وقفة الرباط التضامنية مع أبناء شعبنا بالريف تلتئم أمام مقر البرلمان بعد العاشرة
ليلا من يوم الثلاثاء 30 ماي 2017، انقضت جحافل القمع على المشاركين فيها على حين غرة. لقد كان قرار قمع الوقفة جاهزا ولم يكن متوقفا على هذا المبرر أو ذاك (مثل حمل علم الجمهورية الريفية). وما أكد ذلك هو الشكل المنظم للتدخل القمعي، حيث توزعت الأجهزة القمعية الى مجموعات لتتدخل المجموعة تلو الأخرى ومن أزقة متفرقة للسيطرة على مداخل ومخارج الساحة المقابلة لمقر البرلمان. وكالعادة، خلف الهجوم الغادر عدة إصابات في صفوف المشاركين بعد مطاردتهم بسعار جنوني على طول شارع محمد الخامس وفي محيطه.
وطبعا، فخلفية قمع هذه الوقفة التضامنية تكمن في عزم النظام على إخماد/استئصال نار النهوض النضالي للجماهير الشعبية المضطهدة في الريف وفي باقي المناطق المغربية. لقد ضاق به هامش المناورة، ولم يعد أمامه غير القمع في ظل توسع الأشكال النضالية..
ويبقى السؤال المطروح: الى متى سنبقى نقمع وتكسر عظامنا بشوارع الرباط وباقي المدن الأخرى؟
وللتذكير بالمناسبة، أعيد نشر مقال بعنوان "لماذا قمع حركة 20 فبراير بالرباط؟"، كتب في يوليوز 2013.. إن التاريخ لا يعيد نفسه، إنه يستفزنا بوضوح مستفز...
لماذا قمع حركة 20 فبراير بالرباط؟
تعرضت حركة 20 فبراير بالرباط ليلة 20 يوليوز 2013 الى القمع والاستفزاز والتضييق، حتى قبل انطلاقها. وطال الاستفزاز كذلك عابري ساحة باب الحد ومرتاديها. وكانت التعليمات الصادرة جهرا لجحافل قوات القمع تلح بعنف وشراسة على إخلاء الساحة ومنع/صد أي محاولة للتجمع أو رفع الشعارات.
طبعا، ليست المرة الأولى التي يتم فيها قمع الحركة سواء بالرباط أو بمدن أخرى عديدة، وخاصة بالدار البيضاء وفاس وطنجة...
كما أن قمع الحركة لا يمكن عزله عن الحملات القمعية الدموية الممنهجة التي مست كل المعارك والأشكال النضالية التي خاضها أبناء شعبنا من عمال وفلاحين وطلبة ومعطلين (...)، قبل 20 فبراير 2011 وبعدها، ومنذ الخمسينات من القرن الماضي، والتي أسفرت في مختلف المواقع عن سقوط العديد من الشهداء والشهيدات وأعداد هائلة من المعتقلين السياسيين والمختطفين والمنفيين.
إن لقمع حركة 20 فبراير الآن بالضبط، رغم الادعاءات والتصريحات التي تقول بخريفها أو موتها أو على الأقل عزلتها وعدم تمثيليتها للمجتمع، معاني ودلالات متعددة، ومن أبرزها عدم السماح بتجاوز الخطوط الحمراء، أي السقف المقبول، من مثل الملكية البرلمانية، إسقاط الفساد، إسقاط الاستبداد، إسقاط المخزن (...). ومن بين المؤشرات التي دفعت نحو القمع والترهيب، وخاصة بالرباط التي مرت جل وقفات ومسيرات الحركة دون تدخل قمعي مباشر، الشعارات التي رفعت إبان آخر مسيرة للحركة يوم 23 يونيو 2013 ومن بينها شعار إسقاط النظام وشعارات أخرى كاعتبار الاعتقال السياسي قضية طبقية مرتبطة بطبيعة النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي، ثم خلاصات اللقاء التشاوري الوطني ليوم 06 يوليوز 2013 الذي نظمته الحركة بالرباط وسطر شعار إسقاط النظام ضمن الشعارات المقترحة لتأطير المرحلة السياسية الراهنة.
