تحل الذكرى الثانية لانتفاضة 20 فبراير 2011، وبتزامن مع الذكرى 29 لانتفاضة يناير 1984 المجيدة، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية لا تزداد إلا تفاقما.
فبدل انتزاع المكتسبات والحد من إجرام النظام المغربي القائم (قتل، اعتقال، تشريد...)، خاصة والنضالات البطولية والتضحيات الجسيمة المقدمة من طرف الجماهير الشعبية المضطهدة والمتجسدة في انتفاضات ومسيرات واعتصامات وإضرابات (...) العمال والفلاحين والطلبة والمعطلين، يتم استفحال القمع والنهب والاستغلال. وكأمثلة صارخة عن ذلك، ما حصل في الآونة الأخيرة بتازة وطنجة والحسيمة وبني بوعياش ومراكش وورزازات ومكناس وفاس...
إن السبب، أو من بين الأسباب الجوهرية، الكامنة وراء هذا التردي الفظيع، الى جانب غياب الأداة الثورية القادرة على رفع التحدي الفعلي على كل المستويات السياسية والتنظيمية والواجهات النضالية، هو استمرار تواطؤ الأحزاب السياسية والقيادات النقابية، بل وانخراطها في آليات وقوالب تركيع الشعب المغربي: الدستور الممنوح، المهازل الانتخابية، توقيع اتفاقيات "السلم الاجتماعي"، الحوارات المغشوشة، تمرير القوانين المكبلة وترسانة من القيود لترهيب أبناء شعبنا وخنقهم...
إن انتفاضة 20 فبراير، وبعد عامها الثاني، قد أكدت ولمرة أخرى، أنه لا يمكن إخفاء حدة الصراع الطبقي أو تجاوز الوضع السياسي الراهن بواسطة التساكن أو التعايش معه، وإن تعددت الشعارات والخطابات والوعود...
إن انتفاضة 20 فبراير، وكباقي الانتفاضات الشعبية السابقة واللاحقة لها، قد فضحت المتاجرين بقضية الشعب المغربي، سواء منهم من وضع يده الملطخة بدماء المناضلين في يد النظام وحلفائه الطبقيين أو من يتحين الفرصة لذلك آجلا أم عاجلا، من قوى رجعية وظلامية وشوفينية...
فحتى الآن، أي بعد العام الثاني لانتفاضة 20 فبراير، لم تقو الأحزاب السياسية المعنية بدعم "حركة 20 فبراير" وكذلك النقابات، وبدون استثناء، على تحمل المسؤولية في إطار الدينامية النضالية التي تمخضت عن الانتفاضة. وبات ما يسمى "المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير" (المكون على الورق من حوالي مئة هيئة سياسية ونقابية وجمعوية) أداة ميتة وعبء إضافيا معيقا. أما لجنة المتابعة التي لا ندري ماذا تتابع وكيف تتابع وما هي حصيلة سنتين من تشكيلها، فلم يعد أي مبرر لوجودها، إلا إذا كان "تسقيف" الحركة ولجمها والتحكم في مآلها (الوصاية عليها)...
وحتى الآن، أي بعد العام الثاني لانتفاضة 20 فبراير، لم تقدم أي إجابة سياسية من شأنها فتح آفاق نضالات شعبنا نحو تحرره وانعتاقه وتحقيق حلم شهدائنا وإطلاق سراح معتقلينا. فالنضال من أجل "مغرب الكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الإنسان"، كشعار يؤطر هذه اللحظة التاريخية ورغم أهميته المرحلية، لا يلامس عمق الإشكال السياسي المطروح، ولا يعكس أو يؤكد على الحاجة الى عمل سياسي بديل وبعيد عن المساومة والمناورة وعن أي شكل من أشكال الانبطاح والتحالفات الفجة التي لا تخدم مصلحة الشعب المغربي، خاصة وما عرفته منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الآونة الأخيرة من تطورات سياسية غير مسبوقة زعزعت عروش الأنظمة الرجعية. إنه شعار على مقاس هيئة حقوقية أو مدنية ولا يرقى الى مستوى تجسيد هوية سياسية يسارية أو التعبير عن مشروع طبقي يسعى الى التغيير الجدري الذي تنشده أوسع الجماهير الشعبية وفي مقدمتها الطبقة العاملة.
وإن الواجب النضالي في خضم الظرفية التاريخية الراهنة التي تتميز بتسييد المبادرات والمخططات الامبريالية والصهيونية والرجعية في منطقتنا وباقي مناطق العالم يقتضي، من بين ما يقتضي، بهذه المناسبة:
- إعلان المسؤولية السياسية والتنظيمية في إطار انتفاضة 20 فبراير المتواصلة، كاستمرارية لكافة الانتفاضات الشعبية والأشكال النضالية، وانتصارا للتضحيات والبطولات الشامخة التي تعرفها بلادنا طولا وعرضا، وتضامنا أيضا وتفاعلا مع نضالات كافة الشعوب المقهورة؛
- بلورة آليات عمل نضالية قوية في مختلف المناطق المغربية، بالخصوص على الواجهتين السياسية والنقابية، لمواجهة الهجوم الكاسح للنظام على المكتسبات وتكريس هيمنته المطلقة على كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
- وبالتالي رفع الوتيرة النضالية من أجل انتفاضة شعبية لتقرير مصير الشعب المغربي...
1 فبراير 2013
نشر يوم 2 فبراير 2017
شارك هذا الموضوع على: ↓