يعتبر فاتح ماي في غالب الأحيان عند مرتزقة النضال وخدام النظام فرصة لإنتاج الخطابات الديماغوجية عن الانجازات الوهمية و"التضحيات" المزعومة.
ويعد كذلك محطة لتجديد الولاءات و تكريس ثقافة الهزائم. فاتح ماي عند الباطرونا وزبانيتها من البيروقراطيين مجرد "عيد" للاحتفال ومناسبة لتذكير العمال أن لهم "عيد" فقط لا أكثر
. لكن فاتح ماي اكبر من أن يكون مناسبة أو عيدا للبهرجة. إنه محطة من محطات الصراع الطبقي في بعدها الأممي والتاريخي، امتزجت فيها الدماء والهزائم والانتصارات. كان لفاتح ماي لغة واحدة فقط، لغة أممية، هي لغة النضال والصراع ضد الرأسمال. فاتح ماي هو إحدى صور التناقض الأساسي بين العمل المأجور والرأسمال. هو تجلي حقيقي لانتصار تضحيات العمال على غطرسة البرجوازية وهيمنتها
. تخليد العمال لفاتح ماي لا يخرج عن كونه معركة وتراكم نضاليين لسيرورة من المعارك التي تتجه بدفة هذا الوطن الى الحرية والانعتاق. خارج النضال، ففاتح ماي بالنسبة لنا هو يوم من بين أيام السنة. وما يعطيه تميزه هو حمولته الثورية ولغته الطبقية. إنه معنى لجوهر الصراع الطبقي، بهذه اللغة نقرأ عيد العمال. وبدونها يبتعد المعنى عنا، وبدونها نبتعد عن كينونتنا الماركسية اللنينية. شروط نضال العمال هي شروط موضوعية مستقلة عن وعي الأفراد وأنانيتهم، تستمد ذاتها من واقع الصراع الدائرة رحاه بلا رحمة أو شفقة. لا تتعلق بأحلام هذا الفرد أو ذاك، لكنها ترتبط بأحلام شعب، وفي طليعته الطبقة العاملة، الطبقة الثورية حتى النهاية
. هكذا وجد عمال منجم عوام أنفسهم يترجمون يوما بعد يوم اللغة الحقيقية بكونهم عمال مستغلين ينتجون الخيرات ويراكمون الثروة دون أن يطالهم منها فلسا واحدا. سيحل عليهم فاتح ماي وهم معتصمين لأزيد من ثمانية عشر يوما تحت الأرض في شروط مناخية غير ملائمة، بل مدمرة، عمال اغرم اوسار وسيدي احمد أعطوا لفاتح ماي بمدينة مريرت معناه الطبقي الحقيقي. إنه ليس عيدا للبهرجة بل محطة للصراع الطبقي. إن الدرس الأساسي الذي نستشفه من إصرار العمال هو أنهم "ورطوا" الكل. من يعتبر فاتح ماي عيدا للاحتفال، كيف يحتفل وهناك عمال تحت الأرض؟!! ألا يعنيهم هذا العيد الأممي؟!! أليس هذا عيبا سياسيا و"أخلاقيا". ومن يعتبر فاتح ماي محطة للنضال، هاهم العمال يرسمون ملامح تلو الملامح و باللغة الأصلية القحة، وهي النضال ولا شيء غير النضال.. فأينهم وأين نحن من هذه الملامح. ينبغي أن نقف وقفة إجلال واعتزاز لهؤلاء العمال الأشاوس المعتصمين، الذين رفضوا المساومة بمآسيهم ومآسي العمال الآخرين، حين عمدت الإدارة الى لغة المساومة خاصة في الحوار الذي جرى يومي الخميس والجمعة، إذ حاولت الإدارة و عملاء النظام بالمنطقة الى حث المكاتب المشلولة على إيقاف المعركة، بلغة "أخرجوهم من المعتصم ثم يكون خير". لكن الشلل الذي يصيب المكاتب جعلها عاجزة أمام إرادة المعتصمين. ورفض الطلب حتى قبل أن يصل، وحتى قبل أن يصاغ أصلا. لأنه رفض يوم قرر العمال الاعتصام بالغار. العامل الآخر الذي زاد المعركة قوة هو انخراط العائلات فيها على واجهة المدينة، إذ نشاهد يوميا وقفات ومسيرات للأسر والمتضامنين. ألا يستحق عمال مناجم عوام المعتصمين أن نعترف أنهم هم الذين يخلدون عيد العمال أحق تخليد؟ عاش نضال عمال عوام.. عاشت الطبقة العاملة المغربية وكل عمال العالم.. وتحية لنضال عائلات العمال المتضامنة
30 أبريل 2017
شارك هذا الموضوع على: ↓