2017/05/10

عبد السلام بلفحيل//قطاع التعاون الوطني: فساد واستغلال النفوذ و"تدبير" عشوائي خارج كل الضوابط القانونية.

فساد واستغلال النفوذ و"تدبير" عشوائي خارج كل الضوابط القانونية هي أبرز السمات التي يعرفها تسيير قطاع التعاون الوطني وتواطؤ مكشوف للوزيرة
الحقاوي الوصية على القطاع برزت إلى الوجود مؤخرا، داخل مؤسسة التعاون الوطني، عدة اختلالات مالية وإدارية تتطلب إجراء تحقيق إداري ومالي من طرف المجلس الأعلى للحسابات مع إحالة نتائج هذا التحقيق على القضاء قصد متابعة الجناة. ولعل ما يثير غيض المتتبع هو رغم تواتر الأفعال المخلة بالقانون وفداحة الممارسات المشينة التي أصبحت مكشوفة للعيان، فإنها لم تثر أي رد فعل من طرف السيدة الحقاوي الوزيرة الوصية على قطاع التعاون الوطني وهو ما يفضي إلى الوصول لقناعة، أن ما تكرسه هذه الوزيرة ليس مجرد تستر فقط، بل تواطؤا مكشوفا. هذه الحقيقة لا تنفي المسؤولية الرئيسية لمدير مؤسسة التعاون الوطني عن هذه الاختلالات والتجاوزات. ويبقى من واجب كل ضمير حي، مواجهة هذا الفساد. 
1) تعريف مقتضب بمؤسسة التعاون الوطني:
- تحول التعاون الوطني بموجب المرسوم رقم 2-71-625 بتاريخ 28 فبراير 19722 إلى مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدنية والاستقلال المالي؛
 - أنيطت للتعاون الوطني مهام "تقديم مختلف أنواع المعونة والإسعاف والمساعدات على جميع أشكالها لفائدة الفئات الفقيرة والمحتاجة والمساهمة في إنعاش المجتمع والأسرة" كما عهد إليه ب"تجميع المساعدات والهبات والتبرعات المختلفة وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين والمساهمة في إنشاء المؤسسات والمراكز التي تسهل ولوج سوق الشغل والاندماج في الحياة العامة" (العبارات الموجودة بين "..." هي مأخوذة من الوثائق الرسمية المعرفة بأهداف مؤسسة التعاون؛
- الموارد المالية للمؤسسة هي:
 الإعانات السنوية المقدمة من طرف الدولة والجماعات المحلية؛
 الضرائب الموضوعة رهن إشارتها؛
 الهبات والوصايا.
2) التدبير المالي للمؤسسة:
 - من بين أبرز النقط التي تثير اهتمام المتتبع، هو غياب كل المعطيات المتعلقة بقيمة الموارد المالية للمؤسسة. وهو وضع خطير بحيث رغم أهمية وقيمة تلك الموارد التي تمت الإشارة إليها أعلاه، بالإضافة إلى الإعانات والهبات المالية والعينية التي ترد من بعض الدول، فإنه يتم إخفائها وعدم التصريح بها. مما يتيح الفرصة للنهب والتلاعب بتلك الموارد؛
 - كذلك الأمر بالنسبة لتوزيع موارد المؤسسة على الفئات المستهدفة: الأشخاص في وضعية إعاقة، مؤسسات الرعاية الاجتماعية، المستفيدون/ات من برنامج التربية ما قبل المدرسة، المستفيدون/ات من دار المواطن، المستفيدون/ات من محو الأمية،...
 وبالاطلاع على المعطيات الواردة في حصيلة التعاون الوطني، المنشورة بالبوابة الإلكترونية لمؤسسة التعاون الوطني، يلاحظ بأنه يتم التركيز فقط على عدد المستفيدين (وهو بالمناسبة رقم يتم تضخيمه) وعدد المراكز المستفيدة. لكن لن يجد الباحث، أي رقم عن القيمة المالية والأرقام المتعلقة بالمساعدات العينية والتجهيزات الموزعة على الأشخاص ذوي إعاقة. وهو وضع يمكن استغلاله للنهب والتلاعب بتلك الموارد؛
 - حددت اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادق عليها المغرب، مجموعة الالتزامات التي يجب على الدولة توفيرها للشخص المعاق. فالإضافة إلى الحق في التعليم والصحة والعمل والحماية الاجتماعية، نصت كذلك الاتفاقية على توفير شروط العيش اللائق للشخص المعاق والاستفادة من المساعدات العينية والتجهيزات الضرورية (الكراسي المتحركة، السماعات لذوي السمع الضعيف، النظارات لضعاف البصر،...)، وهي مهام أنيطت لمؤسسة التعاون الوطني. إلا انه تجهل الأرقام المتعلقة بقيمة تلك المساعدات. بل يتم الكلام عن اختفاء حوالي 200 كرسي متحرك بمنسقية الرباط، دون تحريك مسطرة للبحث الدقيق والنزيه في صحة تلك الأخبار. ويبقى المؤكد، هو أن العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة تم إقصائهم بطرق منافية للقانون.