إن النظام المغربي لا يمكن أن يخفي انزعاجه في ظل التطورات التي تعرفها العديد من المناطق، وخاصة مصر اليوم. فجل الشعارات المرفوعة واضحة وعميقة ومعبرة ولا تقبل التأويل أو الغموض، وجل الشعوب متأهبة ومستعدة لصنع مستقبلها والتخلص من جلاديها وأصنامها وبالتالي تقرير مصيرها. وما زاد من ارتباك الأنظمة الرجعية المهزوزة العزم الصريح للامبريالية على إسقاط رأس أو رؤوس أي نظام متهالك وفي أي لحظة قد يبدو فيها ذلك ممكنا أو ضروريا، حفاظا على نفوذها ومصالحها السياسية والعسكرية والاقتصادية وضمانا لاستمرار هيمنتها وتسلطها.
يعرف النظام القائم قبل غيره ضعف امتداد حركة 20 فبراير في صفوف الجماهير الشعبية المضطهدة وخاصة في صفوف العمال والفلاحين الفقراء، ويعرف حجم وواقع الأطراف السياسية الفاعلة داخل الحركة والرهانات التي تحكمها، ويعرف أيضا الموقف المتخاذل للنخبة المثقفة المنبطحة وللنقابات والأحزاب السياسية، ومن بينها أحزاب تدعي انتماءها لليسار وكذلك القوى الظلامية التي تتحين الفرص للانقضاض على تضحيات الشعب المغربي وتوظيف محنه وآلامه وعذابات أبنائه، إلا أنه لا يقبل كعادته أي فعل نضالي يعبر فعليا عن طموحات المقهورين ويتجاوب معها وقد يتطور الى مستويات سياسية وتنظيمية يصعب أو يستحيل التحكم فيها أو تطويعها. كما انه لا يقبل أن يبدو مرتبكا أو متجاوزا أو متهاونا في أعين الامبريالية بالخصوص، هذه الأخيرة التي برهنت على أنها لا تقبل أخطاء حلفائها أو تقاعسهم، بل وأنها على كامل الأهبة لاستبدالهم (تونس، مصر...)...
إن لجوء النظام مباشرة الى القمع، ودون حتى أن يستدعي الأمر ذلك أمام العدد القليل للمتظاهرين، يؤكد زيف الشعارات المرفوعة الرامية الى تلطيف الصراع من قبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان ويفضح أوهام المراهنين على الاستفادة من هامش هذه الشعارات أو ما يسمى "بالتنزيل الدستوري" (تنزيل مقتضيات الدستور الجديد)، كما يبرز في نفس الوقت هزالة وبؤس مسرحيات حميد شباط (الأمين العام لحزب الاستقلال) وعبد الإله بنكيران (الأمين العام لحزب العدالة والتنمية) وغيرهما، خاصة وأن القادم من الأيام يحمل الكثير من المخططات الطبقية المدمرة والمفاجآت غير السارة للشعب المغربي (تفاقم وتيرة القمع والاعتقال السياسي، المزيد من تدهور الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم، استفحال البطالة حتى في صفوف حاملي الشهادات العليا، ضرب الحريات النقابية والتضييق عليها، استفحال الغلاء وارتفاع الأسعار خاصة ومحاولات الإجهاز على صندوق المقاصة والتراجع على المكتسبات، إغلاق المعامل وتسريح العمال، استمرار النهب والفساد وغياب المحاسبة...)، والتي ستعمق معاناته اقتصاديا واجتماعيا وستعصف بالآمال والوعود التي بشرت بها الحكومة المفلسة الحالية والبهلوانات الداعمة لها.
حسن أحراث
*ملاحظة: الصورة المرفقة من الأرشيف..
شارك هذا الموضوع على: ↓