المنعطف نحو البام (حزب الأصالة والمعاصرة PARTI AUTHENTICITE ET MODERNITE) مفروش بالورود. إنه منطق وواقع زمن التردي والبؤس السياسيين بالمغرب.
الآن بالمغرب، العديد من الطرق (لحسن الحظ ليس كل الطرق) تؤدي الى حظيرة النظام القائم. فأمام الفشل المدمر للعديد من التجارب النضالية وكذلك الإحباط المتفشي في صفوف الشباب بالخصوص وأمام العبث الذي طال جميع مجالات الفعل السياسية والنقابية والجمعوية، صارت الطرق الى الحضن الدافئ للنظام أقصر الطرق وأرحمها.
الطرق متعددة، والمرمى واحد. فهناك من اختار الطريق الواضح بدون لف أو دوران، وهناك من اختار الممانعة المغشوشة والممسرحة، وهناك أيضا من اختار معبر السجن والزنازين..
الخطورة واحدة ودرجاتها مختلفة. وأخطر درجاتها تقمص صورة المناضل "الذي لا يشق له غبار"، أي اختيار الممانعة الممسرحة (أقل الضرر) ومعبر السجن والزنازين (أكثر الضرر).
قيل سابقا "اختلط الحابل بالنابل"، واليوم اختلط الأبيض بالأسود، أي اختلط المناضل بغير المناضل. لقد تجند النظام وجوقته وبكل عناية لقتل المناضل في رمزيته وأسمى دلالاته ومعانيه النضالية. إن النظام يصنع "المناضل" (روبوت/ROBOT) ليوظفه كما يشاء، وخاصة للطعن في المناضل الحقيقي والتشويش على قضيته ومعاركه. ولا يتردد في توفير كل الإمكانيات لأبطاله من أجل أداء أدوارهم التخريبية ومن بينها تسميم العلاقات الرفاقية وتغذية الولاءات لمن يدفع أكثر...
يتحدثون عن الالتحاق بالبام. إن الالتحاق بهذا الأخير من طرف من كان يحسب على اليسار (القاعديون أو غيرهم) بالإضافة الى كونه خيانة لقضية شعب ولإرث نضالي مخضب بدماء الشهداء، فإنه يشكل قطيعة فعلية مع الماضي. إن كل من التحق بالبام أو جاوره أو بشر "بفتوحاته" تسقط عنه صفة المناضل ونقطة الى السطر.
إن البام حزب ملكي "بالعلالي". إنه أداة من أدوات النظام الطيعة والمخلصة مثله مثل باقي الأحزاب السياسية الملكية "بالعلالي" المسنودة من طرف قيادات نقابية مافيوزية.
إن الالتحاق بالبام أو بأي حزب ملكي آخر إعلان صريح عن القطيعة مع كل ما هو نضالي.
إنه الفرز المتواصل والمعارك التي لا تنتهي.. إنه الصراع الطبقي الذي يفضح المتسترين وراء النضال داخل السجون وخارجها.
إن الساحة السياسية في حاجة الى مناضلين حقيقيين وليس الى أبواق تافهة، خاصة وارتباك النظام وكشفه لآخر أوراقه، أي عجزه عن إخفاء تحكمه المطلق والمفضوح في كل خيوط اللعبة السياسية. فلا حزب العدالة والتنمية يدير الحكومة ولا وزراء هذا الحزب أو ذاك يديرون هذا القطاع أو ذاك..
إننا نتابع معارك وهمية بشعارات متهالكة لا تنفذ الى صلب الواقع، بل بعيدة عنه كل البعد. ويلاحظ بالعين المجردة أن الواقفين وراء جل هذه المعارك، من أحزاب ونقابات وجمعيات، يبحثون عن نصيبهم في "الكعكة"، ويدافعون عن مصالحهم الضيقة وليس عن مصالح المعنيين الحقيقيين بهذه المعارك، أي السواد الأعظم من الشعب المغربي.
مثلا، الكل مع محاربة الفساد والتصدي للفساد. لكن، كيف لشعار محاربة الفساد أن يرفع من طرف متورطين في الفساد؟ وكيف لمعركة محاربة الفساد أن تخاض من طرف متورطين في الفساد؟ وكيف لشعار أو معركة احترام حقوق الإنسان أن يتولاهما من ينتهكون حقوق الإنسان؟ وكيف لمعركة أو شعار الديمقراطية أن يتبناهما من ليس ديمقراطيا؟
إنه بلغة "الفقهاء"، الحق الذي يراد به الباطل.
ليس ذنبنا أن تنطلقوا من تجربتنا ومن تجارب شعبنا وأن تلتحقوا بعد حين بالنظام، من خلال البام أو غير البام. لستم أول المرتدين، ولن تكونوا الأخيرين..
إنه الفرز المتواصل.. إنه الصراع الطبقي الذي يفضح المتسترين وراء النضال طال الزمن أو قصر.
29 يناير 2017
شارك هذا الموضوع على: ↓