رب ضارة نافعة. لقد حصل في الآونة الأخيرة كل ما يجعل آخر "نائم" من أبناء شعبنا مستيقظا (عايق).
فالخيط الأبيض صار أكثر بياضا، وكذلك الخيط الأسود أضحى أكثر سوادا.. فماذا بعد التردي الاقتصادي والاجتماعي الذي أثقل كاهل أبناء شعبنا في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب، وخاصة العمال والفلاحين الفقراء والمعطلين والمهمشين...؟!! ماذا عن "الحكرة" و"الطحن" و"حرق الذات" بكل مناطق بلادنا؟!! ماذا عن القمع الأسود والاعتقالات العشوائية والمنظمة في صفوف المحتجين (الحسيمة، مثلا)، وفي صفوف الطلبة والمناضلين؟!! ماذا عن المحاكمات الصورية وعن الأحكام الجاهزة والثقيلة؟!!
فأن تكون الحكومة أو لا تكون، أمر لم يعد ذا شأن. ومن حكمنا البارحة ويحكمنا اليوم، سيحكمنا في ظل هذه الحكومة وفي غيابها. وقد تأكد ذلك في سياق الغياب الحكومي الأخير الذي عمر طويلا ولحاجة في نفس "أولي الحل والعقد". فلا يهم أن نحكم من طرف "التماسيح" أو "العفاريت" أو حتى من طرف "الحمائم"، مادامت النتيجة واحدة.. إن غياب الديمقراطية يفضح كل مسرحيات النظام ويكشف مناوراته التي لم تعد تنطلي على أحد.. فليس "رئيس الحكومة" رئيس حكومة، وليس "الوزير" وزيرا، وليس القضاء قضاء.. وليست "الانتخابات التشريعية" انتخابات تشريعية.. فما علاقة نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة بتشكيلة الحكومة الحالية؟!! فهل حزب "العدالة والتنمية" (المسمى الفائز الأول) من أدار المفاوضات مع باقي الأحزاب السياسية المتحالفة معه؟!! وهل هذا الحزب من تقلد الحقائب الأساسية؟!! بدون شك، لا. إن النظام، من خلال حواريه، من يدير اللعبة من ألفها الى يائها (عبر أخنوش أو غيره، لا يهم. الأزلام أزلام، سواء سميت زيد أو عمرو). لا "نلوم" الأحزاب الرجعية، ومن بينها حزب "العدالة والتنمية" وحزب "الاتحاد الاشتراكي" وحزب "التقدم والاشتراكية" وباقي الأحزاب الرجعية المعروفة، إنه الصراع (الصراع الطبقي) الذي لا يرحم. فالأحزاب الرجعية لا تخفي خوضها الصراع من خندق النظام، إنها تقاتلنا بالواضح والمكشوف. إننا نفضح (ولا نلوم فقط) الأحزاب التي تدعي "اليسارية" و"التقدمية" و"الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"، وفي مقدمتها أحزاب "فدرالية اليسار" التي تزكي مهازل النظام بانخراطها في تلك المستنقعات المسماة "الانتخابات" سواء الجماعية أو المهنية أو التشريعية، والتي تختبئ وراء الشعارات الرنانة.. ونلوم، بل نفضح من يراهن عليها ويدعو الى التنسيق معها أو العمل الى جانبها.. أما الحديث عن القوى الظلامية بصقورها وحمائمها، فتلك الطامة الكبرى..
وعلى عكس ما يدعي الكثيرون بكون هذه الحكومة "غير مقنعة" أو "ضعيفة"...، فإنها الحكومة "المثالية" التي تستطيع تنفيذ كل التعليمات والأوامر، سواء من طرف النظام القائم أو من طرف أسياده، الامبريالية ومؤسساتها المالية، وخاصة صندق النقد الدولي والبنك العالمي.. إنه الهدف المنشود وبكثير من الدقة (العلمية). فهل ننتظر/نتوقع حكومة تخدم مصالحنا، مصالح الجماهير الشعبية المضطهدة في ظل النظام القائم، اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي؟!!
وليتأكد العبث (الفضيحة) مرة أخرى، كيف لوزير لا يؤمن بحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها، أو في ليبراليتها أن يكلف بحقوق الإنسان من موقع "وزير دولة"؟!!
أن يتقلد هذا الوزير أو ذاك مسؤولية هذه الحقيبة أو تلك، أمر مفهوم في ذل العبث "الشمولي" الذي يكرسه النظام انسجاما وإدارة مصالحه الطبقية. لكن تعيين الرميد "وزيرا" لحقوق الإنسان، ليس سوى الإمعان في إهانة نخبتنا المريضة "المتنطعة" من سياسيين ونقابيين وجمعويين، وخاصة الحقوقيين...
فوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان (مصطفى الرميد) باسم حزب "العدالة والتنمية"، وزير العدل والحريات سابقا، معروف بمرجعيته الدينية (الإسلام)، وهي مرجعية تتنافى ومرجعية حقوق الإنسان الكونية، كيف يمكن أن يدافع عن حقوق الإنسان على الأقل في صيغة "كما هو متعارف عليها عالميا" (الدستور المغربي)؟!!
إنها رسالة "غير مشفرة" للهيئات الحقوقية بالدرجة الأولى.. إنه تمريغ أنف الجميع بالتراب.. فلننتظر ردها ورد "المجلس الوطني لحقوق الإنسان" الذي يحمل "هم" الإرث في علاقة ذلك بالمرأة والرجل... إنه الرد الذي لن يغير من واقع الأمر شيئا..
أما الحديث عن حصاد، صاحب المقاربة القمعية وعلاقته بحقل التربية والتكوين، فلا يفهم منه غير رسالة "انتظروني"، أو "اسألوا عني الأساتذة المتدربين والمرسبين والمعفيين..."
إن النظام القائم وأزلامه السرية والعلنية هو "الحكومة"، وهذه الأخيرة هي النظام القائم..
ونحن، ماذا عنا نحن؟ إنه السؤال الجوهري الذي يجب أن يؤرق جميع المناضلين الحقيقيين...
9 ابريل 2017
شارك هذا الموضوع على: ↓