 - تعاقدت مؤسسة التعاون الوطني مع عدة جمعيات من أجل التدبير المفوض لبعض الخدمات المنوطة لهاته المؤسسة، مقابل استفادة تلك الجمعيات من إعانات مالية. لكن المثير للاهتمام، هو غياب أدنى مؤشرات الشفافية في اختيار الجمعيات على اعتبار:
 أن مدير التعاون الوطني هو من يحدد الجمعية المتعاقد معها وقيمة الإعانة؛
 تحدد قيمة الإعانة بين حوالي 400 مليون سنتيم وبضعة ملايين، بقرار من المدير؛
 يتم إقصاء العديد من الجمعيات دون تقديم أدنى مبرر؛
 غياب المراقبة للتدبير المالي والإداري لتلك الجمعيات؛
 غياب الافتحاص حول صحة الأرقام المقدمة من طرف تلك الجمعيات؛
 استخدام تلك الجمعيات خلال الحملات الانتخابية لفائدة الحزب المتحكم في تسيير قطاع التضامن والتنمية الاجتماعية.
3) تدبير الموارد البشرية:
 في الحقيقة لا يمكن أن نتكلم داخل مؤسسة التعاون الوطني، عن شيء اسمه تدبير الموارد البشرية، بل الأصح هو تخريب الموارد البشرية، نظرا للاعتبارات التالية:
 - غياب قانون أساسي لتدبير الموارد البشرية. فما يصطلح عليه حاليا بالقانون الأساسي للمؤسسة، هو عبارة عن مجموعة من الأوراق تغيب عنها المرجعية القانونية والمساطير الأساسية لتدبير الموارد البشرية مثل: تحديد الحقوق والواجبات، الترقية، الرخص الإدارية والمرضية، المنح والتعويضات، جدول الأجور والتعويضات، العقوبات الإدارية، ممثلي المستخدمين، الإلحاق والوضع رهن الإشارة، التنقيل، طب الشغل، الأمراض المهنية وحوادث الشغل، لجنة الوقاية وحفظ الصحة، المجلس التأديبي، مسطرة عقد العمل وشروط إنهائها، التعويضات المتعلقة بمصاريف التنقل في إطار مهمة إدارية، المكتسبات والإعانات الاجتماعية، حقوق المرأة الحامل والأم المرضعة، ملائمة القانون الأساسي لأحكام مدونة الشغل،...
 هذا الوضع تتحمل فيه المسؤولية، بالإضافة للإدارة والوزارة الوصية، النقابات التي لم تطرح في لائحة مطالبها، إخراج قانون أساسي للمؤسسة. ويتم الاكتفاء فقط بتعديل بعض الفصول ل"النظام" الحالي.
- المدير ينفرد في اتخاذ كل القرارات الإدارية مستغلا غياب قانون أساسي يحد من سلطته القمعية؛
 - نشر جو من الرعب والتهديد وعدم الاستقرار وسط المستخدمين، من طرف المدير حيث أنه يتحكم بشكل مباشر في التنقيط السنوي، والترقية وتوزيع المنح السنوية؛
- استخدام منطق العصا والجزرة مما ساهم في انتشار الانتهازية والزبونية؛
 - إقصاء وتهميش العديد من الكفاءات النزيهة والإصرار على عدم إسنادهم لمهام إدارية، وهي سياسة مقصود منها خلق أطر خنوعة وطيعة؛
- غياب نظام هيكلي يستجيب لتنظيم عقلاني وفعال من شأنه أن يقوي نشاط المؤسسة؛
- غياب أليات المراقبة والافتحاص؛
 - الإصرار على خرق القانون في العديد من الملفات: ملف متصرفات/في التعاون الوطني الذين/اللواتي تم فسخ عقد عملهن/هم في خرق تام لمدونة الشغل، عدم التوقيع على قرار الوضع رهن الإشارة للأخ فردوس الحسين، رفض تنفيذ العديد من الأحكام الإدارية التي صدرت لصالح بعض المستخدمين/ات،...
4) استنتاج
 نظرا لكون الخدمات المقدمة من طرف مؤسسة التعاون الوطني، هي موجهة للعديد من الفئات الهشة والمهمشة، فإن الحزب المتحكم في تسيير قطاع التضامن والتنمية الاجتماعية، يستخدم تلك الفئات كقاعدة انتخابية مقابل استفادتها من الإعانات الاجتماعية. والمدير الحالي لهاته المؤسسة، هو من يوفر خدمات أقرب لطموحات ذلك الحزب. ولا يهم النهب والاستبداد والتشريد، ما دام الحزب هو المستفيد الأكبر.
عبد السلام بلفحيل
الرباط، في:  8/05/2017



شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق