايا التي استشهدوا من اجلها وفضح كل المحاولات لمحو ذاكرتنا وطمس ما اقترفه النظام وعملاؤه في حق شعبنا من إجرام، كذلك تحتم عدم ترك القضية بأيادي من يحولونها الى بضاعة للسمسرة و الارتزاق، وتحتم أيضا التمسك بالتضحية بكل ثبات وشجاعة، وبمشروع بناء القيادة السياسية الثورية لعموم الجماهير الشعبية بقيادة الطبقة العاملة، قيادة في مستوى ما قدمه ويقدمه شعبنا من تضحيات جسام لا يربكها أو تفاجئها تطورات الصراع ولا الاندفاعات والمنعطفات الثورية ولا الجزر في مراحل تخلف الصراع ولا الطعن من الخلف وفي الظلام، ثم عدم الالتفات إلا لما هو ضروري وواجب. فما ينتظرنا أكبر وأنبل من تفاهات التافهين.
عن تيار البديل الجذري المغربي
نونبر 2013
C.A.RA.M.
شارك هذا الموضوع على: ↓